من هو أوزوالد موزلي، مؤسس “القمصان السود” في بريطانيا الذي حضر هتلر حفل زفافه؟
[ad_1]
في الحلقة الأخيرة من مسلسل “بيكي بليندرز”، الذي تواصل بي بي سي عرضه هذه الأيام، ظهرت شخصية السير أوزوالد موزلي، وجسّدها الممثل سام كلافلين في المسلسل الذي تدور أحداثه وسط عصابات الشوارع في برمنغهام مطلع القرن الماضي، وتحديدا العصابة الشهيرة التي يحمل المسلسل اسمها.
فهل كان للسير موزلي علاقة بتلك العصابة الشهيرة التي نشر عناصرها الرعب في المجتمع البريطاني. والذين اشتهروا باستخدام شفرات الحلاقة التي يحملونها في قبعاتهم في جرائمهم؟
ومن هو السير موزلي، الذي يحيل الحديث عن شخصيته إلى تسليط الضوء على صفحات منسية في التاريخ البريطاني الحديث، ومعلومات قد يجهلها الكثيرون عن وجود حركة فاشية تزعمها موزلي في بريطانيا التي خاضت حربا ضارية ضد الفاشية والنازية، انتهت بهزيمتهما في الحرب العالمية الثانية؟
حركة “القمصان السوداء”
في ثلاثينيات القرن العشرين، قاد موزلي حركة فاشية ومعادية للسامية في بريطانيا، اشتهر عناصرها الذين عرفوا باسم “القمصان السوداء”، بممارسة عنف ملحوظ ضد اليهود وخصومهم اليساريين.
لقد كان موزلي على علاقة جيدة برموز الفاشية والنازية في أوروبا وارتبط بعلاقة صداقة مع الزعيم الفاشي الإيطالي بنيتو موسوليني.
وقد حضر أدولف هتلر كضيف شرف حفل زفاف موزلي الثاني الذي أقيم في منزل وزير الإعلام النازي آنذاك، جوزيف غوبلز.
لقد اعتبرت السلطات البريطانية موزلي، تهديداً لأمن وسلم البلاد خلال الحرب العالمية الثانية، واعتقلته للاشتباه في تعاطفه مع أعدائها (الألمان).
وانتشرت حينها على نطاق واسع فرضية تشير إلى أنه لو استطاع النازيون غزو المملكة المتحدة بنجاح، لتم تنصيب موزلي رئيساً لنظام مصطنع تابع لألمانيا.
مأوى الذئاب: هل ستبني بولندا “مدينة ملاهٍ نازية” في موقع مقر هتلر؟
هل كان والد هتلر طفلاً غير شرعي لأب يهودي؟
فاشيون في بريطانيا
يقول كاتب سيرة موزلي، ستيفن دوريل،: “إنه كان شخصية عُرفت بأناقتها في العشرينات من عمره، إذ وُلد في أسرة أرستقراطية، وكان بطلا في المبارزة وقد تألق في الحرب العالمية الأولى، وانتُخب نائباً عن حزب المحافظين في هارو غربي لندن، عندما كان في الـ 21 من عمره. كما أنه تزوج من ابنة أحد النبلاء البريطانيين”.
ويضيف: إنه كان يتمتع بشبكة علاقات واسعة في أوساط النخبة السياسية “وقد دُعي من قبل الكثير من الأحزاب، وكان يعرف تشرتشل وجميع السياسيين. وكان طويل القامة وزير نساء كبير حينها، على الرغم من عرجه (جراء حادث أصيب به). لقد عاش حياة ممتلئة وحافلة”.
لقد بدأ موزلي حياته في صفوف حزب المحافظين، لكنه انتهى في آخر حياته يمينيا متطرفا.
وفي الواقع، تحول موزلي بعد أن ترك حزب المحافظين إلى صفوف حزب العمال، ليصبح سياسياً عمالياً، ونائباً عن سمَثويك في وست ميدلاند، وهي منطقة نشط فيها رجل العصابات تومي شلبي الذي يتحدث عنه المسلسل.
وفي أعقاب الانهيار الاقتصادي في عام 1929 ، أصبح موزلي وزيراً حكومياً مكلفاً بإيجاد طرق لحل مشكلة البطالة، لكن المقترحات التي تقدم بها في هذا الصدد رُفضت.
يقول دوريل إن موزلي لم يتحمل رفض مقترحاته “كان مغروراً بشكل لا يصدق، وكان يعتقد أنه الرجل المناسب وأن لديه الحل لهذه المشكلة”.
وقد قاد ذلك موزلي الى الخروج من حزب العمال في أعقاب مؤتمره مطلع الثلاثينيات وتأسيس حزبه الخاص “الحزب الجديد” الذي أنشأ له ميليشيا مرافقة عرفت باسم “بيف بويز”.
ويوضح دوريل أن موزلي “أسس بعد عودته من جولة في إيطاليا التي كانت تحت حكم موسوليني، اتحاد الفاشيين البريطاني (BUF) في عام 1932، مازجا برنامجه الاقتصادي مع نزعة معاداة للسامية صريحة”.
وحقق الحزب نجاحاً محدوداً لبعض الوقت. وفي مرحلة معينة، ادعى اتحاد الفاشيين البريطاني أن عدد أعضائه بلغ 50 ألف عضواً.
وكتب صاحب صحيفة “ديلي ميل” البريطانية، هارولد هارمزورث، الذي كان يحمل لقب فيكونت روثرمير، مقالا شهيرا عام 1934 بعنوان “مرحى للقمصان السود”، في تحية لحركة القمصان السوداء.
وقد انتخب عدد من عناصر الحركة أعضاء في المجالس البلدية.
معاداة السامية
في تجمع أقيم في أولمبيا بلندن عام 1934 هاجم عناصر ميليشيا القمصان السود بوحشية اليساريين واليهود.
وحاول موزلي أيضاً تنظيم مسيرة عبر منطقة يهودية في شرق لندن، أدت إلى معركة شارع “كيبل” المعروفة، عندما قام سكان الحي ومناهضون للفاشية بإغلاق الطريق أمام مسيرة “القمصان السود”.
وعلى الرغم من ارتفاع شعبية “اتحاد الفاشيين البريطاني” في أعقاب أحداث شارع “كيبل”، إلا أن دوريل يقول: “إن البريطانيين عموماُ لا يحبذون الأشخاص الذين يتجولون بالزي العسكري”.
في الواقع، يفرض قانون النظام العام في بريطانيا لعام 1936 حظراً على ارتداء زي يعبر عن توجهات سياسية.
حرب ضد الفاشية
لقد كان للحرب العالمية الثانية أثرها الكبير في إنهاء طموحات موزلي السياسية. فمعظم البريطانيين يعتقدون أن الحرب العالمية الثانية هي بمثابة حرب ضد الفاشية، لذلك لم يلقَ اعتقال موزلي سوى معارضة ضئيلة.
وبعد أن وضعت الحرب أوزارها، حاول موزلي إحياء حزبه من جديد، وأعاد تسميته باسم “حركة الاتحاد” لكنه لم يلقَ نجاحا يذكر.
وغادر موزلي بريطانيا في عام 1951.
وبعد ثماني سنوات، وفي أعقاب أعمال الشغب العرقية في منطقة “نوتينغ هيل” بلندن، تقدم موزلي للترشح للانتخابات في شمالي كنسينغتون، وطرح أفكاراً مضادة للهجرة، لكنه فشل في الانتخابات.
وبعد فشله مرة أخرى في الانتخابات العامة عام 1966، وقد ترشح حينها في دائرة انتخابية في لندن أيضاً، تقاعد موزلي وذهب للعيش في فرنسا، حيث توفي هناك عام 1980.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا، عدا هذا الظهور في المسلسل التلفزيوني، ما الداعي للتذكير بموزلي في مثل هذه الأيام؟
يعتقد دوريل أن موزلي لو كان حياً، لوجد ترحيبا وسط الصعود الأخير للنزعة الشعبوية، لكنه يرى أيضاً أنه لن يكون من المؤيدين لخروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، قائلا “إنه سيرتعب من فكرة انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي”.
ويبرر ذلك بقوله: “بعد الحرب العالمية الثانية، بدأ موزلي بالترويج لفكرة أن أوروبا هي أمة”.
ويكشف نموذج موزلي عن أنه كانت ثمة جاذبية ما لليمين المتطرف في بريطانيا في الماضي، لكن كاتب سيرة موزلي يقول إنه لم يكن يشكل أي خطر “من الواضح أنه كان خطيباً استثنائياً، لكنه لم يترجم أقواله قط إلى حركة جماهيرية حقيقية، وأعتقد أنه كان محكوماً عليه بالفشل دائماً، لحسن الحظ”.
———————-
يمكنكم تسلم إشعارات بأهم الموضوعات بعد تحميل أحدث نسخة من تطبيق بي بي سي عربي على هاتفكم المحمول.
[ad_2]
Source link