أخبار عربية

لماذا إتجهت أصابع الإتهام لـ “حماس” بعد وفاة شاب من غزة في “البوسنة”؟


ودع الفلسطينيون في قطاع غزة يوم الأحد جثمان تامر السلطان (٣٨ عاماً) في جنازة شارك فيها آلاف الأشخاص الذين لم يكن بعضهم قد سمع باسمه قبل وفاته.

وكان جثمان السلطان وصل إلى غزة بعد مضي نحو أسبوع على وفاته التي عُزيت لأسبابٍ مختلفة منها تعرضه للدغة عقرب وإصابته بإنهاك شديد نتيجة الجوع والعطش قبل أن يتأكد بتقرير طبي صادر من المستشفى الذي تلقى فيه العلاج بسراييفو، احتمال وفاته بمرض “سرطان الدم النخاعي”.

Image caption

تامر السلطان

وعكست مواقع التواصل الاجتماعي في الأراضي الفلسطينية تفاعلاً كبيراً بمجرد أن ورد خبر وفاة السلطان في دولة البوسنة والهيرسك. وأطلق المتفاعلون لقب “شهيد الغربة” على السلطان معربين عن شعورهم بالأسى والحزن والتضامن مع عائلته في شمال قطاع غزة.

وكان السلطان قد ترك غزة مؤخراً ساعياً للهجرة منها والاستقرار في احدى الدول الأوروبية. وقد اعتاد العمل كصيدلي قبل أن يتخذ قراره بالهجرة ويقوم ببيع صيدليته وتصفية أعماله في غزة. وكان له من الأطفال ثلاثة كما تنتظر زوجته مولوداً رابعاً بعد شهور.

ومع عودة الأطفال للمدارس في قطاع غزة اليوم الاثنين، تداول مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي صور أطفاله وهم باللباس المدرسي وأبدوا أسفهم مجدداً على حالة اليُتم التي باتوا فيها فيما لم يفوت آخرون الفرصة لإلقاء اللوم مجدداً على حركة حماس التي تحكم سيطرتها على قطاع غزة منذ عام ٢٠٠٦ بعد صراعٍ مسلح وجيز مع منافستها حركة فتح.

وفي هذا السياق كتب المستخدم آدم المدهون على فيسبوك: “صباح الخير يا تامر السلطان .. ? ها يا صديقي أخبرني كيف قضيت ليلتك الأولى في جوف الأرض الظالم أهلها !! … كانت جنازتك حاشدة مهيبة حضرها كل أحبابك وأصدقائك ومعارفك وكل من عرفك وسمع عنك رغم يقيني أنك إنزعجت لبعض الشواخص الثقيلة التي سارت في جنازتك”.

وكان الكثيرون قد انبروا لرثاء السلطان بكلماتٍ مؤثرة بمجرد شيوع خبر وفاته كما تداولوا صوره وبعض منشوراته على صفحته على فيسبوك والتي تحدث في أحدها قبل عام عن أسباب هجرة الشباب من غزة سيما أصحاب المهن الطبية حيث اعتبر أنهم لا يحصلون على حقوقهم في الوظائف وأنهم ضحية المحسوبية والفساد، مستهجناً تعرض المطالبين بفرص العمل الكريم للقمع والحبس والتخوين على حد تعبيره.

وقد لاقت كلماته صدىً لها في نفوس الكثيرين ومنهم محمود جودة الذي كتب يقول: ” اكتبوا اسم تامر السلطان على حيطان المخيمات، وفي الأزقة، أكتبوه على جدران مراكز التوقيف، والمساجد والكنائس، وعلى أبواب منازل قادة الأمن، والجنود، ومسائيل الفصائل كلها … حاصروا باسمه كل من سجن وعذب وأمر بالاعتقال، ومن صمت عنه.. حاصروهم جميعًا باسم تامر السلطان، اجعلوا أثر جريمتهم حيّة إلى الأبد، عاقبوهم باسم تامر وتعبه وشوق أطفاله له.. حاصروهم بدم تامر وصورته، اسجنوهم في ثوب الخطيئة إلى الأبد، وعندما يوقفك رجل الأمن، ويسألك عن اسمك، قل له: اسمي تامر السلطان”.

وانتقد بعض المتفاعلين حركة المقاومة الإسلامية “حماس” على نحوٍ أكثر صراحةً وحملوها مسؤولية موت السلطان وغيره من الشبان الذين لم يكتب النجاح لمحاولاتهم الهجرة من غزة. ووجد البعض في تعليقات ومنشورات بعض المحسوبين على حماس ما يدعم وجهة نظرهم، حيث اعتبروا أنها افتقرت للتعاطف الإنساني بسبب انتماء السلطان لحركة فتح المنافسة.

من هؤلاء غازي مرتجى الذي كتب يقول:” تامر السلطان “شهيد” وصالح حمد “مفقود”، السبب: الهجرة التي يعتبرها الزهار أمر طبيعي وينظر إليها أحمد يوسف على أنها خير لأن هؤلاء المهاجرين سيضخوا الأموال لمسقط رأسهم! أي إجرام يمارسون؟”.

وكان محمود الزهار عضو المكتب السياسي لحماس قد أدلى بتصريحاتٍ قال فيها ان “الشعب الفلسطيني يُهاجر منذ العام 1948، وهذه القضية ليست جديدة، لكن نتيجة الظروف الحالية وإغلاق الجامعات وفتح مجالات بدول أخرى مثل تركيا فإن ما يحدث الآن هو هجرة طبيعية، وكل الدول تهاجر”.

ورأى البعض أن الفصائل برمتها وطرفي الانقسام الفلسطيني الفلسطيني وليس حماس وحدها يتحملون جميعاً مسؤولية ما حدث لتامر السلطان. من هؤلاء المستخدم اسلام دبور الذي كتب يقول: “جنازة تامر السلطان. الألوان التي اجتمعت على قتلنا كلها حاضرة و علم فلسطين لا يحمله أحد ، نحن أبناء الحزب و لسنا أبناء الوطن .. رحم الله الشهيد و عظم الله أجر الوطن”.

ولا تعد حادثة السلطان الأولى من نوعها في القطاع فقد شهدت الشهور الأخيرة حوادث مماثلة لشبان من غزة لقوا حتفهم في عرض البحر أو بطرقٍ أخرى أثناء محاولات فاشلة للوصول الى دول المهجر التي يبتغونها.

ولا توجد إحصاءات قاطعة بشأن أعداد الشبان المهاجرين أو الساعين للهجرة من غزة ولكن تقارير إعلامية وحقوقية تتحدث عن موجات هجرة كثيفة من غزة منذ انتظام ساعات فتح معبر رفح العام الماضي.

وتواتر عبر هذه التقارير رقم ٣٥ ألف حالة خلال عام واحد فقط.

ويتجه المهاجرون الغزيون بصورةٍ رئيسية إلى تركيا وبلجيكا حيث يغادرون فرادى أو مع أسرهم ويقع بعضهم فريسة لعمليات الإحتيال التي يمارسها المهربون والسماسرة.

وقد أفادت تقارير محلية بأن الهجرة من غزة لم تعد قصراً على الذكور فقط فهي تشمل فتيات أيضاً في خطوةٍ تعد كبيرة بالنسبة لمجتمع غزة المحافظ الذي يفرض قيوداً صارمة على الإناث سيما فيما يتعلق بحرية التنقل والحركة.

ويعتبر الكثيرون أن حركة حماس تتحمل مسؤولية هذا التغير الاجتماعي الذي طرأ على غزة مؤخراً ويعزون الأمر إلى سوء الأحوال المعيشية التي تسبب بها انفراد حماس بالحكم في غزة وملاحقتها للمعترضين على سياساتها.

وكانت غزة قد شهدت حراكاً قبل عدة شهور عُرف باسم حراك “بدنا نعيش” حيث عبر الناشطون به عن استيائهم من المستوى المعيشي المتردي في غزة وطالبوا بتحسين الأوضاع الا أن أجهزة وأفراد الأمن التابعين لحماس كانوا لهم بالمرصاد ونجحوا في وأد الحراك في مهده. وقد كان تامر السلطان أحد من شارك في الحراك حيث تعرض للاعتقال والاعتداء الجسدي وهو ما ذكّرت به والدته في تصريحاتٍ لها أثناء جنازته.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى