قصة مؤسسة ترعى المواهب في تكنولوجيا المعلومات في دول أفريقية وعربية
[ad_1]
تعلمت كريستينا ساس في سن مبكرة البحث عن المواهب ورصدها في أماكن مختلفة، الأمر الذي دفعها إلى تأسيس شركة توظيف أطلقت عليها اسم “أنديلا”، تهدف إلى توظيف مهندسي البرمجيات في نيجيريا، ومصر، وكينيا، ورواندا وأوغندا، وغانا.
وتتذكر ساس أنه في خريف إحدى السنوات، في بداية فصل دراسي، كيف استُبدل نصف التلاميذ في فصلها وحل محلهم طلاب من ذوي البشرة السمراء من بلدة أقل ثراء.
وكانت تهدف سياسة “نقل التلاميذ” بحافلات بين المدارس في المنطقة إلى دمج المجتمعات المنقسمة مع بعضها بعضا، وتتذكر كيف تسبب ذلك في حدوث “اضطراب كبير” في ولاية جورجيا الأمريكية التي نشأت فيها.
كانت خائفة في البداية، بيد أن التجرية أثمرت عن نتائج إيجابية غير متوقعة.
وتقول ساس : “كانوا بالتأكيد مجموعة جديدة من الأشخاص لديهم تجربة مختلفة في الحياة. لكن بعد ثلاث سنوات أصبحنا جميعا أصدقاء”.
وجدت ساس بعد معرفة عن قرب أن الأشخاص من الخلفيتين “يتمتعون بتميز على المستوى الأكاديمي والرياضي والفني”، وتوصلت إلى نتيجة مفادها أن “الموهبة موزعة على الأفراد بالتساوي”.
أصبحت هذه النتيجة شعار شركتها “أنديلا”، التي شاركت في تأسيسها عام 2014 بغية الاستفادة من المواهب غير المستغلة في مجال تكنولوجيا المعلومات في شتى أرجاء أفريقيا.
وتهدف شركة “أنديلا”، المسماه على اسم أول رئيس لجمهورية جنوب أفريقيا أسود البشرة، نيلسون مانديلا، إلى توظيف مهندسي برمجيات الكمبيوتر وتدريبهم وتهيئة الفرصة لهم للعمل لدى شركات وادي السيليكون أو غيرها من الشركات العالمية.
واستحوذت فكرة التوفيق بين مهارات المهندس والشركة التي تحتاج إلى تلك المهارات على إعجاب بعض المستثمرين، الأمر الذي دفع مبادرة “تشان زوكربيرغ”، التي تهتم بمجالي الصحة والتعليم، ونجمة التنس الأمريكية، سيرينا وليامز، إلى استثمار أموال في الشركة.
وعلى الرغم من أن شركة “أنديلا” لا تهدف إلى الربح، وليست جمعية خيرية، إلى أنها تتبنى دافعا اجتماعيا قويا.
وتقول ساس إن والدها كان يرسخ على مدى سنوات طفولتها رسالة مفادها أن مفتاح الحصول على وظيفة جيدة يكمن في التمتع بمؤهلات.
وتضيف أن والدها نفسه قدم إلى الولايات المتحدة في أواخر ستينيات القرن الماضي من ألمانيا المنقسمة في تلك الفترة، ولم يكن يتكلم إلا بعض الإنجليزية ولا يملك سوى 200 دولار.
والتحق والدها بالعمل في مخزن لدى شركة “آي بي إم”، واستطاع على مدار سنوات، بمساعدة الشركة، الدراسة في الفترة المسائية وحصل على شهادة جامعية، وكان يحصل أثناء ذلك على ترقيات وظيفية.
تعلمت ساس إعلاء قيمة التعليم على أي شيء آخر، لكن بعد أن عملت في مشروعات تعليمية في جنوب شرق الصين والأراضي الفلسطينية، بدأت تتساءل إذا كان التعليم وحده يكفي.
وتقول : “كنت أسمع باستمرار مقولة تشير إلى أنه ليس بالضرورة أن يُترجم ما يستثمره الأشخاص في تعليمهم والارتقاء بأنفسهم، إلى وظائف.”
وتضيف : “تغيرت وجهة نظري، وبدأت أفكر بعد العمل سنتين أو ثلاثة في مجال التعليم، أن التصدي لهذه المشكلة لا يكمن في التركيز على جودة التعليم بقدر التركيز على مرحلة الانتقال بين مرحلة التعليم والتوظيف”.
توفي والد ساس عندما كانت في أوائل العشرينيات من عمرها، وترك في حياتها أثرا بالغا، إذ كان حافزا لها على تحقيق “النجاح”، وهو ما دفعها إلى الاتفاق مع شريكها جيرمي جونسون، المتخصص في تكنولوجيا التعليم، على تأسيس شركة “أنديلا”.
أدرك الشريكان وجود مواهب كثيرة في مجال تكنولوجيا المعلومات في أفريقيا، فضلا عن وجود حاجة ماسة على الصعيد العالمي لمهندسي برمجيات يتمتعون بمهارات مناسبة.
وعندما أعلن الشريكان في البداية عن فتح باب التقديم لطلبات توظيف في لاغوس عام 2014، بعد “بذل جهود كبيرة” لنشر رسالتهما، تقدم الآلاف لشغل وظائف من شتى أرجاء نيجيريا.
وتقول ساس : “أدركنا أنا سنعثر على أشخاص لديهم القدرة على حل المشكلات، وآخرين يتمتعون بالتفكير المنطقي. فضلا عن تحديد مستوى موهبة كل فرد”.
وأثمرت عمليات الانتقاء والترشيح شديدة الدقة للمتقدمين للوظائف، عن وضع نموذج معياري لشركة “أنديلا”.
وعلى الرغم من أن نحو 80 في المئة من موظفي “أنديلا” يحملون شهادات علمية في علوم الكمبيوتر، إلا أنهم يخضعون لدورات تدريبية تمتد إلى ستة أشهر لتعلم مهارات، مثل أساليب التفاوض والعمل داخل فريق.
وتهيء الشركة بعد انتهاء فترة التدريب فرصة للتوفيق بين طالب الوظيفة والعملاء المناسبين، من بينهم “بي بي سي” و”أي بي أم” والكثير من المؤسسات والشركات الناشئة في وادي السيليكون.
وتدفع الشركات العالمية لأنديلا المعدل المتعارف عليه لراتب المهندس المؤهل، إلا أن الموظف لا يتقاضى سوى ثُلث المبلغ، وتخصص شركة أنديلا البقية في تعزيز ودعم خدمة التوفيق الوظيفي بين الأطراف وتعزيز عمل الشركة.
ويلتزم المهندسون التابعون لأنديلا بعقد مبرم ينص على هذه الشروط لمدة أربع سنوات، يمكنهم بعدها الالتحاق بوظيفة في الخارج إذا توفرت، أو البقاء في دولهم.
ويساور بعض المراقبين القلق من أن تكون “أنديلا” سببا في تفاقم هجرة الكفاءات، عن طريق تمهيد السبيل أمام المهندسين أصحاب الكفاءة المتميزة للبحث عن عمل خارج أفريقيا، إذ لا تستطيع الشركات في لاغوس وكامبالا وكيغالي ونيروبي المنافسة في دفع رواتب وتهيئة نفس مستوى المعيشة الذي يُعرض علي المهندسين في الخارج.
ويرى المراقبون أن تزويد المختصين في تكنولوجيا المعلومات بالمهارات وسبل التواصل مع الشركات الغربية، يسهل لهم على الأرجح مغادرة بلادهم والعمل في الخارج.
وتقول ينكا أديجوكي، رئيسة تحرير كوارتز أفريكا : “لدينا علاقة حب وكراهية مع أنديلا.”
وتضيف : “هم بارعون في إظهار أن الشركات الناشئة في أفريقيا يمكنها كسب الأموال، لكن لا توجد شركة أفريقية ناشئة تستطيع الوفاء بطلبات أنديلا (المالية)”.
وعلى الرغم من أن هجرة الكفاءات يمثل خطرا حقيقيا، كما يتفق مع هذا الرأي ديفيد أديليكي رئيس تحرير “بزنس إنسايدر” لمنطقة أفريقيا جنوب الصحراء، إلا أن الموظفين الموهوبين الذين يسافرون إلى الخارج “يعودون غالبا أو على الأقل يسهمون في تبادل المعرفة”.
ومن المبكر للغاية تحديد أي طريق يسلكه غالبية الموظفين، بيد أن “أنديلا” تقول إن نحو 90 في المئة من الدفعة الأولى من الذين عملوا سابقا معها، يعملون حتى الآن في نيجيريا.
وتآمل ساس في أن يؤسس الكثير من المهندسين البالغ عددهم 1300 مهندس، ويعملون حاليا في شركات في نيجيريا وكينيا ورواندا وأوغندا، وفي مكاتب صغيرة في غانا ومصر، شركاتهم الخاصة بعد انتهاء فترتهم مع “أنديلا”.
وتقول: “غاية أهدافنا هو أن يصبح خريجو أنديلا قادة التكنولوجيا القادمين في أفريقيا”، وربما يكون من بينهم من ينجح في تأسيس شركة في القارة السوداء على غرار بيل غيتس، مؤسس شركة مايكروسوفت.
بيد أنها تستعد حاليا إلى تأسيس مشروعات جديدة، وهي بصدد التراجع عن الدور الذي تنهض به يوميا في الشركة، على الرغم من أنها ستظل على رأس عملها كرئيس للمجلس الاستشاري لشركة “أنديلا”.
وتقول : “تعمل أنديلا بأعلى المهارات، وأنا أفكر في ترسيخ تلك المهارات في أشخاص لا يتمتعون بها”.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Worklife
[ad_2]
Source link