أخبار عاجلة

كيف تتحقق من الفيديوهات والصور على | جريدة الأنباء


محمد بسام الحسيني

على غرار أي قطاع.. شهد الإعلام خلال العقد الأخير تحولات هائلة وجذرية نتيجة التطور المتزامن في مجال تكنولوجيا الاتصالات، والذي مهّد لدمج كل أنواع المحتوى الإعلامي من مكتوبة ومصورة ومسموعة في قالب واحد.

لكن سهولة نشر المحتوى بفضل هذا التطور قابلتها ضريبة باهظة وهي ارتفاع منسوب الإشاعات والتضليل وهو ما يُصطلح على تسميته بـ «اضطراب المعلومات».

لم يمر وقت طويل قبل أن يكتشف العالم أن هذه الظاهرة هي في الواقع تهديد مرعب لكل الجهود والقيم الإنسانية للارتقاء بالمجتمعات وتعزيز حرية الإنسان، ووسيلة غير مشروعة لتغيير إرادة الأفراد والمجتمعات.

إن أبرز النماذج على ذلك هو تأثير «اضطراب المعلومات» على الانتخابات الديموقراطية، وقد تصاعدت هذه المشكلة الكبيرة في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016 ثم في التصويت على «البريكست» في بريطانيا، حيث تبين لاحقاً أن تدفق المعلومات المضللة والأكاذيب ضمن حملة منظمة عبر شبكات من المواقع والحسابات الموجهة لهذه الغاية من خارج البلدين وخاصة من دول أوروبا الشرقية قد فعلت فعلها في خلق حالة من الشك والقلق والتأثير على الناخبين بها، بل يعتقد الكثيرون انه قد قلب النتائج رأسا على عقب.

وتعد مواجهة هذا التحدي من المهام الرئيسية المستجدة التي تقع على عاتق وسائل الإعلام التقليدية الحريصة على اتباع قواعد مهنية وموضوعية تضمن التدقيق في المعلومات والتحقق منها قبل نشرها وتدرك جيدا انه لا يكفي التميز ان «تكون الأسرع في نشر المعلومة» بل ينبغي بدلا من ذلك ان «تنشر بأسرع ما يمكن المعلومة بعد التحقق منها» وإلا فإنك ستقع في مأزق وتعبر الخط الفاصل بين الإعلام المهني وما نراه اليوم في وسائل التواصل الاجتماعي الفردية.

ورشة «بي بي سي»

ليس أفضل من «بي بي سي» لطرح وتفسير وتحديد النهج العملي لمهمة مثل مكافحة الاخبار والصور المزيفة، فهي المؤسسة الأعرق في مجال الإعلام وصاحبة الخبرة الطويلة في المجال.

وقد شاركنا الأسبوع الماضي في ورشة عمل نظمتها هيئة الإذاعة البريطانية في مدينة ليستر وتخللها شرح وافٍ قدمه الخبير الإعلامي ديفيد هايوارد صاحب الباع الطويل في هذا المجال.

وتضمن البرنامج إحالات الى ابرز التطبيقات والمواقع التي تناولت هذا الموضوع، سواء لناحية الشرح او الناحية العملية.

المواقع المهمة للتحقق

ومن أهم هذه المواقع «دليل التحقق» verificationhandbook.com (مترجم للعربية) والذي يشرح لك كيفية التعامل مع ظهور الأخبار العاجلة وأهمية مراجعة اكثر من مصدر، خاصة في حالة النشر على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث يكثر الساعون للتسبب بالذعر او للسخرية او الحصول على إعجابات.

الخطوة الثانية هي التحقق من الصور، ولذلك برامج عديدة، ابرزها fotoforensics.com الذي يمكنك من معرفة احداثيات وموقع تصوير الصورة وبياناتها الوصفية التي يمكن في خطوة تالية ان تستخدمها في برامج مثل Google Maps وGoogle Earth وStreetview للمطابقة.

كما ان برنامج fotoforensics مثلا يوفر خاصية معرفة اذا ما كانت الصورة قد تعرضت لتعديل، ويكشف لك من خلال الألوان ما قد عُدِّل.

وهناك ثمة برامج أخرى تقوم ايضا بالمهمة نفسها ويمكن استخدامها لمزيد من التأكيد وربط المعلومات لبناء صورة واضحة وكاملة للخبر مثل Jeffrey””s Image Metadata وTineye.com وRevEye التي تمكنك من معرفة مصدر وتاريخ نشر الصورة وعدد مرات النشر في الانترنت، ويمكنك ذلك تاليا من استنتاج مدى صحتها.

وبالنسبة الى الفيديوهات، توجد ايضا برامج تمكنك من تحليلها، من أشهرها موقع watchframebyframe.com، وبعد تحليل اللقطات التي تكشف لك مدى صحة الفيديو يمكن القيام بخطوات اخرى مثل تحليل الصوت والذهاب الى مواقع مثل wolframalpha.com لمعرفة حالة الطقس في وقت نشر الفيديو ومقارنتها بالصور.

وفي حال نشر أكثر من فيديو من قبل مستخدمين حول أي حادثة يمكن التأكد من تواريخ الفيديوهات وتحليل لقطاتها لجمع أدلة ومعطيات عن اي حادثة، وقد كان هذا الإجراء فعالا في تغطية أحداث الربيع العربي مثلا، وأداة مهمة لمعرفة اذا ما كانت هناك فبركة او ان الاحداث فعلا صحيحة.

هذا وتخلل الورشة ايضا الاطلاع على برامج التحقق من هوية الافراد والحصول على المعلومات عن الشركات في اطار الصحافة الاستقصائية التي تعتمد ايضا على السعي وراء المعلومات والتحقق من الوقائع.

وكان من المفيد أيضا لاستكمال الجهود في هذا المجال فهم تفاعل الناس على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال ادوات مثل Hashtagify.me وFollowerwonk.com وTrendsmap.com التي تساهم معا في الحصول على صورة كاملة عن حركة تداول المعلومات ودورانها وتتبعها في شبكات التواصل.

وكذلك فإن التحقق من أصحاب المواقع عبر الـ Domain Research من خلال برامج مثل Domaintools.com وwho.is وarchive.org. قد يكون عاملا مساعدا لك في رحلة تتبعك للمعلومة أو الخبر.

وقد تميزت دورة الـ BBC بجولة ميدانية قام خلالها المشاركون الذين قُسموا الى مجموعات، بالتقاط صور وطُلب من المجموعة الأخرى ان تكشف مواقعها وتقدم المعلومات عنها وتؤكد مدى صحتها باستخدام البرامج السابقة الذكر، وبالفعل كانت النتائج مبهرة للمشاركين وأسعدت المدرب ديفيد.

وفي عصر زوّدت فيه «أسلحة المعلومات» بسرعة خارقة للانتشار، يمكن كتابة مؤلفات عن مهمة التحقق من المعلومات وتطبيقاتها العملية وبما ان مواقع الأحداث صارت تجعل من كل فرد «صحافيا عرضيا» يمكنه تسجيل ونشر المحتوى فإن الصحافي التقليدي أصبح امام تحد جديد الى جانب عمله المعهود في البحث بنفسه عن المعلومة من المصادر، وهو التحقق من سلامة ما ينشره الناس في أماكن الحدث والبناء عليه او استبعاده.

زيارة لمبنى «بي بي سي»

قبيل التوجه إلى ليستر مرّ الفريق الإعلامي المشارك بالورشة على مبنى «بي بي سي» في لندن وجال على الأقسام المختلفة لـ «بي بي سي – عربي» وكانت مناسبة للقاء عدد مهم من الإعلاميين ومنهم الإذاعية الشهيرة الأستاذة ناهد نجار.

وصف الصورة

شكر

نشكر الزملاء في إدارة التعاون الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وغرب آسيا في هيئة الإذاعة البريطانية – خدمة بي بي سي العالمية: خالد عبدالله، جاكي شامبرز، وسام مرحبا، شهب الجنابي، وحسان المصري.

والشكر موصول إلى الدكتور فؤاد عبدالرازق والمدرب رفيع المستوى ديفيد هايوارد على الجهد الرائع والمثمر والذي يرسخ الدور المهم لـ «بي بي سي» في نشر ثقافة التحقق والشفافية التي لطالما تميزت بها، وإلى الزملاء رئيس تحرير القسم العربي بإذاعة «بي بي سي» عادل سليمان ومحمد عبدالقادر وفوزي البرغوثي الذين استقبلوا الوفد قبل التوجه إلى ليستر وزودوه بالمعلومات حول منهجية «بي بي سي» في التعامل مع الأخبار المزيفة ومواجهة اضطراب المعلومات.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى