مغامرة الفضاء التي كلفت أمريكا “175 مليار دولار”
[ad_1]
لم يكن الرئيس الأمريكي، جون كينيدي، الذي تعهد بإيصال أول إنسان إلى سطح القمر، متحمسا لاستكشاف الفضاء. وقال في لقاء خاص مع رئيس وكالة ناسا الفضائية في البيت الأبيض، جيمس ويب، عام 1962: “لست مهتما إلى هذا الحد بالفضاء. أعتقد أنه من الرائع أن نعرف المزيد عنه، ونحن مستعدون لدفع مبالغ معقولة لاستكشافه، لكن هذه النفقات الطائلة المتوقعة ستستنزف الموازنة”.
ويكشف هذا الحوار، الذي نشرته مكتبة الرئيس كينيدي مؤخرا، أن الدافع الحقيقي وراء غزو الفضاء كان التفوق على الاتحاد السوفيتي، وهو ما أفصح عنه الرئيس صراحة. لكن تكاليف الفوز في سباق الفضاء كانت باهظة.
إذ قُدرت تكاليف برنامج أبولو بنحو 25 مليار دولار، وهو ما يعادل في الوقت الحالي 175 مليار دولار. ففي عام 1956، بلغ نصيب وكالة ناسا الفضائية من إجمالي الإنفاق الحكومي نحو خمسة في المئة، وقد تراجع نصيبها من الإنفاق الحكومي اليوم إلى عُشر هذه النسبة.
وبالإضافة إلى المليارات التي أنفقت على صواريخ ومركبات فضائية وأجهزة كمبيوتر ومحطات مراقبة أرضية، فقد قدرت وكالة ناسا عدد العاملين الذي ساهموا في برنامج أبولو لإرسال 12 شخصا فقط إلى القمر بنحو 400 ألف رجل وامرأة.
وكانت الغالبية العظمى من دافعي الضرائب الأمريكيين ترى أن هذه المليارات لم تنفق في محلها.
إذ أشارت نتائج استطلاعات للرأي، جمعها المتحف الوطني للطيران والفضاء في العاصمة الأمريكية واشنطن ونشرت في دورية “السياسة الفضائية”، إلى أن الشعب الأمريكي كان يرى أن الفضاء ليس من الأولويات الوطنية.
- كيف تغير الحياة الحديثة شكل أجسادنا وهياكلنا العظمية؟
- لماذا يعد “عندما التقي هاري بسالي” أفضل فيلم كوميدي رومانسي؟
ولم يتحمس الشعب الأمريكي لتمويل برنامج أبولو حتى في غمرة المخاوف من الهيمنة السوفيتية على العالم في عام 1961.
وبعد أن لقي ثلاثة رواد فضاء مصرعهم في بعثة أبولو 1 عام 1967، جراء اشتعال الصاروخ قبل مغادرته منصة الإطلاق، عارض أكثر من نصف المشاركين في استطلاعات الرأي البعثات الاستكشافية للقمر.
ولم يلق البرنامج تأييدا واسعا من الشعب الأمريكي إلا بعد نجاح طاقم بعثة أبولو 11 في الهبوط على القمر في عام 1969، لكن هذا التأييد ما لبث أن تراجع في أعقاب كارثة أبولو 13.
وأشارت استطلاعات للرأي، أجريت أثناء بعثة أبولو 17، إلى أن 60 في المئة من الأمريكيين يرون أن الحكومة تنفق بسخاء أكثر من اللازم على البرامج الفضائية.
إذا، لم تكن بعثات أبولو إنجازا قوميا عظيما، ولم تلق تأييدا شعبيا كاسحا كما يُقال، بل إن أغلب الأمريكيين، حسبما تشير استطلاعات الرأي، كانوا يفضلون أن تنفق هذه الأموال على قطاعات أخرى.
بدلة رائد الفضاء الواحدة في بعثات أبولو تكلفت 100 ألف دولار
ثمة مواصفات يجب توافرها في بدلة الفضاء المصممة للسير على القمر، منها أن تكون متينة وقوية ومبطنة بدعامات، وهو ما دفع ناسا للتعاقد مع شركة “لاتيكس”.
وصنعت الشركة كل بدلة من طبقات عديدة، من ألياف البلاستيك والمطاط والأسلاك المعدنية. وكانت كل بدلة مغطاة بقماش مبطن بمادة بولي تترافلورو إيثيلين (تفلون)، وخاطها فريق من الخياطين المهرة يدويا.
وجُهزت كل بدلة بحقيبة ظهر منفصلة تحوي أنظمة دعم الحياة، وهو ما حوّل البدلة فعليا إلى مركبة فضائية مستقلة بذاتها. وتميزت البدلة بالمرونة لمنح رائد الفضاء قدرا كبيرا من حرية الحركة، على عكس بدل الفضاء في برنامج “جيمني” السابق لبرنامج أبولو.
ويقول راستي شويكارت، أحد رواد الفضاء ببعثة أبولو 9: “كانت بدلة الفضاء ببرنامج جيمني مليئة بالعيوب، وكانت تعوقنا عن الحركة خارج مركبة الفضاء”.
وفي عام 1969، كان شويكارت أول رائد فضاء يجرب البدلة الجديدة خارج مركبة الفضاء أبولو في المدار حول الأرض. ويقول: “كنت أشعر بالاستقلالية عن المركبة الفضائية. كان زملائي يخططون للسير على سطح القمر، ولم يكن بإمكانهم جرّ الحبل الثقيل الذي يربطهم بوحدة القيادة لمسافة ميل، فكان يتعين علينا أن نحمل الحقائب المستقلة”.
وجرى تحديث بدلة الفضاء في بعثات أبولو اللاحقة لتحسين المرونة، وللسماح لرواد الفضاء بالجلوس في الطوافة القمرية.
تكلفة بناء المركبات القمرية بلغت 388 مليون دولار
قبل انطلاق بعثة أبولو 11 إلى القمر، أعد الرئيس ريتشارد نيكسون خطابين، أحدهما في حالة نجاح بعثة أبولو في تحقيق أهدافها، والثاني إذا فشلت المهمة ولم يعد رواد الفضاء إلى الأرض.
وكان مطلع الخطاب الثاني: “شاء القدر أن يرقد الرجال الثلاثة الذي ذهبوا لاستكشاف القمر في سلام على الثرى القمري”.
كانت المركبة القمرية بدعة حينئذ، فلم يقم أحد من قبل ببناء مركبة مصممة لإنزال شخصين بأمان إلى عالم آخر وإعادتهما إلى الأرض مرة أخرى.
وتتألف المركبة القمرية من جزئين أو مرحلتين، مرحلة الهبوط المجهزة بمنصات الهبوط، ومرحلة الصعود المزودة بمحرك واحد فقط لنقل رواد الفضاء إلى مركبة الفضاء في المدار القمري. لكن إذا تعطل المحرك سيظل رواد الفضاء عالقين على القمر.
ويقول جيري غريفين، مدير مراقبي البعثات الفضائية: “كانت المركبة القمرية تعتمد على محرك واحد، وفي حال توقف المحرك سينتهي الأمر. وكان هذا أحد العيوب القليلة في برنامج أبولو”.
وأبرمت وكالة ناسا عقدا مع شركة “غرومان” لبناء المركبات القمرية نظير 388 مليون دولار، لكن تنفيذها تأخر مرات عدة، ولم تنطلق أول رحلة غير مأهولة إلا في عام 1968.
واستقل توم ستافورد وجين سيرنان المركبة القمرية في بعثة أبولو 10، ووصلا إلى مسافة 14.2 كيلومتر من سطح القمر. لكنهما واجها مشكلات خطيرة عند عودتهما إلى وحدة القيادة.
فعندما كانا يستعدان لفصل مرحلة الصعود عن مرحلة الإنزال، كان أحد مفاتيح التحكم في الوضع الخاطئ. وبمجرد تشغيل المحرك، أخذت المركبة في الدوران بسرعة جنونية حتى خرجت عن السيطرة.
ولولا أن تدخل ستافورد وشغل التحكم اليدوي لتثبيت المركبة، لكانا اصطدما بالقمر في غضون ثانيتين، بحسب تقدير المهندسين.
ويقول سيرنان: “مهما كنت ماهرا، ومهما تدربت على قيادة المركبة، قد ترتكب أخطاء قاتلة، لو لم تتوخ الحذر”.
ولا يزال سيرنان يرى أن الاعتذار واجب للشعب الأمريكي على الكلمات البذيئة التي تلفظ بها عندما خرجت الأمور عن السيطرة، رغم أنه كان على وشك الموت.
مصاريف الرحلة إلى القمر التي طالب بها ألدرين بلغت 33.31 دولار
وبعد العودة إلى الأرض، ذاعت شهرة نيل أرمسترونغ وباز ألدرين ومايك كولينز حتى ملأت الآفاق. لكن هذه الشهرة الواسعة لم تنعكس على دخلهم.
إذ كان رواد الفضاء في برنامج أبولو يتقاضون ما يتراوح بين 17 ألف دولار و20 ألف دولار سنويا، أي ما يعادل 120 ألف دولار في الوقت الحالي. وربما كان المذيع التلفزيوني الذي يغطي أخبار البعثة يتقاضى آنذاك أضعاف هذا الراتب.
ولم يحصل رواد الفضاء على بدل مخاطر، للذهاب إلى القمر، لكن كان يحق لهم المطالبة بمصاريف الرحلة. وقد طالب ألدرين بمبلغ 33.31 دولار لتغطية مصاريف الرحلة من منزله إلى مركز المركبات الفضائية المأهولة في هيوستن، مرورا بفلوريدا والقمر ثم هاواي.
وحصل رواد الفضاء أيضا على حصة من أرباح صفقة أبرمتها وكالة ناسا مع مجلة “لايف”.
وبعد أن غادر الكثير من رواد الفضاء البرامج الفضائية، تخطفتهم الكثير من الشركات في مجال الفضاء لشغل مناصب تنفيذية برواتب مجزية، بينما جمع البعض المال من الظهور في التلفزيون كخبراء في مجال الفضاء.
وقد أصبح والي شيرا، الذي عانى من نزلة برد أثناء بعثة أبولو 7، وجها إعلانيا بارزا على مجموعة من أقراص إزالة الاحتقان. واستعانت شركات عديدة بباز ألدرين للإعلان عن منتجاتها، من شركات تأمين إلى سيارات وحتى الشوفان. ولعل دخله اليوم أعلى بمراحل منه في عام 1969.
يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future
[ad_2]
Source link