قصة الرحلة الغامضة لـ”قارب الجنس” في الأطلسي
[ad_1]
بدأ كل شيء باختطاف طائرة في نوفمبر/نشرين ثاني عام 1972.
كان سانتياغو جينوفز عائدا بالجو إلى مكسيكو سيتي بعد حضور مؤتمر حول تاريخ العنف في مونتيري.
احتجز 5 مسلحين جينوفز و103 آخرين رهائن قبل أن يطلق سراحهم في صفقة تبادلية للإفراج عمن قيل إنهم سجناء سياسيون.
إيحاء
“كان الأمر أجمل من أن يكون حقيقيا. عالم قضى حياته في دراسة السلوك العنيف، والآن هو على متن طائرة مخطوفة”، هذا ما كتبه جينوفز، الذي توفي عام 2013 ، وهو واحد من كبار علماء الأنثروبولوجيا السياسية.
“كنت دائما أتوق لمعرفة الدافع وراء نزوع الناس للقتال، وما الذي يجري في الدماغ حينها”.
استوحى العالم من عملية الخطف تجربة تهدف لدراسة السلوك البشري، معتمدا على تجربة للمغامر وعالم الأنثروبولوجيا النرويجي ثور هييردال.
عمل العالمان معا حين شاركا في رحلة لفريق أبحر في قارب يحاكي القوارب المصرية القديمة عامي 1969 و1970 في محاولة لإثبات أن الافارقة قد يكونون وصلوا إلى القارة الأمريكية قبل كريستوفر كولومبوس بسنوات.
واستخدم جينوفز التجربة كمختبر عائم ليرصد سلوك مجموعة من الناس العائمين معا في بحر مضطرب.
“بيت فوق الماء“
“لكن هذه التجربة صممت لتوليد النزاع. أظهرت التجارب على الحيوانات أن بالإمكان استيلاد العدوانية حين نضع أنماطا مختلفة من الجرذان في فضاء محدود. أريد أن أرى إذا كان نفس الشيء ينطبق على البشر”، هذا ما كتبه الأكاديمي في مقال نشر عام 1974 في المجلة التي تصدر عن جامعة المكسيك الوطنية.
خلال التجربة ظن جينوفز أن مجموعة من الناس يسافرون معا في بحر مضطرب قد تكون مختبرا عظيما لرصد السلوك البشري.
كان الزورق بطول 12 مترا وعرض 7 أمتار وكان فيه مقصورة بطول 4 أمتار وعرض 3.7 مترا، وكان هناك حيز ليستلقي الركاب على أرضية القارب لكن لم يكن بإمكانهم الوقوف.
كانت دورات المياه في الخارج، وكانت مكشوفة.
أطلق جينوفز على القارب اسم “أكالي ناهواتيل” أو “بيت على سطح الماء” بلغة السكان الأصليين للمكسيك.
“غرباء شجعان “
صعد عشرة أشخاص إلى القارب لقضاء مئة ويوم على سطحه في رحلة من جزر الكناري إلى المكسيك برفقة جينوف.
ليس للقارب محرك وليس فيه كهرباء ولا توجد له قوارب إسناد.
أعلن جينوفز عن التجربة كرحلة استكشاف في عدة مطبوعات في أنحاء العالم بحثا عن متطوعين. اتصل به المئات، اختار منهم أربعة رجال وست نساء من جنسيات وخلفيات دينية واجتماعية مختلفة.
أربعة فقط لم يكونوا متزوجين، واختيروا لخلق توتر ضمن المجموعة، حسب ما قال جينوفز.
عينت السويدية ماريا بيونستام البالغة من العمر 30 عاما قبطانا للمركب.
لم تكن الأنثى الوحيدة التي اضطلعت بدور قيادي، فقد أنيطت الأدوار القيادية بالنساء الست، وتركت المهام الهامشية للرجال.
كتب جينوفز “سألت نفسي إن كان إسناد مهام قيادية لنساء سيؤدي إلى درجة أقل أو أكبر من العنف”.
أبحر القارب في 13 مايو / أيار عام 1973 باتجاه جزيرة كوزوميل المكسيكية .
عربدة متخيلة
مع أن زورق “اكالي” لم يكن يمتلك المقومات التقنية ليظهر على شاشة تلفزيون الواقع بدأت وسائل الإعلام في البحث عن تلك الرحلة حتى وصل الحد إلى وصفها بأنها “حفلات جنس جماعي على قارب الحب” رغم عدم وجود أي اتصال بين الصحف والمشاركين في الرحلة. وما لبث قارب “أكالي” أن سمي “قارب الجنس”.
أما الواقع على متن القارب فقد كان مختلفا تماما.
كان تحفيز العلاقات الجنسية أحد أهداف التجارب التي أعدها جينوف .
وأوضح قائلا “أظهرت دراسات علمية على القرود أن الصلة بين العنف والرغبة الجنسية، التي ترتبط بمعظم النزاعات بين الذكور، مرتبط بوجود الإناث في مرحلة الإباضة”.
وأضاف أنه اختار أشخاصا جذابين جنسيا للتأكد من أن الموضوع ينطبق على البشر أيضا.
وقال إنه “بما أن الجنس على صلة بالشعور بالذنب فقد حرصت عل مشاركة قس من كنيسة الروم الكاثوليك من أنغولا”.
في الواقع، انخرط عدة أفراد من المجموعة بنشاطات جنسية، لكنها لم تؤد إلى عداوات وتوتر ملحوظ..
مراقبة المراقب
لكن الجنس كان واحدا فقط من السلوكيات البشرية التي أراد جينوف رصدها.
في الواقع كانت له أهداف أبعد . حين سألته ماريا بيورنستام عن الأهداف الحقيقية للدراسة، قال إنه أراد اكتشاف كيفية تحقيق السلام في العالم. ومن أجل تحقيق ذلك اراد جينوفز فهم العدوانية البشرية. لكن، ومع مرور الوقت، المظهر العدواني الوحيد الذي نشأ كان بسبب ظهور سمكة القرش وليس بسبب نزاعات بين أعضاء الفريق.
بعد مضي 51 يوما كان جينوفز محبطا، وكتب: “لا أحد هنا يتذكر أننا نحاول إيجاد إجابة للسؤال الأكثر أهمية في عصرنا : هل نستطيع أن نعيش بلا حروب ؟”.
ثم كتب لاحقا أن “أساليبه لم تسبب العداء والعدوانية التي توقعها”، وأضاف “أدركت أن الشخص الوحيد الذي أبدى نوعا من العنف على متن القارب كنت أنا شخصيا”.
“قتل“
كما نسي أيضا المشاعر المرضية التي انتابت الأعضاء الآخرين في الفريق.
بعد 50 عاما، اعترف بعض أعضاء الفريق أن فكرة قتل الأكاديمي شغلت مخيلتهم.
قالت في سيمور، وهي مهندسة أمريكية شارك بالرحلة، في مقابلة “انتابنا جميعا هذا الشعور في نفس الوقت”.
جمع المخرج السويدي ماركوس لليندي الستة الذين ما زالوا أحياء من بين المشاركين، للحديث عن ذكرياتهم واللحظات المهمة في الرحلة.
قالت بيورنستام إن الأمر انتهى بجينوفز يتصرف كديكتاتور في محاولته لحماية تجربته، بل طلب قيادة المركب في مرحلة ما من المراحل.
“كان من الصعب التعامل مع عنفه السيكولوجي”، كما قال الياباني إيسوكي ياماكي.
هذا دفع بعض أعضاء الفريق للتفكير بقتله، بدفعه بشكل “عرضي” إلى البحر أو حقنه بمادة تسبب له سكتة قلبية.
وقالت سيمور في المقابلة “خفت أن تتطور الأمور إلى حد تنفيذ تلك الأفكار. طلع علي الفجر وأنا أفكر أن بإمكاننا اقتراف شيء فظيع من أجل النجاة”.
اكتئاب
لكن لم تحدث أي كارثة، فقد حلت المشاكل مع جينوفز بوسائل دبلوماسية.
حين وصل القارب إلى المكسيك عزل الطاقم بمن فيهم جينوفز لمدة أسبوع وخضعوا لفحوص طبية وسيكولوجية.
تعرض الأكاديمي للاكتئاب خلال الرحلة وتبرأت جامعته من الرحلة بسبب عنوان “قارب الجنس” التي خرجت بها الصحف، لكنه استمر في مسيرته الأكاديمية حتى وفاته عام 2013.
بالنسبة للمشاركين، انتهت الرحلة كما بدأت، كمغامرة. بالرغم من الصعوبات لم ينشأ خلاف على متن القارب، بل نشأت صلات بين أعضاء الفريق ما زالت قائمة حتى اليوم.
النجاح
لهذا ترى في أن التجربة تكللت بالنجاح.
وقالت لصحيفة الغارديان البريطانية “كان تركيز التجربة على العنف والنزاع، لكن الأمور كانت تحت السيطرة. بدأنا كفئتين “نحن وهم” وانتهينا فئة واحدة “نحن”.
وقالت ليندين التي تحدثت بدورها إلى صحيفة الغارديان “لو استمع جينوفز إلى حوافز المشاركين للمشاركة بالرحلة لتعلم دروسا حول النتائج والعنف، وكيف بالإمكان التغلب عليه أحيانا من خلال جسر الخلافات”.
[ad_2]
Source link