أخبار عاجلة

البحث عن ساحة استثمارية جذابة.. بداية أزمة «المناخ»


تنشر القبس على مدى 6 حلقات، محتويات كتاب لشركة المركز المالي الكويتي، خصت به الشركة القبس قبيل إصداره عبر ذراع «المركز» البحثية شركة مارمور مينا انتليجنس، يحمل عنوان «6 دروس من أجل استدامتنا الاقتصادية – سوق المناخ وخمس أزمات أخرى في منطقة الخليج»، ويتناول قصة ست أزمات مالية كبيرة تأثر بها اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي على مدار العقود الماضية. ولأن أغلب تلك الأزمات نجمت عن تراكم سلسلة من الأحداث المتتالية، فقد حرص الكتاب على التسلسل الزمني لها، مع تحليل الأسباب وشتى جوانب كل أزمة.
يقدم الكتاب رؤى واضحة للشركات والمستثمرين حول مجموعة من الأزمات الاقتصادية الماضية، التي كان لها أثرها في دول مجلس التعاون، عبر فصول تغطي فترات الأزمات التي عرفتها دول المجلس. ويساعد مضمون الكتاب القارئ في فهم جذور الأوضاع الاقتصادية القائمة وتلمس فرص إحداث تغيير بناء، كما يقدم معلومات هي نتاج بحث جاد ومفصل وسعي للاحاطة بجوانب تلك الأزمات، وتحليلات وآراء قائمة على جهد بحثي لمصادر موثوقة.
ويتناول الفصل الأول من الكتاب أزمة سوق المناخ:

فاجأت سوق الكويت للأوراق المالية الكثيرين؛ وحدث ذلك للمرة الأولى في أوائل السبعينيات ثم مرة أخرى في منتصف الثمانينيات. ففي أوائل الخمسينيات، بدأت الكويت تبزغ كوجهة مالية مختارة، وكانت تلك سنوات ذهبية، عندما ازدهرت أعمال النفط وبدأت برامج الأشغال العامة الرئيسية، وحينها كان المناخ المحيط ليبرالياً. وبحلول عام 1952، وقت أن تولى صاحب السمو الشيخ عبدالله الثالث آل سالم الصباح سدة الحكم، أصبحت الكويت أكبر مصدر للنفط. وفي العام ذاته، تأسست أول شركة مساهمة كويتية، كما تأسس بنك الكويت الوطني. وفي تلك الحقبة، أدرجت 40 شركة عامة في سوق الكويت للأوراق المالية والمعروفة باسم البورصة الرسمية، وكانت هناك سوق أخرى غير رسمية تُدعى سوق المناخ، وبلغ عدد الشركات المساهمة الكويتية غير المسجلة 46 شركة، كما كانت هناك 38 شركة أخرى غير كويتية أسست في دول الخليج الأخرى، ويجري تداول أسهمها في سوق المناخ الذي كان الأكثر شهرة. وكانت الشركات المدرجة في سوق المال الرسمي قد تأسست بموجب القانون التجاري الكويتي وتنظمها لجنة الأوراق المالية التي شكلتها وزارة التجارة، فيما كان تداول الأوراق المالية في سوق المناخ، الذي يمثل %80 من حجم التداول في السوق عموماً، لا يخضع للرقابة التنظيمية لتلك اللجنة. وكان للأزمة التي اجتاحت سوق المناخ تداعيات جسيمة على الكويت. وبدأت تلك التداعيات في عام 1973، يوم أن أعلنت الدول العربية حظر تصدير النفط، ما أدى إلى ارتفاع حاد في أسعار النفط الخام، وفي الأشهر الستة المنتهية في مارس 1974، تصاعدت أسعار النفط بنسبة %400 من 3 دولارات إلى 12 دولارا للبرميل. وجلبت تلك الزيادة عوائد نقدية غير مسبوقة إلى الكويت، وهو أمر منطقي لأن البلاد كانت واحدة من أكبر منتجي النفط في العالم، وبلغت الطاقة الإنتاجية حوالي مليوني برميل في اليوم، ما كان يدر دخلاً يتراوح بين 6 و24 مليون دولار في اليوم من عائدات النفط (من 2.2 مليار إلى 8.7 مليارات دولار أميركي سنوياً). وكان ذلك مكسباً غير متوقع بالنسبة للكويتيين، واستغلت الحكومة الأموال على نحو مثمر، وذلك من خلال استثماراتها في البنية التحتية، وغيّرت هذه الخطوة من طبيعة الاقتصاد وساعدت على خلق ثروة هائلة، ومن هنا ظهرت العلامات الأولى للمتاعب. ففي العالم أجمع، تشير سجلات التاريخ أنه عندما يمتلك الناس دخلاً متاحاً مرتفعاً، فإن هذا الدخل يجد بطريقة ما سبيلاً إلى سوق الأسهم، وهذا ما حدث في الكويت أيضاً.فقد شهدت سوق الكويت للأوراق المالية طفرة في فرص التمويل للمضاربة في السوق المالية، ما أدى إلى ارتفاع كبير في أسعار الأسهم الكويتية. وبالتالي أدى ذلك بدوره إلى ارتفاع الطلب على الأسهم. وساهم الارتفاع في مزيد من التفاؤل، وبدأ المستثمرون في دفع علاوة للسندات الصادرة حديثا ولم يكن هذا الارتفاع مفاجئا بالنظر إلى أن تاريخ العالم مليء بالأمثلة الموثقة عن أن الإقبال العام يتأثر كثيراً بالمشاعر والعواطف وتكون النهاية غير محمودة العواقب في أغلب الحالات. وسجل التاريخ أزمة شركة بحر الجنوب (1711 – 1720)، وأزمة شركة المسيسيبي (1719 – 1720)، وهوس التوليب الهولندي في القرن السابع عشر. حتى أن المرء يكاد يعتقد أن الجميع استفاد من تلك الدروس القاسية ولكن هيهات.

ففي أواخر عام 1976، شهد سوق الكويت للأوراق المالية تراجعاً كبيراً، حيث انخفض المؤشر السنوي بنسبة %18.7، من 235.2 إلى 191.8، وانخفض حجم التداول بنسبة مذهلة بلغت %66.

تدخل الحكومة 

تدخلت الحكومة الكويتية للسيطرة على الوضع، حيث بدأت بتعليق تأسيس شركات جديدة وتقييد الشركات القائمة من زيادة أسهمها. وكان هناك شعور بأن عمليات الطرح الأولية والاكتتابات العامة تؤثر على السيولة المحلية، مما يؤدي إلى انهيار السوق. كما قامت الحكومة بإنقاذ المستثمرين من خلال شراء الأسهم بسعر أقل مما أدى إلى خسائر فادحة. واشترت الحكومة الكويتية أسهماً بقيمة حوالي 150 مليون دينار كويتي بين يناير 1977 وإبريل 1978، فيما تضررت البنوك بشدة بعد إقراضها تجار الأسهم. وبعد ذلك قدم بنك الكويت المركزي تسهيلات لشراء الديون المتعثرة التي تكبدتها البنوك، وتعافت السوق بنهاية عام 1978، مع بقاء الأسواق الرسمية وغير الرسمية في وضع مستقر حتى بداية عام 1981.

خلال ذلك الوقت، منعت الحكومة دمج الشركات المساهمة الكويتية بين عامي 1977 و1979، مما جعل من الصعب على المستثمرين الانغماس في المضاربة في الأسواق المالية الرسمية. وفي سبتمبر 1980، قام العراق برئاسة صدام حسين بغزو إيران تحت رئاسة آية الله الخميني، وأدى اندلاع الحرب إلى ارتفاع أسعار النفط الخام، حيث وصل السعر إلى 40 دولاراً للبرميل بحلول عام 1981. وعندئذ تغيرت الكفة.

كان المستثمرون الكويتيون الذين لديهم مخزون ضخم من الثروة الناتجة عن عوائد النفط يبحثون عن فرص استثمارية بإمكانها أن تولد عوائد كبيرة. وكانت الأسواق الأميركية والأوروبية تواجه انتكاسات في ذلك الوقت، بينما كانت بورصة الكويت الرسمية منظمة بشكل صارم، الأمر الذي دفع المستثمرين الى البحث عن ساحة بديلة جذابة.

ومن دافع توجه ورغبة حكومة الكويت في إنقاذ المستثمرين خلال أزمة عام 1977، بدأ المستثمرون يتجاهلون المخاطر المرتبطة بالاستثمارات المضاربية، وبدأوا في الاستثمار في الأوراق المالية المدرجة في هذه السوق غير الرسمية. وكان هناك شعور إيجابي بأن سوق المناخ قد احتلت المرتبة الثالثة من حيث القيمة السوقية خلف بورصة نيويورك وبورصة اليابان!

وفي منتصف عام 1979، تمت إزالة الحظر الذي فُرض في منتصف عام 1977 على تأسيس شركات مساهمة كويتية، مما أدى إلى ارتفاع سريع في تأسيس الشركات المساهمة الكويتية والشركات الخليجية. وتم دمج 45 شركة خليجية جديدة و120 شركة مساهمة كويتية وفقا لبنك الكويت المركزي بين عامي 1979 و1982. هذا وقد كانت تلك الشركات الخليجية التي تم تأسيسها مملوكة لشركة كويتية ولكن تم تأسيسها في دول الخليج الأخرى، وكان العديد منها شركات خارجية أنشئت لغرض المضاربة، مما يعني أنها كانت خارج نطاق لوائح الكويت. وخلال سنوات الازدهار، خفضت الحكومة الحد الأقصى لمبلغ الاشتراك، مما أدى إلى قيام المستثمرين الصغار باستغلال الفرصة لدمج الشركات والاستفادة من الطفرة الحاصلة. وفي عام 1982، بلغ عدد الأسهم المتداولة في شركات سوق المناخ الخليجية 3.5 مليارات مقارنة بـ 837 مليون سهم فقط في سوق الكويت للأوراق المالية، كما تم تداول ما يقرب من ملياري سهم خلال الأشهر الثلاثة بين يونيو وأغسطس 1982. وبلغت القيمة السوقية للشركات الخليجية ملياري دينار في عام 1982 مقابل القيمة الاسمية التي بلغت 648 مليون دينار فقط. وفي ذلك الوقت، كان هناك حوالي 6000 شخص ومؤسسة يتاجرون في سوق المناخ، وكان من الشائع أن تتضاعف القيمة الجديدة في غضون أسابيع قليلة من الاكتتاب الأولي العام، حيث كانت الأسواق متجهة إلى الانهيار، وهذا بالضبط ما حدث.

تداول العقود الآجلة 

كان تداول العقود الآجلة هو صميم أزمة سوق المناخ، إذ كان تداولها غير رسمي قبل عام 1977. ووجد المتعاملون الذين اعتادوا التعامل في السلع والعقارات فرصاً جديدة في الأسهم. أما عن آلية ذلك؛ فقد كان البائع يبيع بسعر السوق إذ كان المشتري يدفع الثمن مباشرة نقداً، وهذا المبلغ يسمى السعر الفوري، وإذا قام المشتري بالدفع باستخدام شيك مؤجل، يضيف البائع فرق قيمة على السعر الفوري. وكان فرق قيمة التأمين المدفوع في المتوسط %60 من السعر الفوري. وفي بعض الأحيان، كان فرق القيمة يصل إلى %300، وكان المستثمرون مستعدون للدفع! وبمجرد تقديم الشيكات المؤجلة، يعتبر العقد مغلقاً. وقد حمى هذا الإغلاق سعر السهم من الناحية الفنية وحمى المشتري من الخسارة إذا تحركت أسعار الأسهم صعوداً والبائع من الخسارة إذا انخفضت الأسعار. وخلال فترة الازدهار، حصل حاملو الشيكات المؤجلة على تمويل من البنوك مقابل هذه الأدوات واستخدمت العائدات لشراء أسهم أخرى. وتأسست لجنة سوق الأوراق المالية في عام 1976 لتنظيم سوق العقود الآجلة بعد أزمة 1977 وحددت اللجنة متطلبات تنظيمية محددة لتنفيذ التجارة الآجلة هي:

– أولاً: جميع العقود الآجلة المتداولة كانت مسجلة في إدارة الأوراق المالية.

– ثانياً: فترة الاستحقاق القصوى المسموح بها 12 شهراً فقط.

– ثالثاً: يجب إيداع ما يعادل %10 من قيمة الشراء أو الفرق بين السعر الفوري وأسعار العقود المستقبلية أيهما أكبر.

– رابعاً: يحتفظ البائع بحق ملكية الأسهم خلال فترة العقد ما لم يدفع المشتري المبلغ الإجمالي.

وتبين أن القواعد الجديدة غير فعالة من دون وسيط مقاصة، حيث إنها تعني أن التجارة لم تكن مضمونة للأداء. وإذا تخلف أي من طرفي العقد عن سداد الديون، فسيكون الطرف الآخر عرضة للمساءلة. كما اعتبر الشيك أداة نقدية مستحقة الدفع عند التقديم بموجب القانون التجاري الكويتي.

وبالتالي استمر المستثمرون في التعامل مع البيع كمعاملة نقدية مع مدفوعات مؤجلة. ولم تكن الشيكات الآجلة موضع قلق كبير، حيث كان مستحقاً/متأخر السداد لأكثر من شهر. ويمكن على سبيل المثال تأجيل دفع الأسهم لمدة أقصاها 12 شهراً، وكانت الشيكات المؤجلة صالحة لمدة تصل إلى شهر واحد بعد انقضاء فترة 12 شهرا.ً وخلاف ذلك، يتم قبول الشيك نقدا وواجب النفاذ بموجب القانون في الوقت المحدد.

وبعد تعديل القانون في عام 1981، كان من اللازم توقيع العقد من قبل وسيط، وكذلك أن يكون مسجلاً في السوق المالية، وقد كفل الوكلاء تسليم المشتري الشيك وتقديم البائع للحصة.

وأعطت عملية تسجيل العقد للمشترين والبائعين الحماية اللازمة بموجب القانون، وأدت إلى زيادة كبيرة في تداول العقود الآجلة في سوق الأسهم الصاعدة. ومع ذلك، فقد أدى ذلك أيضاً إلى تعريض الوكيل لأوضاع مفتوحة وغير متوازنة. ولم يكن هناك وسيط لمراقبة متطلبات الإيداع البالغة %10 خلال فترة العقد، ولضمان نقل الملكية في نهاية مدة العقد. وبالتالي تم نقل الملكية في وقت البيع نفسه. وظل دور سوق المال مقصوراً على تسجيل العقد، ولم يكن له دور في تنظيم آلية المقاصة. وينطبق الحد الأدنى من التنظيم المنطبق في ذلك الوقت على الصفقات المتعلقة بالسوق المالية الرسمية. واستمر العمل في سوق الأوراق المالية المتوازي المستشري غير المنظم بشكل كامل. وبالتالي، تشكلت الفقاعة.

انفجار الأزمة

انخفض مؤشر سوق المناخ من 240 نقطة في مارس 1982 إلى 110 نقاط في أغسطس من العام ذاته؛ أي تدهور يتجاوز نسبة %50 في غضون ستة أشهر، مما أدى إلى خسارة سنوية بنسبة %100. وبحلول أغسطس، عجزت واحدة من أكبر الشركات التجارية، البالغ عددها 18 شركة، عن سداد ديونها، وانفجرت فقاعة المناخ أخيراً. وأصبح بيع الأسهم صعباً، حيث انهار حجم التداولات من 602 مليون سهم في الشهر السابق إلى 72 مليوناً. وكان هناك بالفعل عدد كبير من البائعين، لكن على الجانب الآخر عدد قليل جداً من المشترين. وعلى الرغم من عدم تأثر سوق الكويت للأوراق المالية في البداية، لكنها مع انهيار سوق المناخ انخفضت بنسبة %6.5 فقط بين مارس 1982 وأغسطس 1982، لينخفض مؤشر كل الأسهم بنسبة %53 من 509.4 في نهاية عام 1982 إلى 238.6 في عام 1984. وكان ذلك نموذجاً عملياً لما يسمى «تأثير الدومينو». فيما كان عدم تأثر سوق الكويت للأوراق المالية في البداية نتاج برنامج الحكومة لشراء الأسهم.

وخسرت الأوراق المالية المتداولة في سوق المناخ ما بين 60 إلى 90 في المئة من أفضل قيمة لها. وفي سبتمبر 1982، بلغت التقديرات للشيكات المعلقة المؤجلة 94 مليار دولار أميركي منها 78 مليار دولار (%83) كانت مرتبطة بمعاملات في أسهم الخليج والشركات المساهمة الكويتية. واشتمل ما يقرب من %95 من إجمالي الديون المستحقة على 18 متداولا فقط، وبلغت حالات الإفلاس خلال الأيام الأولى 350 حالة.

وقد أثر انهيار سوق المناخ على شريحة كبيرة من الكويتيين، وأحدث أزمة على الصعيد الوطني تداعت آثارها إقليميا ودوليا. وقام القطاع المصرفي بتوسيع نطاق إصدار الائتمان المحلي في عام 1982، بمعدل ضعفين تقريباً مقارنة بالسنة السابقة. وقام المتداولون في سوق المناخ بإصدار شيكات تغطيها البنوك الكويتية. ونظراً لعدم وجود وسيط مقاصة، تراكمت تلك الشيكات. وكانت صعوبات توفير وسيط تتمثل في ما يلي:

 أولاً – نشأت الشيكات من معاملات غير قانونية.

 ثانياً – كانت الشيكات ضد شركات تم تأسيسها خارج الولاية القضائية لدولة الكويت.

ثالثاً – لم تصدر الشيكات تحت إشراف هيئة تنظيمية.

استجابة الحكومة

للحد من تداعيات أزمة المناخ وتجنب أزمة السيولة، اتخذت الحكومة الكويتية بعض التدابير، وكان من بينها تولي  شركة الاستشارات المالية الدولية دور وكيل المقاصة، بهدف جمع ومطابقة وتحقق وتنظيم الحسابات المالية للأفراد والسماسرة في عام 1981. كما تم إنشاء صندوق بقيمة 1.7 مليار دولار أميركي لتعويض المستثمرين عن الخسائر الأقل من 1.7 مليون دولار. وانتهت هيئة التحكيم من استكمال التسويات التي تم التوصل إليها طواعية بين المتداولين. وأنشأت الحكومة مؤسسة لتسوية معاملات الشركات المرحلة في إبريل 1983، لتصميم وتنفيذ السياسات ووضع حد للأزمة. كما أنشأت مجموعة عمل يترأسها وزير المالية لحل أزمة المناخ، إذ حاولت الحكومة في البداية حل هذه الفوضى من خلال إلزام المتداولين قانونيا بالوفاء بوعودهم وسداد دينهم بالكامل لجميع الدائنين. ومع ذلك، كان العديد من المتداولين معسرين ولم يستطيعوا الوفاء بالتزاماتهم المتعلقة بالديون. وعلاوة على ذلك، لم تسفر تلك الإجراءات عن استعادة الثقة في الاقتصاد، كما كان من المستحيل تتبع المواقف الصحيحة للمتداولين بسبب تشابك المصالح فيما بينهم.

وفي 20 ابريل 1983، أنشأت وزارة المالية هيئة تسوية المعاملات المستقبلية للتعامل مع إجراءات التسوية والتصفية والإفلاس. كما تم منح الهيئة صلاحية تسوية المطالبات ودياً والمصرح لها بإصدار سندات قابلة للتداول وقابلة للتحويل مقابل الأصول مما ساعد على عملية السداد للمدينين الآخرين.

وكانت الأصول الثلاثة التي يحتفظ بها المدينون هي النقدية والأصول السائلة الأخرى والعقارات وأسهم الشركات المساهمة الكويتية وأسهم الشركات الخليجية والشركات المساهمة الكويتية المغلقة. وأصدرت المنظمة ثلاثة أنواع من السندات تبعا لنوع الأصول التي يملكها المدينون. وتم سداد المدفوعات للدائنين وعندها تمت تصفية الأصول في إطار برنامج الشراء أو إعادة الهيكلة الحكومية.

وفي أغسطس 1983، صدر قانون جديد يتضمن عددا من التغيرات المهمة. ونص على أن جميع الديون المتعلقة بالأسهم المتقدمة تكون مستحقة في تاريخ نفاذ القانون وأن سعر الفائدة القصوى أو فرق القيمة يكون %25، وبوسع المتداولين الإصرار على تصفية المطالبات تجاه متداولين آخرين.

وكان للبندين الأول والثاني تأثير في الوضع المالي للمتداولين، وذلك اعتماداً على تواريخ الاستحقاق وموقف أصولهم والتزاماتهم. وبعد تنفيذ القانون الجديد، تحولت حسابات بعض المتداولين من الفائض إلى العجز. وعلاوة على ذلك، فإن المدينين الذين قاموا بتسويات مع الدائنين بموجب القانون القديم وجدوا أن قيمة مستحقاتهم انخفضت.

الاستجابة عبر إصلاح سوق الأسهم

تأسست سوق الكويت للأوراق المالية كسلطةٍ مستقلة يترأسها وزير التجارة في أغسطس 1984. وتولت مسؤولية تنظيم إجراءات التداول وتسجيل الوسطاء وتطوير السوق والإشراف عليها. وكانت الأساس لأنظمة السوق والبنية القانونية للمقاصة والتسوية.
كما تأسست لجنتان لهما سلطة كاملة للفصل في النزاعات واتخاذ إجراءات تأديبية مثل التحذيرات واستدعاء الضمانات ووقف تداول الأسهم وشطب العضوية. ويمكن تداول الأسهم والسندات الكويتية والأجنبية وغيرها من الأدوات المالية المرخصة من قبل لجنة السوق المالية هذه. وقد طُلب من جميع الشركات تقديم بيانات مالية منتظمة إلى السوق المالية.
وفي عام 1986، كلفت سوق الكويت للأوراق المالية شركة المقاصة الكويتية بمهام وكيل المقاصة والتسوية لجميع أنواع التداول في السوق. وفي العام نفسه، وبالتشاور مع سوق الكويت للأوراق المالية، قامت شركة المقاصة الكويتية بصياغة وتطبيق الآليات والإجراءات اللازمة لعمليات المقاصة والتسوية.
وبحلول عام 1986، خفت حدة التراجع إلى حد ما. ومع ذلك، كان للأزمة تداعيات قوية على السوق، حيث فقد الكثيرون ثرواتهم وتبددت سمعة كبار اللاعبين في السوق، بينما اعتبر آخرون أن خطة إنقاذ المال تلك ستبقى وصمة عار في تاريخهم التجاري وأخذوها على محمل شخصي.



Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى