أخبار عاجلة

تداعيات ونتائج العملية الإرهابية في | جريدة الأنباء


الأحداث تجاوزت «الموازنة» التي هبطت فجأة في ترتيب الأولويات.

لم تعد الأزمة الاقتصادية رغم حدتها هي محور الاهتمام ومبعث القلق.

تقدمت عليها الأحداث والتوترات السياسية بعد انتكاسة قوية حصلت بين التيارين: الوطني الحر والمستقبل، وأيضا بين حزب الله والرئيس سعد الحريري، مع ما لهذه التوترات من أثر على ما تبقى من عملية إقرار الموازنة، وعلى مسار عمل الحكومة، انطلاقا من «معركة التعيينات».. وتقدم على الموازنة والأزمة الاقتصادية أيضا الوضع الأمني الذي تعرض لخرق وحادث خطير في طرابلس.

وبعدما كان الأمن يشكل نقطة القوة الأساسية في الوضع اللبناني، فإنه أصيب بانتكاسة مقلقة، وإن جاءت محدودة، خصوصا أنها جاءت في توقيت لبناني حساس، وحيث يقف لبنان على أبواب موسم صيف واعد سياحيا، ولكنه بات واقعا من الآن تحت تأثير توترات وخلافات سياسية وطائفية، وتحت هاجس العمليات والحوادث الإرهابية والأمنية التي عادت تطل برأسها من جديد بعد طول غياب.

أهمية ما حدث في طرابلس ليلة عيد الفطر (مهاجمة مسلح اسمه عبدالرحمن مبسوط نقاطا وآليات أمنية عسكرية، ما أدى الى استشهاد ضابط وعنصر من الجيش اللبناني، وعنصرين من قوى الأمن الداخلي) تكمن في النقاط التالية:

1- الصلة الخارجية لحادثة طرابلس بموضوع «داعش» في المنطقة والعالم بعد اندحاره في سورية والعراق.. فهذا التنظيم الإرهابي انتهى عسكريا كتنظيم متماسك ومنتشر في بقعة جغرافية محددة، ولكنه مازال موجودا كمشروع وكفكر عقائدي تكفيري وتحول الى ما يشبه «تنظيما لا مركزيا»، وترك لأعضائه المنتشرين في كل العالم حرية التحرك وشجعهم على القيام بعمليات خاصة عبر «خلايا ومجموعات نائمة»، أو عبر أشخاص غير مرتبطين بمجموعات ويسمون «الذئاب المنفردة».. مثل الشخص الذي نفذ العملية في طرابلس.

خطر «داعش» تعاظم في الفترة الأخيرة وحصلت عمليات في أوروبا وفي أفريقيا (نيجيريا ومالي وتشاد)، وبرز الهجوم الدامي في سريلانكا.

وفي الدول العربية حصلت هجمات في مصر وأعلن في المغرب عن تفكيك خلية داعشية خطرة قبل أيام. أما في لبنان الذي نجح في دحر «داعش» صيف العام 2017، فإنه يواجه منذ أشهر خصوصا مع تجدد الحرب في شمال سورية خطر عودة أو تسلل فلول «داعش» من سورية عبر حدوده وممرات غير شرعية أو عبر مساعدة أشخاص وخلايا في لبنان، خصوصا أن هناك لبنانيين قاتلوا في صفوف «داعش» وانتقلوا الى سورية عبر تركيا، ومنهم منفذ عملية طرابلس، ولم يتجاوز عددهم في كل سنوات الحرب السورية رقم الـ1000عنصر.. وتلقى لبنان معلومات من مصادر غربية تحذر من إمكانية تسلل أفراد أو مجموعات من «داعش»، سواء من الداخل السوري أو آتية من منطقة الحدود السورية ـ العراقية الى الداخل اللبناني، باعتبار أن لبنان هو أكثر البلدان المجاورة عرضة لعمليات التهريب على أنواعها على حدود تقارب الـ 200 كلم.

واستنادا الى كل هذه المعطيات، رفعت الأجهزة الأمنية في لبنان درجة استنفارها وجهوزيتها في الأشهر الأخيرة ونجحت في نهاية العام الماضي من اكتشاف وتفكيك مخطط إرهابي لمجموعة «داعشية كانت على أهبة تنفيذ عمليات في فترة الأعياد.

2- عملية «المبسوط» في طرابلس هي الأولى في لبنان منذ العام 2016، أي منذ انتهاء موجة العمليات الإرهابية في لبنان وبعد تحرير جرود السلسلة الشرقية من تنظيم «داعش».

وحصلت هذه العملية بعد أسابيع من التنبيه الذي أطلقه السيد حسن نصرالله الى وجود خطر وإمكانية عودة «داعش» الى لبنان.. ولم تمر هذه الحادثة من دون «سجالات» أمنية سياسية.

فهناك من اعتبر أن الإرهابي مبسوط هو ذئب منفرد ولا ينتمي الى مجموعة منظمة، ومن اعتبر أن التفاصيل اللوجستية المرتبطة بالعملية تجعل فرضية الانتماء الى خلية «داعشية نائمة» أقرب الى المنطق والواقع من فرضية «الذئب المنفرد».

وفيما تحدثت وزيرة الداخلية ريا الحسن والمدير العام لقوى الأمن الداخلي اللواء عماد عثمان عن «اضطراب نفسي» لدى مبسوط ربما شكل دافعا لديه لارتكاب جريمته.. اعتبرت أوساط سياسية وأمنية أن مثل هذا الكلام فيه شيء من التسرع وجهل بالوقائع، خصوصا أن السجل الإرهابي الإجرامي والدوافع الأيديولوجية للإرهابي لم تكن خافية على أحد، ومثل هذا الكلام «التبريري» مفهوم ويعد نوعا من الهروب الى الأمام… فما جرى في طرابلس أصاب معنويا وزيرة الداخلية التي تمثل طرابلس في الحكومة، والتي واجهت من عاصمة الشمال أول تحد وامتحان جدي.

3- حادثة طرابلس تؤثر مباشرة على ملفين أو موضوعين:

٭ موضوع قانون العفو العام، وملف الموقوفين الإسلاميين، بعد مطالبة عدد من النواب والقياديين السياسيين بالتشدد في محاكمتهم مقابل دعوة أهاليهم لتسريع البت بقضاياهم والعفو العام عنهم.

وكان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أكد أكثر من مرة أنه لن يوقع أي قانون عفو عمن أدين أو سيدان بقتل عسكريين.

واعتبر عضو تكتل «لبنان القوي» النائب شامل روكز أن ما حصل أخيرا في طرابلس يتوجب أن يحرك ملف الموقوفين الإسلاميين، لا أن يدفعه مجددا إلى الأدراج، مشددا على رفض مفهوم العفو العام ككل، لافتا إلى أنه لا يجب أن يكون موجودا أصلا، فالبريء يجب أن يكون خارج السجن أما المرتكب فيتوجب أن ينال جزاءه.

٭ موضوع الموازنة.. وتحديدا ما يتصل بالتدبير رقم 3 وتعويضات ومخصصات العسكريين.

فقد بات من الصعب بعد اليوم المضي قدما في هذا الملف، ليس فقط بسبب ما حدث في طرابلس وما أظهره من خطر أمني وإرهابي كامن من جهة، ومن تضحيات وشهادات العسكريين من جهة ثانية، وإنما أيضا بفعل الموقف الحازم الذي أعلنه قائد الجيش العماد جوزف عون قبل أيام… قائد الجيش كان أول الواصلين الى طرابلس التي دخلها من باب مفتي طرابلس مالك الشعار عاملا على تفقد جهوزية الجيش ومعنوياته، وعلى حصر تداعيات الحادثة وإبعادها عن أي أشكال طائفية وسياسية.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى