كيف استغل “طبيب المال” المسيح في سرقة أتباعه
[ad_1]
- بيرند ديبوسمان جونيور
- بي بي سي نيوز
كان ويليام نيل غالاغر معروفا لدى مستمعيه باسم “طبيب المال”، فهو مرشد مالي ساحر أعلن عن خدماته في الإذاعة المسيحية التي تبث في جميع أنحاء ولايات “حزام الكتاب المقدس” الأمريكي المحافظ الذي يمتد عبر شمال تكساس.
وغالبا ما اختتم إعلاناته بشعار مألوف: “أراك في الكنيسة الأحد”.
ويقول أحد الرواة في مقطع فيديو على موقع التواصل الاجتماعي يوتيوب: “إن الدكتور نيل غالاغر هو أمريكي حقيقي يتمتع بالنزاهة، وشغف حياته هو مساعدة الناس على التقاعد المبكر بأمان وسعادة”.
ويستمر مقطع الفيديو الذي تبلغ مدته 3 دقائق في تمجيد فوائد “أسلوب البصيرة” للرجل الثمانيني، مدعيا أنه قد أرشد أكثر من ألف شخص إلى الاستقلال المالي من خلال شركته، غالاغر فايننشيال غروب، كما نشر أيضا كتاب “يسوع المسيح، سيد المال”.
في الواقع، كان غالاغر محتالا جمع 32 مليون دولار من خلال برنامج بونزي الذي استهدف في الغالب الضحايا المتقاعدين الذين تتراوح أعمارهم بين 62 و 91 عاما.
وفي برنامج بونزي، حقق المستثمرون الأوائل “عوائد” من خلال أخذ الأموال من المستثمرين اللاحقين، الذين غالبا ما وُعدوا بأرباح كبيرة مع القليل من المخاطر.
وتعتمد هذه البرامج على التدفق المستمر للمُنضمين الجدد الذين يمنحون الأموال لأولئك الذين استثمروا بالفعل من أجل الاستمرار، وعندما لا يحدث ذلك، تنهار عملية الاحتيال.
ووفقا لوثائق المحكمة، مارس غالاغر الاحتيال من خلال برنامج بونزي منذ عام 2013 على الأقل.
وقد أصدرت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية في مارس/آذار من عام 2019 أمرا بإغلاق شركتيه، غالاغر فايننشيال غروب ودابليو نيل غالاغر بي إتش دي، وفي الشهر الماضي، حكم عليه قاض في مقاطعة تارانت بولاية تكساس بثلاثة أحكام بالسجن مدى الحياة بالإضافة إلى حكم بالسجن لمدة 25 عاما كان قد صدر بحقه بالفعل في دالاس في مارس/آذار من عام 2020.
وكان غالاغر قد وعد ضحاياه بعائدات تتراوح بين 5 و 8 في المئة من استثماراتهم سنويا.
ولكنهم لم يتلقوا شيئا حيث أنفق غالاغر معظم الأموال على النفقات الشخصية ونفقات الشركة وتسديد المدفوعات للمستثمرين الأوائل. ولإخفاء الاحتيال، قدم أيضا كشوف حساب مزيفة تظهر أرصدة غير حقيقية.
ولم تتمكن بي بي سي من الوصول إلى محامي غالاغر للتعليق.
وبينما حظيت عملية احتيال غالاغر باهتمام وسائل الإعلام الوطنية، كانت أساليبه بعيدة كل البعد عن كونها جديدة.
فقد تمت تسمية برنامج بونزي على اسم محتال سيئ السمعة من عشرينيات القرن الماضي، لكن يعود هذا الشكل من عمليات الاحتيال إلى منتصف القرن التاسع عشر على الأقل.
وقد حظي الوسيط الذي استخدمه غالاغر لإغراء الضحايا، وهي الإذاعة المسيحية، بشعبية لعقود من الزمن، وظلت تلك الإذاعة تتمتع بالشعبية حتى في مواجهة المنافسة الشديدة من الأشكال الأحدث من وسائل الإعلام.
ويسلط ضحايا غالاغر البالغ عددهم حوالي 200 ضحية الضوء على مسألة الاحتيال بشكله القديم، وهي جريمة يعتقد مكتب التحقيقات الفيدرالي أنها تتزايد، وتكلف مليارات الدولارات كل عام.
ومن بين الأشخاص الذين احتال عليهم غالاغر امرأة في السبعينيات من عمرها تعاني من سرطان الغدد الليمفاوية استثمرت أكثر من نصف مليون دولار، وعامل نظافة، بالإضافة إلى ضباط شرطة محليين عاملين ومتقاعدين.
وقد أُجبر العديد من الضحايا على بيع منازلهم أو الاقتراض من أبنائهم أو العودة إلى العمل بعد التقاعد.
وقالت لوري فارنيل، رئيسة فريق مكافحة النصب على كبار السن التابع للمدعي بمقاطعة تارانت، لبي بي سي إن هذه كانت أسوأ حالة احتيال تعرض لها كبار السن شاهدتها في حياتها المهنية.
وأضافت فارنيل قائلة: “هؤلاء أفراد عملوا طوال حياتهم لتوفير هذه الأموال، لقد كانت مسألة شخصية، لقد دُمروا..لم يكن المال فقط، بل الخيانة أيضا”.
وللوصول إلى ضحاياه، روّج غالاغر لخدمات شركته في الكنائس ومن خلال الإذاعة المسيحية، وهو مصطلح شامل يشمل آلاف المحطات في جميع أنحاء البلاد التي تبث برامج مسيحية، من الخطب والبرامج الحوارية إلى الموسيقى والأخبار.
ويعود تاريخ البث الإذاعي المسيحي إلى عام 1920، وهو العام الذي تم فيه بث الإذاعة التجارية لأول مرة، ولا تزال الإذاعة المسيحية تحظى بشعبية كبيرة في الولايات المتحدة.
وبحسب مكتب الإعلان الإذاعي، وهو مجموعة صناعية، فإن الإذاعة المسيحية تحظى بأكثر من 20 مليون مستمع كل أسبوع.
وقالت فارنيل إنها لم تتفاجأ من استخدام غالاغر للإذاعة المسيحية لخداع ضحاياه.
وأضافت قائلة: “هناك مستوى عال من الثقة داخل المجتمع المسيحي خاصة هنا في منطقة حزام الكتاب المقدس، فبمجرد أن تبدأ في التحدث باللغة المسيحية، واستخدام كلماته وعباراته، ستكون هذه إشارة إلى المسيحيين الآخرين بأنك مسيحي”.
وتابعت فارنيل قائلة إنه بمجرد أن يخلق غالاغر شعورا بالثقة لدى ضحاياه، فمن غير المرجح أن “يولوا نفس القدر من الاهتمام لتفاصيل” ما يحدث.
وقال ديفيد فليك، المدعي العام السابق في لوس أنجلوس، إن هذا التكتيك هو مثال رئيسي على “الاحتيال من خلال التقارب”، ففي هذه البرامج، يستهدف المحتالون أعضاء مجموعة محددة تتراوح بين الطوائف الدينية أو العرقية أو مهن معينة.
وفي كثير من الحالات، يستخدمون أعضاء المجموعة للمساعدة، عن غير قصد، في الإعلان عن عملية الاحتيال على الآخرين والمساعدة في إقناع الناس بصحتها.
ويتذكر فليك حادثة قام فيها بمقاضاة رجل كان عضوا في ست كنائس مختلفة، وبعد كسب ثقة أعضاء تلك الكنائس، سرق الرجل هويات 25 شخصا مختلفا منهم واشترى منازل بأسمائهم، ثم جمع النقود من المستأجرين.
وفي مثال آخر، تم القبض على رجل من كاليفورنيا في عام 2017 بتهمة الاحتيال على أكثر من 200 مهاجر أرمني بقيمة 19 مليون دولار من خلال الوعد باستثمار أموالهم في أسهم التكنولوجيا المربحة.
وقال فليك: “يمكنك أن ترى مثل هذا المحتال بين جميع المجموعات الثقافية والمغتربين من جميع البلدان حيث يتغلغل الاحتيال من خلال التقارب الذي يسمح بجميع الاعيب الخداع ذلك أنه يجعل الأمر أسهل بكثير بالنسبة للفنان المخادع”.
ويقول المسؤولون إن كبار السن هم فئة ضعيفة بشكل خاص. ووفقا لمكتب التحقيقات الفيدرالي فإن ملايين الأمريكيين المسنين يقعون ضحايا للاحتيال كل عام ويتكبدون أكثر من 3 مليارات دولار من الخسائر سنويا.
وقال جيفري كريمر، وهو مدع فيدرالي سابق، إنه غالبا ما يكون كبار السن أهدافا مربحة للمحتالين الذين يفترضون أن لديهم مدخرات وفيرة.
وأوضح كريمر: “بالنسبة للجزء الأكبر، فإن لديهم أموالا أكثر لأنهم عملوا لفترة أطول، ومن المحتمل أن يكونوا قد أتموا تسديد ثمن منازلهم ولديهم مدخرات تقاعد، فلا معنى لمحاولة خداع شاب يبلغ من العمر 20 عاما، فقد يكون لدى شخص في الستينيات أو السبعينيات من العمر استثمارات متعددة ومنزل يساوي خمسة أضعاف ما دفعه مقابله”.
ورددت فارنيل تقييم كريمر. وقالت إنه في حالة غالاغر استغل أيضاً “الاختلافات بين الأجيال” بين ضحاياه ، بالإضافة إلى إيمانهم.
وقالت: “هؤلاء أناس يعتقدون أنه عندما يصافحك رجل وينظر في عينيك فذلك أمر جيد، لقد نشأوا على تصديق الناس، فأنت لا تكذب لأن ذلك ضد الوصايا العشر”.
ويعتقد خبراء الاحتيال أنه يتم الإبلاغ عن جزء بسيط فقط من جميع الحالات. وفي الحالات التي تذهب إلى المحكمة، فإنه من غير المرجح أن يرى الضحايا أموالهم، إذ غالبا ما ينفق المحتال الأموال بسرعة بمجرد تلقيها ويستخدمها لمواصلة الدفع للاحتيال أو محاولة إخفاء تلك الأموال في حسابات خارجية.
وفي قضية غالاغر، لم يتمكن حارس قضائي عينته المحكمة إلا من استرداد ما يقرب من 14 سنتا من كل دولار حصل عليه غالاغر الذي كان قد أنفق الكثير من المال بينما تم غسيل الباقي وما زال مصيره مجهولا.
وفي حين أن التكاليف المالية لعمليات الاحتيال يمكن أن تكون مدمرة للضحايا وعائلاتهم، فإن التأثير الحقيقي غالبا ما يكون أعمق.
وقال كريمر: “إن الأمر يسفر عن أضرار عاطفية ونفسية أيضا، فمن المحرج أن تعمل 20 أو 30 أو40 عاما وينتهي بك الحال دون مدخرات”.
وتحدث العديد من ضحايا غالاغر في المحكمة عن تلك الخسائر النفسية، ومن بينهم سوزان بيبي، البالغة من العمر 74 عاما، التي فقدت مع زوجها مئات الآلاف من الدولارات بسبب ذلك البرنامج.
وقالت سوزان بيبي في بيان أصدرته النيابة العامة في مقاطعة تارانت: “لم أعد أثق بأحد إلا الرب وعائلتي”.
ومن جانبها، قالت فارنيل إنه من غير المرجح أن تختفي هذه الأنواع من عمليات الاحتيال، مشيرة إلى “الهجوم المنسق” للمحتالين، وكثيرون منهم في الخارج، حيث يسرقون أموال تقاعد الأمريكيين بمعدل “الملايين كل يوم”.
ويجب أن يكون كبار السن وأسرهم على اطلاع بالمؤشرات التي تتطلب الحذر.
وأوضحت فارنيل قائلة: “إذا قلت أنك مسيحي، واقترب منك شخص ما في العالم المسيحي، فيجب أن تكون أكثر ريبة، فلا تكن أقل ريبة لو كنت يهوديا أو مسلما أو أيا كان، فإذا اقترب شخص ما منك لأسباب دينية فيجب أن تكون مرتابا للغاية”.
ومن جانبه، قال كريمر إنه من المرجح أن تصبح عمليات الاحتيال على أساس التقارب أكثر شيوعا مع تقدم الأجيال الأصغر سنا، والأكثر ذكاء في التكنولوجيا ودراية بوسائل التواصل الاجتماعي، في العمر.
ففي هذه الحالة يمكن أن يصل المحتال إلى جمهور أكبر بكثير لكنه يختبئ وراء حساب ويختفي في الأثير.
[ad_2]
Source link