هل تحمي تطبيقات التتبع أطفالنا من المخاطر أم تخرق خصوصيتهم؟
[ad_1]
- آنا جونز
- بي بي سي
تنمو تطبيقات تتبع الأطفال وتتطور بمرور الوقت، وتساعد الآباء في معرفة ما يفعله الأبناء، لكن هل لها تداعيات سلبية على العلاقة بين أفراد الأسرة؟
كانت إيلين سبيكتور حريصة على معرفة ما إذا كان ابنها قد عاد بأمان إلى مسكنه الجامعي في تكساس، بعد زيارة منزل العائلة مؤخرًا. لكن بدلاً من انتظار اتصال أو رسالة نصية منه، كانت الأم، التي تقيم في مدينة بالتيمور الأمريكية، تواصل أنشطتها اليومية وتنتظر رسالة صوتية مطمئنة من هاتفها.
ويعود السبب في هذا إلى أن سبيكتور وأفراد عائلتها بالكامل، كما هو الحال مع 32 مليون شخص حول العالم، قد ثبتوا تطبيق “لايف360” على هواتفهم.
ويراقب التطبيق أماكن وجود أطفالها الثلاثة، وهو ما يتيح لها معرفة متى يكونون في حالة تنقل، ومتى يكونون بأمان في المنزل، وما إذا كانوا في مكان لا ينبغي الذهاب إليه، بالإضافة إلى مجموعة كاملة من البيانات الأخرى.
تقول سبيكتور، التي تعمل محامية في مجال براءات الاختراع: “على سبيل المثال، يرن التطبيق قائلا إنهم ذهبوا إلى المدرسة، أو إنهم عادوا إلى المنزل”. وتضيف: “إنها مجرد وسيلة بالنسبة لنا كعائلة لكي نعرف أين يوجد الجميع”.
وتستخدم الأسرة هذا التطبيق منذ سنوات. وتقول سبيكتور إن أطفالها الصغار يميلون إلى إيقاف تشغيل مواقعهم في بعض الأحيان، لكن ابنها الأكبر دائمًا ما يشعر بالراحة حيال استخدام التطبيق.
وعلى الرغم من أن ابنها يبلغ من العمر الآن 18 عامًا ويعيش معها داخل الدولة، فإنها تعترف بأن فكرة إزالته للتطبيق وتلك الرسائل الصوتية المطمئنة “تجعلني أشعر بالتوتر”.
وتقول: “لا أريد أن أكون أما تراقب جميع تصرفات أبنائها، لكننا نستخدم هذا التطبيق منذ فترة، وهناك جزء مني يرفض التخلي عنه تماما. أنا أحب فكرة أنه بأمان، ولست بحاجة إلى مضايقته”.
وقد انتشرت تطبيقات تتبع أفراد الأسرة بشكل كبير خلال العقد الماضي أو نحو ذلك. من المؤكد أن غريزة الآباء الطبيعية لحماية أطفالهم كانت سببا أساسيا في نمو مثل هذه التطبيقات، لكن هذه التطبيقات تواصل الازدهار لأن العديد من الآباء يشعرون أن العالم – سواء على الإنترنت أو في الواقع – قد أصبح خطيرا بشكل متزايد.
ومع ذلك، يقول خبراء إن الآباء الذين يرغبون في استخدام مثل هذه التطبيقات يجب أن يفكروا مليًا في الطريقة التي سيفعلون بها ذلك، وكيف سيتحدثون مع أطفالهم عنها.
لقد أصبحت التطبيقات أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، من حيث البيانات التي تجمعها، وهو ما يثير تساؤلات حول الأمان الشخصي. كما أن الأطفال الذين نشأوا وهم يخضعون لمراقبة التطبيقات يصلون الآن إلى سن الرشد، وهو الأمر الذي يضع الوالدين في مأزق فيما يتعلق بتوقيت إيقاف مثل هذه التطبيقات.
وبينما يهيمن “لايف360” على سوق تطبيقات تتبع الأسرة – هو حاليًا سادس أكثر تطبيقات الوسائط الاجتماعية تنزيلًا على متجر تطبيقات “آي أو إس” في كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة – هناك مجموعة واسعة من البرامج المتاحة الأخرى، والتي تقدم كلها للآباء درجات متفاوتة من المراقبة.
تقول جيسلين بومبوزا، رئيسة القسم الرقمي في شركة “إنترنت ماترز” التي تتخذ من المملكة المتحدة مقراً لها والتي تقدم المشورة للآباء بشأن أمان الإنترنت، إن هناك نوعين أساسيين من خيارات التتبع، مشيرة إلى أن الاختيار بين الاثنين “يعتمد على نوع التربية التي تسلكها مع أبنائك، من حيث مدى رغبتك في مراقبة طفلك عن كثب”.
ويتمثل الخيار الأبسط في تطبيقات تتبع الموقع، والتي تأتي مثبتة على هواتف مثل تطبيق “فايند ماي فريندز” (العثور على أصدقائي) على أجهزة “آي أو إس”، أو “غوغل فاميلي” على أندرويد. وهناك أيضًا تطبيقات تمكن المستخدمين من جمع مجموعة غير محدودة على ما يبدو من البيانات من الهواتف المتصلة.
ويتضمن هذا ميزات مثل النطاق الجغرافي، بحيث يرسل التطبيق تنبيها عندما يدخل الهاتف منطقة معينة أو يخرج منها. وبالنسبة للآباء الذين لديهم أبناء مراهقين يقودون سيارات، هناك أيضًا مزايا لمراقبة السرعة واكتشاف الأعطال – وهو أمر تقول سبيكتور إنها وجدته مفيدًا بشكل خاص.
وفي الطرف الأكثر تطرفًا في السوق، تسمح تطبيقات مثل “فايند ماي كيدز” (العثور على أبنائي) للوالدين بتشغيل الميكروفون الموجود في هاتف أطفالهم عن بُعد، بل وحتى تسجيل الصوت. بينما يفتخر تطبيق “تينسيف” بوجود “وضع التخفي” الذي، كما تقول الشركة، يعني أن الطفل “لن يكتشف أبدًا أن والديه يتتبعانه”.
وبالإضافة إلى التتبع المادي، يمكن للتطبيقات أيضًا إدارة الحياة الرقمية للطفل، سواء كان ذلك يتعلق بما ينفقونه عبر الإنترنت، أو كيف يستخدمون وحدات التحكم في الألعاب، عندما يستخدمونها، حسب بومبوزا.
وهناك تطبيقات مثل “أورباكت” تسمح للآباء بمشاهدة لقطات من شاشة الهاتف للتفاعلات التي يجريها أطفالهم عبر الإنترنت، بينما يعمل تطبيق “بارك” على فحص رسائل الأطفال فعليا وتنبيه الوالدين بـ “التفاعلات المثيرة للقلق”.
وعلى الرغم من أن بومبوزا لا تعتقد أن جميع الآباء يستخدمون الآن مثل هذه التطبيقات، إلا أنها تقول إن انتشارها ومقدار الاستثمار فيها يدلان بالتأكيد على ارتفاع الطلب عليها. ووجدت دراسة استقصائية أجريت عام 2019 للآباء وأولياء الأمور في المملكة المتحدة أن 40 في المئة منهم يستخدمون شكلا من أشكال تتبع نظام تحديد المواقع العالمي (جي بي إس) بشكل يومي.
أما الأعمال التجارية لهذه التطبيقات فهي كبيرة للغاية، إذا جرى تقييم شركة “لايف360” وحدها بأكثر من مليار دولار، وتعمل في أكثر من 140 دولة.
ورغم أن العديد من التطبيقات لديها خيارات مجانية، فإن معظمها يوفر أيضًا خيارات أخرى للحصول على ميزات إضافية أو للربط بين عدد أكبر من الأجهزة. على سبيل المثال، يبدأ الاشتراك في تطبيق “سيركل”، الذي يراقب استخدام الإنترنت، بـ 9.99 دولارًا (7.39 جنيهًا إسترلينيًا) شهريًا، في حين وصلت قيمة الاشتراك في تطبيق “تينزسيف” لتتبع خمسة أجهزة إلى 99.99 دولارًا في الشهر.
وتروج تطبيقات تتبع المواقع لنفسها على أنها أدوات أساسية في تربية الأبناء في عالم مليء بالمخاطر. وتعتمد على أن الآباء يعتقدون أنه طالما أنهم يعرفون مكان أبنائهم، فسيكونون أكثر أمانًا، أو أن الأطفال سيبتعدون عن السلوك المحفوف بالمخاطر إذا علموا أنهم يخضعون للمراقبة. وهناك بالتأكيد حالات استخدم فيها الآباء تطبيقات التتبع لمعرفة مكان مراهقين تعرضوا لحوادث أو للاختطاف.
لكن سونيا ليفينغستون، أستاذة في قسم الإعلام والاتصالات في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، تعتقد أنه “لا يوجد في الواقع أي دليل على أن أيًا من هذه التطبيقات يحافظ على أمان الأطفال”.
وبصفتها خبيرة في الحقوق الرقمية للأطفال وسلامتهم، وكتبت العديد من الكتب حول التربية في العصر الرقمي، تشعر ليفينغستون أن الاعتماد المكثف على تطبيقات التتبع هو رد فعل مفهوم للأخبار والعناوين الرئيسية المستمرة حول “الأخطار الفظيعة التي يتعرض لها أطفالنا”.
لكنها تشير إلى أنه على المدى الطويل، يمكن أن تكون لتطبيقات التتبع “عواقب غير مقصودة ولكنها ضارة أيضًا”، ليس أقلها العلاقة بين الآباء والأطفال.
وتشير إلى أن صانعي التطبيقات والمعلنين قد يكونوا حريصين على جعل الآباء يعتقدون أن الاعتماد على تطبيق هو عمل من أعمال الحب الأبوي، لكن “أهم شيء للتطور هو أن يتعلم الطفل أن يثق في الوالد، وأن يثق الوالد في الطفل”.
وعلاوة على ذلك، فإن الاعتماد على تطبيق لاكتشاف مكان وجود الطفل أو معرفة ما يشاهده عبر الإنترنت، لا سيما بدون علمه، يمكن أن يقوض هذه الثقة بشكل خطير، كما تقول ليفينغستون، وهو ما قد يدفع الأطفال إلى اللجوء إلى خيارات أكثر خطورة أو أن يبحثوا عن حلول ذكية للهروب من هذه المراقبة.
وتؤكد ليفينغستون على أنه إذا كان من حق الأطفال أن يكونوا آمنين، فمن حقهم أيضا أن يتمتعوا بالخصوصية، لا سيما مع تقدمهم في السن.
[ad_2]
Source link