الموز والسوريون في تركيا: كيف تحولت فيديوهات ساخرة إلى أزمة سياسية تسببت بترحيل لاجئين؟
[ad_1]
- ديما ببيلي
- بي بي سي
ما قصة “حملة الموز” التي بات يتداولها سوريون بشكل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي؟ وكيف تحولت إلى قضية سيادة دولة، تداخلت فيها أحزاب سياسية وأدت إلى اعتقال سبعة لاجئين سوريين في تركيا مع إمكانية ترحيلهم إلى بلدهم الذي دمرته الحرب؟
بدأت القصة منذ أسبوع بعد تداول مقطع فيديو من مقابلة، يسأل فيها المذيع مجموعة أشخاص، سوريين وأتراك، عن وضع البلاد الاقتصادي وعن دور اللاجئين.
في المقابلة، يتبادل الأشخاص على الهواء آراء متضاربة، تدافع فيها فتاة سورية عن اللاجئين، وهي تتحدث بالتركية، وتقول إنهم يعملون بجد ويكسبون رزقهم بعملهم. وفي المقابل، يقول أتراك إن السوريين والأفغان يستحوذون على فرص العمل.
وفي حين تعتبر تلك الآراء والاتهامات مكررة وليست المرة الأولى التي تذكر بأي دولة تستقبل لاجئين، إلا أن رجلا تركيا أضاف في المقابلة: “أرى السوريين في الأسواق الشعبية يشترون الموز بالكيلوغرامات، وأنا بنفسي لا استطيع تحمل كلفة الموز”.
وكانت هذه العبارة التي أدت إلى انتشار مقطع الفيديو بشكل واسع جدا عبر مواقع التواصل، وتسببت بحملة جدل كبيرة بين السوريين المقيمين في تركيا، إذ تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي أنواعا متعددة من الصور الساخرة، كلها مرتبطة بالموز وتناولهم للموز.
وتحولت العبارة إلى مقطع صوتي استخدمه رواد تطبيق تيك توك لتصوير نفسهم وهم يأكلون الموز.
وفي الفيديو نفسه، عقّبت امرأة على تصريحات الرجل التركي قائلة: “بالضبط”، وحاولت إسكات الشابة السورية وعاتبت المهاجرين لذهابهم “كل يوم إلى مصفف الشعر”.
وفي حين كانت الصور المتداولة في البداية مجرد دعابات غير مؤذية، إلا أن وقعها وصل إلى الفضاء الإلكتروني التركي، خاصة بعد الانتشار الواسع عبر تيك توك ومشاركة صورة للعلم التركي، استُبدِل فيها الهلال التركي بموزة.
وهذا ما أثار غضبا تركيا واسعا أدى إلى رفع شكوى رسمية جنائية من “حزب النصر الجديد” التركي المعادي للاجئين بحق صناع محتوى سوريين، بتهمة “إهانة الشعب والعلم التركي”.
ورأى أتراك أن هذه الفيديوهات “تسخر من الضائقة الاقتصادية للمواطنين الأتراك” في مواجهة التضخّم وتراجع قيمة العملة الوطنية.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ اعتقلت الشرطة التركية الخميس 7 مواطنين سوريين شاركوا فيديوهات عن “الموز”، بتهمة “تحريض الناس على الكراهية والإذلال”.
وأضافت دائرة الهجرة التركية أنها ستقوم بترحيلهم بعد إتمام الإجراءات القانونية اللازمة.
وأضاف بيان دائرة الهجرة الرسمي أن العمل لا يزال جاريا “للكشف عن جميع أبعاد هذه الحملة الاستفزازية وسيواجه جميع المشاركين بها الإجراءات القضائية اللازمة”.
وتداول سياسيون أتراك مجموعة من فيديوهات السخرية المنتشرة، قائلين إن السوريين “لا يحترمون ولا يظهرون الامتنان إلى البلد الذي أنفق عليهم ملايين الدولارات، وحوله الرئيس أردوغان إلى مخيم لاجئين”، ومن أبرزهم القيادية في الحزب الجيد إيلاي أكسوي.
في المقابل، وصف حزب الشعوب الديمقراطي قرار ترحيل مهاجرين بسبب مشاركتهم بـ”حملة الموز” بالـ”عنصري”.
“عودة للموت بسبب منشور”
وعبر مواقع التواصل، حظي الموضوع بجدل واسع أكثر جدية، رأى فيه مجموعة من السوريين أن الفيديوهات “لا تسخر من الشعب التركي، وإنما تسخر من العنصرية”.
مضيفين أن “الاقتصاد التركي المتردي يؤثر على السوريين بشكل مماثل إن لم يكن أسوأ”.
وفي حديث مع بي بي سي عربي، قالت الصحفية السورية ديما شلار، والمقيمة في تركيا، إن معظم مقاطع الفيديو بالمجمل كانت غير مؤذية ومجرد دعابات تداولها سوريون، إلا أن عددا صغيرا منها بالفعل كان “مسيئا”، خاصة إن أخذنا بالاعتبار قوانين الحكومة التركية التي تتضمن بالفعل بنود عدم المساس بالأمة التركية والعلم التركي والمؤسسة العسكرية، وقد يندرج أي فيديو مسيء تحتها.
ولكن شلار تضيف أنها في الوقت ذاته “ضد قرار الترحيل مهما كان الشخص جانيا أو مسيئا، من الأفضل اتخاذ إجراء قانوني ضدهم عوضا عن إرسالهم للموت”، مضيفة أن أزمة الترحيل قد باتت “هاجسا” يعاني منه السوريون.
وتحولت شلار للحديث عن الترحيل وما وصفته ب”الترهيب” والواقع الذي يعيشه سوريون قد يواجهون العودة وخطر الموت بسبب “ما يمكن تصنيفه تحت بند الجنحة واسعة التعريف، والتي قد تكون مجرد منشور تلميحي عبر مواقع التواصل”، في إشارة إلى حالات الترحيل اليومية عبر معبر باب الهوى.
وعن الفيديو الرئيسي المتداول، تقول شلار إن الفتاة السورية التي تتحدث بالفيديو هي مجرد “طالبة قاصر”، تعرضت لهجوم عنيف من مجموعة أشخاص و”حملوها هموم كل البلاد الاقتصادية وأزمة اللاجئين وقضايا تعجز دول العالم الكبرى عن إيجاد حلول لها”.
ووصفت ما تعرضت له الشابة السورية بـ”التعنيف الذي غفل عنه الإعلام برمته، الذي ركز عوضا عن ذلك على حملات التندر المنتشرة عبر تيك توك”.
وتأوي تركيا نحو أربعة ملايين لاجئ سوري، وعرفت فترات من التوترات المعادية للأجانب في السنوات الأخيرة، غالبا ما أثارتها شائعات انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيقات التراسل الفوري.
وقد فاقمت الأزمة الاقتصادية هذه الحساسيات.
[ad_2]
Source link