تونس: هل ينجح الحوار الوطني بالصيغة التي أعلنها الرئيس؟
[ad_1]
ثلاثة أشهر مضت، منذ إعلان الرئيس التونسي قيس سعيّد، عن إجراءاته الاستثنائية، في 25 تموز/يوليو ،2021 والتي اتخذها في مواجهة ما اعتبره خطرا داهما، يهدد كيان الدولة التونسية، مطلقا ساعتها العديد من الوعود بالإصلاح، وواضعا نصب عينيه هدفا رئيسيا، وفق ما قال مرارا وهو محاربة الفساد، الذي رآه يستشري في مؤسسات الدولة.
مرت ثلاثة أشهر على وعود قيس سعيّد، لكن مراقبين يرون أن الأمور ماتزال تراوح مكانها، وأن المواطن التونسي لم يشعر بأي انعكاس إيجابي، على حياته اليومية، في ظل أزمة اقتصادية، لم تعرف تونس لها مثيلا، وتزايد لمعدلات الفقر والبطالة، في وقت لم ينجز فيه الرئيس شيئا، سوى منح نفسه المزيد من الصلاحيات والسلطات، بحيث بات يقبض على التشريعية والتنفيذية منها.
ويعتبر مراقبون، أنه وكما أن قيس سعيّد، لايمكنه الآن التراجع للوراء، فإنه أيضا يبدو غير قادر على الحل، إذ تشير معظم خطاباته وأحاديثه، إلى أنه لا أفق مفتوح، على حلول للمشكلات التي تعاني منها البلاد، في ظل تأزم داخلي، على مستوى الأحزاب والقوى السياسية، وكذلك في مواجهة ضغوط خارجية، تطالب سعيّد بالعودة إلى المسار الديمقراطي، وإعادة المؤسسات التشريعية للعمل.
اتحاد الشغل على الخط
أما أحدث ما واجهه قيس سعيّد، على مستوى المعارضة لسياساته في الداخل، فقد جاء من قبل الاتحاد التونسي للشغل، وهو قوة نقابية وسياسية يحسب حسابها في تونس، إذ بدا أن الاتحاد، يرفض الحوار الوطني، الذي أعلن عنه الرئيس قيس سعيّد مؤخرا، بالصيغة التي تم طرحه بها ، وطالب الاتحاد بدور للأحزاب في العملية الديمقراطية، رافضا أي حوار مستوحى من فكرة “اللجان الشعبية”.
وفي تجمع عمالي ونقابي السبت، 23 تشرين الأول/أكتوبر 2021 ، طالب الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي، بأن يكون للأحزاب دور في العملية الديمقراطية. وقال الطبوبي متسائلا “ما هو الخيار السياسي الذي سنسلكه وما هو دور الأحزاب. كثيرون بدأوا بجلد الأحزاب. لا توجد ديمقراطية في العالم تبنى من دون أحزاب”.
ودعا الطبوبي في هذا السياق، الرئيس قيس سعيّد، إلى توضيح مضامين خياراته السياسية، إلى جانب توضيح الحوار الوطني الذي يعتزم إطلاقه، وذلك “للتفاعل معها قبولا أو معارضة”، مؤكدا أن إتحاد الشغل “لن يُقدم صكا على بياض لأي طرف كان”.
وكان سعيّد قد أعلن الخميس 21 تشرين الأول/أكتوبر، أثناء ترؤسه لثاني اجتماع لمجلس الوزراء، عن خططه لإطلاق حوار وطني، حول الإصلاحات السياسية، لكنه لم يذكر ما إذا كان سيشمل الأحزاب ومعارضيه والمجتمع المدني أم لا، وهو مطلب دعا إليه الاتحاد العام للشغل، والذي شدد على “مبدأ التشاركية” في اتخاذ القرارات.
ويتحدث معارضو سعيّد، عن أن خطة الرئيس ترتكز إلى حوار عبر منصات رقمية، يقوم فيها متطوعون موالون له، يشبههم المعارضون بـ” اللجان الشعبية “، التي كان يستخدمها الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، بتفسير سياساته للجمهور.
وبجانب القوى السياسية، وقوى الشارع التونسي، التي ترصد تحركات الرئيس التونسي، وتسعى لمواجهته في الداخل، فإن قيس سعيّد يواجه أيضا ضغوطا من الخارج، وتحديدا من قبل الاتحاد الأوربي، والولايات المتحدة الأمريكية، وهما القوتان اللتان تطالبان بعودة الديمقراطية، والمؤسسات الدستورية إلى تونس، وتنتقد عدم وجود خطة طريق واضحة للمستقبل من قبل الرئيس.
وكان البرلمان الأوروبي، قد صادق في جلسته يوم الخميس 21 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، على مشروع قرار أعرب فيه عن “القلق العميق من تركيز السلطات بشكل كبير في يد الرئيس قيس سعيّد”. ودعا أعضاء البرلمان الأوروبي ضمن القرار إلى “إحترام سيادة القانون، والحفاظ على الدستور، والعودة إلى الديمقراطية”، مطالبين بـ “إستئناف النشاط البرلماني في أسرع وقت ممكن، وبضرورة الإعلان عن خارطة طريق واضحة للعودة إلى العمل الطبيعي للدولة”.
وفي نفس اليوم الذي حدث فيه ذلك، ولدى ترؤسه لاجتماع مجلس الوزراء التونسي، الذي أعلن خلاله، عزمه إجراء حوار وطني، هاجم قيس سعيّد التحرك الأوربي قائلا إن “تونس ليست بضاعة أو حقلا أو رقما حتى توضع على جدول الأعمال في الخارج”.
وأضاف الرئيس التونسي “سيادتنا غير قابلة للنقاش، وإحترام إختيارات تونس هو المقدمة الطبيعية الأولى للسيادة الوطنية”، وتساءل “هل تدارسنا في مجلس الوزراء أو في أي مؤسسة من المؤسسات التونسية الوضع الداخلي في دولة أجنبية؟”.
هل أنجز الرئيس التونسي ما وعد به حين طبق اجراءاته الاستثنائية في تموز يوليو الماضي؟
كيف ترون الحوار الوطني المزمع الذي أعلن عنه الرئيس قيس سعيد مؤخرا؟
ولماذا لم يذكر الرئيس ما إذا كانت الأحزاب السياسية ومعارضوه سيشاركون في هذا الحوار أما لا ؟
كيف تقيمون فكرة “اللجان الشعبية” التي يقول البعض إن قيس سعيد سيستخدمها في حواره الوطني المزمع؟
وكيف ترون الموقف الأخير للاتحاد التونسي للشغل الذي يبدو رافضا لفكرة اللجان الشعبية؟
هل سيتمكن قيس سعيد من مواصلة نهجه في ظل الرفض من قبل قوى سياسية داخلية والضغوط التي تمارس من الخارج؟
[ad_2]
Source link