سعيد بوتفليقة: الرجل الذي حكم الجزائر من خلف الستار
[ad_1]
اعتٌقل سعيد بوتفليقة – الذي كان يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه كان صاحب السلطة الحقيقي في الجزائر – بعد الإطاحة بشقيقه في احتجاجات تُطالب بالديمقراطية في عام 2019، و اتُهم بالتخطيط لإعلان حالة الطوارئ وإقالة قائد الجيش مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية.
وحكم عبد العزيز بوتفليقة البلاد لما يقرب من 20 عاماً، إذ كان يتمتع الجيش بسلطة كبيرة. لكن بعد أن أصيب الرئيس بجلطة دماغية عام 2013، اعتُبر شقيقه الحاكم الحقيقي خلف الكواليس.
الصعود مع الرئيس
لم يكن يعرف شيئاً عن سعيد بوتفليقة قبل عودة شقيقه عبد العزيز إلى الجزائر بعد سنوات قضاها في الخارج إبان الاستعمار الفرنسي. وقد اصطحبه الرئيس معه إلى القصر وعينه مستشاراً عام 1999، وظل سعيد بعيداً عن الأضواء نسبيا ولم يُعرف له موقف سياسي أو تصريح علني في أي شأن قبل أن يُصاب الرئيس بسكتة دماغية عام 2013.
وقبل مرض الرئيس، لم يكن سعيد سوى صورة تظهر إلى جانب شقيقه في إطلالات رسمية قليلة، لكن ظهوره اللافت كان منذ إصابة الرئيس بسكتة دماغية أقعدته، إذ راج منذ ذلك الوقت الكثير من التخمينات والشائعات، عن الدور الذي يلعبه سعيد في إدارة دفة الحكم في الجزائر.
وسعيد، الذي ولد في عام 1958 في مدينة وجدة بالمغرب، هو أصغر إخوة الرئيس، وقد تربى على يد والدته وشقيقه الأكبر عبد العزيز، إثر وفاة والده بينما لم يتجاوز سعيد السنة الأولى من عمره. وبسبب كثرة المضايقات التي تعرضت لها عائلة بوتفليقة، اضطر الشقق الأكبر عبد العزيز بوتفليقة وباقي أفراد عائلته لمغادرة الجزائر. وقد عادت الأسرة إلى البلاد بعد استقلال الجزائر عام 1962.
درس سعيد حتى المرحلة الجامعية في البلاد، ونال درجة مهندس من جامعة باب الزوار، وفي 1983 انتقل إلى باريس ليواصل دراسته، ونال الدكتوراه من جامعة بيير وماري كوري، وعاد إلى الجزائر عام 1987 ليعمل في الجامعة.
وظل سعيد معروفاً في الأوساط الجامعية فقط قبل سنة 1999، إذ كان محاضراً في جامعة باب الزوار للعلوم والتكنولوجيات في مجال الذكاء الاصطناعي.
وبعد وصول شقيقه عبد العزيز إلى الرئاسة في الجزائر عام 1999، عين سعيد في منصب مستشار في الرئاسة برتبة وزير. وقد صدر مرسوم لم يتم نشره بتعيينه في ذلك المنصب.
أشرف سعيد على إدارة حملات شقيقه الرئاسية في 2004 و2009 و2014، وكان يرافقه في كل زيارته الرسمية إلى الولايات. لكنه لم يكن يدلي بأية تصريحات رسمية، مما جعله بعيداً عن الأنظار إعلامياً وشعبياً. وقد وصفته وسائل إعلام محلية آنذاك بـ”عين السلطان” التي تنقل له كل شيء.
بدأ نفوذ سعيد يبرز على الساحة السياسية الجزائرية، لا سيما مع الوعكات الصحية المتتالية التي ألمت بالرئيس منذ عام 2005، وكثر الكلام عن تحكمه في العديد من الملفات، وعن تعيينه مقربين أو موالين له في مناصب حساسة في أجهزة الدولة.
في أبريل /نيسان 2013، قالت وكالة الأنباء الجزائرية إن الرئيس بوتفليقة أصيب بجلطة دماغية. ومنذ ذلك التاريخ بات واضحاً أن لسعيد دوراً بارزاً في المشهد السياسي،كما انتشرت التخمينات بشأن سيطرة سعيد على دائرة القرار في الحاشية الضيقة والمتماسكة المحيطة بالرئيس.
“رهينة بيد سعيد”
قالت صحيفة واشنطن تايمز الأمريكية، في أواخر عام 2015، إن المقربين من الرئيس وبعد أن طالبوا علانية بلقائه وأخفقوا في الوصول إليه لأكثر من عام، بدأت تساورهم شكوك بأن سعيد بوتفليقة وحاشيته قادوا انقلابا داخل القصر، بحيث باتوا هم الذين يحكمون باسم الرئيس.
فقد صرح أحد قدامى المحاربين البارزين في حرب الاستقلال وأحد الذين طالبوا بلقاء الرئيس، لخضر بورقعة، في مقابلة له مع صحيفة “الوطن” المستقلة بأنه “يشعر أن الرئيس بات رهينة بيد حاشيته المباشرة”.
كان سعيد يظهر بصورة علنية فقط خلال المواعيد الانتخابية الرئاسية أو البلدية أو التشريعية، ليدلي بصوته إلى جانب شقيقه الرئيس وشقيقهما الآخر عبد الغني، وكان ظهوراً عائلياً ينقله التلفزيون الرسمي.
ولكن في عامي 2016 و2017 ، بدأ سعيد من وقت لآخر في الظهور إعلامياً في بعض المناسبات والأحداث، ولا سيما الجنازات، حيث كان يحضر جنازات شخصيات سياسة أو عامة.
وجرت الإطاحة خلال السنوات التي تلت مرض بوتفليقة وغيابه عن الواجهة بعدد كبير من الجنرالات وقادة الأمن الذين كانوا يعدون من أركان النظام ويصعب المساس بهم، مثل الجنرال توفيق، كما زُج بآخرين في السجون.
وينظر على نطاق واسع إلى أن نفوذ جهاز المخابرات قد تقلص منذ إحالة الجنرال محمد مدين، المعروف باسم “توفيق” والذي ترأس هذا الجهاز على امتداد ربع قرن، إلى التقاعد في 2015.
وكانت “دائرة الاستعلام والأمن”حتى عام 2016 مسؤولة عن إدارة وتنظيم السلطة السياسية والمالية في الجزائر، وتشكل هذه الدائرة جهاز المخابرات الجزائري بقيادة الجنرال توفيق. وبعد حل هذا الجهاز تخلصت السلطة من أحد أهم مراكز القوى في البلاد، كما جرت الإطاحة برؤوس كبيرة كان يحتمل أن تخلف بوتفليقة، ومن أبرزهم الجنرال عبد الغني هامل الذي أزيح في قضية مخدرات في يونيو/حزيران الماضي.
وكانت المعارضة الجزائرية تروج إلى أن سعيد بوتفليقة، أو “بوتفليقة الصغير” يطمح لخلافة أخيه على سدة الحكم، لا سيما بعد نجاحه في تقليص بعض أجنحة الحكم. لكن مسؤولين ورؤساء أحزاب سابقين نفوا ذلك، بينهم رئيس الوزراء السابق أحمد أو يحي، ولويزة حنون الأمينة العامة لحزب العمال، التي قالت في تصريح صحفي إن سعيد بوتفليقة أكد لها “استحالة أن يفكر في موضوع التوريث أو إنشاء حزب سياسي”.
كان سعيد يرتبط بعلاقة وثيقة برجل الأعمال علي حداد، وكان قد دخل بسببه في صراع صامت مع الرئيس الحالي عبد المجيد تبون، خلال توليه رئاسة الوزراء عام 2017 بعد قرارات اتخذها الأخير في إطار فصل السياسة عن المال. وقد انتهى الصراع بإقالة تبون بعد أقل من ثلاثة أشهر على توليه رئاسة الحكومة.
وفي أبريل/نيسان عام 2019، ألقي القبض على حداد بينما كان يحاول السفر إلى تونس، بالتزامن مع ضغوط مظاهرات ما بات يعرف بالحراك الشعبي الجزائري في فبراير/شباط من نفس العام. وقد اعتُبر ذلك التطور، الذي تم بمباركة المؤسسة العسكرية، دلالة على أن الجهة التي كانت تقدم الدعم لحداد – وعلى رأسها سعيد بوتفليقة – فقدت نفوذها في دوائر صنع القرار.
وفي مايو/أيار من نفس العام، ألقي القبض على سعيد بوتفليقة ووجهت له اتهامات عديدة من بينها التآمر، وقد تم تبرئته من بعضها بعد إعادة محاكمته. إلا أنه أدين في 12 أبريل/نيسان 2021 بتهمة “عرقلة العدالة” وحكم عليه بالسجن عامين، في إطار قضية كان يحاكم فيها مع مسؤولين سابقين أبرزهم وزير العدل الأسبق الذي حكم عليه بالسجن ست سنوات. كما حكم على علي حداد الذي كان يشغل منصب رئيس جمعية رجال الأعمال في عهد الرئيس الراحل بوتفليقة بالسجن عامين.
ربما ليس مؤكداَ أن سعيد بوتفليقة كان يسعى بالفعل لخلافة أخيه، لكن الأكيد هو أن مظاهرات الحراك الجزائري خلطت كل الأوراق والتحالفات وأدت في النهاية إلى إنهاء مسيرة الرئيس وكل الحاشية المحيطة به، والتي أصبح بعض أفرادها، ومنهم ” بوتفليقة الصغير”، يقبعون خلف القطبان.
[ad_2]
Source link