أخبار عربية

فيروس كورونا: لماذا وصل ولاء الموظفين لأماكن عملهم إلى “نقطة الانهيار”؟

[ad_1]

  • جوزي كوكس
  • بي بي سي

لم يعد الناس على استعداد للعودة إلى طرق العمل السابقة للوباء، وإذا ضُغط عليهم للقيام بذلك فقد يختار كثيرون تقديم استقالتهم.

في أوائل يوليو/تموز الماضي، وبعد أكثر من عشر سنوات من العمل في بنك فرنسي بالعاصمة باريس، لم تجد ماري خيارًا آخر سوى الاستقالة من وظيفتها.

وكانت ماري، وهي أم لطفلين ولم ترغب في الكشف عن لقبها لأسباب مهنية، تستمتع بعملها في قسم إدارة الثروات بالبنك. لكن في يونيو/حزيران، قرر رؤساؤها أنه نظرًا لاستمرار ظهور علامات على تراجع الوباء عالميا، فيتعين على جميع العاملين بالبنك العودة قريبا للعمل بدوام كامل من المكتب.

وعُرض على زوج ماري مؤخرًا وظيفة مربحة في العاصمة البريطانية لندن. وعندما وافق، بدا احتمال احتفاظ الزوجين بوظيفتيهما في بلدين مختلفين لا يمثل مشكلة، بسبب إمكانية العمل من المنزل نتيجة التغييرات التي شهدتها طبيعة العمل بعد تفشي فيروس كورونا.

وكانت ماري متحمسة لاحتمال الانتقال إلى لندن والانتقال بالقطار إلى باريس عدة مرات شهريًا للعمل، لكن الوضع تغير تماما عندما أصر صاحب العمل على عودة جميع الموظفين للعمل من المكتب.

تقول ماري: “لقد أمضيت للتو أكثر من 12 شهرًا في إثبات أنني قادرة على أداء وظيفتي بشكل كامل عن بُعد، لذا فإن إخباري بأنه لم يعد هناك أي مرونة على الإطلاق فيما يتعلق بالمكان الذي سأؤدي منه العمل كان أمرًا محبطًا للغاية”.

وتضيف: “لقد حاولت لعدة أسابيع أن أتوصل إلى حل، لكن في نهاية المطاف لم أجد خيارًا آخر سوى تقديم استقالتي. لقد أحببت العمل في مجال التمويل، لكن أولويتي الآن هي العثور على وظيفة جديدة تناسبني وتناسب أفراد عائلتي. وقد يكون ذلك في صناعة مختلفة”.

ومع ارتفاع معدلات الحصول على لقاحات فيروس كورونا في جميع أنحاء العالم، بدأ أصحاب العمل، مثل البنك الذي تعمل فيه ماري، يطلبون من الموظفين العودة للعمل من المكتب.

والآن، تواجه الشركات حقيقة غير مريحة تتمثل في التغيير الذي طرأ على احتياجات الموظفين وتفضيلاتهم، فلم يعد كثيرون على استعداد للعودة إلى طريقة العمل التقليدية في مرحلة ما قبل الوباء. وإذا ضُغط عليهم للقيام بذلك، فإن الملايين سيفضلون تقديم استقالتهم.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، بعد عام من العمل عن بُعد، يعارض البعض العودة إلى العمل بنفس الطريقة التي كانت سائدة قبل الوباء، مثل ضرورة الذهاب إلى المكاتب

لقد خلق هذا الاتجاه الكثير من الزخم لدرجة أن أكاديميين وخبراء يتحدثون الآن عن أنه إذا كانت الشركات تريد حقا الاحتفاظ بالموظفين الموهوبين المخلصين لكي تكون قادرة على البقاء في المنافسة، فيتعين عليها الاستماع إلى احتياجات سوق العمل والتكيف بسرعة مع الوضع الجديد.

تقول ألموث ماكدويل، أستاذة بقسم علم النفس التنظيمي في جامعة بيركبيك بلندن، إن الخسائر التي عانينا منها خلال الأشهر الثمانية عشر الماضية قد غيرت الكثير من المعطيات.

وتضيف: “لقد عانينا جميعًا من الخسائر: خسارة أحبائنا، وخسارة حريتنا، وعدم قدرتنا على التواصل مع بعضنا بعضا. وكان يتعين على الكثير منا أيضًا التوفيق بين العمل من المنزل ورعاية الأطفال، الذين لم يكونوا يذهبوا إلى المدرسة”.

وتشير ماكدويل إلى أن هذه التغيرات قد جعلتنا نعيد النظر في أولوياتنا، كما جعلت الكثيرين منا يبحثون عن عمل يبدو هادفًا، أو وظيفة ذات معنى أكبر.

في الوقت نفسه، فبعد أن رأى العمال ما يمكن القيام به في ظل تلك الظروف القاسية، يشعر الكثيرون منهم بأنهم أكثر استعدادًا من أي وقت مضى لتحدي الافتراضات التقليدية بشأن شكل العامل المثالي، وما يجب أن تكون عليه معايير العمل.

وبدأت آثار إعادة التفكير في هذا الشأن في الظهور. وفي دراسة استقصائية شملت أكثر من 2000 شخص في المملكة المتحدة وأيرلندا وأجريت في مارس/آذار الماضي، قال أكثر من ثلث المشاركين إنهم يتطلعون إلى تغيير الأدوار في الأشهر الستة إلى الاثني عشر المقبلة، أو بمجرد استعادة الاقتصاد لتوازنه.

وخلص الباحثون إلى أن الشركات التي لا تلبي احتياجات ومتطلبات الموظفين المتغيرة تخاطر بـ “فقدان أفضل المواهب”.

في غضون ذلك، تشير البيانات في الولايات المتحدة إلى أن مثل هذا النزوح قد بدأ بالفعل، إذ شهد شهر أبريل/نيسان وحده استقالة أربعة ملايين شخص من وظائفهم، وهو رقم قياسي. ومنذ ذلك الحين، بدأ معدل الاستقالة في التراجع، لكنه ما زال مرتفعا.

صدر الصورة، Getty Images

التعليق على الصورة، اكتسب العمال المرونة في العمل أثناء تفشي الوباء، وبعضهم لا يرغب في التخلي عن الطريقة التي يعمل بها الآن

وصاغ أنتوني كلوتز، أستاذ مشارك في قسم الإدارة بكلية ميس للأعمال بجامعة تكساس إيه آند إم، مصطلح “موجة الاستقالات الكبرى” في مايو/آيار الماضي. ولاحظ كلوتز أنه كان هناك ما يقرب من ستة ملايين استقالة أقل في الولايات المتحدة خلال عام 2020 بالمقارنة بما كان عليه الأمر في عام 2019، وتوقع بشكل صحيح أنه مع انحسار الوباء، من المرجح أن يبدأ “المستقيلون المحتملون الذين احتفظوا بأماكنهم” في عام 2020 في الرحيل عن وظائفهم.

وردد كلوتز ما أشارت إليه ماكدويل من أن الموظفين قد اكتسبوا منظورًا جديدًا لما هو مهم حقًا بالنسبة لهم، مشيرا إلى أن “الوباء قد جلب الموت إلى عتبة دارنا، وهو ما دفع الناس إلى إعادة التفكير في أولوياتهم”. لكن هناك العديد من الأسباب الأخرى وراء تراجع ولاء الموظفين للشركات.

يقول كلوتز: “يمثل العمل جزءًا كبيرًا من شخصيتنا. وخلال الوباء، تغيرت شخصيتنا وهويتنا، بعد أن أصبح الناس يقضون وقتًا أطول مع عائلاتهم، وهو الأمر الذي جعل البعض يفكرون بشكل أكبر في المشروعات الخاصة وريادة الأعمال، أو القيام بعمل آخر بجانب وظائفهم اليومية”.

ويضيف: “من المحتمل جدًا أن العديد من الأشخاص لم يعودوا يُعرّفون أنفسهم من خلال وظائفهم كما كان الأمر في السابق، وهو ما يعني أنهم قد أصبحوا أقل ارتباطًا عاطفياً بعملهم”.

وهناك عنصر آخر يساهم في تراجع ولاء الموظفين وهو مطالبة بعض الشركات للعمال بالعودة إلى العمل من المكاتب، كما هو الحال بالنسبة لماري. وقد تعرض القطاع المالي، على وجه التحديد، لانتقادات كبيرة بسبب مطالبة العمال للعودة من مقر العمل.

وفي مايو/آيار الماضي، أثار جيمي ديمون، الرئيس التنفيذي لبنك “جيه بي مورغان تشيس”، الذي يعد أكبر بنك في الولايات المتحدة، رد فعل عنيف عندما قال إن العمل من المنزل ببساطة لا يناسب أولئك الذين يريدون “الكفاح في العمل”.

وفي يونيو/حزيران، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة “مورغان ستانلي”، جيمس غورمان، إنه إذا لم يعد معظم الموظفين للعمل في مقر البنك في مانهاتن في سبتمبر/أيلول، فسيصاب بخيبة أمل كبيرة.

وعلى الصعيد العالمي، لا تزال ثقافة العمل المصرفي قائمة على الحضور الفعلي في مقر العمل. وتدعم معظم المؤسسات المالية قيمة الاجتماعات الشخصية وجها لوجه للترويج للأعمال وإبرام الصفقات، وهو ما يعني أن الترتيبات عن بُعد ستكون دائمًا أمرا مؤقتا، لكن ربما يتعين عليها تغيير هذه النظرة أيضا بسبب التغير الذي طرأ على سوق العمل بعد تفشي فيروس كورونا.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى