أفغانستان: ما مصير البيعة التي تربط بين القاعدة و طالبان؟
[ad_1]
إن السؤال الرئيسي الذي يُطرح حالياً بعد عودة حركة طالبان إلى السلطة في أفغانستان هو علاقتها بحليفها منذ أمد بعيد تنظيم “القاعدة”.
القاعدة ملزمة بالولاء لطالبان بعد أن بايعتها وهي البيعة التي قدمها زعيم القاعدة الراحل أسامة بن لادن لزعيم طالبان الراحل الملا عمر في التسعينيات من القرن الماضي.
وتم تجديد البيعة عدة مرات منذ ذلك الحين، على الرغم من أنه لم يتم الإقرار بذلك من قبل طالبان علناً.
وبموجب اتفاق السلام عام 2020 مع الولايات المتحدة، وافقت طالبان على عدم السماح للقاعدة أو أي جماعة متطرفة أخرى بالعمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها. وكررت مجددا هذا مؤخراً بعد الاستيلاء على كابل في 15 أغسطس/ أب الماضي. لكن الحركة لم تتبرأ من القاعدة علناً أيضاً والقاعدة لم تخفف من حدة مناهضتها للولايات المتحدة.
أهمية البيعة
البيعة تعني التزام الشخص أو المنظمة المبايعة بالولاء لزعيم مسلم وهي الرباط الذي يربط بين العديد من الجماعات الجهادية وأتباعها.
إن البيعة التزام متبادل بين المبايع وصاحب البيعة، فهي تستوجت الطاعة من قبل المرء للقائد أو الزعيم الذي بُويع. ويعتبر الإخلال بالبيعة جريمة كبيرة في الإسلام.
في حالة القاعدة، فإن البيعة تلزمها بالولاء لطالبان عبر إسباغ لقب “أمير المؤمنين” على زعيم طالبان وخلفائه.
ربما كان ذلك من بين أسباب رفض الملا عمر تسليم بن لادن إلى الأميركيين بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 وهو ما أدى إلى الغزو الذي قادته الولايات المتحدة لأفغانستان في عام 2001.
و أحد الأمثلة البارزة على الإخلال بالبيعة كان رفض فرع القاعدة في العراق الإلتزام بالولاء للقيادة المركزية، مما أدى إلى إنفصال الفرع الذي تحول الى ما عرف لاحقاً باسم “الدولة الإسلامية”.
هناك صراع مرير بين القاعدة والدولة الإسلامية. وتمثل “ولاية خراسان التابعة لتنظيم الدولة اللإسلامية” فرع تنظيم الدولة في أفغانستان وباكستان والدول المجاورة.
والقاعدة ليست الجماعة الجهادية الوحيدة التي بايعت حركة طالبان الأفغانية.
فقد بايعت حركة طالبان الباكستانية في السابق نظيرتها الأفغانية وجددتها مؤخرا بعد الاستيلاء على أفغانستان.
بيعة رجل ميت
بعد وفاة بن لادن في عام 2011، بايغ خليفته، أيمن الظواهري الملا عمر بالنيابة عن تنظيم القاعدة وفروعها الإقليمية.
وقد تم تجديد البيعة في عام 2014 بعد الإعلان عن إقامة “الخلافة” في العراق وسوريا.
في يوليو/ تموز 2015 أعلنت طالبان أن الملا عمر قد مات قبل عامين وكان عرض الظواهري بيعة الملا عمر بعد موته مصدر إحراج للقاعدة.
جدد الظواهري بيعته للزعيم الجديد لطالبان الملا أختر محمد منصور، في 13 أغسطس/آب 2015، متعهداً بـ “الجهاد لتحرير كل شبر من الأراضي الإسلامية المحتلة”.
اعترف منصور بسرعة بتلقيه بيعة “زعيم المنظمة الجهادية الدولية” وهو بمثابة إقرار واضح بأهداف “العمل الجهادي العالمي” لتنظيم القاعدة.
وهذا الموقف يتناقض تماماً مع الرسالة التي تحاول طالبان إيصالها للعالم الخارجي وهي أن الجماعة معنية بتطبيق الإسلام في أفغانستان فقط وترغب في إقامة علاقات طبيعية مع الدول المجاورة.
عندما تولى الزعيم الحالي هبة الله أخوند زاده قيادة الجماعة بعد وفاة منصور في غارة جوية أمريكية في مايو/ أيار 2016 لم تعترف طالبان علناً ببيعة الظواهري للحركة كما لم تنكرها.
وهذا الغموض الذي يلف الوضع الحالي للبيعة يقع في صلب الجدل وعدم اليقين المستمر حول العلاقة بين المجموعتين.
ماذا بعد؟
مع سيطرة طالبان على أفغانستان هناك اتجاهان يتصارعان على توجه الحركة.
أولاً العلاقة التي تربط طالبان بالقاعدة تمنح طالبان المصداقية والمكانة في الدوائر الجهادية، كما أن ولاء الحركة التاريخي للقاعدة قد يجعلها غير حريصة على التخلي عن حليفها بعد أن وصلت إلى سدة الحكم.
لكن الحركة ملزمة بالتعهدات التي قطعتها على نفسها بموجب اتفاق السلام مع الولايات المتحدة والنهج البراغماتي الذي تتبعه الحركة لحكم أفغانستان.
وقد انهالت رسائل التهنئة على الحركة من القاعدة ومن الجماعات التي تدور في فلكها على “النصر” الذي حققته، وأكدت على مكانة زعيم الجماعة هبة الله أخوند زاده باعتباره “أمير المؤمنين”.
لم تتطرق طالبان علناً لهذه الرسائل رغم أنها أشارت إلى الرسائل التي تلقتها من جماعات إسلامية أخرى مثل حركة حماس الفلسطينية.
لكن خبر وصول أمين الحق المقرب من بن لادن إلى أفغانستان يوحي بأن الحركة ليست بصدد التنكر لصلاتها بالقاعدة أو النأي بنفسها عنها.
ويقال إن للقاعدة علاقة وثيقة بشكبة حقاني الأفغانية التي تنضوي تحت راية طالبان.
وتوضح هذه المسألة المعضلة التي تواجه الحركة حالياً، فهي من جهة تعمل كل من بوسعها لنيل الإعتراف الدولي بحكمها لأفغانستان وما ينتج عن ذلك من مكاسب، لكن هذا يتوقف إلى حد بعيد على نبذها للتطرف.
ومن ناحية أخرى، لا يمكنها التنكر بسهولة لتحالفها لأكثر من 20 عاماُ مع القاعدة.
واتخاذ خطوة كهذه قد يؤدي إلى نفور المتشددين في صفوف الحركة والجماعات المتطرفة الأخرى التي احتفت كثيراً باستيلاء الحركة على أفغانستان.
[ad_2]
Source link