التغير المناخي: عواصف وفيضانات وكوارث أخرى قد تعيد رسم شبه الجزيرة الهندية
[ad_1]
- كامالا ثياغاراجان
- بي بي سي
إذا كنت تفكر في مكان هادئ ومريح، فقد تستحضر صورة لشاطئ رملي رائع، لكن في جنوبي الهند، بات العديد من الشواطئ المحبوبة غير آمن على الإطلاق.
سيظل إحساس الرعب الذي شعر به غانيشان فاسوديفان في صباح ذلك اليوم الدافئ من شهر يوليو/تموز من عام 2010 محفوراً في ذهنه إلى الأبد. يتذكر فاسوديفان، وهو صياد سابق يعيش على شاطئ أوروفيل الذي لا يبعد كثيرا عن مدينة بودوتشيري جنوبي الهند، أنه كان يشاهد في حزن دوامة مياه في خليج البنغال وهي تبتلع منزله، والأرض التي كان مقاما عليها المنزل أيضا.
وعلى مدار سنوات طويلة، كان فاسوديفان يدير دار ضيافة متواضعة خارج منزل عائلته، على بُعد 1.5 كيلومتر (1 ميل) من الساحل، ويستقبل بها السكان الذين يرغبون في الاسترخاء والنوم.
وعندما اجتاحت مياه البحر الساحل بعد عاصفة شديدة، لم يكن فاسوديفان وحده هو من تضرر، إذ تعرض ما لا يقل عن 200 فدان (80 هكتارًا) من الأرض على طول هذا الامتداد الساحلي للتآكل تمامًا، وهو ما أدى إلى نزوح ما لا يقل عن 7,000 أسرة، وفقًا لتقارير محلية.
وكانت قرية الصيد التي يعيش فيها فاسوديفان، والتي تحمل اسم “تشيناموداليار تشافادي”، قد تضررت بالفعل بشدة من كارثة تسونامي عام 2004، لكن عندما انحسرت المياه، تمكن سكان القرية من إعادة بنائها ومواصلة حياتهم، على حد قول فاسوديفان، الذي يضيف: “كنا لا نزال نحتفظ بأرضنا وكان يمكننا أن نبدأ من جديد. لكن هذه المرة، اجتاح البحر كل شيء”.
وتعود أصول حالة التآكل الهائلة إلى أكثر من 20 عامًا، حين اكتمل بناء ميناء جديد مشؤوم. وكانت الحكومة المحلية في مدينة بودوتشيري تعتزم تطوير الميناء البحري الثانوي للمدينة، وتضمن المشروع بناء ميناء جديد في المكان الذي يتدفق فيه نهر أريانكوبام إلى خليج البنغال في الطرف الجنوبي من مدينة بودوتشيري.
لكن بعيدًا عن تطوير المدينة، كان للميناء الجديد عواقب وخيمة وبعيدة المدى من شأنها أن تعيد رسم شكل ساحل بودوتشيري.
رمال متحركة
يذكر أن بودوتشيري، والتي كانت تعرف سابقا باسم بونديشيري، هي مدينة ساحلية ومستعمرة فرنسية سابقة يعيش بها ما يقرب من مليون شخص. وهناك بلدة تابعة لها تسمى “أوروفيل”، وتُلقب بـ “مدينة الفجر”. وكان هذا الشريط الساحلي البالغ طوله 40 كيلومترًا (25 ميلًا)، والمقسّم إلى سبع مناطق، موطنًا لبعض أجمل الشواطئ في الهند. لكن خلال العقد الماضي، بدأت هذه الشواطئ تختفي.
وجرى توثيق هذه التغييرات ونشرها في عام 2012، كجزء من تقرير يسمى “ساحل الهند المتحدي”، الذي أعدته مجموعة تدافع عن البيئة تحمل اسم “شبكة عمل المواطنين في بونديشيري”. وقد دفع هذا التقرير الوكالات الحكومية بالولاية إلى التحرك.
يقول رامانا مورثي، مدير المركز الوطني للبحوث الساحلية ومقره تشيناي، وهو جزء من وزارة علوم الأرض الهندية. “نحن ندرس المنطقة منذ عام 2013، في محاولة لمعرفة سبب تآكل السواحل بهذه القوة. كان هناك العديد من العوامل التي كشفت عنها دراستنا. إن إقامة السدود على العديد من أنهار المياه العذبة في أعلى المجرى تحد من وصول المياه إلى المحيط. ويتسبب تغير المناخ في ارتفاع مستويات سطح البحر، لكن السبب الأكثر خطورة هو إعاقة حركة الرمال”.
استخدم العلماء في المركز الوطني للبحوث الساحلية صورا بالأقمار الصناعية لفحص 6000 كيلومتر (3700 ميل) من الساحل على طول شبه جزيرة الهند، ووجدوا أنه بين عامي 1990 و2016، تعرض ما يتراوح بين 34 في المئة و40 في المئة من هذا الساحل للتآكل الشديد، وأن 28 في المئة يعاني من تراكم الرمال. وكان 34 في المئة فقط من الساحل مستقرًا بشكل مؤقت، ويعود السبب في ذلك إلى أنه كان محصنًا بهياكل من صنع الإنسان.
وفي مدينة بودوتشيري وعلى طول الساحل الجنوبي الهندي، جرى تركيب مصدات للأمواج وأسوار بحرية، كإجراء سريع للحد من التآكل. ومع ذلك، أشارت الدراسة إلى أن هذه التدابير لا توفر أي حماية طويلة الأجل على الإطلاق، بل إنها في واقع الأمر كانت تزيد المشكلة سوءًا.
يقول مورثي: “إذا سمحنا لهذا الأمر أن يستمر دون رادع، فقد وجدت دراستنا أن هناك خطرا لحدوث تآكل شديد ربما يغير شكل شبه جزيرة الهند”.
سواحل هشة
وكانت هذه الأضرار أكثر حدة وشراسة في مدينة بودوتشيري، وظهرت بشكل خاص على طول أحد الشواطئ البارزة في المدينة. فبعدما كان الشاطئ مليئًا بالرمال الجميلة في ثمانينيات القرن الماضي، حلت محلها اليوم صخور ضخمة وحجارة صغيرة، لدرجة أن السياح بدأوا يشيرون إليه باسم “شاطئ الصخور”.
تقول سونينا ماندين، ناشطة بيئية ومشاركة في تأسيس مجموعة “شبكة عمل المواطنين في بونديشيري” التي تشارك منذ نشأتها في عام 2007 في الأبحاث عن حماية السواحل واستعادتها: “حبات الرمل في النظام البيئي الساحلي تشبه الأرواح الحرة، فهي تتحرك ولا تظل ساكنة أبدا. إننا نادرًا ما ندرك ذلك، لكن الرمال الموجودة تحت أقدامنا اليوم على أي شاطئ مختلفة تمامًا عن الرمال التي ستكون موجودة غدًا”.
وتتغير الرمال نتيجة لعمليات طبيعية، مثل الرياح والأمواج التي تحركها الرياح الموسمية في جنوب الهند. يقول أوروفيليو شيافينا، أحد مؤسسي مجموعة “شبكة عمل المواطنين في بونديشيري”: “خلال الفترة من فبراير/شباط إلى أكتوبر/تشرين الأول، يتحرك ما يقدر بنحو 300 ألف إلى 500 ألف متر مكعب من حبيبات الرمل من الجنوب إلى الشمال. وخلال الفترة من نوفمبر/تشرين الثاني إلى يناير/كانون الثاني، يتحرك جزء منها، يصل إلى نحو 100 ألف متر مكعب، مرة أخرى، ويتجه هذه المرة من الشمال إلى الجنوب”. وتُعرف هجرة الرواسب هذه باسم الانجراف الساحلي.
يقول شيافينا: “إنها طريقة طبيعية للحفاظ على التوازن وضمان استقرار الشاطئ”. لكن بعد بناء المرفأ في عام 1989، جرى إنشاء حاجزين للأمواج لحماية القوارب الراسية من الأمواج القوية، كجزء من هذا الميناء، وهو الأمر الذي يتعارض مع الانجراف الساحلي.
يقول شيافينا: “بدأت الرمال تتراكم على جنوب الميناء، ولم تتمكن من الوصول إلى المنطقة الشمالية، التي بدأت تتآكل بشدة. يحدث هذا التآكل الذي من صنع الإنسان خلال الفترة من يونيو/حزيران إلى سبتمبر/أيلول، عندما يكون الانجراف الساحلي مرتفعًا. ويمكن أن يحدث أيضًا أثناء العاصفة. لكن التعرية واختفاء المنازل لا يكونان دائمًا بسبب العواصف، بل يكونان في كثير من الأحيان بسبب إقامة البشر ليهاكل تكون عواقبها وخيمة”.
لقد كانت هذه المشكلة متوقعة عندما بُني ميناء بودوتشيري الجديد. وتضمن تصميم الميناء الجديد نظامًا متطورًا لتجاوز الرمل يمكنه تجريف الرمال المتراكمة وضخها بشكل مصطنع إلى الجانب الآخر، واستعادة التوازن. ومع ذلك، وبسبب التكلفة العالية، لم يُستخدم هذا النظام إلا لفترة وجيزة بين عامي 2000 و2004، كما يقول شيافينا. ولم ترد سلطات الميناء للتعليق على هذا الأمر.
[ad_2]
Source link