الشعوب العربية أصبحت تحتفل بسقوط الديمقراطية- فاينانشال تايمز
نبدأ جولتنا في صحف الثلاثاء البريطانية بمقال نشرته صحيفة الفاينانشال تايمز عن الربيع العربي وما آلت إليه الانتفاضات التي شهدتها دول المنطقة بعد عشر سنوات من انطلاقها واسقاطها للطغاة الذين حكموا. شعوبها، كما نتطرق إلى الفائض الكبير الذي أشار بحث حديث إلى أن المملكة المتحدة سوف تخزنه من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، علاوة على التركيز في تلك الصحف على تحذير الأمم المتحدة من الكوارث التي بدأت تحدث حول العالم بسبب التغير المناخي.
وفي مقال صحيفة فاينانشال تايمز الذي حمل عنوان “السخط من الربيع العربي” يقول الكاتب جدعون راشمان: “منذ عقد من الزمن، كانت الشعوب العربية تحتفل بسقوط الطغاة، لكنها الآن تحتفل بسقوط الديمقراطية”.
وأضاف: “هذه الانتكاسة التي تعرضت لها الحرية السياسية في الشرق الأوسط لها دلالات دولية. ويرجح الرئيس الأمريكي جو بايدن أن المعركة بين الاستبداد والديمقراطية سوف تكون سمة هذا العصر. على النقيض من ذلك، نجد بكين وهي تحاول فرض ‘النموذج الصيني’ الذي يؤكد على أن الاستقرار والنظام مقدمان على الحرية. وأعتقد أن الأحداث الحالية في الشرق الأوسط تمثل نذير شؤم لقضية الديمقراطية بصفة عامة”.
واستعرض الكاتب آخر مستجدات التجربة الديمقراطية ومراحل التطور التي مرت بها تلك التجربة في المنطقة العربية، إذ تناول الأحداث الجارية في تونس وصولا إلى الأوضاع في لبنان والعراق مرورا بالتجربة الديمقراطية في مصر، والتي وصفها بأنها “انتهت في 2013”.
ففي تونس، أقال الرئيس قيس سعيد رئيس الوزراء وعطل البرلمان لمدة ثلاثين يوم. وبينما ينظر إلى إجراءات الرئيس التونسي على نطاق واسع على أنها “انقلاب”، حظيت تلك الإجراءات بشعبية كبيرة في تلك الدولة التي تخوض منذ سنوات طويلة غمار أزمة اقتصادية طاحنة، وفقا لمقال الفاينانشال تايمز.
ووصف جدعون راشمان تونس بأنها الدولة الصغيرة التي لعبت دورا بارزا في تاريخ الشرق الأوسط؛ فهناك انطلقت شرارة ثورات الربيع العربي ونجحت الثورة التونسية في الإطاحة بزين العابدين بن علي الذي ظل في سدة الحكم لحوالي 23 سنة. وأشار إلى أن الطاغية الثاني الذي سقط بعد بن علي كان مبارك في مصر ومن بعده معمر القذافي في ليبيا بعد عشرات السنوات التي قضاها كل منهما في حكم بلاده.
وقال الكاتب إن التجربة الديمقراطية في مصر انتهت في 2013 عندما أطاح الجيش بالرئيس المصري المنتخب الراحل محمد مرسي، وهو الإجراء الذي حظي بشعبية بين المصريين أيضا، والذي وصفه الكاتب “بالانقلاب” . وأشار إلى أن ليبيا غرقت في حرب أهلية بعد مقتل القذافي بينما سُحقت الثورة السورية بأيدي نظام الأسد.
مع ذلك، يرى الكاتب أن بقاء الديمقراطية التونسية لا يزال يشير إلى أن الآمال المستوحاة من انتفاضات الربيع العربي لا تزال تومض بضوء خافت. لكنه حذر من أن انهيار الديمقراطية في تلك الدولة سوف يبعث برسالة معاكسة إلى العالم. أشار أيضا إلى أنه بينما لا تزال الخطط النهائية لسعيد غير واضحة بعد، يبدو أن الأمور تتحرك أكثر نحو الاستبداد.
ويقول جدعون: “إذن كيف يمكن لمن يؤيدون وجهة نظر بايدن تفسير تراجع الديمقراطية في الشرق الأوسط؟”، وهو السؤال الذي مضى إلى الإجابة عليه قائلا: “لا داعي للتخلي عن الإيمان بأن الحرية السياسية شيء مهم ولا التخلي عن الأمل في أن تُرسى قواعد الديمقراطية في المنطقة في نهاية الأمر”.
وأضاف: “لكن هناك حاجة إلى قدر من التوازن بين هذا المبدأ وبين معاناة العامة العالقين في دول فاشلة. فالديمقراطية مهمة دون شك، لكنها تأتي في هرم الاحتياجات بعد الحاجة إلى الغذاء، والمسكن، والأمن. وإذا فشلت الحكومات المنتخبة في توفير هذه الاحتياجات الأساسية، فسوف تتوافر مغريات قوية جدا تدفع بالناس إلى التعلق برجل قوي يعد بالاستقرار”.
ووصف الكاتب لبنان والعراق بأنهما دولتان تتبعان مبادئ الديمقراطية من الناحية الرسمية فقط. لكن على الصعيد العملي، يرى راشمان أنهما تقتربان من الحصول على لقب دول فاشلة. وأشار إلى انفجار مرفأ بيروت الذي دمر العاصمة وأجزاء كبيرة من الدولة بسبب مواد كيمائية غير مؤمنة، وأشار أيضا إلى مقتل السياسيين الإصلاحيين في لبنان، مستنتجا أن الديمقراطية في هذه الدولة ما هي إلا غلاف من الانتخابات وحرية التعبير يغطي بلدا في قبضة أمراء الحرب والجماعة شبه العسكرية حزب الله.
ورأى أيضا أنه ليس من الغريب في العراق أن تُسمع أصوات تجهر بالحنين إلى أيام الطاغية صدام حسين، الذي كان على الأقل يوفر التيار الكهربائي بشكل مستقر بين احتياجات أساسية أخرى، وهو الحنين الذي ظهر بعد أن اتبعت البلاد نظاما ديمقراطيا يوزع السلطة على أساس طائفي، مقوضا أية محاولات للإصلاح وتوفير الاحتياجات الأساسية للمواطنين.
ويرى مقال الصحيفة البريطانية أن الطغاة في الزمن القديم كانوا يشترون بعض الشرعية بمواد غذائية ومنتجات طاقة مدعومة من الحكومات، لكن هذا الخيار أصبح رفاهية بالنسبة للطغاة الجدد في الشرق الأوسط، إذ أصبحت حكوماتهم غارقة في الديون.
وختم الكاتب مقاله بأن التجارب الديمقراطية في الشرق الأوسط فشلت في حل مشكلات دول المنطقة بينما لا يبدو أن النظم الاستبدادية سوف تتمكن من توفير حلول لتلك المشكلات.
“قتال من أجل الفتات”
وألقت صحيفة الغارديان البريطانية الضوء على قضية العدالة في توزيع اللقاحات المضادة لفيروس كورونا من خلال تقرير يحمل عنوان “دراسة: المملكة المتحدة تقترب من اكتناز ما يصل إلى 210 مليون جرعة من لقاحات كوفيد”.
وقال تقرير الصحيفة البريطانية إن بحثا حديثا أشار إلى أن المملكة المتحدة تقترب من “اكتناز” حوالي 210 مليون جرعة من لقاحات فيروس كورونا بنهاية العام الجاري، وهو ما يجعل حكومة جونسون متهمة بترك الدول الفقيرة في “قتال من أجل الفتات”.
وأشارت الغارديان إلى أن الحكومة في المملكة المتحدة تواجه ضغوطا لبذل المزيد من الجهود في اتجاه مساعدة الدول الفقيرة التي حصلت نسبة صغيرة جدا من سكانها على الجرعة الأولى من اللقاحات المضادة لفيروس كورونا، وهي الضغوط التي تأتي نظرا لرفض الحكومة البريطانية التنازل المؤقت عن حقوق الملكية الفكرية الخاصة باللقاحات المضادة للوباء حتى تتمكن شركات خارج المملكة المتحدة من تصنيعها.
وقالت شركة تحليل بيانات علوم الحياة أيرفينيتي إن حكومة جونسون طلبت من الشركات المصنعة للقاحات 467 مليون جرعة من اللقاحات المضادة لكوفيد19، ومن المقرر أن تتسلم 306 مليون جرعة بنهاية العام الجاري، ومع ذلك، لن تستخدم بريطانيا سوى 95 مليون جرعة لتلبية الطلب المتوقع على اللقاح الذي يتمثل في تحصين كل من يزيد سنه عن 16 سنة علاوة على إعطاء جرعة معززة للفئات الأكثر عرضة لخطر الوفاة جراء الإصابة، وفقا لتقرير الصحيفة البريطانية.
وأشارت الغارديان إلى أنه في ضوء أعداد البالغين الذين حصلوا على الجرعتين الأولى والثانية من اللقاحات، التي تزيد عن 80% من السكان، وإذا تم الحفاظ على نفس الأعداد لهؤلاء الذين لديهم الحق في الحصول على جميع الجرعات التي توفرها لهم الحكومة حتى نهاية هذا العام، فمن المتوقع أن يتبقى لدى الحكومة البريطانية فائضا من الجرعات يصل إلى 210 مليون جرعة. وحتى إذا وصلت تلك النسبة إلى 100%، فيرجح أن يصل الفائض إلى 186 مليون جرعة، وفقا للتقرير.
وقالت منظمة “غلوبال جستس ناو” الحقوقية إن الفائض من اللقاحات في بريطانيا يمكن استخدامه لمساعدة نحو 211 مليون شخص يعيشون في الدول العشر الأقل حصولا على اللقاحات المضادة للوباء في العالم.
وقال نيك ديردين، رئيس المنظمة، للغارديان: “إنها إهانة للآلاف الذين يموتون كل يوم أن توزع المملكة المتحدة الجرعة الثالثة وتستعد لتحصين المراهقين باللقاحات بينما الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تقاتل من أجل الفتات”.
وألقى ديردين باللوم على الحكومة البريطانية لرفضها منح دول أخرى تنازلا مؤقتا عن حقوق الملكية الفكرية الخاصة باللقاح، وهو الاقتراح الذي تقدمت به الهند وجنوب أفريقيا لمنظمة التجارة العالمية ودعمته الولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا.
“العالم يحصل على بطاقة إنذار حمراء”
وحذرت صحيفة ديلي تليغراف البريطانية من المخاطر التي يقبل عليها العالم جراء استمرار حدة التغير المناخي التي بدأت تتجلى في شكل كوارث طبيعية خطيرة، أبرزها ما شهدته الفترة الأخيرة من حرائق الغابات في تركيا واليونان وبعض الدول، وهو التحذير الذي جاء في تقرير نشرته الصحيفة بعنوان “العالم يحصل على بطاقة إنذار حمراء”.
وقال التقرير إن الأمم المتحدة تحذر من أن العالم سوف يتجاوز الهدف المحدد للاحتباس الحراري الذي تنص اتفاقية باريس للمناخ على أن يكون أقل من 1.5 درجة مئوية بحلول عام 2030، مؤكدة أن التغير المناخي بدأ بالفعل في إحداث كوارث طبيعية.
وأشارت الصحييفة إلى أن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي قالت إن “درجات الحرارة مستمرة في الارتفاع، وهي الآن على المسار الذي قد يؤدي بها إلى تجاوز الهدف الرئيس الذي تنص عليه اتفاقية باريس للمناخ، وهو ما قد يترتب عليه تبعات خطيرة تؤثر على المناخ حول العالم ويمتد أثرها إلى مستويات المياه في البحار”.
وقال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش: “إن تقرير مجموعة العمل 1 للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ اليوم بمثابة بطاقة إنذار حمراء للبشرية”.
وأضاف: “إذا حشدنا القوى الآن، سنتمكن من تفادي وقوع كارثة مناخية. ولكن، كما يوضح تقرير اليوم، لا يوجد وقت للتأخير ولا مجال للأعذار. أعول على قادة الحكومات وجميع أصحاب المصلحة لضمان نجاح مؤتمر الأطراف السادس والعشرين”.
ويذكر تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، بنبرة قوية: “من الواضح أن التأثير البشري أدى إلى تدفئة (زيادة درجات حرارة) الغلاف الجوي والمحيطات والأرض”.
ويقول البروفيسور إد هوكينز، من جامعة ريدينغ البريطانية، وأحد المشرفين على التقرير، إنه لا يمكن للعلماء أن يكونوا أكثر وضوحا في هذه النقطة من ذلك.
وأضاف: “إنه إعلان للحقيقة، لا يمكننا أن نكون متأكدين أكثر من ذلك، إنه أمر لا لبس فيه ولا جدال فيه، البشر يرفعون درجة حرارة كوكب الأرض”.
وشارك في إعداد هذا التقرير مئات العلماء والباحثين، من 195 دولة، ويتكون من 42 صفحة، وصدر بعنوان “ملخص لصانعي السياسات”، وفقا لما جاء في تقرير ديلي تليغراف.
[ad_2]