فيروس كورونا: القرى المكسيكية التي ترفض اللقاح
[ad_1]
- ستيفاني هياغرتي
- مراسلة بي بي سي لشؤون السكان
قبل نحو 8 أشهر شاهدت باسكوالا فاسكيز أغيلارحلما غريبا بخصوص قرية كوكيلتيل التي تعيش فيها.
وتقع القرية وسط الغابات في مرتفعات وجبال جنوبي المكسيك.
ورأت باسكوالا أن وباءً أصاب القرية وهرب الجميع منها إلى الغابات المحيطة، واختبأ بعضهم تحت مجموعة متشابكة من أشجار الصنوبر الطويلة.
وقالت “لم يتمكن الوباء من الوصول إلينا هناك، هذا ما رأيت في الحلم”.
وبعد عدة أشهر من هذا الحلم، ضرب فيروس كورونا المكسيك بقوة. وواجه الآلاف من المصابين الموت أسبوعيا، لكن كوكيلتيل وعدد آخر من القرى والمجتمعات المعزولة من سكان البلاد الأصليين في مقاطعة شياباس لم تسجل أي إصابات، وهو ما يمكن اعتباره أمرا جيدا لكنه في الوقت نفسه يسبب مشكلة.
لقد تلقى نحو 30 في المئة من المواطنين في المكسيك جرعة واحدة على الأقل من اللقاح، لكن في مقاطعة شياباس، لم تصل معدلات تلقي اللقاح حتى نصف هذه النسبة، أما في كوكيلتيل، والقرى المجاورة فلا يصل معدل تلقي اللقاح إلى 2 في المئة.
وتحدث الرئيس المكسيكي، أندريس مانويل أوبرادور، عن المعدلات المتدنية لتلقي اللقاح في مقاطعة شياباس. وطالب الحكومة ببذل المزيد من الجهد لزيادة التلقيح.
وتعتبر باسكوالا، زعيمة طبية لسكان قريتها وعدد من القرى المحيطة. وقد تلقت اللقاح لأنها تخرج من المنطقة وتعود إليها بشكل متكرر، وتخشى أن تقوم بنقل العدوى إلى أهلها وأبنائها، والذين لم يتلقوا اللقاح مثلهم مثل بقية السكان.
وتأثر هؤلاء بالكثير من الأكاذيب والدعاية المضللة التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. وشاهدت باسكوالا بنفسها عددا من المنشورات والرسائل، التي تقول إن اللقاح سيقتل جميع من تلقوه خلال عامين، وإنه ليس إلا مؤامرة لتقليل عدد سكان كوكب الأرض، وإن اللقاح هو علامة الشيطان التي تلعن أي شخص يتلقاه.
وتشير باسكوالا إلى أن هذه المعلومات المغلوطة منتشرة في كل مكان، خاصة القرى المنعزلة مثل كوكيلتيل، ويمكن أن تكون مضرة بشكل كبيرة، مضيفة أن “الناس لا يثقون في الحكومة، ولا يرون أنها تفعل أي شيء صالح، فقط يرون الكثير من الفساد”.
ويشكل أبناء المجتمعات الأصلية من السكان الأصليين الغالبية العظمى من المقيمين في الإقليم خاصة من تمتد جذورهم إلى قبائل المايا القديمة. وتوجد أكثر من 12 لغة حديث مختلفة وتعترف بها الحكومة بشكل رسمي، على رأسها اللغة التي يتحدث بها سكان قرية كوكيلتيل وهي “تزيلتال”، بينما يوجد القليل من السكان يتحدثون الإسبانية.
ولدى المجتمعات المحلية في المنطقة تاريخ طويل من مقاومة السلطات المركزية، أبرز ما فيه انتفاضة زاباتيستا، عام 1994.
وتقول باسكوالا إن “الحكومة لا تستشير الناس في أي شيء، وغالبية الناس هنا لا يصدقون أن فيروس كورونا موجود بالفعل”.
ولا يشكل ذلك أزمة فقط في المكسيك أو أمريكا اللاتينية، بل في العالم أجمع. ففي شمال نيجيريا كما في مناطق في شمالي باكستان، رفضت مجتمعات محلية من قبل مساعدة الحكومات، وقاطعت حملات للتطعيم ضد مرض بوليو بسبب عدم الثقة في الحكومات المركزية.
بعض هذه المجتمعات صدق شائعة تقول إن اللقاحات تم إرسالها من الولايات المتحدة، كجزء من “الحرب على الإرهاب” وتؤدي إلى العقم بهدف تقليل أعداد المسلمين.
وتقول ليزا مينينغ، خبيرة العلوم الاجتماعية في منظمة الصحة العالمية: “هناك أرض خصبة للشائعات، والتضليل بسبب انعدام الثقة في السلطات، وربما العلم في بعض الأحيان”.
وتضيف ليزا، التي تدرس أسباب ضعف تلقي اللقاحات في بعض المناطق حول العالم، أن “هناك فجوات معلوماتية، وربما نظام توعية صمم بشكل سيء، فشل إقناع أبناء هذه المجتمعات بشكل مستمر تاريخيا”.
وتقضي نيكولاسا غالبية يومها في رعاية الدجاج والحيوانات في حظيرتها والمزروعات في الحقل المجاور في قرية كوكيلتيل، وهي مقتنعة بوجود فيروس كورونا، لكنها ليست مقتنعة بأنها في حاجة لتلقي اللقاح.
وتقول “أنا لا أغادر منزلي كثيرا، ولا أسافر إلى المدينة، أنا أركز على الاعتناء بمنزلي، وحيواناتي”.
وتعتقد أيضا أن أسلوب حياتهم يحفظ القرية. فهم يأكلون الطعام الصحي، ويمارسون الكثير من النشاط الجسدي يوميا، ومثل غالبية المجتمعات الأصلية في أمريكا اللاتينية، يعتنقون مزيجا من الديانة المسيحية الكاثوليكية، والديانات الروحانية القديمة التي كان يؤمن بها أسلافهم.
وتقول “لا أستطيع القول ما إذا كان هذا اللقاح جيدا أو سيئا، ولا معرفة كيف تم صنعه، ولا من صنعه أو ماذا يوجد فيه، لكنني أعد دوائي التقليدي بنفسي، وأنا أثق فيه”.
وتستخدم خليطا من أوراق التبغ والكحول المصنوع منزليا، والثوم البري، لعلاج مشاكل التنفس، علاوة على خليط من مستخلصات الزهور البرية، التي تنمو في الغابات المحيطة، لعلاج ارتفاع درجة الحرارة.
أما الطبيب جيراردو غونزاليس، الذي يساهم في علاج أبناء المنطقة منذ 15 عاما، فيقول إن العلاجات العشبية، ليست منتشرة فقط بسبب الثقة في قدرتها على العلاج، بل أيضا بسبب نقص البدائل لأن أقرب مؤسسة طبية تبعد كثيرا.
ويعتقد غونزاليس أن أسلوب حياتهم وطعامهم يوفر لهم مناعة قوية بالفعل، لكنه في الوقت نفسه يشعر بالقلق بسبب تراجع معدلات التلقيح بينهم.
ويقول “لا أشعر أن جهود الحكومة، كافية لإقناعهم وتلقيحهم بمعدلات كافية. فهذه المؤسسات تتعامل بشكل انطباعي، وتتوقف عند القول، اذهب واحصل على اللقاح”.
في الوقت نفسه، تعتبر الحكومة الاتحادية في المكسيك أن برنامج التلقيح الذي دشنته قبل أشهر ناجح، مع تراجع نسبة الوفيات بنحو 80 في المئة خلال الموجة الثالثة مقارنة بالموجتين السابقتين.
وتقول باسكوالا إن السلطات يئست بشكل سريع، عندما رأوا رفض المجتمعات المحلية، الحصول على اللقاح.
بينما تقول ليزا، خبيرة منظمة الصحة العالمية: “من الخطأ النظر إلى نموذج العرض والطلب هنا بشكل منفصل عن كل شيء آخر” مشيرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية التي شهدت أيضا ترددا من المجتمعات الملونة في الحصول على اللقاح، حتى بذلت السلطات المحلية في الولايات المختلفة المزيد من الجهد لإقناعهم، وتسهيل حصولهم على اللقاح، ما جعل معدلات التلقيح أعلى بكثير.
وتقول “توفير وسيلة سهلة للحصول على اللقاح، مع وجود عاملين صحيين مدربين، وقادرين على الإجابة على أي سؤال، وتقديم الرعاية للجميع بشكل محترم، هذا هو ما يصنع الفارق”.
وتعتبر ليزا أن الحملات المصممة بشكل رأسي بوجود الحكومة في الأعلى والمجتمع في الأسفل غير ناجحة. وتعتقد أن “ما يجدي فعلا هو الإنصات للمجتمعات المحلية، ومشاركتهم والعمل معهم”.
وتعد كوكيلتيل واحدة من المجتمعات المحلية المعزولة، الموجودة بالملايين، حول العالم والتي تفتقد التواصل مع الخارج، لكن الآن كل ما يمكن لباسكوالا فعله هو محاولة إقناع الناس بأهمية اللقاح وتركز جهودها على هؤلاء الذين يسافرون خارج القرية، مثل سائقي الشاحنات.
وفي الوقت نفسه، لا تعول باسكوالا على اللقاح فقط في توفير الحماية، لكنها تتطلع إلى أمور أخرى قائلة “الحمد لله، نحن نعيش في قرية تحيطها الأشجار، ونتنفس هواء نقيا، وأعتقد أن أمنا الأرض توفر لنا الحماية بشكل كما”.
[ad_2]
Source link