اقطعوا الأيدي الآثمة … بقلم هادي العنزي
جريمة أخرى مروعة هزت أركان الوطن الآمن، غدر آخر من وحش تجرد من إنسانيته، وكل ما يمتّ إلى البشر، قتل أمه المنكوبة في ابنها أولا، فحل عليه الغضب، أولغ في طغيانه، فأزهق روحا طاهرة شابة، وفر على وجهه هائما، ولم يطل به المقام بيننا ـ ولله الحمد ـ حتى زهقت روحه الشريرة، محملة بالسخط واللعنات إلى حيث مأواها الأخير.
كشفت الجريمة المزدوجة المنكرة التي راح ضحيتها جورية العنزي في منقطة القصور، وشهيد الواجب الشاب عبدالعزيز الرشيدي في «المهبولة»، عن أوجه عدة سلبا وإيجابا، فهناك قصور في طريقة التعامل مع المشبوهين، يتطلب معه وضع آلية أمنية واضحة ومعلنة، تضمن معها سلامة رجال الأمن، جنبا إلى جنب مع المحافظة على الحقوق الدستورية لعامة الناس، وهذا ما يجب أن يتم عمله باحترافية عالية وعلى وجه السرعة، فحماية القائمين على الأمن حماية للمجتمع، كما أن الإسراع في معاقبة المجرمين، من شأنه أن يكون رادعا لكل من تسول له نفسه بالانحراف.
ولعل الوجه القبيح والأكثر إيلاما للنفس، ما كشفته الجريمة البشعة في منطقة المهبولة من التفاعل السلبي لمن كان قريبا من وقوع الجريمة الثانية، غابت المبادرة فنحرت المروءة في القلوب، لتظهر السلبية في أبشع صورها، مع أن تدخلا محدودا أو مباشرا لأحد المارة بأي طريقة كانت، كان يمكن أن ينقذ روحا زكية من براثن يد آثمة، ويضع الشخص المبادر في منزلة مجتمعية رفيعة، ولعل الاستنكار الكبير لتلك السلبية القاتلة الذي شهدته وسائل التواصل الاجتماعي، باعث على الأمل، بأن نكون أكثر إيجابية في لحظات قد تكون فارقة في حياة الكثيرين.
لمؤسسات المجتمع المدني الدور الأساس في تعزيز الأمن المجتمعي، فالمهمة أكبر من أن تحتويها المؤسسات الرسمية للدولة، وبتكامل الأدوار يصبح المجتمع أكثر تماسكا ومنعة، ولعل الدور الأهم للأسرة، حيث البداية هناك، لتتشكل منها الملامح الشخصية، تزرع المبادئ والقيم بعناية، فتزهر شخصية مستقيمة متعددة الفوائد لأهلها ولمجتمعها، إن عوملت بقسوة وعنف لفظي وبدني، وتركت نهبا للنوازع والرغبات، تشوهت وانحرفت عن طبيعتها وفطرتها، لتقدم آفة مجتمعية بالغة الضرر.
هادي العنزي