التعليم عن بعد: قصص من عالمنا العربي عن التعليم في ظروف الحرب ووباء كورونا
[ad_1]
- مها الجمل
- بي بي سي – القاهرة
يقول الشاب السوري طلال: “انقطع الإنترنت أثناء الامتحان في إحدى المواد فاضطررت أن أعيد المادة مرة أخرى”.
يسعى طلال لاستكمال دراسته الجامعية عبر التعلم عن بعد، لكن لم يكن الأمر سهلاً؛ فانقطاع الخدمات في مناطق مختلفة في سوريا من وقت لآخر، وتحديداً في محافظة إدلب، الخاضعة لسيطرة المعارضة المسلحة شمال غربي سوريا، يلقي بظلاله علي نمط حياته هو وأسرته، حتى بات ذلك جزءا أصيلاً من حياته اليومية.
ويقيم طلال، الذي يعول أربعة أبناء، في إدلب التي نزح إليها عام 2012 بسبب ما قال إنه ملاحقات سياسية وظروف الحرب والثورة بعد عمله في دمشق.
وضاعت شهادة طلال الجامعية، كما خسر عمله مثل العديد من السوريين بسبب ظروف الحرب.
وتعرف طلال على التعليم عن بعد عبر “جامعة الناس” الأمريكية، المعروفة باسم “يونيفرسيتي أوف بيبول” عام 2018.
وحين أجريت معه المقابلة افتراضيًا كان طلال يجلس على مكتب صغير هو تقريباً ملاذه يومياً على مدار سنوات للدراسة والتعلم.
ويدرس طلال إدارة الأعمال في هذه الجامعة الأمريكية عن بُعد، بمبالغ زهيدة، ويقول إنه استفاد من طريقة التعلم تلك في علوم القيادة وتطوير التحدث باللغة الإنجليزية والتواصل مع الناس.
يقول طلال: “دفعتني الظروف للتعلم لإيجاد فرص عمل أفضل، والجامعة أمّنت ذلك، لأنها تساعد الجميع ممن يعانون صعوبات في التعلم”.
ولم تكن إدارة الأعمال مجال دراسة طلال من الأساس، لكن تغير الظروف في إدلب جراء الحرب، وضياع كل مقومات الحياة، دفعاه إلى البحث عن فرصة عمل لتحسين أوضاعه المعيشية، وكان لابد من تحقيق ذلك من خلال الدراسة عن بعد.
وقد ساعده ذلك في الحصول على فرصة عمل لاحقاً مع إحدى المنظمات الخيرية في إدلب. ويشير طلال إلى أن البينة التحتية من مستشفيات ومدارس دمرت وأن الناس يعتمدون على المساعدات من تلك المنظمات وبعض المنظمات الدولية العاملة في إدلب.
ويعاني طلال انقطاع خدمات الإنترنت بشكل متواتر، وهو أحد التحديات التي تواجهه في تحصيل الدراسة عن بُعد. لكنه يصرّ مع ذلك على استكمال تعليمه حتى مرحلة الدكتوراة، كما يصرّ طلال على أن يستكمل أطفاله تعليمهم في المدارس، بالرغم من محدودية الحركة والتنقلات بشكل عام حالياً، على حد قوله.
صعوبات التعليم عن بعد
تعيش هالة، وهي لاجئة سورية، في تركيا حاليا بعد أن فرت هي وأسرتها من الحرب في سوريا، وقد لجأت هي أيضا للتعلم عن بعد لاستكمال دراستها الجامعية التي لم تستطع إتمامها في سوريا في ظل ما وصفته بمستقبل غامض.
تقول هالة إنها حين قررت الانتظام في عملية التعلم عن بعد، قال لها أصدقاؤها عن الجامعات والمؤسسات التي توفر ذلك: “الشهادات غير معترف بها.. وما سمعنا أحدا تخرج فيها.. كيف ستعملين، وكيف ستأخدين شهادتك؟”
لكن هالة تدرجت مع ذلك في دراسة إدارة الأعمال في إحدى الجامعات عبر الإنترنت، والآن هي في السنة الرابعة من الجامعة، وترى أنها أصبحت نموذجا يحتذى به وسط أهلها وأصدقائها.
أما تهاني، وهي شابة سعودية، فلم تكن تريد استكمال دراسة البكالوريوس، لأنها لم تكن ترى أن التعليم سيقدم لها الكثير. لكنها بعد ذلك غيّرت وجهتها وانتسبت إلى جامعة عبر الإنترنت، لأن ذلك وفّر عليها ما اعتبرته عناء حضور المحاضرات في الجامعة، فضلاً عن سهولة الحصول على المصادر التعليمية.
تقول تهاني إن التعليم عن بُعد سهّل لها أيضاً تطوير نفسها في مجال عملها، وتحديداً في ظل تفشي وباء كورونا، وهو وقت راج فيه التعليم عن بُعد، وفتحت جامعات في السعودية، بينها جامعة عفت، المجال أمام التعليم الإلكتروني.
وترى تهاني أن كثيراً من الشباب قد يواجهون صعوبات مادية أمام التعليم الخاص في السعودية، كما قد يصعّب الزواج من تعليم بعض السيدات، فالتعليم عبر الانتساب لجامعات على الإنترنت قد يغدو خياراً أفضل.
ولكن لماذا يشعر بعض الدارسين بقلق بشأن مصداقية الشهادات الممنوحة لهم عبر الإنترنت؟
يقول محمد رزق الله، مدير البرنامج العربي في جامعة “الناس” الأمريكية (UoPeople)، إن كثيرين “في ظل وباء كورونا يسألون عن التعليم عن بُعد، بينما هناك صورة مغلوطة عنه نتيجة لوجود جامعات “وهمية” عبر الإنترنت تبيع شهادات التخرج من غير الحاجة للتعلم والدراسة”.
ويشير رزق الله إلى أن التعليم عبر الإنترنت ظهر بشكل واضح منذ ما يقرب من عشرين عاماً، وأن الحاجة الآن للتعلم عن بُعد باتت أكبر نتيجة انتشار وباء كورونا، وفرض الإجراءات الاحترازية في مناطق حول العالم، وبالتالي فتحت العديد من الجامعات أبواب الدراسة عبر الإنترنت.
ويرى رزق الله أنه لابد من تغيير الصورة النمطية للتعليم الإلكتروني، لأنه يوفّر للطلاب خيارات أفضل.
ويقول رزق الله إن بعض الصعوبات قد تواجههم كمدرسين أثناء التعليم عن بعد، مثل النقاشات التي تدور بين الطلبة والتعرض لثقافات وخلفيات متنوعة قد تفرض بعض المشاكل، لكنهم في الجامعة التي يعمل بها يحاولون ضبط النقاشات عبر منتديات توفر فرصا أفضل لنقاشات متنوعة.
محرومون من الدراسة في مخيمات اللجوء
تدق جوليت توما، المديرة الإقليمية لإعلام منظمة اليونيسيف في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، جرس الإنذار بالنسبة لحرمان الأطفال اللاجئين في مخيمات اللجوء بالمنطقة العربية من التعليم -وخصوصًا الأطفال السوريين.
تقول جولييت: “حوالي 700 ألف طفل لاجيء سوري خارج مقاعد الدراسة، البعض منهم لم يحظ أبداً بأية فرصة للتعليم ، بينما خسر البعض الآخر سنوات عدة من التعليم، واليوم لا يستطيع العودة للدراسة وبالتالي نصف الأطفال الذين كان يفترض أن يكونوا على مقاعد الدراسة هم محرومون من الدراسة”.
وتحذر جوليت من أن الوضع تفاقم بسبب تفشي وباء كورونا وإغلاق الكثير من المدارس في إطار الإجراءات الاحترازية وبالتالي قد يكون عدد الأطفال المحرومين من التعليم من اللاجئين السوريين، في العراق والأردن ولبنان ومصر وتركيا، أعلى من ذلك بكثير.
وفي مواجهة هذا الواقع، تساعد منظمة اليونيسيف في توفير التعليم الإلكتروني للأطفال عامة والأطفال اللاجئين بالتعاون مع الحكومات والدول المضيفة للاجئين عبر منصة رقمية تعليمية اسمها “بوابة التعلم”.
لكن هناك تحديات، و تقول جولييت إن فجوة رقمية كبرى تتمثل في خدمات الإنترنت، وعدم توفر الأجهزة الرقمية التي تسهل التعليم عن بُعد، مما حرم 40 في المئة من الأطفال في المنطقة من التعليم عن بعد خلال عام 2020.
وتدعو جوليت القطاع الخاص والعاملين في القطاع الرقمي إلى المساعدة في سدّ تلك الفجوة الرقمية سواءً بالتبرع بأجهزة رقمية للأطفال أو توسيع شبكة الإنترنت وإيصالها لكافة المناطق بما فيها المناطق الريفية والنائية وتأمين هذه الخدمات مجاناً أو بأسعار مخفضة للأطفال اللاجئين.
وتؤكد جولييت أن “110 مليون طفل في كل أنحاء المنطقة العربية، بينهم الكثير من اللاجئين حرموا من الدراسة بسبب تفشّي وباء كورونا والإغلاقات والإجراءات الاحترازية التي شددتها السلطات الوطنية والحكومية للسيطرة على الوباء”.
وتشير جولييت إلى أن أطفالاً كثيرين في الدول التي لا تعاني من الحروب أو التي لا تستضيف لاجئين استطاعوا تعويض ما فقدوه في الدراسة لاحقاً، بيد أن المشكلة تتفاقم لدى الأطفال اللاجئين أو ممن يعيشون في ظروف حرب ونزاعات مسلحة.
وتوفر اليونيسيف مساعدات للمدرسين لتوفير التعليم عن بُعد لكافة الأطفال؛ وقد أرسلت المنظمة خلال فترة الوباء إرشادات للمدرسين لتسهل عملية التعليم للأطفال، وإرشادات لإرسال المواد التعليمية للأطفال عبر الهاتف، أو إرسال الكتب والمناهج الدراسية مطبوعة إلى بيوت الأطفال.
تقول جولييت إن اليونيسيف بالتعاون مع عدد من الجهات، من بينها الحكومات العربية المضيفة للاجئين، تسهم ببرنامج المساعدات النقدية الذي تقدمه للعائلات المعوزة والفقيرة واللاجئين، لارتفاع نسبة البطالة والفقر بين الأطفال تحديداً بسبب انقطاع دخل كثير من العائلات نتيجة وباء كورونا، لعلهم يستطيعون إبقاء أطفالهم في المدارس.
وتحذر جولييت: “أزمات سابقة في تاريخ النزاعات تشير إلى أنه كلما طالت فترة عدم التحاق الأطفال بالمدراس، زادت احتمالية عدم عودتهم إليها على الإطلاق مما يعني آثارًا نفسية وخيمة على الأطفال وخطر زجهم في العمالة وتزويج القاصرات، مما يكون له تداعيات خطيرة على حياتهم”.
[ad_2]
Source link