الحرب في سوريا: “أكثر من نصف اللاجئين السوريين” يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة
[ad_1]
- ديما ببيلي
- بي بي سي
عشر سنوات مضت منذ خروج أولى التظاهرات في سوريا لتدخل البلاد بعدها في صراع دام أودى بحياة مئات الآلاف، وتسبب في تشريد ونزوح الملايين داخل البلاد وخارجها.
ووجد سوريون كثر أنفسهم في بلدان “المنفى”، متخذين منها أوطانا موازية مصغرة بحثاً عن الأمان والسلم، إلا أن معاناة اللاجئين السوريين لم تقتصر على بعدهم عن ديارهم أو شتات النزوح، فقائمة الأضرار تضم أيضا معاناة قطاع كبير منهم من أمراض نفسية مزمنة.
منظمة “إغاثة سوريا” البريطانية أجرت استبيانا على 721 من الشباب والشابات السوريين في لبنان وتركيا ومحافظة إدلب بشمال سوريا، لتعلن أن 75 في المائة منهم يعانون من سبعة أعراض على الأقل لاضطراب ما بعد الصدمة.
تقول المعالجة النفسية والدكتورة جيدا الحكيم، في حديث مع بي بي سي عربي، إن معاناة “جزء كبير” من السوريين من اضطراب ما بعد الصدمة ( PTSD) بعد مرور عشر سنوات على الحرب، “ليس بأمر غريب”، لأن الاضطراب قد يبدأ بعد سنوات من مواجهة الصدمة أو “التروما”.
والتروما (أو الصدمة النفسية) تنتج عن حادثة مخيفة جدا، خارجة عن سيطرة الشخص كوقوعه ضحية اعتداء، أو حادث سير، أو العيش في مناخ حرب أو كوارث طبيعية. وقد يصيب اضطراب ما بعد الصدمة أي فئة عمرية وتحفز أعراضه من خلال روائح أو أصوات تعيد ذكريات التجربة الصادمة.
وتصنف الحكيم أعراض اضطراب ما بعد الصدمة بأربع مجموعات:
- أولها الذكريات الاقتحامية، أي تكرار ذكريات الصدمة مثل كوابيس مزعجة.
- والتجنب، أي تجنب التفكير بأي شيء مرتبط بحدث الصدمة.
- تغيرات سلبية بالتفكير أو الحالة المزاجية مثل القلق ومشاكل في الذاكرة أو الحفظ. وصعوبة الحفاظ أو تنمية العلاقات، مثل الانفصال عن العائلة أو الأصدقاء أو الانفصال عن الجسد، أي “التجرد من المشاعر” أو صعوبة المشاعر الإيجابية.
- تغيرات ردود الفعل البدنية، مثل الخوف، أو الانتباه الدائم لوجود خطر، وصعوبة النوم.
وبما يخص رحلة العلاج النفسي، تقول الدكتورة جيدا إنها تشمل مراحل وأشكال عديدة ليست طبية فقط، فبالإضافة لجلسات مع معالج نفسي، هناك طرق أخرى أثبتت الدراسات فعاليتها مثل العلاج عن طريق الكلام عبر مجموعات الدعم والعناية الجسدية مثل تمرينات التنفس واليوغا والتمرينات الجسدية.
ويقول العامل الاجتماعي المختص بالاستشارات النفسية خالد المصري، المقيم في العاصمة الألمانية برلين، إن مجموعات الدعم تشكل عاملا رئيسيا في رحلة العلاج النفسي. وقد تأتي تحت مسميات ونشاطات مختلفة مثل “ساعة شاي”، أو “غناء” أو “طبخ”، ولكنها تساعد الأشخاص على تجاوز الأزمات.
وتضيف د. الحكيم إن التعافي قد يكون عبارة عن تعايش مع ذكريات الصدمة، ليس نسيانها بشكل كامل.
تحديات
يقطن في ألمانيا ما يقارب 600 ألف لاجئ سوري، وفي حين تغلب بعضهمعلى حواجز اللغة والثقافة، إلا أن عددا كبيرا لا يزال يعاني من صعوبة الاندماج في المجتمع الألماني وضيقات نفسية تجعلهم بحاجة إلى المشورة والعلاج.
وفي العاصمة الألمانية برلين، يعمل الشاب السوري خالد المصري في شركة ألمانية تعني بالصحة النفسية والاجتماعية، وتساعد اللاجئين على الوصول إلى العلاج النفسي الاختصاصي وبوصفه “عاملا اجتماعيا”،
ويقول المصري إن انشغال اللاجئين بالبيروقراطية فور وصولهم يؤخر فترة ظهور أعراض أي صدمات نفسية، ولكن الأعراض قد تبدأ مع الاستقرار والخروج من “مرحلة النجاة”.
ويصعب على اللاجئين في أحيان كثيرة تقبل تشخيصهم بأي مرض نفسي، كما هي الحالة عند مجتمعات كثر، إذ يضيف خالد أنه اعتاد أثناء عمله مع اللاجئين السوريين الذين يتلقون العلاج النفسي تكرار عبارة “ليس للأمراض النفسية عواقب، بالإمكان اعتباره مثل أي مرض مزمن كالسكري أو غيره”.
كما يقول خالد إن تخوف اللاجئين من تشخيصهم بأي اضطراب نفسي يكون مفهوما في حالات كثيرة، ولكنه يعود لافتقار اللاجئين لبعض المعلومات الأساسية حول المرض وطريقة علاجه. فمثلا يؤكد لهم العامل الاجتماعي إن الأمراض النفسية لن تؤثر على فرصهم في العمل، إذ تكون كل المعلومات سرية، كما إنها لن تؤثر على أولادهم، ولن تدفع الحكومة لحرمانهم من أطفالهم.
وبالإضافة إلى الأسباب اللوجيستية، تشكل اللغة إحدى أهم العوامل التي تعيق العلاج النفسي أمام اللاجئين في البلد المضيف. على سبيل المثال، وجود مترجم في قاعة العلاج النفسي يقلل من أريحية الشخص المتلقي للعلاج، إذ يعتمد العلاج بشكل رئيسي على علاقة جيدة وراحة وثقة بين الطبيب أو المستشار النفسي والمريض.
كما تزيد صعوبة الترجمة من وصول الأحاسيس والمشاعر بشكل دقيق وصادق.
“شعب مصدوم”؟
تعلق الأخصائية النفسية جيدا الحكيم على العبارات المتداولة بين سوريين مثل “كل سوري مصدوم أو يعاني من مرض نفسي”، بقولها إن “تعميم حالة نفسية على سكان بلد كامل قد يقلل من قيمة التحديات التي ترافق اضطراب ما بعد الصدمة، وقد تعطي أفكارا خاطئة بأن أي شخص يعاني من الاضطراب لن يكون بمقداره عيش حياة طبيعية مرة أخرى.
وتضيف بأن الدراسات الغربية قد يكون سياقها مختلفا، ولا تأخذ بعين الاعتبار العوامل المجتمعية في بلدان المشرق التي قد تساعد على التعافي.
وفي السياق نفسه، يرفض خالد هذه العبارات التعميمية التي يرى أنها تعزز فكرة خاطئة عن اللاجئ “كشخص مدمر نفسيا”، وقد تؤثر سلبا على مستقبله في البلد المضيف. كما يرى أن فيها قدر كبير من “إطلاق الأحكام البعيدة عن الدقة والواقع”.
[ad_2]
Source link