“جئتكم حاجاً”: ما هي الأماكن التي سيزورها البابا في العراق؟
[ad_1]
في رسالة إلى العراقيين عشية توجهه لزيارتهم، قال البابا فرنسيس: “آتيكم حاجاً تائباً لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب”.
في الزيارة البابوية الأولى إلى بلاد ما بين النهرين، يشدّد فرنسيس على فكرة “الحج”، كونه يقصد أرضاً تعدها الأديان السماوية “مقدّسة”، وشهدت عبور عدد من الأنبياء، أبرزهم النبي إبراهيم.
إلى جانب اللقاءات الرسمية، سيزور البابا خلال الأيام المقبلة مواقع دينية تاريخية، نتوقّف أمامها هنا خطوة بخطوة، بحسب الترتيب الزمني.
الزمان: الجمعة – 5 مارس/ آذار
المكان: حي الكرادة، بغداد
كنيسة سيدة النجاة
شهدت الكنيسة التابعة للسريان الكاثوليك حدثاً أليماً مساء الأحد 31 أكتوبر/ تشرين الأول 2010، أدّى إلى مقتل أكثر من ستين شخصاً، عند تفجير مسلحين من تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين أنفسهم، بعد احتجاز المصلين رهائن في إحدى أكثر المجازر دموية بحق المسيحيين في العراق.
استعداداً للزيارة، رُسمت على الجدران المحيطة بالكنيسة، جداريات تحتفي بالبابا فرنسيس. كما رُفع بالقرب منها ملصق لصورة تجمع فرنسيس بالمرجع الشيعي آية الله علي السيستاني، كتب عليها: “أنتم جزء منا ونحن جزء منكم”، في إشارة إلى عبارة وردت على لسان السيستاني.
في هذه الكنيسة سيلتقي فرنسيس الإكليروس الكاثوليكي “وسيوجه كلمة الى رؤساء الكنائس عن أهمية البقاء وأهمية الشهادة”، بحسب ما قال بطريرك الكلدان الكاثوليك مار لويس روفائيل ساكو، في تصريح لموقع “النهار العربي”.
من خلال افتتاح زيارته في موقع شهد مجزرة، يشدّد البابا على رمزية “الشهادة من أجل الايمان” التي رافقت المسيحيين الأوائل، وتردّد صداها في حياة المسيحيين العراقيين خلال عقود من الخطف والطرد والتشريد.
وتحمل النوافذ الزجاجية الملونة في كنيسة سيدة النجاة أسماء ضحايا المجزرة، فيما كتبت فوق المذبح عبارة: “أين نصرك يا موت؟”، المأخوذة من رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنتس، والتي يشير إليها فرنسيس في عدد من خطاباته.
الزمان: السبت – 6 مارس/ آذار
تنافس النجف مدينة قم الإيرانية على ريادة المزارات الشيعية في العالم، فهي مدينة تاريخية عامرة منذ القرون الأولى للهجرة، وفيها مرقد الإمام علي بن أبي طالب، ابن عم الرسول محمد، وآخر الخلفاء الراشدين.
تعدّ المدينة مقصداً للحجاج الشيعة، وتحتضن حوزة علمية استقطبت دارسي الشريعة والدين عبر التاريخ. تشير المراجع التاريخية إلى أنّ هذه الحوزة ناشطة منذ قرون، وقد خرّجت كبار علماء الشيعة ومنهم آية الله علي السيستاني الذي يلتقيه البابا السبت.
ستكون محطّة البابا فرنسيس في النجف أول زيارة لشخصية مسيحية بهذا الحجم إلى محج شيعي مقدّس، يستقطب عشرات آلاف الزوار كل عام.
إلى جانب المدارس والمكتبات والجامعات، تضمّ المدينة معالم أثرية مهمّة، من بينها سور النجف الذي حصّن المدينة عبر التاريخ من الغزوات.
أشهر معالمها المعمارية مرقد الامام علي الذي يعود تاريخه إلى سنوات الدولة العباسية الأولى، وأضيفت إليه قبب وأبواب على مرّ العصور.
وبالرغم أنّ البابا سيزور مقرّ السيستاني القريب من الضريح لوقت لا يزيد عن الساعة، إلا أنّ بعض المغردين دعوه لزيارة المرقد أيضاً لكي يتفرج على قببه وجدرانه المذهبة، التي تجعل منه أحد أهم وجهات السياحة الدينية في العالم.
المكان: الناصرية محافظة ذي قار، جنوب شرق بغداد
أور أرض النبي إبراهيم
أصدر الفاتيكان ميدالية رسمية خاصة بزيارة العراق، حفرت عليها خريطة البلاد، يعبرها نهرا دجلة والفرات، وتتصدرها نخلة، وهيئة مطبوعة لشيخ بلحية طويلة يحمل كتاباً، ويمثّل النبي إبراهيم الخارج من أور مبشراً.
تعدّ مدينة أور الأثرية موقعاً رمزياً لأتباع الديانات السماوية، كونها ذكرت في الكتب المقدسة كمسقط رأس النبي ابراهيم الذي رفض بحسب الرواية الدينية تعبّد أهله للآلهة، وخرج حاملاً رسالة الإله الواحد، بحسب المعتقدات التوحيدية.
مساء السبت، سيرأس البابا صلاة مشتركة بين أتباع المسيحية والإسلام واليهودية، إلى جانب ممثلين عن ديانات أخرى من أقليات العراق، مثل الأيزيديين، والمندائيين، والصابئة.
يكتب كاردينال الكلدان الكاثوليك في العراق لويس روفائيل ساكو، على موقع بطريركيته: “هنا على أرض إبراهيم هناك شيء خاص ومتميز. هناك أخوة على صعيد الإيمان الذي يغمرنا بعطائه الكامل. المسيحيون والمسلمون واليهود وآخرون يشاركون أصالة ايمان إبراهيم باله واحد”.
يضمّ موقع أور الأثري زقورات ومجمعات سكنية يعتقد علماء الآثار أن عمرها يعود لأكثر من 1900 سنة قبل الميلاد، اكتشفت قبل نحو قرن من الزمن، ويمكن أن تشكّل قطباً مهماً لسياحة الحج الديني، على خطى النبي إبراهيم.
يأمل القيمون على الموقع، بحسب وكالة رويترز، أن تلفت زيارة البابا النظر إليه، للحاجة الماسة إلى تمويل أعمال ترميم القصور والمعابد فيه.
المكان: حي الكرادة، بغداد
كاتدرائية القديس يوسف الكلدانية
ستكون أجندة البابا حافلة يوم السبت، فبعد زيارة النجف صباحاً، وبعد الصلاة الجماعية في أور، سيعود إلى بغداد للقداس مساء، في كنيسة القديس يوسف للكلدان في حيّ الكرادة.
شيدت الكنيسة في خمسينيات القرن الماضي، ودفن في باحتها عدد من الأساقفة الكلدان، لكنها حديثة نسبة إلى تاريخ الكنائس العراقية الضارب في القدم، والذي يرجعه المؤرخون إلى قرون المسيحية الأولى.
ما يميّز القداس المرتقب في كنيسة مار يوسف، أنّه سيصلّى وفق الطقس الكلداني الكاثوليكي، وهو طقس يؤدّى في الكنائس الكلدانية فقط، وباللغة الآرامية وهي اللغة التي تحدّث بها المسيح قبل أكثر من ألفي عام، ولا يزال عدد من مسيحيي العراق ينطقون بها.
وقال بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق، لويس روفائيل ساكو، في أحاديث صحافية إنّ صلاة البابا وفق الطقس الكلداني تعدّ “معجزة” بالنسبة لأبناء رعيته، ومن خلالها يعترف فرنسيس بالتقاليد المسيحية الشرقية خارج المركزية الأوروبية.
وقد عقد كهنة بغداد عدّة لقاءات خلال الأسبوع المنصرم، لمناقشة تنظيم جلوس المصلين في الكنيسة، تماشياً مع الإجراءات الوقائية لمنع تفشي كورونا.
يعدّ الكلدان الكاثوليك الطائفة المسيحية الأكبر في العراق، يليهم الأشوريون، والأرمن، واللاتين، والأرثوذوكس، والبروتستانت، ويعترف الدستور العراقي بـ14 طائفة مسيحية.
انخفضت أعداد المسيحيين بشكل حاد بعد الغزو الأمريكي عام 2003، ولاحقاً بفعل هجمات داعش بين عامي 2014 و2017. وبحسب تقديرات منظمة “عون الكنيسة المحتاجة” الخيرية، فإنّ عدد المسيحيين في العراق اليوم لا يزيد عن 400 ألف شخص.
الزمان: الأحد – 7 مارس/ آذار
المكان: حوش البيعة، الموصل
كنيسة سيدة الساعة
تحتوي ساحة حوش البيعة في الموصل ركام ما بقي من عدّة كنائس قديمة دمّرها تنظيم داعش خلال سيطرته على المدينة.
في تلك الساحة سيتلو فرنسيس الصلاة عن أرواح من سقطوا في الحروب المتعاقبة، بمشاركة شخصيات من طوائف عراقية متعدّدة.
من بين أبرز الكنائس القديمة المدمرة في تلك الساحة، ما بقي من كنيسة سيدة الساعة للآباء الدومنيكان.
تحمل الكنيسة أحد أسماء مريم العذراء الشائعة في التقاليد المسيحية، إذ يشار إليها في صلاة التبشير الملائكي، حين يقول المصلون: “صلّ لأجلنا نحن الخطأة الآن وفي ساعة موتنا”.
تروي الكنيسة ومحيطها جزءاً مهماً من تاريخ مدينة الموصل، إذ أنها كانت شاهدة على دور البعثة الدومنيكية إلى بلاد ما بين النهرين وكردستان وأرمينيا، منذ منتصف القرن الثامن عشر.
برج جرس الكنيسة معلم أثري، وتقول المراجع التاريخية إنّ زوجة نابوليون الثالث الامبراطورة أوجيني، أمنت التمويل اللازم لبنائه في عام 1876.
شهد رهبان الدومنيكان الفرنسيون على محطات بارزة من تاريخ العراق والمنطقة، إذ أسهموا في إنشاء مدارس ومطابع للنشر في الموصل، ولكنهم طردوا عدّة مرات من المدينة، ثم عادوا اليها، كما في عام 1915 خلال الحرب العالمية الأولى، وبعد الإبادة التي طالت الأرمن.
حالياً تعمل بعثة من الرهبان على إعادة ترميم دير الدومنيكان وكنيسة الساعة وكنيسة الطاهرة القريبة وجامع النوري، التي دمّرت كلّها على يد تنظيم داعش عند سيطرته على المدينة.
يأتي ذلك ضمن مشروع “إحياء روح الموصل” الذي تشرف عليه الأونيسكو بتمويل من الإمارات، في إطار ما انبثق عن وثيقة الأخوة الإنسانية التي وقعها فرنسيس مع شيخ الأزهر أحمد الطيب عام 2019 في أبو ظبي.
المكان: بغديدا/ قراقوش، محافظة نينوى
كنيسة الطاهرة الكبرى
كانت محافظة نينوى عبر التاريخ معقل المسيحيين في العراق، ولا تزال أكبر تجمّع للأقليات الدينية كافة في البلاد.
المنطقة من دون شكّ من أبرز محطات رحلة “الحج الباباوي”، فهي مذكورة في التقاليد والنصوص الدينية السماوية على اختلافها.
في نينوى تدور أحداث قصة النبي يونس أو يونان وفق المرويات الدينية، فهو الذي صمد في بطن الحوت ثلاثة أيام، ثم خرج لتبشير أهل المدينة.
عادت الحياة خلال السنوات الماضية لتدبّ بالتدريج في قراقوش، أو بغديدا، كما يسميها أهلها المسيحيون، بعدما كانت مدينة أشباح بفعل موجة التهجير الأخيرة على يد تنظيم داعش.
تعدّ كنيسة الطاهرة من أبرز مراكز الكنيسة السريانية في العراق، وهي من أكبر كنائس الشرق، وقد بدأ العمل على بنائها في عام 1928، واستمرّ حتى الثمانينيات، لكنها دمرت عند سيطرة داعش على المدينة.
الآن، أنجز إعمار الكنيسة بالكامل، ضمن مشروع الترميم الشامل الذي أطلقته الأونيسكو، وسيلتقي فيها البابا بأهل المدينة ويتلو صلاة التبشير الملائكي معهم، في رسالة تطمين لمن بقي من مسيحيين في المنطقة.
الكنيسة الضخمة تتسع لمئات المصلين، لكن المشاركين في الصلاة سيقتصرون على العشرات، نظراً للظروف الصحية.
[ad_2]
Source link