تعرف على القرية التي تحتفي بالإناث بزراعة 111 شجرة مع مولد كل فتاة
[ad_1]
منذ قديم الأزل، تحتل الفتيات في المجتمع الهندي مكانة أدنى مقارنة بالفتيان، لكن أبا قاد حملة على مستوى البلاد لتغيير هذه التصورات المتحيزة ضد الفتيات، بعد أن لاقت ابنته حتفها فجأة.
شق شيام سوندر باليوال ثمرة شجرة الأناتو، التي تعرف باسم السيندور، وسقطت منها البذور شديدة الحمرة، ووضعها في راحة يديه، وألقى عليها نظرة فاحصة.
هذه النبتة التي يستخرج منها مسحوق الزنجفر الذي يضعه الكثير من الهنود على جباههم لأغراض تجميلية ودينية، لا تنمو عادة في هذه المنطقة. لكنها الآن أصبحت واحدة من أنواع عديدة من الأشجار التي تنمو في قرية بيبلانتري، وهي مجموعة من ستة نجوع صغيرة متصلة ببعضها في ولاية راجستان شمال غربي الهند.
وعندما تولى شيام باليوال منصب عمدة القرية في عام 2005، كانت آثار التنقيب عن الرخام واضحة على أراضيها، إذ أدت إلى تآكل التربة على سفوح الجبال وجفاف الأراضي المحيطة بالقرية وتدهور الغطاء النباتي. وكانت الفتيات في بيبلانتري، كشأن معظم القرى الهندية، تعد عالة على أسرهن وكان المجتمع ينتقص من شأنهن ويضعهن في مكانة أدنى من الأبناء، الذين يساعدون والديهم ماليا في المعتاد.
وفي عام 2007، وافت ابنه باليوال المنية عن عمر يناهز 17 عاما إثر إصابتها بالجفاف، وزرع أفراد عائلته الذين حزنوا حزنا شديدا لوفاتها، شجرة بالقرب من مدخل المدينة باسمها تكريما لذكراها. ورأى باليوال أن يحول هذا الحدث إلى برنامج أوسع نطاقا في القرية، وسرعان ما سار أفراد القرية على خطاه.
واليوم في كل مرة تولد فتاة في قرية بيبلانتري، يزرع سكانها 111 شجرة، وهذا الرقم يتيمن به الهندوس في القرية، لتكريم الفتاة وإصلاح النظام البيئي.
ويقول شيام باليوال: “ما دمنا زرعنا شجرة باسم فتاة، فلم لا نزرع أشجارا باسم جميع الفتيات في القرية؟”. وتحتضن المنطقة الآن 350 ألف شجرة، من أشجار المانغو وعنب الثعلب وخشب الصندل والنيم وشجر التين المقدس المعروف باسم بيبال والخيزران، وتغطي مساحة تقدر بنحو ألف هكتار، كانت في الماضي أراض جرداء.
وتحولت فكرة شيام باليوال البسيطة إلى حركة بيئية نسوية أوسع نطاقا، يوقع بمقتضاها الأزواج بعد إنجاب فتيات على إقرار يتعهدون فيه بأن يمتنعوا عن تزويجهن قبل أن يبلغن 18 عاما، وأن يسمحوا لهن بإنهاء دراستهن. ويفتح سكان القرية أيضا حساب وديعة ثابتة بمبلغ 31 ألف روبية ما يعادل 305 جنيهات إسترلينية باسم كل فتاة لا تستخدمه إلا بعد بلوغ 18 عاما سواء في تعليمها أو للمساعدة في تكاليف الزواج. وأصبحت غابة بيبلانتري أيضا نموذجا في الإدارة المثلى للمياه.
واصطحبني شيام باليوال في جولة بالغابة تحت ظلال الأشجار، وحذرني من الثعابين والعقارب، حتى وصلنا إلى شجرة كادامبا، بالقرب من مدخل القرية، وهي أول شجرة زرعها باليوال وأصبحت الآن محاطة بعشرات الأشجار.
وبينما يزرع سكان القرية 111 شجرة لكل فتاة على مدار العام، فإنهم يتجمعون في موسم الأمطار في شهر أغسطس/آب لزراعة الأشجار لجميع الفتيات اللائي ولدن في الشهور الـ 12 السابقة.
ويقدر شيام باليوال عدد الفتيات اللائي يولدن سنويا في هذه القرية، التي يبلغ عدد سكانها 5,500 نسمة، بنحو 60 فتاة. وتربط الفتيات الأكبر سنا سوار الأخوة “راخي” حول الشتلات التي زرعت بأسمائهن ويتعهدن بالحفاظ عليها كحفاظهن على أخواتهن في احتفال راكشا باندان. وفي ركن آخر من القرية، يتعهد رؤساء القرى وغيرهم من المسؤولين بالقرب من شجرة التين البنغالي ببذل قصارى جهدهم للحفاظ على البيئة.
ويقول باليوال: “أنجبت هذه المنطقة (راجستان) فرسانا لم يقبلوا الهزيمة. ونحن أيضا لن نقبل الهزيمة. واستطاعوا في القرون الماضية أن يدافعوا عن البلاد ضد الهجمات، والآن نحن نحارب أيضا الأمراض والتلوث”.
وبعد نمو الأشجار، ارتفع منسوب المياه الجوفية في بيبلانتري وأسهم التحول الثقافي الملحوظ في رفع مكانة المرأة. وتأمل نيكيتا باليوال، إحدى الفتيات في القرية اللائي زرعت أشجار بأسمائهن وتبلغ من العمر الآن 14 عاما، أن تصبح طبيبة وأن تساعد الفقراء. وتقول: “ينبغي أن نعتمد على أنفسنا”.
وفي هذا الصباح، كانت مجموعة من النساء يبذلن جهدا شاقا لحرث الأرض. إذ يعتني سكان القرية بالأرض ويعدونها للزراعة على مدار العام وليس في المواسم فقط.
وتقول نانوباي باليوال، خالة نيكيتا، إنها أنجبت ولدين، لكنها تمنت أن يصبح لديها حفيدات منذ أن بدأ برنامج زراعة الأشجار لتكريم الفتيات. والآن، أصبح لديها حفيدتان، وزرعت الأشجار بعد ولادتهما.
وتقول: “كانت الفتيات في السابق تعد عالة على المجتمع، والآن لم تعد الأسر تحبذ إنجاب الأولاد. فقد بذلنا جهدا شاقا لتصبح هذه القرية الصغيرة مميزة، وبهذا زادت فرص العمل والدخل أيضا”.
وهذه الأهداف تدخل في صميم البرنامج الذي يطبق على مستوى القرية، الذي لا يهدف إلى تكريم المرأة وإصلاح النظام البيئي فحسب، بل أيضا لاستعادة الغطاء النباتي لرفع مستوى دخل سكان القرية. ويقول شيام باليوال: “لا يمكن توظيف الجميع في القطاع الصناعي. ولهذا وضعنا نصب أعيننا الاستفادة من الموارد الطبيعية لتوفير فرص عمل”.
وأسست نساء القرية جمعيات تعاونية لإنتاج عصائر ومنتجات غذائية ومستحضرات تجميل من الصبار وبيعها في القرية. وتعتزم في العام المقبل أن تصنع منتجات جديدة من ثمار عنب الثعلب والخيزران والعسل، وغيرها من المحاصيل المزروعة في القرية.
ويقول شيام باليوال: “تحتاج الأشجار للتربة والمياه، وعندما تزرعها تجتذب الطيور، ويسهم الغطاء النباتي في زيادة الأمطار”. ويزرع سكان القرية أيضا 11 شجرة كلما توفي أحد سكانها. وتُزرع هذه الأشجار على أراض مشاع، كانت تقام عليها أعمال بناء بالمخالفة للقوانين. ويشير شيام باليوال إلى الجبال على مرمى البصر التي شهدت أنشطة تنقيب مكثفة وتآكلت تربتها، لكنها الآن تنمو فيها النباتات من جديد.
ويقول: “تسفر عمليات التعدين عن تدهور التربة. ونحن نعمل الآن على معالجة آثار عمليات التعدين على البيئة”. وفوق إحدى التلال الصخرية، تبدو عيدان قصب السكر الخضراء كأنها دخيلة على المكان.
ووضعت قرية بيبلانتري خطة لحصاد المياه تتضمن تجميع مياه الجريان السطحي وزيادة منسوب المياه الجوفية من خلال شق القنوات وبناء السدود والحواجز. ووضعت لافتات ضخمة في أرجاء القرية تعرض صورا لحالة القرية قبل وبعد برنامج استعادة الغطاء النباتي لتوثق التحول الذي شهدته بيبلانتري، التي أصبحت قرية خضراء نضرة بعد أن كانت أراضيها جافة وجرداء.
وتنتشر الآن في القرية برك المياه الصغيرة. ويسبح الإوز في بركة المياه حول تمثال أقيم تكريما لكيران. وكانت الأرانب تقفز في أحد الحقول، بينما كان طاووس يعبر الطريق بالقرب من مبنى مغطى بالألواح الشمسية.
وتقول نيميشا غوبتا، المديرة التنفيذية بالجهات الحكومية المحلية بالمنطقة: “شتان ما بين القرية في عام 2007 و2008 وبينها الآن، وهذا يكشف عن حجم التغيير الذي قد يحدثه شخص واحد”. وترى أن تأثير البرامج الحكومية على القرى قد يتوقف على كفاءة استخدام الموازنة.
وفي عام 2018، أقامت حكومة الولاية مركز تدريب بالقرية لتعريف الناس بنموذج بيبلانتري. واستضاف المركز مهندسين ومسؤولين وسكان من أقاليم مختلفة يتطلعون لمحاكاة نموذج بيبلانتري في تجميع مياه الأمطار وزراعة الأشجار في ولاية راجستان وخارجها.
وتقول غوبتا، إن أحد أسباب نجاح نموذج بيبلانتري هو أنه يربط بين البيئة وبين البشر، من خلال ربط الحفاظ على البيئة بعادات المجتمع وبمعاملة الأشجار كأفراد الأسرة.
وعندما حل المساء، حضر بريم شانكر سالفي مع زوجته وابنته روشيكا التي أكملت عامها الأول، إلى مركز القرية للاحتفال بعيد ميلاد ابنته وسط الخضرة.
وعندما ولدت روشيكا، زرع سالفي وزوجته الأشجار ووقعا على الإقرار وفتحا حساب وديعة ثابتة باسم ابنتهما. ويقول سالفي: “سنترك لابنتنا الحرية لتتخذ قراراتها بنفسها عندما تكبر”.
وسيسجل سالفي ابنته في المدرسة الابتدائية. وتبلغ نسبة قيد الفتيات بإحدى المدارس الحكومية بالقرية 33 في المئة في حين أن نسبة قيد الأولاد بنفس المدرسة لا تتعدى 19 في المئة. وتقول جيريداريلال جاتيا، مديرة إحدى المدارس بالقرية: “لم يتسرب أحد من الدراسة على مدار السنوات العشر السابقة، بغض النظر عن خلفية عائلته أو الطبقة التي ينتمي إليها. وكان عدد الفتيات اللائي يلتحقن بالمدراس أقل في الماضي”.
وربما لا تدرك بعد يانا باليوال ذات العامين أن أبويها زرعا لها أشجارا باسمها أو أنهما يعلقان عليها آمالا كبيرة. لكن والدتها سانغيتا باليوال التي انتقلت إلى بيبلانتري منذ 12 عاما، لم تتح لها فرص للتعلم في الصغر، وقد قررت أن تنهي ابنتها دراستها أولا ثم تفكر في الزواج لاحقا.
وكانت سانغيتا بحسب التقاليد الهندوسية المتشددة في قريتها تغطي وجهها من باب الاحتشام، لكن الحال تغيرت منذ أن انتقلت إلى بيبلانتري، حيث استطاعت أن تكمل تعليمها الجامعي عبر التعلم عن بعد وتقود سيارتها وأن تحصل على وظيفة.
[ad_2]
Source link