هجرة أطباء من لبنان تثير مزيدا من المخاوف بشأن وضع القطاع الصحي
[ad_1]
- مها الجمل
- بي بي سي – القاهرة
مع بداية حملة التطعيم في لبنان ضد وباء كورونا، لا تزال الأزمة الصحية وتداعيات الأزمات الاقتصادية المتتالية والأوضاع المتدهورة في البلاد تشغل بال اللبنانيين.
فالانتقادات بشأن التأخر في استيراد اللقاحات توجه لوزارة الصحة والمسؤولين والقائمين على القطاع الصحي، في وقت يتزايد فيه الشعور بالقلق من هجرة مجموعة من الأطباء ومن يعملون في القطاع الصحي إلى خارج البلاد.
وتشير تقارير إلى أن عدد الأطباء الذين هاجروا من لبنان وصل إلى حوالي 600 طبيب حتى الآن، كما تقول نقابة الأطباء. فلماذا يهاجر الأطباء بلدهم؟
ويروي الطبيب اللبناني لبيب رياشي، أخصائي أمراض النساء، لبي بي سي تجربته مع معاناة المرضى في لبنان، فيقول: “كانت عندنا مريضة تعاني من سرطان المبيض، أردنا أن نأخذها إلى المستشفى لإجراء عملية، ولم يكن لديها ما يكفي من المال لتدفع تكاليف تلك العملية، لأنها ليست مواطنة لبنانية، وليس لديها تأمين صحي، وكورونا يقيدنا بأشياء لا نقدر على التغلب عليها،… أليست هذه تعاسة”؟
ويحكي الطبيب اللبناني عن نقاط تحول دفعته للهجرة من بلده لبنان، بعد ثلاثين عامًا من تجربة دراسة الطب في الولايات المتحدة، وتخصصه النادر في الجراحة باستخدام الروبوت لعلاج أمراض النساء.
لم يكن رياشي يتوقع أن يهاجر مرة أخرى من بلده حين عاد إليها قبل ثلاثة أعوام ليعمل في تخصصه في جراحة الأمراض النسائية باستخدام الروبوت وينقل خبرته في القطاع الطبي، لكن دفعته الأوضاع الاقتصادية الضاغطة في البلاد، خاصة بعد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/ آب 2020، ونقص المعدات الطبية في المستشفيات تحديداً بعد انتشار وباء كورونا إلى اتخاذ قرار الهجرة.
وقد سافر رياشي إلى دولة الإمارات هذه المرة بعد أن أسس مركزاً طبياً هناك، ويحكي رياشي عن تدمير منزله الذي بناه في حي الأشرفية في بيروت عقب انفجار المرفأ، وكيف أنه هاجر “نصف هجرة” بين دبي وبيروت، حتى لا ينفصل كلياً عن بلده.
كما يروي تعرضه لمواقف صعبة يومياً مع عدم قدرته على مساعدة المرضي أحياناً الذين لم يستطيعوا الحصول على العلاج جيداً بسبب نقص الموارد الطبية أو عدم قدرتهم على دفع الأموال المطلوبة للعلاج، كما أنه يخشى من تأثر عمله الجراحي الذي يستخدم فيه التكنولوجيا وتراجعه بسبب صعوبة تنفيذ العمليات لنقص الطاقم الطبي المدرب، كما يقول.
كما ينتقد رياشي تأخر صرف الرواتب بسبب الأزمة الاقتصادية عامة، ويضيف: “في ظل عاصفة كورونا، ليس من المفترض أن نفتح لها الشباك، ولكن هذا ما حدث”.
يريدون الهجرة لكن يتعلقون بالأمل
وترى الطبيبة زكية الديماسي، أخصائية طب الأطفال والتعليم الطبي، أن الهجرة من لبنان خيار مؤلم بالنسبة لها، لكنها قد تفكر فيه، في ظل المعطيات الموجودة والظروف التي وصفتها بالمجحفة أمامها وكأنه خيار “قاتل أو مقتول”، كما تقول.
وتقول الطبيبة: “المستشفيات ما بقى فيها أسرة متوفرة لمرضى كورونا أو غير كورونا .. أقولها وجسمي يرجف خوفاً على أهلي كذلك إن احتاج أحدهم إلى أنبوب أكسجين ولم يجده”.
وتحذر الديماسي أيضا من وضع صحي بات على ما يبدو صعباً جدا في ظل انتشار وباء كورونا، إذ تشير إلى أن أنابيب الأكسجين المطلوبة لمعالجة مرضى فيروس كورونا تشهد أزمة نقص حتى في القطاع الخاص، كما تقول إن الأدوية المخصصة لعلاج وباء كورونا باتت كذلك تنقص في الصيدليات.
وتضيف الديماسي: “إذا نظرت إلى هذا الوضع، فما الذي يمكن للطبيب فعله. يأتي المريض فلا تستطيعين صرف الدواء له لأن أكثر الأدوية غير متوفرة، ولا تستطيعين زيادة سعر الكشف للمريض غير القادر، وبالتالي بات الخيار أمام من يعملون في القطاع الصحي هو الهجرة”، فالعديد منهم كما تقول أصبح “على آخر نفس”.
وتتابع بالقول: “الوضع عندنا يشبه السيناريو الإيطالي، لأن العدوى تنتقل من شخص للثاني بشكل سريع جداً، ومن يذهب للمستشفى لا يستطيع حتى الحصول على دور للعلاج”.
وتتحدث الطبيبة ريما وليد، طبيبة أطفال وأمراض جرثومية، عن أوضاع صحية صعبة أيضا في ظل انتشار وباء كورونا، خاصة بعد تحول مستشفيات حكومية وخاصة لاستقبال حالات الطواريء لمرضى فيروس كورونا، ما عدا بعض الحالات مثل الأمراض المزمنة والنساء الحوامل ومن يحتاجون لتدخلات عاجلة كما تقول.
وتقول الطبيبة إنها تساعد المرضى قدر استطاعتها بالكشف مجاناً لمن لا يستطيعون، وتحديداً في ظل الإغلاق الشامل منذ قرابة شهر ونصف، إلا أنها وبعد عشر سنوات من عملها كطبيبة وبنائها لوظيفتها تفكر في الهجرة إن استمر الوضع على ما هو عليه من أجل أولادها وسيكون قراراً نهائياً، وحين تترك البلاد ستترك خلفها هذه السنوات وتبدأ من الصفر.
الوضع الصحي في لبنان
“أكثر من 600 طبيب هاجروا من لبنان مؤخراً… هذه اختصاصات مهمة تهاجر وكفاءات عالية، وهذا يؤثر بشكل كبير على الوضع الاستشفائي في لبنان”، هكذا تحدث نقيب الأطباء في لبنان الدكتور شرف أبو شرف لبي بي سي عن هجرة مجموعة من الأطباء.
ويقول أبو شرف إن الأطباء الذين يهاجرون ينقسمون إلى نوعين: إما أن يتصلوا بالنقابة سلفاً لأخذ وثيقة تثبت خبرتهم الطبية، أو يسافرون دونما الإبلاغ، وتعرف النقابة ذلك بالصدفة.
ويُرجع أبو شرف ذلك للمشاكل التي حدثت في لبنان من انفجار مرفأ بيروت الذي تسبب كذلك في هدم أربع مستشفيات جامعية لم تعد إلى عملها بالشكل الطبيعي حتى الآن، والوضع الاقتصادي المتدهور وانتشار وباء كورونا.
وعن اكتظاظ المستشفيات بسبب وباء كورونا والانتقادات بعدم جاهزيتها بالشكل المطلوب، يقول أبو شرف إنهم باتوا يحولون المستشفيات الحكومية ذات نسب الإشغال القليلة إلى مستشفيات تستقبل مرضى كورونا.
وقد انطلقت حملة التطعيم ضد فيروس كورونا في لبنان في الفترة الأخيرة وسط انتقادات بسبب التاخر في وصول اللقاح والبدء في التطعيم، لكن نقيب الأطباء اللبناني يرجع المشكلة في ذلك إلى تأخر الشركة المصنعة للقاح فايزر بيونتك التي تعاقدت معها وزارة الصحة اللبنانية، وإلى التردد في اعتماد لقاح عالمي، فضلاً عن الشروط التي وضعت من قبل البنك الدولي ومنظمة الصحة العالمية في ذلك الإطار.
[ad_2]
Source link