فيروس كورونا: “ما هذه الحياة إن كنت أخاف من نشر فيديو أرقص فيه”
[ad_1]
في أحد أيام صيف القاهرة الشهر الماضي، تجنبت شابة مصرية الخروج من بيتها بسبب الحر اللاهب وبسبب فيروس كورونا، فدفعها الضّجر لأن تنشر على صفحتها على فيسبوك فيديو ترقص فيه على أنغام “مشيت ورا إحساسي” للمغنية روبي.
تبدو أجواء الغرفة البسيطة في الفيديو كأنها مشهد من فيلم قديم: إضاءة خافتة؛ مروحة عمودية تتجه بتتابع مرة نحو اليمين ومرة أخرى باتجاه اليسار؛ باب مفتوح؛ خزانة خشبية قديمة في العمق، ومصباح موضوع قرب سرير.
لكن كل تلك التفاصيل لم تكن واضحة، فكل الاهتمام منصب على حركات الشابة التي ترقص بانسجام مع الموسيقى وبأسلوب مختلف.
أكثر من مليون شخص شاهد فيديو رقص ياسمين عبد الرحيم، وكانت التعليقات عليه – بمعظمها – إيجابية ومشجعة لياسمين، التي فوجئت من ردة الفعل هذه.
حتى أن الراقصة المصرية الشهيرة، دينا، أبدت إعجابها برقص ياسمين.
“أنا مستغربة من عدد مشاهدات الفيديو والتعليقات ومرات المشاركة.. لدرجة إني قفلت هاتفي وحضرت مسلسل فريندز على التلفزيون”.
“لم أتعلم الرقص في أي مكان.. لكني أشعر أن لدي طاقة معينة وطريقة معينة في الرقص منذ صغري، وساعدتني دراستي للمسرح على معرفة كيف أختار الأجزاء التي أحركها، وكيف أقدم عرضا فنيا”، تقول ياسمين لبي بي سي.
لكن قرار ياسمين لقرار نشر فيديو رقص شرقي على وسائل التواصل الاجتماعي سبقته مرحلة طويلة من التفكير والقلق.
“قررت أن أجازف وأنشر الفيديو”
تحمل ياسمين، البالغة من العمر 26 عاما، شهادة في الصيدلة، لكنها لا تحب أن تعمل في هذا المجال، لذا درست نوعا من فنون التمثيل يركز على الحركات التعبيرية يسمّى (Physical Theatre).
أول فيديو لها تنشره على فيسبوك كان يوم 20 يونيو/حزيران وكانت ترقص فيه على أغنية أم كلثوم “لسه فاكر”، لكنه لم يحظ باهتمام مثل الذي ناله الفيديو الثاني الذي نشرته يوم 25 يوليو/تموز.
وقبل أن تنشر الفيديو الثاني كانت “مترددة وقلقة”، ففي تلك الفترة تحديدا كان هناك توتر عام في مصر بعد سجن أكثر من شابة مصرية بسبب نشر فيديوهات لهن على وسائل التواصل الاجتماعي، ووجهت لهن تهم “الإساءة لقيم الأسرة المصرية”.
“لن تصدقي عدد الأصدقاء الذين خافوا عليّ، لكن قلت لنفسي لو فضلت خايفة حتى من نشر فيديو ما الهدف من الحياة! صدقت حدسي وشعرت أنه لن يحدث شيء سيء”.
كيف يستخدم الشباب العربي تيك توك؟
فتيات التيك توك في مصر: السجن مقابل “خدش الحياء”
فكرت ياسمين بأدق التفاصيل واتخذت “احتياطاتها” كي لا تستفز الناس خاصة فيما يتعلق بالثياب التي ارتدتها؛ اختارت تنورة طويلة وقميصا بأكمام طويلة لكنها رفعته من الطرف “كنوع من المقاومة”، كما تقول وهي تضحك، فهذه الثياب لا تعكس ذوقها أبدا، لكنها تعلمت أن تختار المعارك التي تريد خوضها، فتغاضت عن موضوع الثياب.
“تمرنت قبل يوم، لكني ارتجلت أثناء الرقص.. بعد أن صورت الفيديو انتبهت أن طرف السرير ظاهر، فخفت من هذه النقطة. لكن التصوير واضح أنه عرض فني وليس رقصا خاصا.. أقنعت نفسي بأن أنشر الفيديو وقررت أن أجازف”.
وعلى اعتبار أن الناس غالبا ما يسارعون لإطلاق الأحكام التي تكون بمعظمها سلبية وهجومية على المرأة عندما تقوم بهكذا خطوة، تفاجأت ياسمين مع إيجابيتهم وقالت لنفسها إن رقصها الجيد جيد قد يكون هذا السبب الرئيسي “لتغاضي” الناس عنها هذه المرة، لكن الأمر لم يخل من بعض التعليقات السلبية – طبعا.
علّق بعض الأشخاص، غالبا نساء، على وزنها، لكن ياسمين لم تعر الموضوع أهمية كبيرة. “المهم هو الطاقة أثناء الحركة.. وإحساس الشخص تجاه نفسه. شخصيا كنت ألعب تمارين حديد وصحتي جيدة، لكن واجهتني مشكلة صحية بعد ذلك. لكني لن أحجر نفسي عن الحياة تحت أي شكل”.
الرقص الشرقي “روح في الأول وفي الآخر”
تحب ياسمين الراقصة سهير زكي كثيرا، رغم أنها لا تعتبرها الأفضل من ناحية تقنية الرقص، لكنها تحب أن تراها ترقص “فالرقص الشرقي روح في الأول وفي الآخر”. كما تحب سامية جمال “وهي تطير مع الموسيقى”، ودينا التي “تحترم الرقص في وقت تبرأ فيه الكل من الرقص”، ومن لبنان تحب أماني، التي اختفت من عالم الاستعراض منذ سنوات.
رغم أن فن الرقص الشرقي (أو الرقص البلدي كما يفضّل كثيرون تسميته) كان أساسيا في الثقافة المصرية، وخاصة في السينما المصرية، إلا أن كلمة “رقاصة”، أصبحت تستخدم كشتيمة.
وخلال فترة الحجر المنزلي في الأشهر الماضية، نشرت أكثر من شابة عربية تحمل فكرا نسويا فيديوهات لهن على وسائل التواصل الاجتماعي، يرقصن فيها رقصا شرقيا بفرح وبحرفية، فيما يبدو أنها محاولة لنزع “الوصمة” التي أصبحت ترافق هذا النوع من الفن، وربما كنوع من التحدي للقيود المفروضة على حركة المرأة وجسدها.
تقول ياسمين إنه في الأعراس العادية في الشوارع يرقص النساء والرجال أيضا ويهزون خصورهم بفرح، لكن برأيها تغير الوضع كثيرا لعدة أسباب، منها تكريس سلسلة أفلام مصرية لصورة الشابة التي “تبيع شرفها وتلجأ للرقص” بسبب سوء وضعها الاقتصادي. كما تقول إنها تلاحظ عدم تصالح النساء مع أجسادهن والخوف من تعرضهن للهجوم، إلى جانب انتشار فكر يشجع على الاحتشام منذ سنوات.
تزعجها كثيرا عقلية “التحريم” في كل شي يتعلق بالنساء، و”التي ترسخت في العقول”، لذا كان عليها المرور بمراحل حتى وصلت إلى ما هي عليه الآن – وكان لأمها دور في ذلك.
تقول إن أمها مزيح من شخصيتين إحداهما ثائرة وأخرى خاضعة للمجتمع، وهي تفضّل الشخصية الأولى التي تعلمت منها أن البنت مثل الصبي، وأن الزواج ليس أهم شيء في الحياة، وأن لها حق اختيار شكل حياتها وتحمل نتائج ذلك. كما أنها تعلمت من أمها ألا تفعل أي شيء تخشى أن يُعرف – تلك كانت أولى مراحل تكوينها التي أوصلتها إلى قناعاتها الحالية.
ثم مرت ياسمين بمرحلة سألت نفسها أسئلة كثيرة حتى وصلت إلى مبادئها، لذلك وبعد تلك الخطوات تقول إنها أصبحت تحس بالحياة عندما ترقص وعندما تكون على طبيعتها.
“يقول عني أصدقائي أنني نسوية لكن هذا الموضوع ليس ببالي.. ليس هدفي التمرد على المجتمع، بل أحب فقط أن أعيش كما أريد، ولكي أعيش هكذا يجب أن أدافع عن حقوقي وإلا سأكون شخصا آخر.. سواء كانت الفتاة محجبة أو لا أو مهما كانت قناعاتها يجب أن تعيش كما تريد بلا خوف. لا أحب القتال من أجل حقوقي.. لكن إن كان هذا الطريق الوحيد فسأتبعه”.
“لن أبقى ضمن رقص الهوانم”
لا تحب ياسمين الشهرة على السوشال ميديا، كما تقول، بل هدفها التواصل مع الناس لإيجاد فرص عمل على أرض الواقع، وتود أن تطلق قناة رقص احترافي على موقع يوتيوب، بفضل إتقانها عدة أنواع من الرقص.
“لا أحب أن أبقى ضمن ما يسمى رقص الهوانم أو الرقص الشيك.. هناك لغات تانية أحب أن أعكسها من خلال الرقص المعاصر بأسلوبي على أغاني معينة في بالي.. وعلى أغاني المهرجانات الجميلة التي أحبها جدا.. أريد أن أرقص هيب هوب يناسب أجواء القاهرة.. مدينة الأصوات.. وليس على الطريقة الغربية”.
وحتى الآن شاركت بالتمثيل في مشهدين، كما أنها تعلّم الأطفال اللاجئين اللغة العربية – ونيّتها أن تعمل في المجال الفني.
“خطواتي كانت بطيئة في المجال الفني.. لكن حدسي يقول لي إنني سأتقدم في عام 2020”.
“هل يمكن أن نراك حاليا بفيديو جديد ببدلة رقص شرقي؟”
تجيب ياسمين فورا: “الآن.. مستحيل!”.
[ad_2]
Source link