ملاك الرحمة باميلا زينون تروي لـ | جريدة الأنباء
[ad_1]
بيروت – زينة طبّارة
لم تكن باميلا تتوقع أنها على موعد يوم الثلاثاء الأسود مع الرعب في بيروت ست الدنيا، حيث تعمل ممرضة في قسم الولادة في مستشفى مار جاورجيوس للروم الاورثوذكس في الاشرفية، لكن القدر أبى إلا أن ينطق من جديد بلغة الموت والدماء والدمار الشامل عبر انفجار غامض في مرفأ بيروت ترددت موجاته الصوتية في جزيرة قبرص، فغص المستشفى كما كل مستشفيات العاصمة والضاحيتين الجنوبية والشمالية بعشرات الجثث وآلاف الجرحى تاركين خلفهم مدينة منكوبة تتوه في شوارعها مئات العائلات المشردة.
وباتصال «الأنباء» مع ملاك الرحمة، الممرضة باميلا الياس زينون صاحبة الصورة الشهيرة التي استطاعت رصد واحدة من اكثر اللحظات الإنسانية شبه المفقودة في عالمنا الحالي، شرحت زينون تفاصيل ما بعد لحظة الانفجار فقالت: «في مستشفى الروم نقيم تدريبات دورية حول كيفية إخلاء المستشفى في حال حدوث حريق جزئي أو كامل وحتى في حال حصول كوارث طبيعية، لكننا لم نكن نتوقع أن الإخلاء سيكون يوما نتيجة حدث امني بهذا الحجم، وما حصل هو ان الجهاز الطبي في كل المستشفى أصيب بالهلع لحظة دوي الانفجار الذي قذفني عصفه من غرفة الى غرفة مقابلة، لكن حكمة الله شاءت ألا أتأذى جسديا من اجل انقاذ الاطفال الخمسة حديثي الولادة، فنهضت وركضت اليهم لاخراجهم من الحاضنات الاصطناعية، وإذ بالصدمة الكبيرة تنهال علي لدى رؤيتي حجم الدمار الذي لحق بقسم التوليد، فالجدران تفسخت وتصدعت واسقف الحديد سقطت على الحاضنات وعلى الارض والزجاج كما الاثاث تناثر في كل مكان، وفريق طبي يساعد جريحتين في القسم نفسه، لم أتردد بحمل ثلاثة اطفال، وفي لحظتها وصل الي أب لمولود جديد ومعه الطبيب المسؤول عن قسم التوليد نديم حجل اللذان اهتما بإخراج الطفلين الآخرين.
هممنا ومعنا الاطفال بالنزول الى بهو المستشفى ومنه الى الطريق، حيث لا وجود لخطر سقوط الأسقف فوق رؤوس الاطفال، لكن ببطء نظرا لانقطاع التيار الكهربائي ولتراكم الدمار على الدرج، ومرة جديدة تتدخل العناية الالهية لتساعدنا في الوصول الى المدخل الرئيسي، حيث صعقنا بوجود جثث على الأرض ومئات الجرحى منهم من هو فاقد للوعي ومنهم من يستغيث لإسعافه وأهالي يبكون وينتحبون، فوضى وخوف ومشاهد مأساوية جعلتني اعتقد أنها نهاية الكون، في هذا الوقت كان هناك فرق امن وأطباء وممرضات وراهبات تعمل على اخلاء الطوابق من المرضى مع الاقتناع لحظتها بأن الانفجار حصل داخل المستشفى نظرا لقوة الصوت والعصف ولحجم الدمار.
الاطفال وبالرغم من أننا غطيناهم بالألبسة والبطانيات للحفاظ على دفء معين لم يكن وضعهم آمنا نظرا لحاجتهم الى حاضنات اصطناعية، هنا لم يكن أمامنا سوى الجري بالأطفال علنا نصل الى مستشفى الجعيتاوي الذي يبعد حوالي 2 كلم لإنقاذ الاطفال والذي كان يعاني من حجم تدفق الجرحى والقتلى اليه، لكن بعد جري طويل توقفت احدى السيارات التي أوصلتنا الى المقصد، لكن لسوء الحظ لم يكن للاطفال هناك حاضنات شاغرة، فقررنا الذهاب بهم الى مستشفى أبو جودة الذي يبعد حوالي 8 كلم، حيث وضعناهم في حاضنات وأنقذنا حياتهم بقدرة الله وعونه، هنا قررت البقاء مع الاطفال فيما الطبيب حجل عاد الى مستشفى الروم لمساعدة الفريق الطبي على تقديم العون والعلاج للجرحى».
زينون توجهت في نهاية سردها للمصاب الأليم الى رئيس الجمهورية ميشال عون والى كل المسؤولين في الدولة اللبنانية طالبة منهم ان ينظروا الى وجع الشعب، والاهم ان ينظروا برفق الى الاطفال الذين هربت بهم جريا على الاقدام من منطقة الى منطقة لإنقاذ حياتهم، وان يسألوا انفسهم عن المستقبل الذي ينتظر هؤلاء الاطفال، فكما كنت أنا مسؤولة عن انقاذ حياتهم انتم أيضا أيها الزعماء والرؤساء مسؤولون عن سلامة لبنان وحياة شعبه.
وختمت بالقول: جسمان في لبنان ان سقطا سقط لبنان هما الجسم الطبي والجسم القضائي، فتفضلوا أيها المسؤولون وقدموا لهما وافر الاهتمام والدعم.
[ad_2]
Source link