فيروس كورونا: مصر تلزم مواطنيها بكمّامات الوجه “أيا كانت فاعليتها”
[ad_1]
ثبّت الطبيب المصري محمد علام كاميرا هاتفه على منضدة، بينما أحضر قطعة من القماش مربعة، طول ضلعها 40 سنتيمترا، ومقصا ومنديلا ورقيا.
اعتاد علام مؤخرا أن يبث مقاطع مصورة عبر صفحته بموقع فيسبوك لتوعية المواطنين وتعليمهم سبل الوقاية من فيروس كورونا، والتوصية ببعض المواد الغذائية والأدوية لمن يستشيره منهم بشأنها.
هذه المرة يظهر علام، نائب مدير مستشفى النجيلة، وهي أول مستشفى لعزل المصابين بكورونا في مصر، في مقطع تعليمي يشرح كيف يمكن عمل كمّامة من القماش في المنزل.
يقول علام، الذي كان قد أصيب بالفيروس أثناء عمله بالمستشفى وشفي منه بعد ذلك، إن هذه “الكمّامة القماشية عديمة التكلفة تقريبا وسهلة الصنع يمكن أن تساعد في الحد من انتقال العدوى، لكنها ليست وقاية كاملة منها”.
وبعدما شرح علام طريقة عمل الكمّامة، شدد على أهمية وضع منديل ورقي أو طبقة كثيفة بداخلها للمساعدة على منع انتقال الفيروس، الذي ينتشر عبر رذاذ الفم والأنف.
وتعج مواقع التواصل الاجتماعي بعشرات المقاطع المصورة لصنع الكمّامة منزليًا حيث أصبحت من الآن فصاعدا أمرا ضروريا للخروج من المنزل. فقد ألزمت الحكومة المصرية المواطنين باتخاذ احتياطات عدة للوقاية من الفيروس، أبرزها ارتداء كمّامات الوجه الجراحية أو القماشية بدءا من الأسبوع الحالي.
ولا يمكن دخول هذه الأماكن دون كمامة: جميع المصالح الحكومية، والمنشآت الخاصة والعامة، ووسائل المواصلات بكافة أنواعها. وتفرض غرامة تصل إلى 4000 جنيه (نحو 250 دولارا أمريكيا) على المخالفين، وسط إجراءات أخرى اتخذتها الحكومة كمقدمة للتعايش مع الفيروس خلال الأسابيع القليلة المقبلة.
وزاد عدد الإصابات المسجلة يوميا في مصر بشدة يوم الخميس، حيث بلغ 1127 حالة خلال 24 ساعة، بعدما كان يتراوح بين 700 و800 إصابة طيلة أسبوع. وقد تجاوز إجمالي عدد حالات الإصابة 22 ألفا، فيما تقترب حالات الوفاة من 900 شخص.
“عبء مالي”
وتشكو كثير من الأسر المصرية من أن الكمّامات تضيف عبئا ماليا على كاهلها، إذ يتراوح سعر الكمامة الجراحية في السوق المحلية ما بين جنيهان و130 جنيها، بينما يشكك كثيرون في فاعلية الكمّامة القماشية.
وتقول صابرين زايد، وهي أم لثلاثة “كل من يخرج من أولادي من المنزل يجب أن يرتدي كمامة، وأنا وزوجي موظفان، أي نحتاج يوميا إلى خمس كمّامات بحد أدنى عشرة جنيهات. يبدو المبلغ قليلا، لكن مع استمراريته وربما غلاء سعر الكمامات سيشكل عبئا”.
وتضيف زايد لبي بي سي أن مسألة الكمّامات وأنواعها “تبرز الفرق بين الأغنياء والفقراء في مواجهة كورونا”، وهو ما لم نكن نشعر به حتى وقت قريب، مع اقتصار العلاج على مستشفيات الحكومة دون المشافي الخاصة.
وقبل أسابيع، أعلنت الحكومة تسعيرة إجبارية لبعض منتجات مواجهة فيروس كورونا، أبرزها الكحول والكمامات. وحددت سعرها آنذاك للمستهلك بجنيهين، غير أن معظم الصيدليات لم تلتزم بذلك في حينه، وتراوح الحد الأدنى لبيع الكمامة الجراحية بين خمسة وسبعة جنيهات، ولم تعلن الحكومة عن إجراءات رقابية بشأن هذا.
ومنعت مصر تصدير الكمامات والملابس الواقية والمطهرات بأنواعها منذ ظهور فيروس كورونا في البلاد قبل أكثر من ثلاثة أشهر، غير أنها أهدت الصين وإيطاليا والولايات المتحدة والسودان وجنوب السودان كميات من الملابس الواقية والكمامات، وهو ما أثار انتقادات للحكومة.
وفي وقت لاحق، تلقت الحكومة ثلاث شحنات من المساعدات الطبية من الصين، معظمها من الكمامات. ونشر الجيش المصري مقاطع مصورة لحملة استمرت عدة أيام لتوزيع الكمامات بالشوارع والميادين والمواصلات العامة، قبل أن تتوقف الحملة لسبب غير معلوم.
وخصصت بعض مصانع النسيج خطوط الإنتاج بها لصنع الكمامات، فيما تعمل مصانع تابعة لوزارة الإنتاج الحربي على توفير ما يحتاجه السوق المحلي منها بطاقة إنتاج يومية تبلغ 4.5 مليون كمامة، بحسب المتحدث باسم الحكومة، نادر سعد.
ونوه سعد في غير مرة إلى أن العقوبة على من لا يرتدون الكمامة ستتم من خلال الجهة المسؤولة عن المكان الذي يوجد فيه الشخص المخالف، سواء كان قطار الأنفاق (المترو) أو المصالح الحكومية أو المصارف وغيرها، موضحا أن مجلس النواب سيقر قانونا أكثر وضوحا من حيث العقوبة حال تكرار المخالفة.
وقبل أيام، أوضح رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، في مؤتمر صحفي أن الكمامات القماشية التي تغسل وتعقم ويعاد استخدامها ستوفر بديلا جيدا للمواطنين.
وذكرت منظمة الصحة العالمية أن الكمامات المصنوعة من الأقمشة تحمي من الفيروسات بنسبة تتراوح بين 60% إلى 70%.
وفى اتصال هاتفي مع بي بي سي، يقول الطبيب أمجد الحداد، مدير مركز الحساسية والعلاج المناعي بهيئة المصل واللقاح، إن ارتداء الكمامات تقلل من فرص انتشار العدوى بنسبة كبيرة تصل إلى 90%، في حال ارتداء الجميع لها وليس شخصا واحدا، ولذلك لابد من التزام الجميع بارتدائها.
وأضاف الحداد أن أفضل أنوع الكمامات هي الكمامة N95، وهي مخصصة للأطقم الطبية والمستشفيات لأن احتمالات إصابتهم أكبر، لتعاملهم المباشر مع المصابين بالفيروس. وهذه الكمامة أغلى ثمنا من باقي الكمامات، ويصعب توفيرها بنسبة كبيرة للمواطنين.
وبعد فرض الكمامة في معظم الأماكن العامة في مصر تقريبا، تقدر إحصاءات أن هذا البلد العربي الأكبر من حيث عدد السكان يحتاج إنتاج عشرات الملايين من الكمامات شهريا، كما يحتاج لمواصفات قياسية واضحة لتصنيع الكمامة القماشية متعددة الاستخدام، في إطار سعي الحكومة لبدء خطة التعايش مع وباء كورونا وإعادة الحياة إلى طبيعتها تدريجيا في الفترة المقبلة.
مواصفات قياسية للكمامة
ووضعت الحكومة المصرية عدة اشتراطات لإنتاج الكمامات القطنية، أبرزها استخدام خامات تُلبّي الشروط الصحية التي تحقق الأمان والسلامة للمستهلك بحيث تكون خالية من الوبرة منعًا لتعرض الجهاز التنفسي لمشاكل، وكذلك خالية من مواد وصبغات معينة والمعادن الثقيلة والمواد الضارة، مع التأكيد على أن تكون الأقمشة ذات كفاءة عالية، لا ينفذ عبرها الماء والسوائل، لمقاومة الرذاذ.
وقرر جهاز حماية المستهلك، وهو هيئة حكومية معنية بجودة المنتجات بالأسواق، وقف بث إعلان لإحدى شركات إنتاج الكمامات بسبب ما وصفته بعدم مطابقة المنتج للمواصفات القياسية للكمّامة.
وألزم جهاز حماية المستهلك الشركة بإيقاف الإعلان لحين حصول الجهات المعنية على الكمامة المعلن عنها “للتأكد من صلاحيتها للاستخدام ومطابقتها للمواصفات الصحية”.
وخلال الشهرين الماضيين، أعلنت السلطات أن وزارة الداخلية ضبطت في حملات ملايين الكمامات غير المطابقة للمواصفات والمصنعة دون تصريح، وألقت القبض على من يقومون بالتصنيع وأحالت بعضهم لمحاكمات.
الكمامة ومنحنى الإصابة
يرى الطبيب إسلام عناني، أستاذ اقتصادات الصحة وعلم انتشار الأوبئة، أن استخدام الكمامات يساعد بشكل كبير في كسر معدل تفشي المرض، أو ما يسمي R0، وهذا المؤشر في مصر يساوي 1.4، وهو ما يعني أن كل عشرة مصابين يتسببون في نقل العدوى إلى 14 شخصا.
ويضيف عنان في اتصال مع بي بي سي أن استخدام الكمامات فى مصر – إذا ما التزم الجميع بها – سيساهم بشكل كبير فى دفع منحنى الإصابة لما هو دون الواحد، وهو ما يعني بدء انحسار المرض.
وشدد عنان على أهمية توعية المواطنين بكيفية استخدام الكمامات، موضحا أن هناك سلوكيات خاطئة لدى قطاع عريض من المصريين فى استخدامها، منها تبديل الكمامات بين الأفراد، واستخدام الكمامة لأكثر من المدة الصالحة لها، وطريقة ارتدائها، وطرق التخلص منها.
[ad_2]
Source link