أخبار عربية

تعرف على البلدة الإيطالية المحاطة بأراض سويسرية من جميع الجهات

[ad_1]

مصدر الصورة
Fabrice Coffrini/Getty images

Image caption

تحظى بلدة كامبيوني ديتاليا بموقع متميز على بحيرة لوغانو

على ضفاف بحيرة لوغانو، تظهر جبال الألب المغطاة بالجليد وسط إطار من النخيل الذي يضفي على المنطقة التي تقع في قلب جبال الألب طابع البحر الأبيض المتوسط. وطالما خلبت هذه المنطقة ألباب الرحالة في العصر الفيكتوري إلى حد أنهم أطلقوا على الجزء المطل على البحيرة اسم “الفردوس”.

لكن الأوضاع في هذه البلدة الإيطالية الرائعة المحاطة تماما بأراض سويسرية، ليست مثالية كما تبدو. إذ استُدرجت البلدة في خلافات دبلوماسية انتهت بإعادة ضمها إلى إيطاليا في مطلع العام الحالي.

ومنذ ذلك الحين، ارتفعت معدلات البطالة وتوقفت بعض الخدمات الحكومية الأساسية، وتفاقمت التحديات في البلدة بعد جائحة كورونا المستجد.

ويقول أنتونيو مارينييلو، أحد سكان البلدة، “الوضع بالبلدة يشبه عشقك لامرأة تلفظ أنفاسها الأخيرة”.

وتتميز هذه البلدة بوضع فريد، فهي منطقة مفصولة جغرافيا عن الدولة التابعة لها، وتحيط بها أراض دولة أجنبية من جميع الجهات. ولا يبعد هذا الجيب الإيطالي عن الحدود الإيطالية سوى أقل من ميل سيرا على الأقدام عبر طريق جبلي.

وقد اعتاد سكان البلدة على هذا الوضع الاستثنائي الذي تعود جذوره إلى أكثر من ألف سنة. وبموجب اتفاقية عقدت بين البلدين منذ عهد بعيد، يعمل سكان البلدة في المنطقة الجمركية السويسرية ويسددون الفواتير بالفرانك السويسري، وينتشر في البلدة رجال شرطة إيطاليون يقودون سيارات تحمل ترخيصا سويسريا.

وتقدم سويسرا الخدمات للسكان، من جمع القمامة إلى التعليم. وتستقطب البلدة التي تتجاوز مساحتها ميلا مربعا بقليل السياح من مدينة لوغانو السويسرية على الضفة المقابلة من البحيرة، والذين يأتون خصيصا لزيارة أقدم وأكبر ناد للقمار في أوروبا، “كازينو ديكامبيوني”.

لكن منذ عامين، أعلن نادي القمار إفلاسه وسرّح نحو 500 موظف في البلدة التي لا يتجاوز عدد سكانها 2000 نسمة. وأغلقت الكثير من المتاجر أبوابها في شارع البلدة الرئيسي، وواجهت البلدة عجزا ماليا كبيرا دفعها لتقليص الخدمات المدنية وإغلاق رياض الأطفال. وتردت أوضاع أصحاب المعاشات، بعد تدني قيمة المعاشات الشهرية، ولجأ بعضهم إلى بنوك الطعام للحصول على مستلزمات البقالة.

وفي مطلع العام الحالي، أُجبرت كامبيوني على الانضواء مجددا تحت مظلة الاقتصاد الإيطالي، ومن ثم الاتحاد الأوروبي، تلبية لمطالب زعماء حكوميين في روما منذ أربع سنوات.

وتضاعفت التحديات التي يواجهها السكان في حياتهم اليومية إثر تفشي فيروس كورونا، إذ لم يعد يسمح لحافلات مدينة لوغانو السويسرية العامة التي كان السكان والمتسوقون والسياح يعتمدون عليها لنقلهم من مكان لآخر، بدخول الأراضي الإيطالية بسبب القيود الصارمة المفروضة على السفر. ويضطر السكان الآن للسيرإلى الحدود لركوب الحافلات.

مصدر الصورة
Larry Bleiberg

Image caption

قد تصبح كامبيوني ديتاليا وجهة للراغبين في الاستجمام والراحة

لكن هناك مميزات تهون على السكان مرارة الأوضاع. إذ تحظى البلدة بموقع متميز على البحيرة وسط منطقة اشتهرت بمناظرها الخلابة. ويقول بيرنارد فورنيير، الذي يمتلك مطعما حائزا على نجمة ميشلان في البلدة، إن كامبيوني لا تقل جمالا عن الريفييرا الفرنسية.

وتقول فرانسيس كوتس، التي انتقلت إلى البلدة من إنجلترا مع زوجها منذ 20 عاما، إن هذه البلدة تمزج ما بين النظام السويسري والحيوية الإيطالية. ويتميز أهلها بخفة الظل رغم أنهم كثيرو الكلام. ويغلب على البلدة الطابع الإيطالي.

وفرض الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي على البلدة جملة تغييرات لم تكن في الحسبان. فمنذ مطلع يناير/كانون الثاني اكتشف السكان أن عليهم أن يقطعوا مسافة 20 ميلا إلى مدينة كامو لاستلام الطرود الثقيلة التي يعجز رجل البريد الوحيد في البلدة عن حملها.

ويضطر الآن المدخنون في البلدة، التي لا يحمل فيها أحد ترخيصا إيطاليا لبيع التبغ، أن يعبروا الحدود السويسرية لشراء السجائر. وتلزم الإجراءات الجديدة السكان بتغيير اللوحات المعدنية السويسرية لسياراتهم والحصول على لوحات الاتحاد الأوروبي.

وتفرض الآن على البلدة بعض الرسوم الجمركية، وتوجد نقاط تفتيش حدودية ظلت بلا موظفين لعقود.

ويعود هذه الوضع الاستثنائي لبلدة كامبيوني إلى العصور الوسطى. إذ استوطنها الرومان قديما، وخضعت الأراضي لسيطرة أحد الأثرياء الذي وهب ممتلكاته لرئيس أساقفة ميلانو في عام 777. واشتهرت البلدة بالفنانين وعمال البناء المهرة.

وعندما ضمت سويسرا الأراضي المحيطة بالبلدة في أواخر القرن الثامن عشر، ظلت كامبيوني دويلة بابوية وانضمت فيما بعد لإيطاليا.

وتغيرت أوضاع وحظوظ البلدة إبان الحرب العالمية الأولى، بعدما قررت إيطاليا إقامة ملهى “كازينو ديكامبيوني”، بغرض جمع المعلومات عن الدبلوماسيين الأجانب الذين تستهويهم موائد القمار. لكن لم يلبث نادي القمار أن أغلق أبوابه بعد بضع سنوات.

لكن في الثلاثينيات من القرن الماضي، قرر الدكتاتور الإيطالي بينيتو موسوليني، إعادة فتح نادي القمار، وتخصيص عائداته لدعم اقتصاد المدينة، وأطلق عليه “كامبيوني ديتاليا” في إشارة إلى أحقية إيطاليا في ملكيته.

مصدر الصورة
AFP Contributor/Getty Images

Image caption

يعد نادي القمار “كازينو ديكامبيوني” أشهر معالم بلدة كامبيوني ديتاليا

ولفت موقع البلدة وسط الأراضي السويسرية التي حافظت على حيادها إبان الحرب العالمية الأولى، أنظار الولايات المتحدة الأمريكية، وأقامت فرعا لمكتب الخدمات الاستراتيجية، الذي حل محله مكتب الاستخبارات الأمريكية، في البلدة لمراقبة أنشطة إيطاليا الفاشية.

واستُغل موقع البلدة لتصفية الحسابات. إذ ألقت الشرطة الإيطالية القبض على أحد خصوم موسوليني، سيزار روسي، الذي كان هاربا في سويسرا، بعد أن أغرته عشيقته التي كانت تعمل لحساب موسوليني للقدوم إلى كامبيوني، التي تخضع لسيطرة إيطاليا.

وشهدت البلدة ازدهارا لعقود بعد انتهاء الحرب، بفضل تدفق الأموال من نادي القمار ووفرة فرص العمل. وأصبحت البلدة ملاذا ضريبيا سريا، ومقصدا للمراهنين ومأوى للهاربين مثل هاوارد ماركس المنحدر من ويلز، الذي يعد أحد أكبر تجار الحشيش في العالم.

وعندما أجبر ماركس على الهرب، خبأ أحد جوازات سفره في حديقة عامة، وعثر عليه بعد سنوات سائح ألماني كان قد شاهد فيلم وثائقي عن ماركس.

وعلى عكس مدينة لوغانو التي تتميز بالتحفظ والرتابة، فإن الحياة الليلية في كامبيوني كانت مفعمة بالطاقة والحيوية، وكان نادي القمار يغلق أبوابه في الساعات الأولى من الصباح في عطلات نهاية الأسبوع.

وتقول فالنتينا فالماغيا، التي تمتلك عائلتها حانة في البلدة، إن النادي كان مقصدا للمشاهير وكبار الشخصيات من جميع أنحاء العالم، وكانت البلدة تشهد مهرجانات واحتفالات بين الحين والآخر.

لكن رغم هذا النشاط، فإن البلدة لا تزال هادئة وآمنة ويسود بين سكانها روح الترابط والتآلف.

وفي عام 2007، أقامت المدينة ناديا جديدا للقمار من عشرة طوابق ليحل محل القديم، وبلغت تكلفته 160 مليون دولار. لكن نادي القمار الجديد، الذي تزامن تدشينه مع رواج المراهنة عبر الإنترنت وانخفاض قيمة اليورو والأزمة المالية العالميةعام 2008، لم يشهد ازدهارا.

ويقول فورنيير، إن إغلاق نادي القمار في عام 2018 لم يكن مفاجئا. إذ اعتمد اقتصاد البلدة اعتمادا كبيرا على عوائد النادي، ولم يفكر المسؤولون في تنويع مصادر الدخل.

وبينما لم يفقد سكان البلدة الأمل بعد في أن يفتح نادي القمار أبوابه مجددا، فإن فورنيير يرى أن الوقت قد حان لكي يفكر السكان في طرق جديدة للبدء من جديد دون الاعتماد على نادي القمار.

ويرى أن هذه البلدة الهادئة ذات الشوارع المتعرجة الجذابة والتي تشرف على مناظر خلابة للبحيرة، قد تصبح مقصدا للراغبين في الراحة والاستجمام هربا من مدينة لوغانو المزدحمة التي يتجاوز عدد سكانها 150 ألف نسمة.

وفي الوقت نفسه، يعارض الكثير من السكان انضمام البلدة للاقتصاد الإيطالي. ووقع العام الماضي ثلاثة أرباع السكان التماسا رسميا للبرلمان الأوروبي مطالبين بالبقاء في المنطقة الجمركية السويسرية.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على BBC Travel

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى