أخبار عاجلة

اقتصاديون إنقاذ أميركي واحد من | جريدة الأنباء

[ad_1]

كم تساوي الحياة؟ سؤال لاحق الفلاسفة القدامى، ويشغل خبراء الاقتصاد منذ عقود، لكنه الآن عاد إلى الواجهة بقوة مع السجال الذي فرضه ڤيروس كورونا المستجد على العالم بين مسؤولي الصحة المدافعين قبل كل شيء عن حياة الانسان والداعين إلى استمرار اجراءات العزل والحجر حتى احتواء الوباء، وبين رجالات الاقتصاد الذين يرون في استمرارها دمارا اقتصاديا وركودا ربما تكون تداعياته اكبر من الڤيروس القاتل نفسه.

رفع إجراءات الحجر الذي يعني الاختيار بين خطر قاتل ودمار اقتصادي واجتماعي.

فقد أدت إجراءات العزل مع تجميد النشاط الاقتصادي، إلى ارتفاع البطالة وتسريح عاملين واغلاق معامل ومصانع وشركات تجارية. ففي الولايات المتحدة وحدها خسر أكثر من عشرين مليون شخص وظائفهم خلال شهر واحد. وفي فرنسا يكلف شهر من إجراءات العزل ثلاث نقاط من إجمالي الناتج الداخلي، حسب المعهد الوطني للإحصاءات.

وكتب الخبير الاقتصادي الأميركي دانيال هامرميش في موقع «معهد اقتصادات العمل» (ايزا) للأبحاث المتعلقة بالعمل أن «هناك حكما: خسائر في الأرواح أو خسائر اقتصادية».

وبدأ بعض الخبراء إجراء حسابات، فبريس ويلكنسون مثلا يرى في مقال لمعهد «مبادرة نيوزيلندا» المركز الفكري الليبرالي، أن إنفاق 6.1% من إجمالي الناتج الداخلي للبلاد لإنقاذ أرواح 33 ألفا و600 شخص على الأكثر قد يكون مبررا. لكنه قال «قبل أن ننفق مبالغ أكبر يجب أن نتساءل ما إذا كنا سننقذ مزيدا من الأرواح بالاستثمار في طرق أكثر أمانا أو في إجراءات صحية».

القيمة الاحصائية للحياة

يرى هامرميش من جهته، أنه لإنقاذ حياة شخص واحد في الولايات المتحدة تضيع مئتا وظيفة أي أربعة ملايين دولار من الأجور في المعدل، في بلد تقدر هيئات فيدرالية عدة «القيمة الإحصائية للحياة» بما بين تسعة وعشرة ملايين دولار.
لذلك يرى هذا الخبير أن إنقاذ أرواح هو الخيار الاقتصادي الأفضل، إذا لم يؤخذ في الاعتبار أيضا أن «الحياة تتم خسارتها إلى الأبد» خلافا للوظيفة.

وهذه القسوة الحسابية تثير الخوف مع أن مفهوم «القيمة الإحصائية للحياة» معروفة من قبل كل صانعي القرارات في العالم. وهي محددة بحوالى ثلاثة ملايين يورو في فرنسا منذ تقرير صدر في 2013 للمفوضية العامة للإحصاءات والاحتمالات.
من أين جاء هذا الرقم؟ توضح بياتريس شيرييه الباحثة في المركز الوطني للبحث العلمي لوكالة فرانس برس أن «الناس قادرون على تحديد سعر لقبعة واقية لركوب الدراجات، وهناك تعويضات للمهن التي تنطوي على مخاطر… على هذه الأمور يستند الحساب».
عبر الجمع بين هذه الخيارات الاقتصادية التي تزيد أو تنقص بشكل طفيف احتمال الموت، توصل علماء الإحصاء إلى رقم ثلاثة ملايين يورو.

ويرى بيار ايف جوفار الأستاذ في «سكول اوف ايكونوميكس» في باريس والمتخصص بالاقتصاد والصحة، في تصريح لفرانس برس أن «الرقم يثير الاشمئزاز إذا اعتبر انه قيمة حقيقية لحياة إنسان». وأضاف أنه يجب أن ينظر إليه على أنه «أداة لتحديد الموارد لسياسة سلامة الطرق والصحة والبيئة».

أما منظمة الصحة العالمية فتنصح بتقييم النفقات الصحية وفق مفهوم «سنة حياة بصحة جيدة»، أي أن كسب سنة يجب ألا يكلف أكثر من ثلاث مرات أكبر من إجمالي الناتج الداخلي للفرد الواحد.

وبدون أن تتفوق الحسابات الباردة على غيرها، يقول جوفار إن أبحاثا مكلفة تجرى لمحاولة شفاء أمراض نادرة جدا ولا أحد يعلق على ذلك.

كم يكلف خفض خطر الموت؟
تعود بداية هذه الأبحاث إلى الحرب الباردة. ففي نهاية أربعينيات القرن الماضي، فكر الجيش الأميركي في استراتيجية لتوجيه ضربة جوية إلى الاتحاد السوفييتي.

وتوصل معهد «راند كوربوريشن» الذي يقدم النصح له أنه سيكون «من المربح أكثر» إرسال عدد كبير من الطائرات البدائية لإغراق الخصم. لكن هيئة الأركان شعرت بالاستياء بسبب حساب «كلفة» ارواح الطيارين في عملية كهذه.

كيف يجري تقييم هذه الكلفة؟ استنادا إلى ما يكسبه الأفراد وهو المعيار الذي استخدم لأقرباء ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر 2001؟ هل يعني ذلك أن قيمة مصرفي هي «اكبر» من قيمة محاسبة على صندوق، في الوقت الذي كشف فيه الوباء أهمية المهن التي تخصص لها أجور ضئيلة في التجارة والقطاع اللوجستي والكوادر الصحية؟

في نهاية ستينيات القرن الماضي طرح حائز نوبل للاقتصاد في 2005 توماس شيلينغ السؤال بشكل مختلف، فـ«كم تساوي الحياة؟» أصبح «كم يكلف خفض خطر الموت؟». وهنا فرضت فكرة «حياة إحصائية» نفسها وهي الأكثر استخداما لكن الخبراء يعترفون بأنها ليست مثالية.

في الدول الفقيرة من غير الوارد التفاوض حول «تعويض عن الخطر». هل يعني هذا أن الحياة هناك لا تساوي شيئا؟ في المقابل، أي فرد يتخلى عن الوسائد الواقية في السيارة لتوفير بضعة يوروهات، يمكن أن يفلس في علاج يزيد قليلا من فرص بقائه على قيد الحياة بسبب مرض. هذا يعني أن الحياة ليست لها القيمة نفسها عندما يكون الموت قريبا أم أنها احتمال إحصائي مجرد فقط.

لا يمكن أن يحل أي رقم محل المسوؤلية السياسية كما يقول خبراء الاقتصاد.

ترى بياتريس شيرييه أن «هناك خيارا يجب القيام به في مجال رفع إجراءات العزل، هذا لا يمكن إنكاره. لكننا بحاجة إلى مناقشة عامة وليس إلى رقم من خبير ينهي النقاش».

أما بيار ايف جوفار فتساءل «هل نريد أن يكون هذا الحساب واضحا ومثبتا ومعروضا أم أن يبقى ضمنيا وخفيا؟ هذا ما يطرح رهانات أخلاقية».



[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى