فيروس كورونا: كيف تتعامل مع القلق من الحياة ما بعد الإغلاق؟
[ad_1]
بينما تخفف بعض الدول القيود التي فرضتها إثر إنتشار وباء كورونا، يلاحظ خبراء الصحة العقلية بزوغ ظاهرة جديدة ألا وهي القلق من الحياة ما بعد الإغلاق.
فأولئك الذين ما زالوا يعيشون في ظل أكثر الإجراءات صرامة يخشون ما قد يحدث عند رفعها.
تقول أكانكشا بهاتيا “سيكون الوضع مزعجا للكثيرين منّا”.
أكانكشا ذات الـ 25 عاما، وهي كاتبة وناشطة في مجالي الصحة العقلية وحقوق المرأة، كانت تعاني من القلق حتى قبل فرض إجراءات الإغلاق.
وما لبثت أكانشكا تبعث بمداخلات في منصات التواصل الاجتماعي تشرح فيها حياتها مع القلق وتناقش مع متابعيها أثر هذه الحالة على حياتها تحت العزلة. تقيم أكانشكا وتعمل في العاصمة الهندية دلهي، ولكنها عادت إلى مسقط رأسها مدينة تشيناي لتقيم مع والديها في فترة الإغلاق.
وتقول “لم يكن الأمر يسيرا على الإطلاق”. شهدت أكانشكا يوما عصيبا بعد شهر من فرض الإغلاق، وبكت كثيرا.
وتقول “كل ما تستطيع عمله هو إقناع نفسك بأن هذه الظروف ستنتهي في يوم ما”.
الحياة تحت الإغلاق
اضطرت أكانكشا، حالها حال العديد من البشر، إلى أن تواجه عددا من الصعوبات خلال الإغلاق. ولكنها تمكنت أيضا من تجنب بعض الأمور التي كانت مثار قلق لها قبل انتشار فيروس كورونا لأنها تقيم الآن مع والديها اللذين يعينانها ويشعرانها بالأمان.
تصف أكانكشا نفسها بأنها إنسانة منطوية وتقول إن الاختلاط مع الآخرين كان من الأمور التي تزيد شعورها بالقلق.
وتشعر أكانكشا بالراحة في كنف والديها، ولذا فإن القلق الذي تعاني منه خف إلى حد ما في الأسابيع الأخيرة. ولكن مخاوفها تتركز الآن على الكيفية التي ستعود بها إلى حياتها السابقة.
وتقول “للذين يعانون من القلق، يعني مجرد الخروج من البيت أمرا ينبغي التفكير به بإمعان”.
“عليك أن تتعوّد على ذلك مجددا، لأنك تخلصت منه في فترة الإغلاق”.
ويشعر العديد من الناس بالخوف من أن زعماءهم يتسرعون في رفع إجراءات الإغلاق مما يزيد من احتمالات انتشار الفيروس، ولكن بعضهم يشعر بالقلق إزاء العودة إلى الحياة العادية من جديد.
تأثيرات الإغلاق
ولن تنحصر هذه التأثيرات على المصابين بأمراض نفسية بأي حال.
تقول نيكي ليدبيتر، مديرة جمعية Anxiety UK، وهي جمعية خيرية تعنى بالذين يعانون من مشاكل نفسية وعقلية، “قد يبدو الأمر غريبا جدا أن تخرج إلى المجتمع بعد أن كنت حبيس الدار لوقت طويل”.
وتضيف “قد تفقد الثقة في مقدرتك على أداء الأعمال التي لم تقم بها لفترة من الزمن”.
وتعطي ليدبيتر أمثلة لذلك، كحضور الاجتماعات واستخدام وسائل النقل العام، وهي مواقف كانت تثير قلق ومخاوف الناس حتى قبل انتشار الوباء.
وتقول “هذه الأمور كانت تثير القلق في الأصل، وستكون العودة إليها بعد فترة أمرا عسيرا جدا”.
وبينما كان العديد من الناس يشعرون بالأمان في منازلهم في الفترة الأخيرة، واجه آخرون مواقف صعبة ومحزنة.
فالأسابيع الأخيرة كانت مرهقة وصعبة بالنسبة للكثيرين كأولئك الذين يعملون في الخطوط الأمامية في المستشفيات والذين يجاهدون لإنقاذ مصالحهم من خطر الإفلاس.
ولكن العامل المشترك في كل الحالات هو كم التغييرات التي طرأت على حياتنا في وقت قصير جدا.
يقول الدكتور ستيفن تايلور، الأستاذ في قسم الأمراض النفسية في جامعة بريتش كولومبيا الكندية، “إنه أمر مرهق جدا للكثير من الناس”.
ويمضي للقول “يحاول الناس التأقلم مع الوضع عن طريق حب الحياة تحت ظل الإغلاق، وبخلق شرنقة من الأمان لجعل الوضع أكثر تحملا”.
“ولكن، وهذا من سخرية القدر، قد يخلق هذا مشاكل في المستقبل لأن الناس سيقعون في حب إجراءات الإغلاق وسيشعرون بالقلق إذا اضطروا للخروج من منازلهم”.
ألّف الدكتور تايلور كتابا عنوانه “الجوانب النفسية للأوبئة” نشر قبل أسابيع قليلة من ظهور فيروس كورونا في الصين في أواخر عام 2019.
ويقول “إن انتشار وإحتواء العدوى في حالات الأوبئة ظاهرة نفسية إلى حد بعيد”.
“الأمر ليس محصورا في فيروس ينتشر حول العالم بشكل اعتباطي، بل يشمل تصرفات الناس التي تتحكم في إنتشار الفيروس من عدمه”.
إزالة الإغلاق مبكرا
يقول الدكتور تايلور إن القيادة الرشيدة ستكون أمرا حيويا لمساعدة الناس على الشعور بالأمان والثقة عندما تقرر الحكومات تخفيف إجراءات الإغلاق.
ويقول “للمساعدة في إدماج الناس مجددا في عالم ما بعد الوباء، يجب أن يبعث الزعماء برسالة واضحة تقول إنه من المسموح به الآن احتضان الآخرين وارتياد المطاعم”.
وأضاف “من المهم أن تكون الشروط واضحة في أذهان الناس، وهذا سيسهم في التقليل من الالتباس الذي سيقلل بدوره من مشاعر القلق”.
يصف بعضهم المشاعر التي تنتابهم بأنها من أعراض مرض الخوف من الخلاء (الخوف من الأماكن المفتوحة)، ولكن ذلك ليس تشخيصا دقيقا أبدا.
يقول الدكتور تايلور “إن الحالة التي يصفها بعضهم على أنها الخوف من الخلاء تشبه سطحيا هذا الخوف بمعنى أنهم يخشون الخروج من منازلهم، ولكن الدافع مختلف تماما”.
في الحالات الاعتيادية، يحاول المصابون بمرض الخوف من الخلاء تجنب مواقف معينة لخشيتهم من تعرضهم لنوبات هلع.
ولكن الدكتور تايلور يقول “هؤلاء الذين يشعرون بالقلق من الحياة ما بعد الإغلاق لا يخافون التعرض لنوبات هلع، بل يخافون الإصابة بالوباء”.
كيفية التعامل مع القلق من الفيروس
إن كنت تتعايش أصلا مع القلق أو عانيت من القلق بعد انتشار الوباء، هناك خطوات يمكن لك أن تتبعها لمساعدتك في التأقلم مع الإغلاق والتغييرات التي لابد أن تحصل بعد رفعه.
تقول ليدبيتر “يستصعب كثيرون أي تغيير. الأمر لا يتعلق بقدرتك على التحول من الصفر إلى المئة في يوم واحد. لا تضغط على نفسك إذا واجهتك صعوبة في العودة إلى حياتك العادية”.
وتقول “استصعبنا التأقلم مع الحياة تحت الإغلاق، ومن البديهي أن نجد الخروج من السياقات التي تعودنا عليها تحت الإغلاق صعبا”.
وتقول إنه عندما نبدأ بالخروج من منازلنا، علينا أن نعي أن هذه العملية ستكون “عملية نفسية” إضافة إلى كونها عملية عقلية.
وتضيف “عندما نخرج من منازلنا، ستهاجمنا العديد من المحفزات، مما قد يؤدي إلى تحملنا أكثر مما يمكننا تحمله من المشاعر المختلفة”.
وتحث ليدبيتر الناس على “التعامل مع أنفسهم برقّة ولطف” خلال هذه الفترة.
وتقول “إذا كان الناس يعانون بشكل كبير من القلق ويجدون أن أزمة الوباء قد زادت من هذا الشعور، فعليهم الاطمئنان إلى أن العون متوفر لهم”.
“على الناس أن يراجعوا أطباءهم، وألا يعانوا بمفردهم”.
كما تنصح الناس بالتحدث مع أصدقائهم المقربين أو أفراد أسرهم والبوح بما يقلقهم.
ويقول الدكتور تايلور من ناحيته إن القلق الذي يشعر به الكثيرون سيزول بمرور الزمن.
ويقول “الأمر المشجع هو أن البشر يتميزون بالمرونة، وأنا أتوقع أن يشفى معظم الناس الذين يشعرون بالقلق الآن في غضون أسابيع أو أشهر من رفع إجراءات الإغلاق”.
“ولكن البعض سيعانون من مشاكل نفسية حتى بعد ذلك”.
أما أكانكشا، فإنها بدأت بالتفكير في قدرتها على التأقلم مع الحياة عندما ترفع الهند إجراءات الإغلاق المعمول بها حاليا.
وتقول “الكثير من الناس يتطلعون إلى اليوم الذي يرفع فيه الإغلاق، لا أتمكن من فهم طريقة تفكيرهم”.
تتبع أكانكشا بعض الخطوات يقول الخبراء إنها مفيدة للصحة العقلية، مثل تناول الأغذية الصحية وممارسة الرياضة بشكل دوري.
وتقول “خذوا كل شيء ببساطة، ولا تتعبوا أنفسكم بأشياء جديدة على حين غرة. أنا شخصيا لن أحضر الحفلات يوميا”.
ولكنها ستواصل ممارسة الهواية التي بدأتها تحت ظل الإغلاق لمساعدتها على التأقلم مع التغييرات وعلى منحها شعورا بالإنجاز.
وتقول “أتعلم اللغة الكورية، لأنني أريد متابعة المسلسلات الكورية دون الحاجة إلى الترجمة”.
[ad_2]
Source link