لما يفضل البعض علاقة عاطفية متعددة الأطراف؟
[ad_1]
جلس كيورتيس بريتشارد، أحد المتنافسين في برنامج تليفزيون الواقع البريطاني “جزيرة الحب” عام 2019، في مقعده، ببينما انهالت عليه آمي هارت، شريكة حياته، تأنيبا وتوبيخا بعد أن اكتشفت أنه كان يُقبل فتيات أخريات دون علمها. وسألته هارت بهدوء كيف يمكنه أن يحمل مشاعر حب لفتاتين في آن واحد، وكيف كانت تحتاجه وكيف خيب ظنها.
لكن تصرف بريتشارد أثار غيظ هارت لأنها تفترض أن العلاقة العاطفية يجب أن تكون بين شخصين فقط، وبذلك يكون بريتشارد قد خرق القواعد. غير أن العلاقات البشرية على مر التاريخ كانت أكثر تعقيدا بمراحل من هذا الشكل المعتاد للارتباط الأحادي بشريك واحد في الحياة، كما هو الحال في الكثير من المجتمعات اليوم.
وقد انتشر مؤخرا نوع جديد من العلاقات التي لا تقتصر على فردين فقط، ويطلق عليها العلاقات غير الأحادية التي تبيح للطرفين إقامة علاقات غرامية مع آخرين بموافقة جميع الأطراف. ويتخذ هذا الشكل من العلاقات المفتوحة أشكالا عديدة، مثل تعدد العلاقات العاطفية بموافقة جميع الأطراف وتبادل شركاء الحياة، وغيرها من أشكال العلاقات المتحررة من القيود والالتزامات التي يفرضها الزواج الأحادي.
ويتميز هذا النوع من العلاقات، على اختلاف أشكاله، بأن الطرفين يناقشان معا حدود العلاقات ويتفقان عليها، مثل إلى أي مدى يمكن الخوض في هذه العلاقات والمكان والزمان الذي يمكن لهما أن يمارسا فيه هذه العلاقات بحرية.
وبالرغم من الانتشار الطاغي للزواج الأحادي في المجتمعات الحديثة، إلا أن فكرة إقامة علاقات جنسية متعددة وعدم الاكتفاء بشريك حياة واحد لا تزال تستحوذ على اهتمام البشر.
وفي كتابه “أخبرني عن رغباتك”، طلب الأخصائي النفسي جاستن ليميلر من أربعة آلاف أمريكي أن يصفوا له التخيلات الجنسية التي تراودهم أثناء اليقظة، وكانت الإجابة الأكثر شيوعا إقامة علاقة حميمة مع شخصين في آن واحد.
وتقول آمي ميوس، أستاذة مساعدة لعلم النفس بجامعة يورك في كندا، إن دراسة أجراها باحثون في عام 2016 خلصت إلى أن 21 في المئة تقريبا من الأمريكيين العزب المشاركين في الدراسة أقاموا علاقات عاطفية متعددة بموافقة شركاء حياتهم في مرحلة ما من حياتهم. لكن ايمي مورز، أستاذ مساعد علم النفس في جامعة تشابمان بولاية كاليفورنيا، تشكك في هذه النسبة، وتقول إن بعض الناس قد يكونون حذرين في إجاباتهم حفاظا على مظهرهم الاجتماعي.
ويرجع بعض العلماء عادة تعدد العلاقات الجنسية إلى أسلافنا القدماء، بدليل اختلاف الشكل والبنية بين الذكور والإناث. وكانت قوة البنية تزيد فرص الذكور في التكاثر بأكثر من أنثى واحدة، استنادا إلى مبدأ الاصطفاء الجنسي. لكن الأدلة من الحفريات البشرية لا تزال ضئيلة وقد تكون العلاقات الأحادية ظهرت بين البشر قبل نزوعهم إلى إقامة علاقات متعددة.
وخلصت دراسة نشرت عام 2017 إلى أن الأشخاص في المجتمعات التي كانت تعتمد على الصيد وجمع الثمار، كانوا يتزاوجون مع أفراد خارج جماعاتهم للحفاظ على النوع البشري. وهذا النمط يدل على أن هذه المجتمعات كانت تقيم علاقات زوجية قصيرة الأمد، إذ كان الزوجان يعيشان معا حتى يفطمان طفلهما وبعدها يبحث كل منهما عن شريك حياة آخر، وربما لهذا يهوى الرجال في العصر الحديث إقامة علاقات عاطفية متعددة.
وخلص بحث ليميلر عن التخيلات الجنسية إلى أن الرجال أكبر رغبة في ممارسة الجنس الجماعي مقارنة بالنساء، وأن نسبة الرجال الذين يرغبون في الذهاب لحفلات الجنس الجماعي أو تبادل شركاء الحياة كانت 17 مقارنة بـ 7 في المئة فقط من النساء.
وكانت نسبة المشاركين في هذه الدراسة الذين ذكروا أنهم شاركوا في الواقع في حفلات الجنس الجماعي 12 في المئة بين الرجال، مقارنة بـ 6 في المئة فقط بين النساء.
ورغم شيوع الزواج الأحادي الآن، إلا أن 85 في المئة من المجتمعات الإنسانية على مستوى العالم تبيح إقامة علاقات متعددة بشكل أو بآخر. وقد ذُكر تعدد الزيجات في التوراة مرات عديدة. وتشير الدراسات إلى أن تعدد الزيجات أو إقامة علاقات جنسية متعددة كان أكثر شيوعا في الماضي مما هو عليه الآن.
وتعلل مورز هذا التحول إلى الزواج الأحادي بالقول، إن الإعلام والفنون والثقافة لعبوا دورا كبيرا في تشكيل رؤيتنا للعلاقات الزوجية منذ الصغر. وقد تربى معظمنا في كنف أبوين متزوجين أو يحاولان الاكتفاء بشريك حياة واحد.
وترى مورز أن الزواج لم ينتشر إلا بعدما شرع الناس في حيازة الأراضي، لأنها كانت الخطوة الأولى للتحكم في الممتلكات ثم توريثها ونقل ملكيتها لعائلتك.
وخلصت أبحاث عديدة إلى أن إشباع الرغبات الجنسية في العلاقة الغرامية الثانوية يرتبط بزيادة الرضا في الحياة الزوجية في حالة وجود تفاوت في الرغبات والاحتياجات الجنسية بين الزوجين. وتقول ميوز إن الأشخاص الذين يشبعون رغباتهم بإقامة علاقات غرامية متعددة أكثر رضا عن حياتهم الزوجية مقارنة بغيرهم الذين يكتفون بشريك حياة واحد.
واستطلعت بعض الدراسات آراء الأشخاص الذين لديهم الرغبة في إقامة علاقات عاطفية بموافقة شركاء حياتهم، وسألهم الباحثون عن طبيعة علاقاتهم ومدى رضاهم عن حياتهم العاطفية قبل مفاتحة شركاء حياتهم في إمكانية إقامة علاقات غرامية خارج إطار الزواج وبعدها.
وتقول سامنتا جويل، أستاذة مساعدة لعلم النفس الاجتماعي بجامعة ويسترن بكندا، إن الأشخاص الذين كانوا يرغبون في إقامة علاقات عاطفية متعددة بموافقة شركاء حياتهم واستطاعوا أن يشبعوا هذه الرغبة كانوا أكثر رضا عن علاقاتهم العاطفية والزوجية. في حين أن الأشخاص الذين راودتهم الرغبة ولم يتمكنوا من إشباعها، تراجعت نسبة رضاهم، لكن بنسبة ضئيلة، عن حياتهم الزوجية.
وتعزو جويل هذا التفاوت في الرضا بين الفئتين إلى أن إشباع الرغبات الجنسية مع شريك حياة ثانوي يزيد الرضا والقناعة بشريك الحياة الرئيسي، لأن عبء تلبية رغبات واحتياجات شريك الحياة تقاسهما أكثر من شخص واحد.
وتقول جويل إنه كلما زاد الرضا عن الحياة الجنسية بين شريكي الحياة تحسن التواصل بينهما. وعندما يتفق الطرفان على إقامة علاقات عاطفية متعددة، فإنهما يتحدثان معا بكل صراحة ووضوح ويضعان حدودا قلما يضع مثلها الزوجان في العلاقات التقليدية.
وبينما يزداد الإشباع العاطفي في العلاقات الزوجية التقليدية مع مرور الوقت، مثل الشعور بالأمان والرعاية والاهتمام والترابط، فإن التلقائية والإثارة، التي ترتبط بالرغبة الجنسية، تتراجع.
وتقول روندا بلزاريني، أخصائية نفسية بجامعة يورك، إن العلاقات في البداية تكون مفعمة بالمتعة والحماس الجنسي، لكن سرعان ما تتسلل الرتابة إلى الحياة العاطفية، ومن الصعب أن تحافظ على هذه المشاعر المتجددة لفترة طويلة، ومن ثم تنطفئ جذوة العشق.
وتضرب بلزاريني مثالا بالعلاقة الزوجية التقليدية، فعندما يعيش الزوجان معا وينجبان أطفالا وتتراكم المسؤوليات المرتبطة بالعلاقة الزوجية، تصبح العلاقة الزوجية فاترة ومملة، في حين أن شريك الحياة الثانوي لا يتحمل هذه الأعباء، ولهذا فإن وجوده قد يمنع دخول الفتور إلى علاقتهم الزوجية.
وقد اتفقت أنيتا كاسيدي، على سبيل المثال، مع شريك حياتها من البداية على أن تكون علاقتهما منفتحة، بحيث يقيم كل منهما علاقات عاطفية وجنسية شريطة أن يصارح الآخر. وتعيش كاسيدي مع طفليها، وترتبط بعلاقات عاطفية بعدة أصدقاء يزورونها في منزلها على مدار الأسبوع.
لكن ماذا عن الغيرة؟
تقول ميوز إن شريكي الحياة في العلاقات المفتوحة عندما يتفقا على إشباع حاجاتهما الجنسية مع آخرين بموافقة الطرفين، يبذل كل منهما جهدا لإسعاد الآخر، لأن كل منهما يريد إشباع رغبات شريك حياته الجنسية ولا يمانع في أن يقوم شخص آخر بإشباعها نيابة عنه ما دامت ستجلب له السعادة. ويصف علماء النفس هذه المشاعر بأنها الاستمتاع لمتعة الآخر، أو السعادة لسعادته.
لكن كيف يتغلب الطرفان على مشاعر الغيرة؟ تقول كاثرين أومير، باحثة في جامعة هاواي باسيفيك، إن الخيانة الجسدية أشد وطأة على الرجال من الخيانة العاطفية، وقد يرجع ذلك إلى مسألة إثبات الأبوة.
أما النساء فإنهن أكثر ميلا للشعور بالغيرة في حالة الخيانة العاطفية، وقد يرجع ذلك إلى أسباب تطورية لها علاقة بتربية الطفل. إذ تشتد رغبة النساء في الحفاظ على شركاء حياتهن إلى جوارهن لتأمين الطعام والحماية بينما يرضعن أطفالهن، وإذا انشغل الرجل عاطفيا بامرأة أخرى، قد يبخل على الأم بالطعام أو الحماية والمأوى.
[ad_2]
Source link