فيروس كورونا: هل يصلح الوباء بين الولايات المتحدة وإيران؟
[ad_1]
يواجه العالم اليوم أزمة تهدد الصحة العامة، ربما هي الأسوأ منذ أكثر من قرن.
بالتالي لا غرابة في أن الأخبار عن وباء فيروس كورونا المستجد دفعت القضايا الدولية الأخرى التي اعتاد على متابعتها إلى هامش تغطية وسائل الإعلام.
ومع ذلك، بدأ كثير من المعلقين بالفعل التكهن بمدى تأثير انتشار الوباء على الشؤون الدولية. غير أن هذه مسألة لا تزال بعيدة.
السؤال الأكثر إلحاحا هو: هل يمكن أن يوفر سلوك دولتين خصمتين – الولايات المتحدة وإيران في هذه الحالة – تكافحان على السواء هذه الأزمة الطارئة بارقة أمل لعلاقات أحسن بينهما في المستقبل؟
السؤال يطرح نفسه لأن الوباء أصاب إيران إصابة قاسية.
فقد تجاوز عدد الحالات المسجلة 17 ألفا، بينما تجاوزت حالات الوفاة 1190 شخصا، بالرغم من أن كثيرين في إيران يعتقدون أن الأرقام الفعلية أكبر بكثير.
وقد أضعفت العقوبات الأمريكية الاقتصاد الإيراني. وبالرغم من أن واشنطن تؤكد على أن المعدات الإنسانية والطبية لا تطالها العقوبات، فإن القيود المفروضة على المصرف المركزي الإيراني، وكذلك القيود على قدرة البلاد على التعامل مع بقية دول العالم تُفاقم مشاكل طهران.
وما زاد الطين بلة هو اضطراب حركة النقل والمواصلات، وغلق الحدود وغيرها من الإجراءات التي تم اتخاذها مع اتساع رقعة انتشار الوباء.
وأمام هذه الظروف القاسية، أقدمت إيران على خطوة تكاد تكون غير مسبوقة عندما طلبت قرضا طارئا بقيمة 5 مليارات دولار من صندوق النقد الدولي.
وهذه المرة الأولى منذ 60 عاما التي تطلب فيها إيران قرضا من الصندوق الدولي. وأخبرني متحدث باسم الصندوق يوم الثلاثاء الماضي أن المؤسسة المالية أجرت “محادثات مع السلطات الإيرانية من أجل توضيحات أكثر بشأن طلبهم بالتمويل الطارئ”، وأن المحادثات “ستتواصل في الأيام والأسابيع المقبلة”.
وستكون للولايات المتحدة، التي هي عضو مهم في مجلس إدارة الصندوق، كلمة قوية في قرار منح إيران الأموال.
وتعالت أصوات خبراء في الولايات المتحدة تدعو إلى منح إيران ما تحتاجه، بل تحض إدارة الرئيس دونالد ترامب على اتباع نهج أكثر رأفة في التعامل مع أزمة الوضع الصحي في إيران بصفة عامة.
ويرى، مارك فيتزباتريك، الخبير في شؤون التسلح والبرنامج النووي الإيراني أن هناك فرصة سانحة لكسر جمود الأزمة بين البلدين.
وقال فيتزباتريك في تغريدة بموقع تويتر يوم الاثنين الماضي إن “السياسة الأمريكية تجاه إيران عالقة، إذ فشلت في تغيير سلوك إيران إلا للأسوأ”.
وفي مجلة “الأمريكي المحافظ”، انتقدت المتخصصة في شوؤن إيران، باربرا سالفين، الفكرة التي يسوق لها بعض الجمهوريين بأن الوباء قد يُعجّل بسقوط النظام الإيراني باعتبارها سخيفة.
وأضافت سالفين “احتمال (خروج) مظاهرات حاشدة… يبدو ضئيلا في ضوء تعليمات الحكومة (للمواطنين) بالبقاء في المنازل والمخاوف العقلانية من أن التجمعات الحاشدة ستنشر الفيروس”.
وأشارت إلى أن وزارة الخزانة الأمريكية أوضحت أن القنوات الإنسانية لا تزال مفتوحة مع إيران، ولكن ليس هناك أي دليل على أن إدارة ترامب أعادت النظر في سياسة “أقصى درجات الضغط” التي تنتهجها مع إيران.
وأكدت أن “الحرس الجمهوري، الذي يشرف على أغلب جبهات مواجهة فيروس كورونا وبناء المنشآت الصحة في البلاد، سيزداد قوة على قوة. وستتحول إيران رويدا من دولة دينية في ثوب جمهوري إلى ديكتاتورية عسكرية”.
ما هي إذاً احتمالات حصول أي تقارب بين البلدين؟
لا يتوقع أن يحصل الكثير بالنظر إلى التصريحات العلنية التي يدلي بها المسؤولون.
فقد حاولت إدارة ترامب استغلال هذه الأزمة لتسجيل نقاط لصالحها، إذ قال وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، مطلع هذا الأسبوع إن القادة الإيرانيين “كذبوا بشأن فيروس ووهان لمدة أسابيع، وحاولوا التنصل من مسؤوليتهم وعدم كفاءتهم”.
وعلينا أن نلاحظ تعبير “فيروس ووهان: بدل “فيروس كورونا” في كلام بومبيو.
واشنطن تسعى هنا لتسديد لطمة إلى بكين. ولكن بعض المسؤولين الصينيين روجوا أيضا لفكرة أن الوباء مؤامرة من الجيش الأمريكي.
ولكن بومبيو ذهب أبعد من ذلك مع إيران، فقال دون مواربة إن “فيروس ووهان هو القاتل والنظام الإيراني شريكه”. ولكنه قال أيضا إن الولايات المتحدة مع ذلك “حاولت عرض المساعدة”.
وأضاف “القنوات الإنسانية مفتوحة من جانبنا وإن كانت سياسة أقصى درجات الضغط التي نتبناها لا تسمح بمنح أموال لإرهابيين”.
أما في ما يتعلق بإمكانية نشوب مواجهة عسكرية، فمنذ أسابيع قليلة كانت إيران والولايات المتحدة على أبواب الحرب بعد سلسلة من الأحداث غير المباشرة.
فقد تعرضت منشآت عسكرية عراقية تستخدمها القوات الأمريكية إلى هجمات صاروخية. وتحمل واشنطن فصائل شيعية مسلحة موالية لإيران مسؤولية هذه الهجمات التي قتل في إحداها ثلاثة عسكريين من قوات التحالف. وردت الولايات المتحدة بغارات جوية.
وفي الآونة الأخيرة، قال الجنرال فرانك ماكينزي، المسؤول عن القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ إن انتشار فيروس كورونا سيجعل إيران الضعيفة “أكثر خطورة”.
ولأن الولايات المتحدة لا تريد المجازفة، فقد قررت الإبقاء على حاملتي طائرات في المنطقة.
وبطبيعة الحال هناك خلاف دائم بشأن المسؤولية غير المباشرة لإيران عن مثل هذه الهجمات، حتى بين الإيرانيين.
الأمر ليس مثل صنبور يمكن لإيران أن تفتحه وتغلقه وقتما تشاء. فالكثير من الفصائل المسلحة الموالية لطهران لها أهداف ومخاوف محلية.
فالفصائل الشيعية المسلحة في العراق تسعى إلى إخراج القوات الأمريكية. ولكن إيران قد تكون قادرة على تخفيف حدة ما تقوم به هذه الفصائل.
ويبدو أن انتشار الوباء العالمي خفف عموما مخاطر نشوب مواجهات عسكرية في المنطقة.
على الجبهة بين إيران وإسرائيل في سوريا تبدو الأمور هادئة. وقد أشار الجنرال ماكينزي إلى أنه يتحتم على الولايات المتحدة “في نهاية المطاف أن تتعايش مع الهجمات الضعيفة التي تنفذها الفصائل المسلحة الموالية لإيران”.
وصدرت عن القادة الإيرانيين تصريحات قوية أيضا.
فقد أشار الرئيس حسن روحاني الأربعاء إلى أن إيران ردت على مقتل قائد الحرس الثوري، قاسم سليماني، في يناير/ كانون الثاني، ولكنه أوضح أن الرد سيتواصل.
وقال في خطاب تلفزيوني “لقد اغتال الأمريكيون قائدنا العظيم، ورددنا على هذا العمل الإرهابي، وسنرد عليه”.
بالنظر إلى هذه التصريحات، ليس هناك أي أمل في تحسن العلاقات الأمريكية الإيرانية.
ولكن موقف واشنطن في صندوق النقد الدولي من منح القرض لإيران قد يكون مؤشرا على الوجهة التي تسير إليها العلاقات بين البلدين. ولا ينبغي في الواقع الوثوق بالتصريحات العلنية.
فقد اتصلت الولايات المتحدة في فبراير/ شباط بإيران عن طريق الحكومة السويسرية لتقول إنها “مستعدة لمساعدة الشعب الإيراني في مواجهة فيروس كورونا”.
وكان بومبيو، عندما أدلى بالتصريحات القاسية بشأن طهران وبكين، يأمل أن تفرج إيران عن بعض الأمريكيين المحتجزين لديها.
ولعل الإفراج المؤقت عن البريطانية الإيرانية نازنين زغاري راتكليف يعتبر مؤشرا بسيطا آخر على تغير سياسة إيران.
وفي النهاية، يتحتم على إيران أن تمنع بعض الجماعات المسلحة الموالية لها من استهداف القوات الأمريكية والغربية. وعليها أيضا أن تفرج عن الأجانب المحنجزين لديها.
وعلى إدارة ترامب أن تقرر إذا كانت ترى الفرصة سانحة لفتح قنوات مع إيران من خلال العمل الإنساني، أو تعتبر الضغط المتزايد على النظام من العقوبات وفيروس كورونا فرصة مزدوجة لإسقاطه.
وقد تكون القرارات مصيرية لما سيأتي بعد زوال الوباء العالمي.
[ad_2]
Source link