زيارات الرؤساء الأمريكيين إلى الهند: نجاحات واخفاقات
[ad_1]
لقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ترحيباً واسعاً في أول زيارة رسمية له إلى الهند التي تستمر ليومين بدءاً من 24 الشهر الحالي.
وهو بهذه الزيارة ينضم إلى سلسلة طويلة منالرؤساء الأمريكيين الذين زاروا الهند. واستُقبل بعض أسلافه بحفاوة، وكان لدى أحدهم قرية باسمه في الهند، بينما تعثر آخرون وارتكبوا هفوات دبلوماسية.
هل يمكن أن نتعلم من التاريخ كيف يمكن أن تسير هذه الزيارة؟ هنا نلقي نظرة مختصرة على زيارات الرؤساء السابقة الناجحة منها والفاشلة والمحرجة.
الصالح
بداية، حظي الرئيس دوايت أيزنهاور، أول رئيس أمريكي زار الهند، باستقبال حافل وأطلقت 21 قذيفة مدفعية عندما حلّ ضيفاً في العاصمة الهندية، دلهي، في ديسمبر/كانون الأول 1959.
واصطفت حشود ضخمة في الشوارع ليلقوا نظرة على بطل الحرب العالمية الثانية وهو في سيارته المكشوفة.
ويتوقع ترامب أن يحظى باستقبال مماثل في مدينة أحمد آباد، حيث سيكون هناك حشود في استقباله.
لعبت العلاقة الدافئة بين أيزنهاور ورئيس الوزراء الهندي السابق، جواهر لال نهرو، خلال مرحلة من توتر العلاقات بين البلدين، دوراً مهماً في بدايات الحرب الباردة، عندما أصبحت الولايات المتحدة وباكستان حليفتين مقربتين، بينما أصرت الهند على البقاء على الحياد.
وكانت العلاقات مع الصين في صميم المقاربة الهندية الأمريكية، حيث كانت تضغط واشنطن على دلهي لاتخاذ موقف حاسم من بكين بخصوص قضية التبت.
وعموماً، كانت زيارة آيزنهاور للهند التي استمرت أربعة أيام، ناجحة.
وقد قام كل رئيس أمريكي تقريباً زار الهند رسمياً، بالسير على خطى آيزنهاور. وضع الزهور عند نصب المهاتما غاندي، وزيارة تاج محل، وإلقاء خطاب في البرلمان، وإلقاء كلمة في موقع رمليلة الشهير في دلهي. وعندما غادر آيزنهاور، قال عنه نهرو إنه “أخذ معه قطعة من قلوبنا” بحسب تقارير إخبارية في ذلك الوقت.
السيئ
لم يكن ريتشارد نيكسون غريباً عن الهند عندما قام بزيارة رسمية إليها في أغسطس/آب 1969، استغرقت يوماً فقط.
فقد زارها عندما كان نائباً للرئيس عام 1953، وقبل ذلك، بصفة شخصية، لكنه لم يكن من المعحبين بالهند بشكل عام.
“كان نيكسون يكره الهنود عموماً ويشمئز من رئيسة الوزراء السابقة، أنديرا غاندي”، وفقاً لغاري باس، مؤلف كتاب ( تلغراف الدم: نيكسون وكيسنجر والإبادة الجماعية المنسية)، وأوضح أنه كان شعوراً متبادلاً بين الطرفين.
كان ذلك أيضاً خلال أوج مرحلة الحرب الباردة، وسياسة عدم الانحياز التي اتبعتها الهند، هي السياسة التي أزعجت الرؤساء الأمريكيين.
يقول باس إنه في ظل حكم غاندي ، تحولت سياسة عدم الانحياز الهندية إلى “سياسة خارجية مؤيدة للإتحاد السوفياتي بشكل واضح”.
وأصبحت العلاقة أكثر جفاءً بعد الزيارة، حيث دعمت الهند بنغلاديش (باكستان الشرقية وقتها) في معركتها من أجل الاستقلال عن باكستان، حليفة الولايات المتحدة.
وتجلت الخلافات بين البلدين أكثر عندما زارت غاندي البيت الأبيض عام 1971.
وفيما بعد، كشف شريط صوتي لما يعرف بـ “تسجيلات البيت الأبيض” أن نيكسون وصف أنديرا غاندي بـ “الساحرة العجوز الشريرة”.
إحراج
رغم أن زيارة جيمي كارتر التي استمرت يومين في عام 1978 كانت بمثابة ذوبان الثلج في العلاقات بين الهند والولايات المتحدة، لكنها لم تخلُ من بعض المنغصات.
وبمرافقة ما يقرب من 500 صحفي، التقى كارتر برئيس الوزراء وقتها مورارجي ديساي، وألقى خطاباً مشتركاً معه في جلسة للبرلمان، وزار تاج محل وقرية خارج دلهي.
كانت لقرية “تشوما خيراغوان”، علاقة شخصية بكارتر؛ فقد كانت والدته ليليان، زارتها عندما كانت في الهند كعضو في “فريق السلام” في أواخر الستينيات.
لذلك عندما قام كارتر وزوجته روزالين، بزيارة القرية، تبرعا لها بالمال وسميت القرية باسم “كارتربوري”، ولا يزال هذا الإسم يستخدم إلى يومنا هذا.
وباستثناء الصور الفوتوغرافية، كانت الهند والولايات المتحدة في حالة نزاع، إذ كانت الهند ماضية في برنامجها النووي، وأجرت أول اختبار نووي في عام 1974.
وأرادت الولايات المتحدة أن توقع الهند على معاهدة تهدف إلى الحد من انتشار الأسلحة النووية. لكن الهند رفضت قائلة إن الاتفاقية غير منصفة للدول النامية.
وفي محادثة مسرَّبة لكارتر مع وزير خارجيته سايروس فانس، وتصدرت وقتها عناوين الصحف وكادت تفشل الزيارة، هدد كارتر بتوجيه رسالة “صريحة وشديدة لديساي.
ووقّع الزعيمان بياناً مشتركاً تعهدا بالتعاون المشترك على الصعيد العالمي، لكن كارتر غادر الهند دون أن يحصل على الضمانات التي كان يأمل الحصول عليها من الجانب الهندي.
“البهيج“
إذا كانت هناك زيارة غيرت كل شيء، فهي زيارة بيل كلينتون في مارس/آذار عام 2000 ولقائه برئيس الوزراء السابق أتال بيهاري فاجبايي. جاءت زيارة كلينتون بعد عقدين من استقرار العلاقة بين البلدين؛ لم يقم رونالد ريجان، ولا جورج بوش الابن بزيارة إلى الشرق.
جاءت الزيارة في وقت صعب حيث فرضت واشنطن عقوبات على دلهي عقب اختبارها للقنبلة النووية عام 1999.
ولكن، وفقاً لما ذكره نافتيج سارنا، السفير الهندي السابق لدى الولايات المتحدة، فإن الزيارة التي استمرت خمسة أيام كانت “زيارة بهيجة”.
أوباما ومودي يتفقان على توثيق التعاون النووي السلمي
بيل كلينتون يكتب رواية حول البيت الأبيض
وشملت الزيارة حيدر أباد، المدينة الجنوبية التي كانت تعتبر مركز التكنولوجيا، ومدينة مومباي، العاصمة المالية للهند.
يقول سارنا: “لقد شاهد كلينتون الإمكانات الاقتصادية والإلكترونية للهند، والديمقراطية على أرض الواقع”.
رقص كلينتون مع القرويين أيضاً، وقام برحلة سفاري إلى حديقة النمور، وتناول حساء العدس الأسود المشهور في فندق فخم، ارتبط اسمه بالرئيس منذ ذلك الوقت.
وربما كان أفضل تعبير عن تفاعل الهند مع الزيارةهو ما جاء في عنوان صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، “حمى كلينتون، تجلت في الهند السعيدة كل أعراضها”.
“أفضل رئيس أمريكي على الإطلاق “
كان جورج دبليو بوش، على حد تعبير مجلة فوربس “أفضل رئيس أمريكي زار الهند”.
كانت زيارته التي استمرت ثلاثة أيام في مارس/آذار عام 2006، هو من أجل تسليط الضوء على علاقة البلدين الاستراتيجية، وخاصة على الصعيد التجاري والتكنولوجيا النووية، التي كانت محل نزاع طويل بين البلدين.
كان من الصعب عدم ملاحظة ديناميكية شخصيته القوية مع رئيس الوزراء مانموهان سينغ، لدرجة أن بوش، الرسام الحريص، قام برسم بورتريه لسينغ بعد تركه لمنصبه.
ويعود الفضل للزعيمين لإبرام اتفاقية نووية تاريخية لكن مثيرة للجدل.
خرجت الهند من عزلة استمرت عقوداً، بسبب رفضها التوقيع على معاهدة “عدم انتشار الأسلحة النووية”.
وحصلت الهند المتعطشة للطاقة على التقنية النووية الأمريكية للأغراض السلمية مقابل عرض منشآتها النووية للتفتيش.
ورغم أن الزيارة كانت جوهرية، إلا أنها لم تكن كغيرها من الزيارات الرسمية، فلم تشمل الزيارة إلى تاج محل ولا إلقاء خطاب في البرلمان، لكن التوقيت كان في غاية الأهمية.
كانت مشاعر العداء للولايات المتحدة بسبب غزو العراق قوية، حيث نظّم نواب يساريون احتجاجاً ضد زيارة بوش وكانت هناك مظاهرات في أجزاء أخرى من الهند.
“الزائر المزدوج“
كان باراك أوباما الرئيس الوحيد الذي قام بزيارتين رسميتين للهند خلال حكمه. فالأولى كانت عام 2010، في ظل حكومة سينغ، والثانية عام 2015، في ظل حكم رئيس الوزراء الحالي ناريندرا مودي.
في أول زيارة له، وصل إلى مومباي بدلاً من دلهي، مع وفد تجاري كبير. لم تكن الزيارة ذات هدف اقتصادي فحسب، بل كان مظهراً لإبداء التضامن مع الهند في أعقاب هجمات مومباي الإرهابية في عام 2008 ، والتي أودت بحياة 166 شخصاً.
وبات أوباما وزوجته في فندق تاج محل، الذي كان أحد الأهداف الرئيسية للإرهابيين.
وتقول أليسا أيريس، نائبة مساعد وزير الخارجية الأمريكية السابق لجنوب آسيا، إنه من الأهمية بمكان إعلان الرئيس الأمريكي دعمه للهند لعضوية الهند في مجلس الأمن الدولي بعد تعديله وتوسيعه.
“إن حدوث أي تغيير في منظومة الأمم المتحدة بعد كل هذه السنوات مسألة أخرى، لكن كان ذلك تحولاً رئيسياً في سياسة واشنطن”.
عاد أوباما عام 2015 كضيف رئيسي في احتفالات يوم الجمهورية في الهند بناءً على دعوة من رئيس الوزراء مودي.
وكانت قضايا الدفاع والمناخ والتجارة محور المحادثات.
وأكدت الزيارة أيضا على استراتيجية الهند والمحيط الهادئ، حيث أعرب الزعيمان عن عدم ارتياحهما لممارسات بكين في بحر الصين الجنوبي.
سباق
شهدت العلاقات الأمريكية الهندية حالات مد وجزر، ولكن أثناء زيارة أوباما الرسمية الأخيرة عام 2015، وقّع البلدان على إعلان صداقة تحت شعار “لنتقدم إلى الأمام معاً”.
وستؤدي زيارة الرئيس ترامب إلى دفع العلاقة إلى الأمام، لكن ليس من الواضح كيف. ويلي وصول ترامب إلى أحمد آباد، المدينة الرئيسية في ولاية كوجارات (مسقط رأس مودي) تجمع ضخم في ستاد المدينة، من المتوقع أن يجتذب جمهوراً كبيراً.
وسيكون الحدث تذكيراً بزيارة آيزنهاور، وربما يعزز العلاقات الشخصية بين الزعيمين.
لكن في الوقت الذي ستطغى على زيارة ترامب الأجواء الاحتفالية، إلا انها قد تكون أقل أهمية في الجانب السياسي.
وعلى عكس الزيارات الرئاسية الأخرى، لا يُتوقع أن تثمر هذه الزيارة عن توقيع اتفاقيات محددة، و يبدو أن الصفقة التجارية التي يسعى إليها ترامب بعيدة المنال.
[ad_2]
Source link