التحرّش الجماعي: دائرة من العنف تكون المرأة فيها الحلقة الأضعف .. و”سالمونيلا” جزاء من تقول “لا”
[ad_1]
شهدت مصر في الأيام الأخيرة حالة جديدة من حالات التحرّش الجماعي بفتاة في الشارع. الحادثة التي باتت تعرف بحادثة “فتاة المنصورة” جدّدت الجدل حول أسباب ظاهرة التحرّش ومن المسؤول عنها. وتزامن الجدل مع ظهور أغنية قال البعض إنها تبرّر العنف المسلّط على النساء رغم إعلان صاحبها أنها سخرية من واقع المرأة في مصر.
“عشان تبقي تقولي لأ” ستعترضك هذه العبارة كثيرا إذا تصفّحت مواقع التواصل الاجتماعي المصرية بشكل خاص.
يستخدمها أغلب المغردين مرفقة بصور ساخرة ولقطات من أفلام كوميدية، بينما يستخدمها آخرون مصحوبة بصور نساء تعرّضن للعنف، وهذه الصور هي الأقرب لما يشير إليه تعبير “عشان تبقي تقولى لأ”.
من أين أتت “عشان تبقي تقولي لأ”؟
هي جملة في أغنية أطلقها تميم يونس مع المغني المصري محمود العسيلي اسمها “سالمونيلا” ونشرها عبر صفحاته على مواقع التواصل الاجتماعي يوم رأس السنة.
تميم يونس هو نجم مواقع التواصل الاجتماعي الذي يتابعه أكثر من 200 ألف شخص على فيسبوك ومثلهم على انستغرام.
كلمات الأغنية تصف خطابا من شاب لفتاة أعجبته يبدأه برقّة شديدة لكنّه سرعان ما يتحول إلى عنف وشتم وتهديد ما إن ترفض الفتاة الارتباط به.
شاهد الأغنية أكثر من مليون ونصف المليون شخص على يوتيوب وتداولها كثيرون عبر فيسبوك وتويتر.
نالت الأغنية رضا من أعجب بما جاء في كلماتها ورأى أن المرأة التي ترفض عرض رجل و”تقول لا” تستحق التعنيف والشتم والتشهير.
وأعجبت الأغنية أيضا من رآها إبداعا في السخرية من واقع تعيشه المرأة في مصر تكون فيه ضحية لانعدام مفهموم حقها في قبول أو رفض الارتباط أو التجاوب مع الرجل الذي يتقرّب منها.
لكن الأغنية أثارت أيضا موجة من الغضب والرفض.
اعتُبرت الأغنية استخفافا بواقع خطير تعيشه المرأة، وتسطيحا لقضية العنف المسلّط على النساء.
خاصّة أن الأغنية تتناول موضوعا دقيقا ومفهوما لا يزال غائبا بشكل كبير في المجتمع العربي، هو مفهوم الرضا والقبول في العلاقات العاطفية والجنسية.
حيث يعتبر كثير من الرجال أن رفض المرأة الارتباط بهم إهانة وتعدّ على كرامتهم ورجولتهم.
وتختلف هنا طرق التعامل مع الرفض من شخص لآخر. فقد يكتفي البعض بإنهاء أي نوع من التواصل مع المرأة التي ترفضه، بينما يتحوّل إحساس البعض بالرفض إلى غضب يترجمه إهانة وتشويها لتلك المرأة قد يرضيه ويخفّف من غضبه.
وهذا ما تصوّره أغنية “سالمونيلا”.
لكن منتقدي الأغنية رأوا أن صنّاعها فشلوا في إيصال الرسالة المراد تبليغها.
تباين ردود الفعل والانتقاد الذي تعرّضت له أغنية “سالمونيلا” دفع بصاحبها تميم يوسف إلى تفسير موقفه في فيديو عبر صفحته على فيسبوك قال فيه إن “الأغنية سخرية من رد فعل بعض الشباب على رفض المرأة لهم”.
#فتاة_المنصورة
طرحت أغنية “سالمونيلا” في وقت تجدّد فيه جدل حول وضع المرأة في مصر والعنف الذي تتعرّض له وحالات التحرّش في الأماكن العامة.
إذ تزامن إصدار الأغنية مع حادثة تحرّش جماعي تعرّضت له فتاة في ليلة رأس السنة في مدينة المنصورة، وأصبحت الحادثة تعرف عبر مواقع التواصل الاجتماعي بـ”فتاة المنصورة”.
انتشر مقطع مصوّر لعشرات الشبان يتحلّقون حول فتاة ويحاولون لمسها بينما كانت تستغيث إلى أن تمكن شبان آخرون، قيل إنهم ثلاثة، من إنقاذها وإدخالها إلى سيّارة.
وتداول المغرّدون أيضا مقطعا مصورا يظهر فيه من قالوا إنه صاحب محلّ في المنطقة التي وقع فيها الحادث وهو يطرد البنت وصديقتها من المحل حين لجأتا إليه هربا ممن يلاحقونهما، قبل أن تتعرّض إحداهما لهجوم من عشرات الشبان.
بينما قال آخرون إن عناصر من قوات الأمن هم من طردوا الفتاتين من المحل خوفا على سلامته.
حادثة التحرّش الجماعي ليست جديدة في مصر وفي غيرها من الدول وردود فعل الناس حولها لم تكن مفاجئة ولا جديدة أيضا.
هناك من أدان وندّد بهذا “التصرف الحيواني” و”الوحشي” و”غير المتحضّر” ومن اعتبره جريمة تستوجب أشد العقاب ومن دعا السلطات المصرية إلى التحرّك الفوري.
ومن المعلّقين من قال إن الأحرى بمن “استفزّتهم” الفتاة أن يغضوا أبصارهم إذا كان دافعهم في التحرّش الانتقام من المرأة التي “تخالف تعاليم الدين بلباسها”.
في حادثة التحرّش طرف ثالث أثار موقفه استغراب الناس.
لماذا يقف كثيرون متفرّجين أمام هذه الجرائم ولا يحاولون منع حدوثها؟ كان هذا السؤال الأبرز الذي طرح في التعليقات على الحادث.
لكن هناك أيضا من اعتبر أن ما حدث لـ”فتاة المنصورة” أمر طبيعي وأنها تستحقّ ما تعرّضت له لأنها، بحسب رأيهم، من دعت الشبان إلى التحرّش بها بشكل غير مباشر من خلال لباسها ووجودها في الشارع في “وقت متأخر من الليل”.
هذا الموقف ليس استثناء ومن يتبنونه كثيرون. بل إن كثرة المؤمنين به من رجال ونساء تدق ناقوس الإنذار في كل مرّة يتكرّر فيها هذا الحادث.
رسميا أعلنت السلطات في مصر فتح تحقيق في الحادث، واعتقلت الشرطة عددا من المشتبه في علاقتهم بالحادثة، واستجوبت العشرات من العاملين في المنطقة.
كيف يفسّر الأخصائيون النفسيون التحرّش الجماعي؟
سألت مدوّنة بي بي سي ترند الأخصائية النفسية الدكتورة سحر طلعت عن تفسيرها لظاهرة التحرّش الجماعي فقالت إنه “تفريغ لحالة غضب يعيشها المصريّون. وترجمة عنيفة لما يتعرّضون إليه بدورهم من تعنيف في الحياة اليومية على مختلف المستويات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها”.
وقالت سحر إن هذا النوع من الأفعال تحرّكه آلية دفاعية لدى الإنسان تحوّل الغضب الناتج عن الضغوط التي تمارس عليه نحو أشخاص أكثر ضعفا وفي هذه الحالات تكون المرأة هي المتلقّي للعنف.
ويجد المتحرّش، بحسب رأي الأخصّائية النفسية، أسبابا يبرّر بها تحرّشه، وتكون في أغلب الحالات إلقاء اللوم على المرأة على أساس زيّها أو سلوكها ليقنع نفسه ويحاول إقناع من حوله أن ما فعله صواب ولا يعدو أن يكون عقابا لخروج المرأة عن “تعاليم الدين” و”مبادئ الاحترام”.
وعن أسباب انتشار جرائم التحرّش وتكرّرها قالت الدكتورة سحر طلعت إن “غياب القانون الرادع” يلعب دورا في هذا.
فرغم تجريم القانون المصري للتحرّش، فإن تطبيقه يحتاج إلى أدلة واضحة وإثبات حالات التحرّش، وهو أمر قد يصعب على امرأة في تلك الحالة التفكير فيه أكثر من تفكيرها في الهرب.
كما أرجعت المتخصصة انتشار الظاهرة إلى الأفلام التي بات كثير منها يصنع من المتحرّشين وممارسي العنف أبطالا.
[ad_2]
Source link