مباراة ملاكمة “تاريخية” في السعودية وسط جدل حول حقوق الإنسان و”تجميل الصورة بالرياضة”
[ad_1]
مع غروب الشمس خلف آثار مدينة الدرعية التاريخية، التي شهدت ميلاد الدولة السعودية الأولى، تجمّع ملاكمون ومعهم أعضاء فِرَقهم وكبار الشخصيات المحلية وإعلاميون لعقد مؤتمر صحفي قبل مباراة ملاكمة مرتقبة توصف بأنها “تاريخية”.
وجرى هذا التجمّع على سطح دار ضيافة فخمة في ضواحي الرياض في وقت سابق من هذا الأسبوع في مشهد يسهل نسيانه، من دون نسيان الأسباب التي تجعل من هذه المباراة – التي سبق وأنْ أقيمت بين بطلي الوزن الثقيل البريطاني أنثوني جوشوا والأمريكي آندي رويز جونيور في الرياض- أحد أكثر الأحداث الرياضية إثارة للجدل مؤخرا.
ويغري المشهد بالتفكير بشكل خاص في تلك القصة المثيرة وراء إقبال أحد ألمع نجوم بريطانيا في الملاكمة على المشاركة في “نزال الدرعية” من أجل إنقاذ حياته المهنية، والتعافي من الهزيمة السابقة أمام نفس الخصم.
ومن الطبيعي أن يبدي المرء إعجابه بحجم المجمع الترفيهي الضخم الذي سيشهد إقامة أول مباراة على لقب في الوزن الثقيل في الشرق الأوسط.
ومن الطبيعي كذلك الاندهاش من السرعة التي شيدت بها الساحة المفتوحة التي ستقام عليها المباراة، والتي بدأ العمل فيها من الصفر.
ناهيك عن الطموح غير العادي الذي يبديه المنظمون المحليون، الذين يصرون على أن هذه الفعاليات مصممة خصيصا لتعزيز قيمة النشاط عند الناس ودعم السياحة وحثّ الخطى على طريق التحديث والمعاصرة.
لكن، ألم يكن هناك بلد آخر له تاريخ أطول في تنظيم فعاليات هذه الرياضة يمكن الذهاب إليه؟
- ما هو “التبييض الرياضي”؟ ولماذا تُتهم السعودية بممارسته؟
- بي تي أس في السعودية: لماذا تريد الرياض أشهر نجوم الفن على أراضيها؟
من دورة الألعاب الأولمبية في الصين، إلى مونديال كأس العالم لكرة القدم في روسيا وقطر، إلى نهائي دوري أوروبا في أذربيجان، وسباق فورمولا-1 في البحرين وأبوظبي – وكلها دول طالما كانت متهمة باستضافة الفعاليات الرياضية لتجميل صورة أنظمتها خارجيا وتشتيت الأنظار عن سِجِلاتها المشبوهة على صعيد حقوق الإنسان، كأحد أشكال “القوة الناعمة”.
وليست الملاكمة الرياضة الوحيدة في هذا المضمار؛ فهناك سباق السيارات “فورمولا إي”، ومنافسة الغولف “إيه تي بي”، و”دبليو دبليو إي” في المصارعة، وكأس السوبر الإيطالي، وكلها مسابقات تقام في السعودية التي تضخّ عشرات المليارات من الجنيهات في قطاع الرياضة حاليا.
ومما لا يُصدّق أن يشهد الشهر المقبل فقط في السعودية إقامة فعاليات رياضية كبرى مثل سباق رالي دكار للسيارات، وكأس السوبر الإسباني، وتنظيم أولى بطولات المملكة الدولية في التنس، ومهرجان للفروسية، والبطولة السعودية الدولية لمحترفي الغولف.
لكن البعض يعرب عن عدم ارتياحه لإقامة مباراة ملاكمة بين جوشوا ورويز، من بين قائمة تطول من الأحداث الرياضية الأخرى، لا لشيء سوى اجتذاب الأنظار إلى المكان.
يقول فليكس جاكينز من منظمة العفو الدولية: “العالم كله يتابع هذا الحدث على نحو مغاير للأحداث الرياضية السابقة … ربما كانت تلك أعلى قمة في كل عملية ‘تجميل للصورة عبر الرياضة’ التي تجريها السعودية”.
ويتابع: “ثمة سبب وراء إقامة هذا النزال في السعودية – هو حِرص السلطات على تجميل صورتها المشوّهة دوليا…، وهو مبرر مفهوم؛ في ظل سِجِل البلاد المروع فيما يتعلق بحقوق المثليين جنسيا، وحقوق المرأة، وما يتعلق بالقتل خارج نطاق القضاء، والإعدامات بقطع الرؤوس، وقتل الصحفي جمال خاشقجي العام الماضي، والتورط في الصراع الدائر في اليمن”.
ويضيف جاكينز: “لا نقول إن أنثوني جوشوا لا ينبغي له اللعب في السعودية. ولكن أثناء وجوده هناك ينبغي عليه استغلال شعبيته للتحدث عن الأوضاع في البلاد وإثارة قضية حقوق الإنسان”.
وعندما طرحتُ الأمر على جوشوا في وقت سابق من هذا الأسبوع، دافع عن قراره الخاص بالمجيء للسعودية، وأصرّ أن عليه التركيز على النِزال، لكنه استدرك قائلا “في المستقبل ربما أحمل شعارا مغايرا”.
وقد يرى البعض أن جوشوا “ساذج” إذْ يقول إنه “سيتعرّض ولا شك لمضايقات” إذا جرى استخدامه للمساهمة في تحسين صورة هذا البلد، لا سيما بالنظر إلى ما يقارب 79 مليون دولار هي أرباحه المتوقعة من هذا النزال.
لكن آخرين يرون أنه من عدم الإنصاف ألا تستفيد رياضة الملاكمة من أموال السعودية الطائلة بينما الحكومة البريطانية تسارع إلى بيع أسلحة بمليارات الدولارات لهذا البلد.
أما مسؤول الترويج لهذه المباراة، إدِي هيرن، فقد اتخذ مسلكا مغايرا عندما سُئل عن وجوده في السعودية قبل اتمام الاستعدادات اللازمة لإقامة مباريات الملاكمة في بلد جديد على اللعبة، فقال إن آخرين سيأتون بغضّ النظر عن ذلك، وما يُقبِل عليه الملاكمون من أخطار يجعلهم يقبلون أمثال تلك العروض المغرية من الدول الرائدة عالميا في تصدير النفط.
وقال هيرن: “مهمتنا هي توفير فرص قوية لعملائنا الذين يمارسون إحدى أكثر الرياضات عنفا وخطورة”.
وأضاف: “لا يوجد صحفي يمكنه القول لملاكم إنه لا يستطيع الذهاب إلى مكان ما لكسب المال في رياضة كتلك. وأنت هنا على سبيل المثال، لماذا تغطّي هذا الحدث الرياضي؟”
[ad_2]
Source link