“تونس تقتل أبناءها”… تونسيّون يحمّلون الدولة مسؤولية “حوادث” قاتلة
[ad_1]
تجتاح مشاعر غضب بالغ مواقع التواصل الاجتماعي في تونس بعد موت 26 شخصا وإصابة 16 في حادث سير على طريق جبلية خطيرة. وأنحى تونسيّون باللائمة على الدّولة في هذا الحادث، الذي فتح وقوعه ملفّات أزمات لم تنجح الحكومات المتعاقبة في تجاوزها.
ويقول تونسيّون تعقيبا على الحادث: “يلاحقك الموت حيثما توجّهت، ما دمت تعيش في تونس. موت سببه الرئيسي الإهمال، وتقصير الدوّلة في الاضطلاع بواجباتها تجاه مواطنيها”… “تونس تقتل أبناءها”.
وتكرّرت تلك المقولة فى أكثر من منشور عبر وسائل التواصل بعد حادث انقلاب الحافلة التي كانت تقل شبابا في رحلة ترفيهية إلى وجهة سياحية شمال غرب تونس يوم الأحد.
وتتردّد هذه المقولة منذ توفيّ 12 رضيعا في مستشفى عمومي بسبب ما قالت وزارة الصحة وقتها إنه تعفّن في الدم واستقال على إثرها وزير الصحة التونسي في وقت سابق هذا العام.
وتردّدت العبارة أيضا حين جرفت مياه الوادي الطفلة مهى القضقاضي في طريق عودتها من المدرسة، وعندما قتل الشاب آدم بوليفة بعد الضرب الذي تلقاه من حارس ملهى ليلي وعندما توفيت عاملات الفلاحة في انقلاب شاحنة تقلّهن وقبل كل ذلك عندما توفي عمر غرقا حين طارده شرطي بعد مباراة فريقه المفضل.
وتداول روّاد مواقع التواصل الاجتماعي لوحة فنيّة تعبّر عن آلام فقد كل هؤلاء في “حوادث كان من الممكن ومن المفترض عدم وقوعها”، وحملوا الدولة المسؤولية الأكبر.
وقد انقلبت الحافلة، التابعة لشركة سياحية خاصة، في منعرج يعرف الجميع خطورته في منطقة “عين السنوسي” في عمدون، التابعة لمحافظة باجة شمال غرب البلاد. وهو جزء من البلاد يشتكي من التهميش والإهمال منذ سنوات.
وكان على متن الحافة ثلاثة وأربعون شابا وشابة لا يتجاوز عمر أكبرهم سن الثلاثين، وقصدوا منطقة وادي الزان الطبيعية في عين دراهم للسياحة والترفيه.
كان للحادث وقع كارثي وأثار غضبا عارما لأن الطريق التي انحرفت عنها الحافلة كانت “مشؤومة” تحصد الأرواح بشكل دوري منذ سنوات، وأخفقت الحكومات المتعاقبة على تونس في إيجاد حل يقي من الحوادث على هذه الطريق.
لكن الحكومة الحالية، وهي حكومة تصريف أعمال، قالت يوم الأحد عقب الحادث إنها أطلقت دراسة عاجلة لبناء جسر في تلك المنطقة يؤمّن مرور السيارات والشاحنات.
وقال وزير التجهيز إن المشروع مكلف جدا “لكن لا شيء أغلى من حياة التونسيين”.
لكن يبدو أن كثيرا من التونسيين لا يثقون في إعلاء الدولة لقيمة حياة مواطنيها، كما يبدو جليا من ردود فعل مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي على الحادث.
وشُكِّلت خلية أزمة تتابع الحادث، واستقال محافظ باجة، واجتمع رئيس البرلمان راشد الغنوشي بنواب باجة وجندوبة بهدف بحث حلول تنموية للمحافظتين اللتين وقع بينها الحادث والواقعيتن في الشمال الغربي “المنكوب” والـ”المهمّش”، في خطوة رآها البعض “متأخرة ومنقوصة”.
من المسؤول عن الحادث؟
فتحت السلطات التونسية تحقيقا في أسباب وقوع الحادث، التي قال رئيس الجمعية التونسية لحوادث الطرقات عفيف الفريقي إنها “كثيرة ومختلفة”. لكن أصابع اتهام كثيرة تتجه نحو الدّولة.
عدم حل أزمة الطريق الوعرة التي وقع فيها الحادث وقبله حوادث مماثلة عبر سنوات، لم يكن السبب الوحيد وراء تحميل الناس مسؤولية الكارثة للدولة.
وقال ظافر اللّطيف، المسؤول في “الجامعة التونسية لوكالات الأسفار والسياحة” في لقاء مع إذاعة موزاييك إف أم المحلية، إنّ “الحافلة تابعة لوكالة أسفار ليست مسجّلة بالجامعة”.
وقال وزير التجهيز والإسكان والتهيئة الترابية، نور الدّين السالمي، في لقاء لإذاعة ديوان التونسية إن “حالة الحافلة، التي يقدر سنها ب20 سنة، ساهمت بشكل كبير في وقوع الحادث. وإن الحافلة كانت ملكا لوكالات أسفار أخرى فرّطت فيها لتقادمها”.
تصريحات المسؤولين دفعت الناس للتساؤل عن رقابة الدولة على شركات السياحة الخاصة التي تنظم رحلات مثل هذه، وعن دور الحكومة في فرض شروط وإجراءات سلامة معينة على هذه الشركات والحافلات التابعة لها.
اختلال التوازن التنموي بين مناطق البلاد
رأى البعض أن وقوع الحادث “قضاء وقدر” لا اعتراض عليه وأن الأولى التركيز على محاولة إنقاذ ما يمكن.
هرعت فرق الإنقاذ إلى مكان الحادث لانتشال الجثث ونقل المصابين إلى المستشفات.
وأكد مصدر في وزارة الصحة، وعضو في خلية الأزمة التي شُكّلت لمتابعة الحادث، إصابة ستة عشر شخصا، 11 منهم في حالة حرجة، ما يرجّح ارتفاع حصيلة القتلى.
وقد نُقل المصابون في البداية إلى مستشفيات قريبة، لكن خطورة بعض الحالات استوجبت نقلهم إلى مستشفيات العاصمة تونس.
يحدث هذا الأمر كثيرا، إذ تفتقر مناطق كثيرة في البلاد للمستشفيات المجهزة للتعامل مع حالات حرجة وعمليات كبرى.
وكان هذا مثار آخر للغضب وبعض السخرية في تعليقات رواد مواقع التواصل الاجتماعي.
الفرق في البنية التحتية وعدم التوازن في الخدمات المقدّمة للمواطنين ملفّ مطروح على طاولة كلّ حكومة تونسية وتحدّ يواجه كل قيادة للبلاد.
وينتظر الناخبون من السلطات خطوات فعلية ومشاريع تنمويّة تخفّف عمق الهوّة التنموية بين مناطق البلاد المختلفة.
كما يأمل العديد من سكان تلك المناطق أن يكون اختيارهم للرئيس الحالي قيس سعيّد خطوة نحو تحقيق التكافؤ والعدالة الاجتماعية وهو الرئيس “نظيف اليدين” “غير المتحزّب”.
بينما يرى آخرون أن سعيّد لن يختلف عن سابقيه.
وأعلنت وزيرة الصحة بالنيابة، سنية بالشيخ، يوم الاثنين قرب “الشروع في دراسات إنشاء مستشفى جامعي متعدد الاختصاصات في محافظة باجة العام المقبل”.
وبينما لم تعلن تونس رسميّا بعد الحداد على أرواح ضحايا الحادث، فقد عمّ الحزن البلاد.
وتكاد الصفحات التونسية عبر مواقع التواصل تخلو من أي أنباء غير التي تتحدّث عن الحادث وضحاياه وحالة أهاليهم والجنازات التي ستقام يوم الاثنين للضحايا.
[ad_2]
Source link