أخبار عربية

انتخابات تونس: قيس سعيد، الأستاذ الجامعي الذي فاجأ الساحة السياسية


قيس سعيد بجانب شعار حملته

مصدر الصورة
Getty Images

“لست في حملة انتخابية لبيع أوهام والتزامات لن أحقّقها، بل أنا ملتزم بما أقول وأعد به، عكس وعود الأحزاب التقليدية التي لم يكن حظ الشعب التونسي منها إلا كحظ المتنبي من وعود كافور الإخشيدي”. هكذا عبر مرشح الرئاسة التونسي عن موقفه من المنصب الذي يسعى للفوز به في تغريدة عبر حسابه على تويتر، وهي تشي بعدد من خصال كاتبها.

وتحمل تصريحات سعيد عادة مواقف أخلاقية، يدعم فيها الثورة، ويؤكد على نزاهة إدارته للحملة، وانحيازه للمواطنين، وزهده في المميزات التي يحملها المنصب الذي يسعى إليه. هذا بالإضافة إلى التزامه الكتابة باللغة العربية، وانتباهه إلى الصياغة السليمة.

ويثير عدد من مواقف سعيد دهشة البعض، لعل أبرزها هو قراره مؤخرا بعدم المشاركة في حملته الانتخابية “لدواعٍ أخلاقية، وضمانا لتجنب الغموض حول تكافؤ الفرص”. ويرجع ذلك إلى أن منافسه، نبيل القروي، يقبع في السجن حاليا قيد المحاكمة في قضايا فساد.

فما أبرز ما نعرف عن قيس سعيد؟

ولد سعيد في تونس العاصمة عام 1958، واتجه إلى دراسة القانون الدولي العام، حتى حصل على شهادته العليا من كلية الحقوق والعلوم السياسية بتونس.

واستكمل دراساته العليا في الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري في تونس، ثم في المعهد العالي للقانون الإنساني في سان ريمو، بإيطاليا.

واتجه سعيد بحياته المهنية إلى التدريس، إذ بدأها عقب تخرجه عام 1986 كمدرس بكلية الحقوق والعلوم الاقتصادية والسياسية في سوسة. وأثناء عمله بالكلية، شغل منصب مدير قسم القانون العام بين 1994 و1999.

وانتقل في عام 1999 إلى التدريس في كلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس العاصمة.

وبخلاف الحياة الأكاديمية، شارك سعيد في عدد من مشرعات الصياغة القانونية. وكان أبرزها مشروعين لدى جامعة الدول العربية، الأول عام 1989 لإعداد مشروع تعديل ميثاق الجامعة. أما الثاني فكان عام 1990، لإعداد مشروع النظام الأساسي لمحكمة العدل العربية.

كما شغل منصب نائب رئيس الجمعية التونسية للقانون الدستوري بين عامي 1990 و1995.

هذا بجانب عضوية المجلس العلمي ومجلس إدارة الأكاديمية الدولية للقانون الدستوري منذ عام 1997.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

قيس سعيد يعتمد في حملته على المتطوعين بالأساس، وتخلو الحملة من مظاهر الدعاية الباذخة

“الشعب يريد”

بدأ ظهور سعيد في الحياة السياسية العامة بعد الثورة التونسية عام 2011، إذ كان يحل ضيفا على عدد من البرامج التليفزيونية والحوارات الصحفية كخبير دستوري وقانوني.

واتخذ من عبارة “الشعب يريد” شعارا لحملته، التي عبر فيها صراحة عن رفضه للتحزب، ونأى بنفسه عن الانتماء لأي تيار سياسي.

وكرر سعيد في جولاته ولقاءاته المختلفة حرصه على تمكين الشعب التونسي، وأن تتحول سيادة القانون من الدولة إلى المجتمع، “حيث يستبطن الفرد احترام القانون ولا يكون مُجبَراً على طاعته” كما جاء في إحدى تغريداته.

كما يتبنى سعيد خطابا ونهجا تقشفيا في إدارة حملته، فلا تنتشر الملصقات الدعائية المبهرة في البلاد كحال مرشحين آخرين. ويعتمد في حملته بشكل كبير على المتطوعين من مؤيديه، حتى أنه رفض الدعم المالي الذي تقدمه الحكومة للمرشحين لتمويل حملاتهم.

ويقول سعيد في واحدة من تغريداته إنه حال فوزه، سيؤدي عمله ويعود إلى منزله كأي موظف. وإنه سيتخلى عن مظاهر الترف والمواكب والامتيازات التي يحصل عليها رئيس الجمهورية.

كما دعا إلى التخلص من مظاهر الترف والامتيازات التي يحصل عليها النواب.

التصالح

ويلتزم سعيد الحياد تجاه كل الأطياف والتوجهات السياسية في تونس، يشمل ذلك الحياد رجال النظام السابق.

وعرض المرشح الرئاسي في خطته التصالح عن طريق المحكمة مع 460 من رجال الأعمال المتهمين بالفساد، واستغلال هذا التصالح لتطوير المناطق الأشد فقرا في تونس.

وتقوم الفكرة على أساس ترتيب رجال الأعمال من الأشد إلى الأقل فسادا، وترتيب المناطق (وتسمى المعتمدية) من الأشد إلى الأقل فقرا، بحيث يتولى الأكثر فسادا تطوير المنطقة الأقل فقرا.

وربما لا تكون السياسة الخارجية التي يتبناها سعيد على نفس درجة حياد سياسته الداخلية. وأعلن صراحة عن دعمه للربيع العربي، وإيمانه بأهمية وحدة دول المغرب العربي. وقال إن أول زيارة خارجية ستكون إلى الجزائر.

ويتحدث صراحة عن أهمية الدور العربي وجامعة الدول العربية، التي يعتبرها كيانا له “حصانة من الموت ومناعة ضد التقدم”.

وفي المقابل، يعتبر الاتحاد الأوروبي ندل بلا أفضلية، يتساوى مع بلاده في الاحتياج والمصالح المشتركة. ويرفض أن يكون للتدخل الأجنبي (سواء ماديا أو سياسيا) دور في توجيه خيارات الشعب.

كما يهاجم صراحة الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ويعتبر قضية فلسطين محورية بالنسبة لتونس ودول المنطقة كلها.

لكنه يرفض كذلك التدخل في أي من الصراعات الدائرة في المنطقة، سواء سوريا أو ليبيا، أو اليمن.

نهج “محافظ”

ويرى البعض أن سعيد يلتزم نهجا محافظا، يتمسك فيه بالمرجعية الدينية. ودلل البعض على ذلك برفضه للمساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، وهو القانون الذي قدمه الرئيس الراحل باجي قائد السبسي.

وأشار آخرون إلى تغريدة عبر فيها عن إعجابه بعمر بن الخطاب، واعتبروا ذلك دليلا على تمسكه بميول إسلامية قد تنفر التوجهات الليبرالية أو اليسارية.

ويرى محللون أن القاعدة الأكبر من مؤيدي سعيد هم الشباب الذين يبحثون عن مخرج من سياسات وصراع الأحزاب، ورأوا فيه توازنا بين التيارات الإسلامية واليسارية.

ومن المقرر أن تجري الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية التونسية في 13 أكتوبر/تشرين الأول الجاري.

وكان سعيد قد حصل على 18.4 في المئة من الأصوات، في حين حصل منافسه نبيل القروي على 15.58 في المئة.





Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى