أخبار عاجلة

محمد فاضل: هناك رباط وثيق بين الصحافة والأدب والرواية تحديدا

[ad_1]

أجرت اللقاء: بدور المطيري – ينشر بالتزامن مع صحيفة «برواز» الإلكترونية

ليس هناك أصعب من أن تحاور صحافيا مخضرما ومن الطراز الأول بتاريخ يصل حوالي ثلاثين عاما في الصحافة البحرينية والدولية، فالصحافي والكاتب محمد فاضل اسم تتلمذ على يديه الكثير من الصحافيين في البحرين.

ظل يسبح في بحر الصحافة وشتى فنونها حوالي ثلاثة عقود ويبدو أنه قرر الاكتفاء من ملوحة بحر صاحبة الجلالة لينتقل إلى عذوبة الأدب.

من كان يتابع تقاريره الصحافية ومقالاته في عالم الصحافة، سيدرك تماما انه ليس صحافيا فحسب، بل روائي اختطفته الصحافة طيلة هذه العقود الثلاثة. لقد حط رحال قلم محمد فاضل في الأدب ليخرج لنا بمجموعته القصصية الأولى«كردم» وأول ردة فعل لكل الذين يعرفونه ويعرفون مهارات قلمه الابداعي كانت صيحة واحدة.. «وأخيرا يا أبو اياد».

وستكون هذه «بداية السبحة التي ستكر، حيث يعكف حاليا – رغم مشاغله الكثيرة – على كتابة روايته الأولى بعد مجموعة نصوص «كردم».

لمن ستعجبه هذه النصوص، قد يتعين عليه أن يزجي الشكر إلى الشخصية التي حملت المجموعة اسمها، أي «كردم»، وهو لقب وليس اسما حقيقيا، والذي كان يطل مع صديقه الآخر «عبدالله» في منام الكاتب طيلة شهرين وأكثر طاردين النوم من عينيه وكأنهما يوحيان له بأمر يتعين عليه فعله حيث يقول «كنت أرى وجهيهما كل ليلة طيلة شهرين وأكثر، ينظران في وجهي فقط».

وبمجرد أن كتب النص عنهما، اختفيا، ليتركا فاضل ينسج قصتهما مختزلا تفاصيل مدينة المحرق والبحرين القديمة ولتعطيه جرعات الحنين طاقة عظيمة أثمرت عدة نصوص وشخصيات في مجموعته القصصية «كردم». هنا اكتشف متعة جديدة في الكتابة الأدبية اذ يعترف بأنه «يكتب لأجل متعة الكتابة وليس لشيء آخر».

وكان هذا الحوار معه:

مجموعتك القصصية الأولى «كردم»، تنقل القارئ إلى الماضي، هل أبطالها حقيقيون أم من نسج خيالك؟

٭ الذاكرة هي مصدر كل قصة أو رواية في الغالب. شخوص وأبطال «كردم» حقيقيون من لحم ودم، كل ما في الأمر اني وجدت أن قصصهم تستحق أو يمكن ان تروى رغم التواضع الذي يميزهم وكونهم أناسا عاديين جدا، لا هالات حولهم ولا تسبق أسماؤهم ولا تليها أية ألقاب أكثر مما هم عليه.

لكنني اعود للتساؤل دوما عما اذا كنت انا فعلا من كتب عن هؤلاء الشخوص أم هم الذين كتبوا قصصهم. قصة «كردم» التي اخترتها عنوانا للمجموعة، كتبتها بعد معاناة استمرت اكثر من شهرين أورثتني قلقا غير مفهوم. لقد كنت احلم ليليا بكردم وصديقه الثاني (عبدالله) ما أن أضع رأسي على الوسادة، حلم متكرر أراهما فيه يبحلقان في وجهي فقط. لا شيء اكثر من وجهيهما فقط فأتقلب في فراشي واستيقظ وأعيش قلقا لا ادرى مصدره.

ذات ليلة، وما أن أطلا علي بوجهيهما، نهضت من السرير وجلست اكتب من منتصف الليل وحتى السادسة صباحا. كتبت الجسم الرئيس للنص وعدت لاحقا لمراجعته وتشذيبه وتطويره. المدهش انه منذ ان كتبت النص توقفت الأحلام، فلم اعد احلم بهما. الحالة نفسها عشتها مع نص «طيور الليل البيضاء»، اذ كنت تحت استحواذ غريب لوقائع تداعت من ذاكرتي فجأة دون ان استدعيها. لكن النصوص ليست ماضيا والسرد ليس نقلا فحسب، بل ان الخيال الأدبي تدخل بالتأكيد ليعيد خلق القصص على النحو الذي ظهرت به.

جرعة النوستالجيا كانت عالية جدا في «كردم»، هل كان هذا مقصودا، أعني الحديث عن الماضي؟ هل تشعر بالحاجة لسد فراغ أدبي قد تراه حول هذه الحقبة أم أن الحنين بداخلك استحوذ عليك فعلا لزمن طفولتك؟

٭ ما تشيرين إليه حول جرعة النوستالجيا صحيح. أعتقد اننا نكتب أحيانا عن من نحب او ما نحب. الحب هو كلمة السر في هذه النصوص، فكل هذه الشخوص يربطني بها حب عظيم.

بالمقابل، أرى ان ملاحظتك حول سد فراغ ما في الذاكرة ملاحظة دقيقة وفي مكانها، لكنني لست من النوع المهووس بالماضي بقدر ما أنا مهتم بالتاريخ بالمعنى الأشمل للكلمة، اجتماعيا وإنسانيا على وجه الخصوص. ثمة الكثير ليروى ويصبح روايات أدبية وليس سطورا مليئة بالنوستالجيا فحسب.

الأمر بالنسبة لي يبدو مثل نداء داخلي قوي، الحب الذي يجمعني مع شخوص وأبطال نصوص «كردم» في أحد معانيه الكبرى هو تعبير عن شعور الامتنان لهذه الشخوص لأن لكل منهم تأثيره علي وهو التأثير الذي شكلني في النهاية وشكل محددات تفكيري ومشاعري ورؤيتي للناس والعالم. لكنني في النهاية سأعود لأقول إنني اكتب من أجل متعة الكتابة نفسها ولا شيء آخر.

في البحرين تأثرت الحركة الأدبية كثيرا بالتيارات الفكرية والسياسية التي ظهرت في العقود الماضية وهو نفس التأثير الذي طبع الحركة الأدبية في غالب البلدان العربية. هل ترى أن من الضروري أن يكون الكاتب او الروائي صاحب فكر او قضية معينة؟

٭ ممكن، لكنني لا أضع أي شروط للكاتب أو الروائي سوى أن يكون روائيا جيدا فقط لا غير.

الصحافة والرواية

غالبية من الكتاب سواء أكانوا شعراء أم روائيين أو كتاب مسرحيين، مارسوا العمل الصحافي. وأنت مارست الصحافة لحوالي ثلاثة عقود ما بين الصحافة البحرينية والصحافة الدولية (فرانس برس، لوموند ديبلوماتيك) ثم تحولت إلى الأدب. برأيك هل هناك رابط ذهني بين الأدب والصحافة؟

٭ بالتأكيد.. هناك رباط وثيق بين الصحافة والأدب والرواية تحديدا. في الصحافة الغربية يسمون التحقيق او التقرير الصحافي «قصة – Story»، وهذا ليس اصطلاحا بل هو توصيف فني دقيق للجذر المشترك مع الرواية، أي السرد ومهاراته مع الفارق بالطبع بين تقنيات الصحافة وتقنيات الأدب والرواية تحديدا.

تبدو الصحافة بالنسبة للبعض مثل مرحلة إعداد وتمرين وصقل لمهارات الروائي المستقبلي، فالصحافي الجيد قد يكون مشروع روائي جيد، وتكفي الإشارة الى عدد من الروائيين الكبار الذين مارسوا الصحافة في بداياتهم ثم انتهوا الى الرواية لكي تفسر هذا الرباط العضوي الوثيق. آرنست همنغواي كان صحافيا وغطى الحرب الأهلية الإسبانية في ثلاثينيات القرن العشرين. غابرييل غارسيا ماركيز كان صحافيا في شبابه وكان مساعدا لرئيس التحرير في صحيفة «اسبكتاتور» في كولومبيا.

ولدينا واحد من أبرز الروائيين العرب – وان كان يكتب بالفرنسية – وهو الفرنسي اللبناني الأصل أمين معلوف الذي عمل صحافيا أيضا في صحيفة «النهار» اللبنانية وكان يقوم بتغطيات خارجية. وعندما هاجر الى فرنسا في العام 1976، عمل في الصحافة لبعض الوقت قبل ان يتركها ليتفرغ للرواية. هناك اسماء كثيرة في العديد من الدول العربية ايضا مثل إميل حبيبي في فلسطين، الياس خوري في لبنان، زهير الجزائري في العراق وغيرهم كثيرون.

بعض النصوص كانت صورة مجهرية مزجت بين حياتك الخاصة وبين تفاصيل يوميات (الفريج) والبحرين القديمة بتفاصيلها الصغيرة. هل كانت هذه تقنية كتابية أم تداع للذاكرة؟

٭ الروايات والقصص هي ذاكرة بالأساس على أي نحو أردنا فهم هذه الذاكرة، أعني ذاكرة طويلة او ذاكرة قصيرة أو أرشيفا. لا أرى فارقا كبيرا بين ذكرياتي الخاصة مثلا وتفاصيل يوميات الحي لأنني عشتها مثل غيري كثيرين، الفرق هو أني كتبتها وقدمتها بسرد أدبي وغيري لم يفعل.

تكرر اسم فاطمة في النصوص (طفل فاطمة) (مطوعة فاطمة)، فاطمة كما عرفنا الآن هي والدتك. الى أي مدى يمكن ان يشرك الكاتب القراء في خصوصيات مثل هذه؟ ألا يؤثر هذا على العمل الروائي؟

٭ هي مصادفة بحتة ان يكون اسم والدتي فاطمة وأن يكون اسم جدتي والدة أبي ايضا. النص الأول «طفل فاطمة» كان عن والدي والثاني «مطوعة فاطمة» كان عن والدتي، اردت ان أرثيهما لكن بنص أدبي.

يقال ان في كل بيت رواية او قصة، واظن انني لم افعل سوى ان كتبت قصة من بيتنا. وعلى نحو ما، فإن الروائيين وكتاب القصة لا يفعلون سوى ان يشركوا القراء في خصوصياتهم ويبقى الأمر بالنهاية رهنا بجودة النص ومدى تفاعل القارئ معه.

مصادفة قدرية مخيفة

في نص (موعد واحد وموت مؤجل وبينهما طفلتان) يبدو ذلك الخيط القدري الذي جمع عددا من شخوص النص في موعد واحد، من قبيل المبالغة في التصوير؟ كيف يمتد الزمن على هذا النحو إلى ما يقرب من ثلاثة عقود حول تاريخ واحد؟

٭ حتى الآن مازلت أعيش الحيرة التي لفتني منذ أن قرعت المصادفة أجراس ذاكرتي بقوة في يوليو 2003 لأستعيد هذا الخيط القدري الذي جمع 3 أشخاص في موعد واحد للرحيل. يبدو هذا كلاما ملطفا عن دهشة وحيرة تصل إلى حد القلق (والخوف أحيانا) لهذه المصادفة القدرية. هذا النص ليس خيالا أدبيا ولم أفعل سوى ان دونت هذه المصادفة القدرية في سرد قصصي.

الأم (الجدة) تكاد أن تموت مع الأول في وقائع موت درامي لكنها تموت مع الثاني بعد 26 عاما لكن في نفس الموعد. كلا الرجلين لديه ابنة تحمل كل منهما نفس الاسم، لكن تاريخ ميلاد إحدى هاتين البنتين هو نفس الموعد، أي نفس تاريخ وفاة والدها. ليست مبالغة بل مصادفة قدرية تخيفني قليلا حتى الآن عندما أتفكر فيها.

ثمة من يقرأ كلمة سر خفية في جميع نصوص المجموعة هي الموت. فكل الشخوص حتى المتخيلين منهم متوفون؟

٭ أعتقد ان كلمة السر الخفية والمعلنة هي الحب. الحب هو ما يجمعني بكل أبطال وشخوص هذه المجموعة، حتى الحنين الذي دفعني لكتابة هذه النصوص، هو حب في المقام الأول.

ما هو عملك الثاني ومتى سيرى النور؟

٭ أعمل حاليا على رواية أجواؤها تعود إلى السبعينيات من القرن الماضي، أتمنى ان أنجزها مع نهاية هذا العام.

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى