أخبار عربية

جزيرة يواجه سكانها مخاطر الغرق بسبب التغير المناخي

[ad_1]

كيف تنقذ سكان جزيرة على وشك الغرق؟

مصدر الصورة
Getty Images

لم يعد من الممكن إنكار صحة الأدلة التي تفيد بأننا نشهد على كوكب الأرض ما يمكن وصفه بـ “أزمة ناجمة عن التغير المناخي”. لكن ردود فعل دول العالم إزاء هذه الظاهرة، غالبا ما تكون لها دوافع سياسية واجتماعية، أكثر من كونها تصرفات وأفعال تتعامل مع حقائق التهديد الذي ينطوي عليه التغير المناخي في حد ذاته.

وفي الآونة الأخيرة، شهدت الساحة الدولية إقدام مجموعات الدفاع عن البيئة، مثل مجموعة “إكستنكِشن ريبليون” على اتخاذ ردود فعل غاضبة، بسبب نقص قوة الدفع في هذا المجال. وأبرزت تحركات هذه المجموعات الحاجة إلى أن تقوم الدول المتقدمة الثرية الواقعة في النصف الشمالي من الكرة الأرضية، بإجراءات فعالة لمواجهة التغير المناخي.

فبحسب أحد التقارير تشكل هذه الدول الصناعية – ونحو مئة مؤسسة غالبا ما تقيم مقارها على أراضيها – الأطراف الرئيسية المُسببة للتغير المناخي، من خلال الانبعاثات الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري فيها.

وفي الوقت ذاته، تعرقل تلك الدول التوصل إلى اتفاقيات دولية من شأنها تقديم مساعدات ذات مغزى للدول النامية، لدعم جهودها الرامية لمواجهة تبِعات التغير المناخي.

ونتحدث منذ أمد طويل عن فكرة غرق الجزر الاستوائية، باعتبار أن ذلك يمثل وسيلة لوصف المخاطر المستقبلية التي ستواجهها لا محالة الدول الجزرية الصغيرة في العالم. لكن الحقيقة أن التهديدات الناجمة عن التغير المناخي، تؤثر في الوقت الراهن بالفعل على الحياة في هذه الدول. فالكثير منها اختارت السعي لمواجهة تأثيرات هذه الظاهرة، عبر إعادة تطبيق سياسات توطين وهجرة، لم تحظ بتأييد شعبي في السابق.

هذه على أي حال قصة كيريتيماس، وهي أكبر جزيرة مرجانية في العالم، وتقع في وسط المحيط الهادي. ومن شأن التأمل المتعمق لقصة هذه الجزيرة تحديدا، إلقاء الضوء على المشكلات التي تواجه من يعيشون في مثل هذه المناطق صغيرة المساحة في شتى أنحاء العالم، وإبراز ضعف وقصور السياسات الدولية المطبقة حاليا في هذا السياق.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يمكن أن تحمي الجزر الاصطناعية أو التحصينات الساحلية جمهورية كيريباتي من فقدان مزيد من الأراضي

ولهذه الجزيرة ماض مظلم استُعْمِرَت فيه من بريطانيا، وشهدت كذلك خلاله تجارب لأسلحة نووية. وقد نالت استقلالها عن المملكة المتحدة في 12 يوليو/تموز 1979، وذلك عندما تأسست جمهورية كيريباتي لكي تحكم مجموعة تتألف من 33 جزيرة، تتناثر على خط الاستواء الذي يمر بهذه المنطقة. الآن، يلوح تهديد معقد لتلك البقعة في الأفق.

فكيريتيماس، التي لا يزيد ارتفاع أعلى نقطة فيها عن سطح البحر مترين لا أكثر، تشكل واحدة من أكثر الجزر المأهولة في العالم عرضة للمخاطر المترتبة على التغير المناخي.

ورغم أن هذه الجزيرة تقع في مركز العالم، فلا يستطيع غالبيتنا تحديد موقعها على الخريطة، كما أنه لا يُعرف سوى القليل عن التقاليد والثقافة الثرية لسكانها، وهو التراث الذي قد يكون على وشك التلاشي، في ضوء أن واحدا من كل سبع عمليات ترحيل أو إعادة توطين في كيريباتي، تُعزى إلى التغيرات التي تطرأ على البيئة.

وفي عام 2016، أفاد تقرير للأمم المتحدة بأن نصف العائلات القاطنة في كيريتيماس، تأثرت بالفعل بارتفاع مستوى سطح البحر، وهو أمر يشكل كذلك خطرا على مخزون النفايات النووية الموجود في الدول الجزرية الصغيرة، ذلك المخزون الذي يمثل أحد مخلفات ماضيها الذي خضعت فيه للاستعمار.

ويُطلق على الأشخاص الذين نزحوا من ديارهم في مثل هذه البقاع اسم “لاجئو التغير المناخي”، وهم أولئك الذين أُجبروا على ترك منازلهم، بسبب تأثيرات التقلبات الجوية المتطرفة، واضطروا لبدء حياتهم من جديد في أماكن أخرى، وفقدوا بذلك ثقافتهم ومجتمعهم وقدرتهم على اتخاذ القرار.

ولن تزيد هذه المشكلة في المستقبل سوى تعقيدا. فمنذ عام 2008، أدت العواصف التي تتزايد قوتها والحوادث والكوارث الناجمة عن تقلبات الطقس والمناخ، إلى نزوح ما يصل متوسطه إلى 24.1 مليون شخص سنويا في مختلف أنحاء العالم.

وتفيد تقديرات البنك الدولي أن 143 مليونا آخرين سيلحقون بهؤلاء، بحلول عام 2050 في ثلاث مناطق فقط؛ هي دول أفريقيا جنوب الصحراء وجنوب آسيا وأمريكا اللاتينية.

وإذا نظرنا إلى كيريتيماس مثلا، فسنجد أنه لم يتم استحداث سوى آليات محدودة لمساعدة السكان. من بين ذلك برنامج “الهجرة بكرامة”، الذي تطبقه حكومة كيريباتي بهدف تأهيل العمال وإكسابهم مهارات تجعل بوسعهم العثور على فرص عمل جيدة خارج البلاد.

وفي عام 2014، اشترت الحكومة ستة آلاف فدان في فيجي، في محاولة لضمان الأمن الغذائي للسكان في ظل التغيرات البيئية التي تشهدها البلاد.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يضطر السكان لأن يُصلِحوا – بشكل منتظم – الطرق التي يلحق بها الدمار بفعل الفيضانات التي تضرب جزر جمهورية كيريباتي

وقد استحدثت نيوزيلندا كذلك سحبا سنويا لتحديد من يتسنى لهم القدوم إليها والعيش على أراضيها، يحمل اسم “قرعة دخول نيوزيلندا المخصصة لأبناء المحيط الهادئ”. ويمنح السحب الحق لـ 75 من مواطني كيريباتي لإعادة التوطين سنويا في نيوزيلندا.

لكن التقارير تشير إلى أن عدد المتقدمين للحصول هذه الفرصة لا يُكمل أبدا هذا العدد، وهو أمر مفهوم، في إطار أن الناس لا يريدون ترك ديارهم وأسرهم وحياتهم أيضا.

وذهب البنك الدولي وصندوق النقد الدولي إلى القول إن على استراليا ونيوزيلندا، العمل على تحسين فرص تنقل العمال الموسميين، والسماح بهجرة سكان كيريتيماس إليهما بشكل غير مُقيّد، في ضوء التأثيرات التي تُخلّفها ظاهرة التغير المناخي. لكن الوظائف المتوافرة للعمالة الموسمية غالبا ما تكون متدنية الشأن، وتوفر فرصا محدودة لأصحابها لأن ينعموا بحياة أفضل.

وبينما تركز السياسات الدولية – حسنة النية – في أغلب الأحيان، على عمليات الترحيل وإعادة التوطين، وليس على تقديم دعم بعيد المدى للسكان وتعزيز قدرتهم على التكيف مع أوضاعهم المستجدة، فإن الخيارات التي توفرها هذه السياسات، لا تجعل بوسع سكان كيريتيماس التمتع بحق تقرير مصيرهم بأنفسهم. فهذه السياسات تنزع للتعامل مع الناس كسلعة، ما يجعل خطط إعادة توطينهم تبدو أشبه بمنح وظائف جديدة لهم ليس إلا.

وتعني سياسات مثل هذه أيضا، أن المشروعات المحلية المربحة والمفيدة، التي تتبناها السلطات في هذه الجزر، قد تصبح عما قريب بلا فائدة. ولذا فثمة حاجة لبلورة استراتيجيات واقعية وغير مكلفة، للحيلولة دون أن تصبح الهجرة بالنسبة للسكان أمرا لا مفر منه.

ارتفاع لا يتوقف

وبطبيعة الحال يشكل تشجيع السكان على الهجرة الخيار الأقل تكلفة. لكن لا يجب أن نسقط في شَرَك التفكير في أن ذلك هو الخيار الوحيد. فلسنا بحاجة لأن نترك هذه الجزر لتغرق، في ضوء أن الأمر هنا لا يخص البشر وحدهم، لأن ترك تلك الجزر لمصير مثل هذا، سيحكم بالهلاك – مثلا – على نوع من الطيور لا يوجد في أي مكان آخر على وجه الأرض، وهو ذاك الذي يحمل اسم “بوكيكوكيكو” أو “هازج القصب الخاص بكيريتيماس”.

كما أن الجزر الصغيرة الأخرى التي يهدد ارتفاع مستوى البحر وجودها، تشكل موطنا لأنواع من الكائنات الحية المهددة بالانقراض. فجزر مارشال مثلا هي موطن لنوع من أنواع سرطانات البحر، الذي لا يمكن صيده سوى على أراضيها.

مصدر الصورة
Getty Images

Image caption

يُتوقع أن يكون ارتفاع مستوى مياه المحيط هو سبب المعاناة الأكبر لأبناء الجيل الجديد من سكان كيريباتي عندما يبلغ عمرهم 22 عاما في المتوسط

ورغم أن المساعدات الدولية قد تحل الكثير من المشكلات المستقبلية، وتصون هذه البقاع الخلابة والمذهلة، سواء لقاطنيها من البشر أو الكائنات الموجودة فيها من طيور وحيوانات ونباتات، فإن نقص الدعم المُقدم من الدول الغنية، يجعل من العسير على مواطني الدول الجزرية الصغيرة، التفكير في الخيارات اللازمة والضرورية في هذا الشأن.

فهناك من يقول لِمَ لا تُنشأ جزر اصطناعية كتلك الموجودة في دبي، بينما يتحدث آخرون عن الخيارات المرتبطة بما يُعرف بـ “الهندسة الصلبة”، التي تُعنى بإقامة حواجز لحماية الشواطئ من التآكل بفعل زحف مياه البحار أو المحيطات.

ومن بين هذه الخيارات، إقامة تحصينات ساحلية، واستخدام تقنيات تجفيف الأراضي التي غمرتها المياه في وقت سابق، لجعلها صالحة للسكنى ولإقامة مشروعات عليها.

وفي حالة توافر المساعدات الدولية بشكل أكثر يسرا وانتظاما، من جانب الدول التي تشكل البلدان الرئيسية المُسببة لأزمة التغير المناخي، سيكون من شأن أساليب مثل هذه حماية جزيرة كيريتيماس، وتعزيز قدرتها وقدرة غيرها من البقاع المماثلة، على مواجهة الظروف المتغيرة المترتبة على هذه الظاهرة.

وحتى وقت كتابة هذا الموضوع، لم يتم التوصل إلى تعريف متفق عليه دوليا لمصطلح “لاجئو المناخ”، كما أن من نُطلق عليهم هذا الاسم، ليسوا مشمولين بالاتفاقية الأممية التي تم التوصل إليها عام 1951 بشأن وضع اللاجئين في العالم، ما يؤدي إلى وجود “ثغرة واسعة” في منظومة الحماية اللازمة لأولئك الأشخاص.

فحتى الآن لا يتم اعتبار “تدهور الوضع البيئي لموطن شخص ما” اضطهادا يتعرض له هذا الشخص، ويُؤمِّن له نيل حق اللجوء في دول أخرى، وذلك بالرغم من أن ما يحدث من تغير في المناخ، يعود بشكل عام إلى ما تفعله الدول الصناعية، وعن إهمالها لواجباتها في محاربة عواقبه فادحة التأثيرات.

وبينما قد تشرع قمة العمل المناخي التي ستعقدها الأمم المتحدة في 23 سبتمبر/أيلول المقبل، في التعامل مع بعضٍ من هذه التحديات، فإن المسألة بالنسبة للملايين من القاطنين في بقاع يهددها التغير المناخي مثل كيريتيماس ترتبط بـ “العدالة البيئية والمناخية”.

فلا ينبغي أن يكون الأمر متعلقا فقط بما إذا كان يتم التعامل مع مخاطر التغير المناخي فحسب، ولكن يجب أن يمتد كذلك إلى الأسباب، التي تجعل من يريدون مواصلة العيش في الدول الجزرية الصغيرة، يفتقرون غالبا للموارد والاستقلالية الكفيلة، بتمكينهم من أن يواجهوا بأنفسهم هذه الظاهرة، وغيرها من التحديات القائمة على الساحة الدولية.

يمكنك قراءة الموضوع الأصلي على موقع BBC Future

[ad_2]

Source link

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى