أخبار عاجلةمقالات

هل الحب الحقيقي موجود؟ بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

إيسايكو: هل الحب الحقيقي موجود؟ بقلم الدكتور أحمد لطفي شاهين

عندما سُئل د. مصطفى محمود (رحمه الله) عن الحُب، قال: «الحبّ .. هو الأُلفة و رفع الكُلفة ، وأن لا تجد نفسُك في حاجة للكذب ، أن تصمتا أنتما الاثنين فيحلو الصّمت ، وإذا تكلم أحدكما يحلو الاصغاء»
وعندما قرر الممثل الهزلي الشهير شارلي شابلن الزواج من فتاة اسمها “أونة” وكان عمره 50 وهي اصغر منه بثلاثين عاما قال لها : تزوجيني لأعلمك مِن خبرتي كيف تعيشي وتعلميني من شبابك كيف أموت فقالت له : سأتزوجك لتعلمني كيفية النضوج وأنا أعلمك كيف تبقى شابا حتى النهاية .. وكان زواجهما رائعا وانجبا 8 أطفال وعاشا معا حتى وفاة شارلي عن عمر 88 عام.
نعم .. فالحب هو: (الأمل والصدق والوفاء والإخلاص والاحترام المتبادل والرحمة والتكامل لا التنافس ..) سبعة نقاط تمثل جوهر الحياة الزوجية السعيدة ف.من يحب لا يقسو .. لا يمل .. لا يهرب .. لا يراوغ .. لا يفارق بلا سبب قاهر .. لا يكن أنانيا .. لا يخادع ولا يخون ..
والمحب الصادق إنسان كامل بكل ما تعنيه الكلمة من معاني .. وإن أجمل حب قد يمرّ على إنسانيتك هو أن يحبك الشخص مرتين ، مرّة كما تصوّرك، قبل الزواج ومرّة كما أنت على حقيقتك بعد الزواج ، فالمحب الحقيقي يحاول دوماً أن يراك سعيداً وأن لا تهون عليه أبداً وأن يستثنيك دائما ويجعلك تشعر بقيمتك ومكانتك .. لا لشيء ولكن لأنك أنت الذي اخترته واختارك قلبه رفاقاً للأبد .. (وهذا الكلام يجب أن يكون متبادلاً بين الزوجين)
فاختر لنفسـك رفيقاً عزيزآً يعز عليه حزنك وتمسّك باليد التي لا تغادرك ولا تغدر بك .. وبالروح التي تؤمن بك ولا تفكر أن تستبدلك .. وعانق القلب الذي لا يملّ منك أبداً مهما فعلت ولا يخذلك .. واختر لنفسك إنساناً حقيقياً إذا قَست عليك الأيام يكن لكَ فيه عشمٌ لا يخيب .. فقد تتغير ظروف الحياة وتتبدل ويبقى من اخترته بشكل صحيح من البداية هو جيشك الوحيد .. إن المرء احياناً يحسبُ نفسهُ عزيزاً فِي قلب من يحب ثُم فجأة يأتِي مَوقف يُنهِي كُل هَذا الظَن .. وقد يتخلى عنه الجميع إلا من يحبه بصدق .. ومن يؤمن به..
إن الحب الشريف الطاهر النظيف الحلال يجعل الارواح تصبح راقية .. ورقي الروح في ظلال الحب يعني أن تحسن الظن بالآخر وتغفر الزلات وتعطي بلا انتظار المقابل .. وتعرف أن جمال الحب في نقائه وفي عطائه الدافئ وأن تسكن قلب من تحب برفق وتترك أثراً لا يُنسى في المودة والوفاء .. فالروح المُحبة الراقية هي الأصدق في العطاء وهي الأكرم
وهي الأبلغ في الصمت من ألف كلام .. حتى في الغياب، تبقى حاضرة بالذكرى الطيبة ولأنها روح هادئة بالحب تدرك أن الدنيا زائلة وأن البقاء للجمال الداخلي ذلك الذي لا يذبل ولا يرحل ولا يهدد بالرحيل ولا يهدد بالطلاق والتخلي عند كل اختلاف.. لذلك لا تخبروا الناس كذباً وعناداً عن سُهولة التَخليِ، ولا تدّعوا أن في البعدِ راحة وفي التخلِي سعادة ، بل قولوا لهم حقاً: إن الفقدَ يوجع الروح، وإن القلبَ المحب يتشقق بصمت من الغياب .. وان الفراق ليس راحة بال وإنما هو سجنٌ من الحنين، وإن أقسى ما في التخلّي أن تظلَّ الروح تتعلّق بمن غاب، فالحكاية لا تنتهي بالغياب، بل تبدأ معه ألفُ بدايةٍ من الوجع
لذلك، تمسكوا بأحبابكم ما استطعتم .. وتذكروا الجوانب الجميلة والايجابية فيهم
يقول الله: ﴿وَأَن تَعفوا أَقرَبُ لِلتَّقوى ، وَلا تَنسَوُا الفَضلَ بَينَكُم إِنَّ اللَّهَ بِما تَعمَلونَ بَصيرٌ﴾ [البقرة: 237]
إننا ندرك تماماً انه لا احد يمكنه أن ياخد مكان أحد وخاصة إذا كان الحب مبني أساسا على الاحترام التام والتقدير .. وإن اكبر نعمة في حياتنا وجود إنسان حولك يحبك ويجعل الحياة اجمل ويجعلك تتحمل كل مشقات الحياة و انت متكئ عليه أو هو معتمد عليك .
وإن أكثر الناس معاناةً في هذه الأيام هُم الذين تربوا على المبادئ والقيم الطيبة ، حيث أنهم وجدوا الآن أنفسهم في واقع لا يستطيعون التعايش معه وشعروا بأنهم غرباء ولا مكان لهم في هذه الغابة..
لكن الله يجمع الطيبين دائماً .. فثقوا بالله تعالى ، وابحثوا عن من يشبهكم في صفاتكم واخلاقكم ومستواكم الفكري والاجتماعي .. لقد مضى العمر ولا زلنا نتعلم ونبحث عن الحياة… برغم أننا فيها .. نحاول أن نتشبث باليد التـي لا تُغادرنا..
ونعشق الروح التـي لا تُـفَكر أن تستبدلنا بأحد .. ونُعانق القلوب التي لا تملّ منا مهما فعلنا وتبتلع عيوبنا و تغفر تجاوزاتُنا .. وعندما نجد من نحبه ويحبنا ونكمل حياتنا معاً ..حينها فقط سندرك أننا حقا على قيد الحياة.

الدكتور أحمد لطفي شاهين

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى