خطر التنشئة الاجتماعية غير السوية في دفع الأفراد إلى الانحراف والادمان … بقلم الأستاذة نوف الدوسري

إيسايكو: خطر التنشئة الاجتماعية غير السوية في دفع الأفراد إلى الانحراف والادمان … بقلم الأستاذة نوف الدوسري
تساهم التنشئة الاجتماعية السليمة في تماسك أفراد المجتمع، وتحقق صحة نفسية مستدامة، كما تعتبر الأسرة أهم مؤسسة اجتماعية تؤثر في نمو الفرد، ودعامةً أساسية لضبط سُلوكه، فهي أُولى المؤسسات المسؤولة عن تربية الأفراد، فيكتسب القيم، العادات، التقاليد، الخبرات، وغيرها فأي خلل في التنشئة الاجتماعية من قبل الأسرة يؤدي بأفرادها نحو الانحراف.
إن أغلب الظواهر الاجتماعية السلبية التي تهدد أمن، واستقرار المجتمع يكون المغذي لها هو المجتمع نفسه عن طريق اتباع أنماط تنشئة اجتماعية غير سوية، لما للتنشئة من دور فعال في صقل شخصية الفرد، تكوينه النفسي، والاجتماعي الذي بدوره يحدد سلوكه سواء كان سوي أو غير سوي.
علاوةً على ذلك الاضطرابات السلوكية هي اضطرابات مثبتة في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية ولها معايير للتشخيص وبرامج تدخل سلوكية وتربوية لتحسين السلوك غير السوي او المضطرب الذي ينشأ من التنشئة الاجتماعية غير السوية.
علماًً أن ظاهرة الانحراف، وظاهرة الإدمان ظاهرتان حساستان لما لهما من اضرار اقتصادية، اجتماعية، نفسية، خلقية، وصحية، على الفرد والمجتمع، وأكدت نظرية التغير الاجتماعي Social Change Theory بأن التقدم السريع وما صاحبه من تغير اجتماعي، اقتصادي، والكتروني غير في نمط الحياة مما أدى إلى انتشار هاتين الظاهرتين، فالانحراف والادمان سببه غياب المعايير الاجتماعية، ضعف في الرقابة الاسرية، وانعدام توجيه سلوك الأفراد إلى السلوك السوي الذي هو وظيفة الأسرة من خلال دورها في التنشئة الاجتماعية، ومن هذه الأنماط غير السوية المتبعة من قبل الاسرة على سبيل المثال لا الحصر:
١-نمط القسوة، والعنف سواء كان العنف جسدي في التربية او لفظي او نفسي، وتأخذ أشكالا متعددة مثل الضرب، والنقد، والتهديد اللفظي، والعقاب، وتحميل الأبناء مسؤوليات أكبر من طاقاتهم.
٢- نمط الحماية الزائدة المتبع من قبل الاسرة الذي فيه تدخل مستمر من الوالدين بشؤون وواجبات، ومسؤوليات الطفل، وعدم إعطاء الفرصة للأبناء في اتخاذ القرارات.
٣- نمط الإهمال سواء كان مادي مثل نقص في الرعاية أو معنوي وهو نقص في التوجيه والإرشاد اوتعزيز السلوكيات الايجابية، فهو نوع من أنواع العقاب النفسي للطفل الذي يعرقل نموه النفسي، والاجتماعي.
٤-نمط التذبذب في معاملة الأبناء فيصبح الأبناء غير مدركين ما هو السلوك السوي او غير السوي بسبب التذبذب في المعاملة، فالتقلب بين اللين والشدة أو بين الثواب والعقاب من الأمور التي تحير الطفل بين ما هو مقبول وماهو غير مقبول.
فهذه الأنماط تخلق أفراداً يعانون من اضطرابات نفسية تؤدي بهم إلى اضطرابات سلوكية فهي تؤثر في الحاضر، والمستقبل على سلوك الأفراد، كما تشكل أجيالاً يفتقرون إلى النمو النفسي السليم حيث يكون سلوكهم ضار بهم وبالآخرين، الأمر الذي يسبب اضطرابات نفسية، وشخصية تظهر فيها سلوكيات معادية للمجتمع، فهي تخلق أفراداً يعانون من القلق، مفتقرين للأمان النفسي للنمو، غير قادرين على اتخاذ قرارات، لا مبالين، خاضعين، فاقدين للثقة بالنفس، فبدلاً من أن يكونوا قادرين على إنماء المجتمع يهدرون طاقاتهم وامكاناتهم في الانحراف والادمان لافتقارهم للصحة النفسية.
بناءً على ذلك على الأسرة تنشئة أفرادها التنشئة الاجتماعية السوية لما لها من ارتباط وثيق بالتنمية المستدامة لحماية المجتمع من الظواهر السلبية التي تستنزف طاقات الفرد وتعطل عجلة التنمية المستدامة التي تطمح لها الدول العربية.
الأستاذة نوف خليفة الدوسري