أخبار عاجلةمقالات

الطلاق العاطفي بين الزوجين … حب غائب تحت سقف واحد … بقلم الدكتورة هلا السعيد

إيسايكو: الطلاق العاطفي بين الزوجين … حب غائب تحت سقف واحد … بقلم الدكتورة هلا السعيد

في كثير من البيوت، يعيش الزوجان تحت سقف واحد، لكن بينهما صمتٌ مؤلم، وقلوب باردة، ونظرات لا تلتقي.
لا حب، لا دفء، لا كلمة طيبة…
فقط روتين يومي، ومهمات أسرية تؤدى بصمت.

هذا ليس زواجًا… بل طلاق عاطفي صامت.
هو غياب الشعور، لا غياب الجسد.
هو أن تكون قريبًا من أحدهم جدًا… لكن لا يشعر بك!

لماذا ننتظر حتى تنهار العلاقة؟

لماذا نؤجل التفاهم والحوار والود؟

فلنتذكر دائمًا:
استقرار الأسرة لا يُقاس بعدد السنوات، بل بعمق العطاء والمشاعر.

فضفضة هذا الأسبوع موجهة لكل زوجين:
هل أنتما معًا فعلًا؟ أم أن بينكما مسافة لا تُرى؟

استقرار الأسرة يبدأ من الداخل… لا من الجدران:

سمعنا كثيرًا عن قصص انتهت بالطلاق الرسمي، لكن ما لا يُقال كثيرًا هو ذلك الطلاق الذي لا يُوثَّق في الأوراق، ولا يُعلَن أمام الناس.
إنه الطلاق الصامت، البارد، الذي يحدث في أعماق البيوت، بينما الزوجان لا يزالان يعيشان تحت سقف واحد.

إنهم ليسوا منفصلين في نظر المجتمع،
لكن بينهم مسافات لا تُرى…
حديثهم مجاملات، ولقاؤهم صدفة،
وحضورهم في حياة بعضهم البعض أصبح مجرد عادة.

هذا هو الطلاق العاطفي:
حالة من الجمود، الفتور، وانعدام التواصل… تقتل الحياة الزوجية ببطء، دون صخب… ودون شهود.

ومن هنا، نطرح عدة تساؤلات مهمة سنناقشها في هذا الموضوع:
• كيف نصل إلى هذه المرحلة؟
• لماذا يصعب الخروج منها؟
• وهل يمكن ترميم ما تكسّر؟
• من هو الضحية الحقيقية في هذا الصمت الموجع؟
• ما تأثيره على الأسرة والأبناء؟
• وهل يمكن الاستمرار في حياة بلا عاطفة؟

ما هو الطلاق العاطفي؟

الطلاق العاطفي هو حالة من غياب المشاعر في العلاقة الزوجية.
رغم مشاركة الزوجين نفس المساحة المعيشية، فإن هناك فجوة عميقة تمنع الاندماج النفسي والعاطفي بينهما.
يعيشان كغريبين… مضطرّين للاستمرار إما لأجل الأبناء، أو حفاظًا على الشكل الاجتماعي.

وتتجاوز آثار هذا الطلاق حدود الزوجين، لتمتد إلى كل أفراد الأسرة، خصوصًا الأبناء.

أنماط الطلاق العاطفي
1. طلاق عاطفي صامت
لا مشاعر، لا تواصل، ولكن بلا صراخ… وكأن هناك اتفاق غير معلن على “اللاحب”.
2. طلاق عاطفي عاصف
صمت طويل، يتخلله صراخ حاد لأتفه الأسباب، واحتقان دائم بين الطرفين.
3. طلاق عاطفي من طرف واحد
أحدهما فقط يفقد المشاعر، عمدًا أو تدريجيًا… بينما الآخر لا يزال يتشبث بالأمل.

أسباب الطلاق العاطفي
• شعور أحد الطرفين بعدم الأهمية في حياة الآخر.
• الإهمال العاطفي أو المادي.
• الإساءة اللفظية أو السخرية أمام الأبناء أو الآخرين.
• الأنانية الزوجية وغياب العطاء المتبادل.
• التعالي والانتقاص من قدر الآخر.
• الانشغال المفرط بالعمل أو الأصدقاء أو الأهل.
• الخيانة أو الكذب وما تسببه من فقدان للثقة.
• اختلاف الاهتمامات والثقافة والقيم، ما يؤدي إلى تصادم دائم.

آثار الطلاق العاطفي
1. انتهاء الصلاحية العاطفية للزواج.
2. التمهيد للطلاق الفعلي في كثير من الحالات.
3. معاناة نفسية مستمرة للطرفين.
4. انتزاع المودة والحب من القلوب.
5. الفراغ العاطفي المؤدي إلى الاكتئاب والقلق.
6. فقدان الفرصة في استعادة الحياة أو بدء حياة جديدة.
7. الزوجة هي المتضرر الأكبر غالبًا بسبب حاجتها العاطفية الفطرية.
8. الأبناء… هم الخاسر الأكبر؛ تنمو فيهم القسوة، الرفض، والقلق، وتتشكّل لديهم صورة مشوّهة عن الزواج والأسرة.

علاج الطلاق العاطفي

رغم قسوة الحالة، إلا أن العلاج ممكن إذا وُجدت الرغبة الصادقة من الطرفين.
إليك أبرز وسائل العلاج:
1. الاعتراف بالمشكلة، وفهم أنها مرض صامت يحتاج إلى مواجهة.
2. الوضوح والصراحة في الحديث عن المشاعر والاحتياجات.
3. الحوار البنّاء، لا الاتهام أو التهديد.
4. التقدير والامتنان لكل تصرف إيجابي مهما كان صغيرًا.
5. إشعار الطرف الآخر بأهميته وخصوصيته في حياتك.
6. تحسين العلاقة الحميمة وعدم اعتبارها مجرد واجب.
7. مشاركة الاهتمامات والهوايات لإعادة التقارب النفسي.
8. الرقة واللطف في التعامل.
9. كسر الروتين بمفاجآت ونزهات وذكريات جميلة.
10. التغافل والتسامح عن الهفوات، فالكل يُخطئ.

ختامًا…

الطلاق العاطفي ليس حتمًا نهاية الطريق، لكنه جرس إنذار.
إذا تجاهله الزوجان، قد تتحطم السفينة تمامًا.
لكن إن واجهاه معًا بشجاعة، فقد يعود الدفء… وتُزهر العلاقة من جديد.

الحياة الزوجية لا تقوم فقط على العيش المشترك، بل على الحب، الرحمة، والاحتواء.

الدكتورة هلا السعيد

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى