أخبار عاجلةمقالات

طلال العنزي يرثي والده النائب السابق منيزل جاسر العنزي (رحمه الله)

إيسايكو: طلال العنزي يرثي والده النائب السابق منيزل جاسر العنزي (رحمه الله)

‏والدي العزيز ..
‏طبت حياً وميتاً

‏الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه ولا نقول إلا إنا لله وإنا إليه راجعون .
‏ترجل الفارس عن صهوة حصانه ذاهباً إلى ربٍ رحيم كريم عادل لا يظلم عنده أحد.
‏رحل الأب منيزل العنزي .. كان أباً ومعلماً ومربياً غرس فينا الحرص على الصلاة وحب الخير والحرص على السعي في خدمة الناس بالمال والجاه.. رحل الأب العادل الذي لم يفرق يوماً من الأيام بين أبناءه وبناته وزوجاته وأحفاده وكان حريصا كل الحرص على العدل والمساواة فيما بين الجميع .. رحل من ربانا على التواضع وحسن الخلق وعدم التكبر على الناس مهما وصلنا من مناصب ومهما ملكنا من أموال .. رحل من ربانا على التسامح والتغاضي ودمح الزلات، رحل من ربانا على صلة الرحم والحرص عليها وكان يردد حديث الرسول الكريم (ليس الواصل بالمكافئ ولكن الواصل الذي ان قطعت رحمه وصلها) رحل من ربانا على الرحمة فيما بيننا كأخوان وان نحترم كبيرنا ونرحم صغيرنا

‏رحل الانسان التقي النقي منيزل العنزي .. رحل من كان من اصحاب الصف الأول في المسجد في جميع الصلوات رحل من كان حريصاً على قراءة القرآن الكريم حفظاً وفهماً .. رحل من بدأ الصوم وهو في سنة السابعه من عمره .. رحل من كان حريصاً على السنن والأذكار وكثير من السنن تعلمتها وحفظتها منه .. رحل من كان حريصا على الإنفاق في سبيل الله فكان يتصدق ويتبرع بالسر ولا يتوانى عن فعل الخيرات والطاعات ، اكثر من مره وانا معه بالسيارة يقول الحمد لله الحمد لله وكنت أبادره بالسؤال الحمد لله دائماً وأبداً ولكن على ماذا؟ يقول تذكرت حديث الرسول الكريم عندما سأل أصحابه من أصبح منكم اليوم صائما فيقول أبو بكر أنا يا رسول الله فيقول من عاد اليوم مريضا فيقول أبو بكر أنا يا رسول الله فيقول من سار خلف جنازه اليوم فيقول أبو بكر أنا يا رسول الله ويقول الرسول من أطعم اليوم مسكيناً فيقول أبو بكر أنا يا رسول الله فقال صلوات ربي وسلامه عليه ما اجتمعن في امرء إلا دخل الجنة، فيقول والدي رحمه الله الحمد لله أنا اليوم أصبحت صائما وعدت مريضا وسرت خلف جنازة وتصدقت لوجه الله تعالى، أسال الله أن تكون من أهل الجنة يا والدي ويا حبيبي، كان يقول كلما قرأت سورة الضحى (ألم يجدك يتيما فآوى ووجدت ضالاً فهدى ووجدك عائلا فأغنى) تذرف عيني وأقول بلى يالله، وكأن هذه الآيات تنطبق علي، فقد ولدت يتيم الأبوين إذ توفاهما الله في شهر واحد وأنا عمري سنه، ولم يضيعني الله فقد آواني وهداني وأغناني فله المنه وله الثناء الحسن.
‏رحل من كان باراً بوالديه مع أنه لم يرهما فقد توفيا وهو صغير فقام ببناء مساجد لهما .. رحل من كان رحيما بإخوانه وأخواته فكان دائم السؤال عنهم ولا يتأخر في زيارتهم وتفقد أحوالهم فقام أيضا ببناء مساجد لإخوانه وخواته .. رحل من كان حريصا على أداء العمرة في رمضان .. رحل من كان رحيما حتى مع الخدم فكان يغضب غضباً شديدا عندما يسمع احد من الأبناء يعنف أحد من الخدم حتى بكلمة فكان يقول ما هكذا كانت أخلاق النبي مع الخدم وكان لا يتأخر ولا يوم عن دفع رواتبهم في يومها المحدد فكان يقول وراءهم عوائل تنتظر منهم هذا الراتب على أحر من الجمر.
‏رحل من كان عفيفا تقياً ورعاً، إذ دعته امرأة ذات حسن وجمال في فرنسا سنة 1983، وهو في عنفوان شبابه، وقالت هيت لك، ورفض واستعصم، ويقول تذكرت قول الرسول الكريم سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ومنهم رجل دعته امرأه ذات منصب وجمال وقال إني أخاف الله.

‏رحل العصامي منيزل العنزي .. الذي بدأ حياته من تحت الصفر فقد ولد يتيما وتربى في كنف أخيه فدرس واجتهد حتى تعين في وزارة الداخلية سنة 1959، وكانت خدمته مثالا للالتزام والمسؤولية، وتهيأت له الفرصة أن يكون في مركز يخدم الناس ويسعى في حوائجهم ولله الحمد قد فعل، فالقصائد التي قيلت فيه، وتعبر عن شكر الناس له لا يكفيها مجلد ولا اثنين، تدرج في الترقيات حتى حصل على الثانوية العامة، وحصل على رتبة ملازم، فكان أول عسكري يحصل على رتبة ملازم بدون دورة بعد حصوله على الشهادة الثانوية، وبعد سنوات حصل على اجازة دراسية من الوزارة، فدرس في جامعة الكويت كلية الحقوق وتخرج منها سنة 1979، وقد طلبت وقتها عميدة كلية الحقوق آنذاك نقل خدماته إلى جامعة الكويت لابتعاثه لدراسة الماجستير والدكتوراه في فرنسا لسد العجز في الهيئة التدريسية في الكلية، ولكنه فضل الاستمرار في عمله في الوزارة، وانتقل بعدها كمدعي عام في المحكمة الكلية سنة 1983 حتى ترشح لانتخابات مجلس الامه سنة 1985 في الجهراء الجديدة، وكان شعاره الانتخابي حديث الرسول الكريم (خير الناس أنفعهم للناس) الذي كان يطبقه عمليا وحصل على المركز الأول.

بعد حل مجلس الأمة تم تعيينه عضواً في المجلس الأعلى للتخطيط لمدة 9 سنوات حتى أعيد انتخابه عضوا في مجلس الامة لسنة 1996، وفي فترة الغزو الغاشم تم اختياره من قبل سمو الشيخ سعد العبدالله عضوا في الهيئة الاستشارية العليا لسموه فكان قريبا من الشيخ سعد وكثيرا جدا هي المواقف التي أعرفها التي تدل على مكانته عند الشيخ سعد، وكان يحرص على الاستئناس برأيه، حتى في ديوانيته الأسبوعية كان دائما يطلبه ويجلسه بجانبه إما يسأله عن أمر أو يستشيره في موضوع.

‏رحل النائب منيزل العنزي .. كان قليل الكلام لكنه حكيم وسديد رأي ، كان يضع نصب عينه مصلحة الكويت فوق كل اعتبار كان يدعم الاستقرار في البلد ويحرص على التوافق بين السلطتين ويرفض خلق الأزمات المفتعلة ، لم يكن محسوبا على تيار او حزب او تجمع بل كان تياره وحزبه هو الكويت ، كان ودوداً مرحاً مع زملاءه طيب المعشر فلا غرابه انه اكتسب محبة الجميع على مختلف انتماءاتهم السياسة فتجده مقدر من جميع زملاءه محبوبا من الجميع ولا يمكن ان تخرج منه كلمة جارحه او تصرف يسئ لاحد من زملاءه.
‏رحل من كان يحرص على مشاركة الناس في أفراحهم وأحزانهم حتى بعدما اعتزل الحياة السياسية وكبر في السن وبدا يتعب كنت اقول له يبه نحن نقوم بهذا الواجب ولا داعي ان تكلف نفسك العناء وكنت اخفي عنه بعض المناسبات حرصاً على راحته فأتفاجأ بعلمه بها وإذ به يأمرني ان اشغل السيارة ونذهب.

‏رحل من ترك سيرةً عطرةً وسمعةً طيبةً رحل من خدم الكويت وحكامها بصدق وأمانه فكان هذا محل تقدير لدى الحكام رحل من خدم الناس بصدق واخلاص وبدون تفرقة وبدون انتظار شكر او ثناء ودائما ما كان يردد سو خير وقطه بحر، رحل من ترك أثراً طيباً لدى كل من عرفه، رحل صاحب الابتسامة الصادقة والنفس الرضية رحل مدرسة الكفاح ومدرسة التواضع وحسن الخلق.

‏بقدر ما الفراق صعب والرحيل مؤلم ولكن هذا قضاء الله وقدره وهذه هي سنة الحياة ولا لنا مناص إلا ان نقبل بقضاء الله وقدره، ولكن ما يخفف المصاب هو دعاء الناس له وكلمات الثناء عليه وذكر مناقبه وأفعاله الطيبة التي بعضها نجهلها ولا نعلمها، الحضور الكبير في المقبرة والحرص على الصلاة عليه والوقوف قرابة الساعتين للتعزية هي أعظم شهادة والناس شهود الله في أرضه، سمعنا كلمات الثناء من زملاءه النواب بمختلف توجهاتهم السياسية المواليه والمعارضة، سمعنا كلمات الثناء من عوائل الكويت وقبايلها عامة والجهراء خاصة وكانت تتردد جملة واحدة كأنهم متفقين عليها (على الزين بو صالح وهو مو فقيدة عليكم أنتم بس هذا فقيدة على الجميع).

‏ختاماً .. الحمدلله الذي لا يحمد على مكروه سواه فقد ذهب إلى ربٍ كريم رحيم عادل ونسال الله له الرحمة والمغفرة، وأن يعامله برحمته لا بعدله، وأن ينزله منزلة الأنبياء والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وأن يجعل الفردوس الأعلى مستقره ومئواه يارب العالمين.

‏وكم رجلً يعدُ بألف ألفٍ
‏وكم ألفٍ يمر بلا حساب

‏عز الله انك يابو صالح فقيده
‏أنا اشهد انه فارق الصف رجال

‏ابنك ومحبك وتلميذك
‏طلال منيزل جاسر العنزي
‏بو باسل

‏كتبت هذه المقالة ممزوجةً بالدموع فجر يوم السبت 19 أبريل 2025

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى