الوقود الحيوي: هل يحل أزمة الطاقة أم يفاقم أزمة الغذاء؟
[ad_1]
- سهى زين الدين
- بي بي سي
تتفاقم أزمة الطاقة عالميا، وكذلك أزمة الغذاء، ليطرح معهما تساؤلا عن الأولوية بينهما.
كما يطرح سؤال عن مدى فائدة إنتاج الوقود الحيوي، أو الكتلة الحيوية، من المحاصيل الغذائية وما إذا كان يأتي على حساب المجتمعات الفقيرة.
طاقة مستدامة
يعرّف الوقود الحيوي، على أنواعه، بأنه الطاقة المستدامة من الكائنات الحية سواء الحيوانية منها أو النباتية.
سعت دول عديدة لزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصا لاستخدامها في مجال الوقود الحيوي، ومنها الذرة وفول الصويا في الولايات المتحدة الأميركية، وقصب السكر في البرازيل، وزيت النخيل في شرق آسيا.
كما دفع تناقص موارد الطاقة المتوقع حدوثه، الكثير من الدول إلى البحث عن مصادر بديلة للوقود وإيجاد الحلول لتجاوز مشكلة عدم الوفرة المتوقعة في الوقود الأحفوري، لذلك قد يرى البعض في الوقود الحيوي البديل الأمثل.
رغبة الدول الملحة في إيجاد مصادر بديلة للوقود الأحفوري، تأتي من سعيها للتحرر من تقلبات سوق النفط العالمي وأسعاره المرتفعة قبل كل شيء، فيما تشير إحصاءات منظمة البلدان المصدرة للنفط أوبك، إلى سيطرة بلدان الشرق الأوسط على أكثر من نصف احتياطي العالم من النفط الخام وأكثر من 40% من احتياطي الغاز الطبيعي.
أنواع الوقود الحيوي
لا بد من التمييز بين أنواع الوقود الحيوي. الأكثر شهرة هو الإيثانول الحيوي المعروف أيضا باسم الإيثانول، وهو كحول ينتج من الذرة والبطاطس والقمح وقصب السكر ومخلفات الخضروات.
أما وقود الديزل الحيوي، فهو زيت من النبات أو الحيوانات يستخدم كبديل للديزل البترولي أو ممزوج به في السيارات والأساطيل الصناعية بمحركات الديزل.
هناك كذلك الغاز الحيوي، وهو منتج ثانوي لتحلل نفايات النبات والحيوانات في بيئات ذات مستويات منخفضة من الأكسجين: مقالب القمامة، مرافق معالجة النفايات ومصانع الألبان.
وهناك الوقود الحيوي الصلب الذي يستخرج عبر حرق الكتلة الحيوية كالخشب، ويستعمل في الطهي، التسخين والإضاءة.
الوقود الحيوي الصلب
يؤدي استخدام الخشب للتدفئة والضوء والطهي إلى إطلاق كميات كبيرة من غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي. كما أن للدخان الذي تطلقه آثارا صحية ضارة، لا سيما عند استخدامه في الداخل.
العديد من المجتمعات التي تعتمد على حرق الخشب، لديها أيضا إمدادات وفيرة من مصدر وقود آخر. هم فقط بحاجة إلى الأدوات اللازمة لالتقاطها واستخدامها. العديد من هؤلاء لديهم الكثير من روث الماشية ويفتقرون إلى معدات الصرف الصحي. هذا النقص في الصرف الصحي يخلق مخاطر صحية.
من هنا، تأتي الحاجة للاعتماد على الغاز الحيوي بدلا من الوقود الحيوي.
يمكن أن يؤدي تحويل النفايات إلى غاز حيوي إلى حل مشكلة الطاقة ومشكلة الصرف الصحي. يعد إنشاء نظام غاز حيوي لمنزل ريفي أبسط بكثير من بناء أنواع أخرى من الأنظمة.
الغاز الحيوي
يعد الغاز الحيوي الأكثر اعتمادا على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم، ولكنه قد يكون مفيدا بشكل خاص للبلدان النامية، ولاسيما في المناطق الريفية.
يتطلب إنتاج الغاز الحيوي، حفرة محكمة الإغلاق وطريقة لإطعام مخلفات الحيوانات والمراحيض في الحفرة.
هنا، المخلفات تتحلل بسرعة، وتطلق غاز الميثان. يتدفق هذا الميثان عبر أنبوب إلى المنزل حيث يمكنك تشغيله وإضاءته عندما تحتاج إلى استخدامه. ينتج هذا النظام أيضا روثا خاليا من مسببات الأمراض، يمكن للمزارعين استخدامه كسماد.
من مميزات الوقود الحيوي أنه بحلول عام 2050 يمكن له أن يختزل انبعاثات الغازات الدفيئة بنحو 1.7 مليار طن في العام، أي ما يعادل أكثر من 80% من الانبعاثات الحالية الناجمة عن وسائل النقل.
تعمل دورة إنتاج واستخدام هذا الوقود في المُجمل على اختزال ما يقارب 80% من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون، وتقريبا 100% من انبعاثات ثاني أكسيد الكبريت.
كما يؤدّي أيضاً لاختزالاتٍ مهمة في نسبة انبعاث غاز أول أكسيد الكربون السام بالمُقارنة مع ما يُنتجه البترول المُستخدم، وأيضاً تصل نسبة تقليله لمخاطر الإصابة بالسرطان بالنسبة لأنواع الوقود الأخرى لـ90 في المائة.
الوقود الحيوي السائل أو الديزل الحيوي
أما الديزل الحيوي، فيحتوي على نسبة 11% من الأكسجين، ولا يحوي أي نسبة من الكبريت.
يمكن أن يؤدّي استخدامه إلى إطالة عمر محركات الديزل، حيث إنه يحتوي على نسبة تشحيم أكثر من تلك الموجودة في البترول.
يعد الديزل الحيوي آمنا من جهة التحكّم به ونقله، إذ إن التحلُّل البيولوجي له مشابه للسكر، كما أن درجة سُمّيته تعتبر أقل بـ10 مرات من ملح الطعام.
أثبت نجاح هذه التقنيّة بالتجربة، حيث تمّ استخدامه لتسيير مركبات لـ30 مليون ميل في الولايات المتحدة الأميركية وحدها.
هذا، ولا ينتج احتراقه روائح كريهة كالتي تنتج عن حرق الوقود الأحفوري، وهو بذلك يقضي على شكل من أشكال التلوث.
الشرق الأوسط وشمال إفريقيا
يقول سلمان ظفار، الخبير في مجال الوقود الحيوي في منطقة الخليج العربي، لبي بي سي “هناك جدل كبير حيال الطاقة مقابل الغذاء. وهذا ما عرقل تطوّر هذا القطاع في الدول النامية كالهند وبنغلاديش ودول الشرق الأوسط”، لافتا إلى أن “الغاز الحيوي هو أفضل الحلول لمنطقة الشرق الأوسط”.
فقد خلص تقرير صادر عن منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة “الفاو”، إلى أن انتاج الوقود الحيوي سيزيد من نسبة الجوع في العالم.
أشار التقرير إلى أن إنتاج 13 ليترا من الإيثانول يحتاج الى نحو 231 كلغ من الذرة، وهي كمية تكفي لإطعام طفل جائع في إحدى الدول الفقيرة لعام كامل.
يعدّ غياب الأمن الغذائي من أسوأ الملامح التتي تتسم بها اقتصادات دول كدول حوض النيل مثلا. كإثيوبيا وإريتريا، بوروندي، كينيان أوغندا، السودان والكونغو الديمقراطية.
تقول الدكتورة رند عوّاد، الخبيرة في مجال أمن الطاق والطاقة المتجددة، لبي بي سي من عمّان “القمامة أو المخلفات بشكل عام تستخدم كوقود لمحطات إنتاج كهرباء أو حرارة لتدفئة الأبنية والمنازل. هل هذا كاف (للتخلص من المخلفات)؟ كلا. هل هو مجد؟ هنا السؤال”.
وفقا لوكالة الطاقة الدولية، يعد تطوير الغاز الحيوي أكثر طرق إنتاج الميثان الحيوي شيوعا اليوم. لكن إنتاج الغاز الكتلة الحيوية يظل سوقه متخصصا نسبيا. هذا، ويعتبر الافتقار إلى اللوائح المستقرة لاستخدام الوقود الحيوي السائل، أكبر عقبة أمام نمو هذه السوق.
فهناك حجم المخلفات، التقنيات المستخدمة والبنية التحتية المطلوبة لنقل الطاقة وتوزيعها. فللموقع أهمية كبيرة هنا، وفقا لعوّاد.
ظفار، وهو مؤسس “بلوغينغ هاب” ومقرها الهند، يقول إن منطقة الشرق الأوسط “تولّد نحو 200 مليون طن من النفايات الصلبة سنويا. دول كالسعودية ومصر، قطر، الإمارات فيها أعلى معدلات النفايات للفرد، وهي من بين الدول العشر الأوائل في هذا الإطار. 50% من هذه النفايات عضوي، غالبيته ينتهي في مقالب القمامة والمكبات بدون معالجة. هي بذلك تلوث البيئة وتستهلك مصادر البلاد الطبيعية. اذا كان 50% من هذه النفايات عضويا، هذا يعني أنه لدينا 100 مليون طن سنويا من النفايات الحري استخدامها لتوليد طاقة نظيفة وصناعة أسمدة وغيرها”.
ويرى سلمان ظفار أن هذه المخلفات “يمكن أن تنتج طاقة وتولد الكهرباء. لكن حاليا، ليس هناك في الشرق الأوسط سوى معامل محدودة للغاز الحيوي فقط، واحد في الأردن، إثنان في الامارات، واحد في قطر وهي لصغر حجمها، لا تولد ما يكفي من الطاقة لتغطية الحاجة”.
وفقا لوكالة البيئة الأوروبية، ساهم استخدام الوقود الحيوي في تقليل كثافة انبعاثات الغازات الدفيئة للنقل البري في الاتحاد الأوروبي. ومع ذلك، ترى الوكالة أنه من المهم التأكد من أن الطلب المتزايد على الوقود الحيوي لن يكون له تأثير سلبي على استخدام الأراضي عن طريق استبدال إنتاج المحاصيل الغذائية والأعلاف وتحويل الأراضي، مثل الغابات والأراضي الرطبة، إلى أراض زراعية، مما يؤدي بشكل غير مباشر إلى زيادة انبعاثات الغازات الدفيئة.
تلفت الدكتورة عوّاد إلى أن “عملية التحويل أو طريقة الإنتاج لهذه الطاقة ليست فقط مسألة المُدخل (biomass) بل أيضا هناك سؤال عن العملية المستخدمة في ذلك”.
في ما يتعلق باستخراج الغاز الحيوي، “هذا بحد ذاته مكلف ويحتاج أصلا إلى طاقة. هل هذا أمر مجد أو لا؟ هو يعتمد على حجم المخلفات أو حتى المحاصيل الزراعية، وهذا أمر حوله جدل” على حد قولها.
[ad_2]
Source link