حقوق الزوجة وواجباتها: ما قصة الجدل المستمر حولها في مصر؟ وما سر توقيته؟
[ad_1]
على مدار الأيام الماضية، أثارت تصريحات متتالية حول مهام الحياة الزوجية والأسرية، من جهة الحقوق والواجبات، جدلا واسعا في مصر، وأفرزت حالة استقطاب حاد، ظهرت جلية في تباين آراء مستخدمي مواقع التواصل في البلاد إزاء توقيته وجدواه، وانعكاساته على تماسك الأسرة.
وتركزت أهم محاور النقاش حول عدد من القضايا، من أبرزها: المفاضلة بين عمل المرأة ورعايتها لمنزلها، وضوابط مشاركة الزوجين في المهام المنزلية، وخدمة كل منهما للآخر، ومسؤولية إرضاع الأم لأطفالها.
تنظر مدونة بي بي سي ترند في أسباب استمرار وتفاقم هذا الجدل، كما تستعرض آراء متخصصين حول أهم نقاط الخلاف.
كيف بدأ الجدل؟
بدأ الجدال بعد تصريحات للدكتورة شيرين غالب، نقيبة أطباء القاهرة، نصحت فيها طالبات خريجات بأهمية أن تكون “الأولوية للمنزل ولتربية الأولاد قبل المهنة”، وقد أثارت تلك التصريحات جدلا واسعا.
بعد ذلك تصدر اسم الدكتورة هبة قطب، استشارية العلاقات الأسرية، تويتر بعد تصريحاتها لوسائل إعلام محلية في مصر عن ضرورة مشاركة الرجال لزوجاتهم في دخول المطبخ والطهي، وتأكيدها أنه “لا يوجد سند شرعي أو قانوني يجبر المرأة على الالتزام بالطهي لزوجها دون مشاركة أو تبادل للأدوار”.
ثم تصدر وسم المحامية نهاد أبو القمصان مواقع التواصل الاجتماعي، بعدما نشرت مقطع فيديو عبر صفحتها الشخصية على فيسبوك قالت فيه إن “القرآن لم يجبر السيدات على إرضاع أولادهن”.
واستشهدت أبو القمصان في كلامها بالآية القرآنية: “والوالِدَات يُرضِعنَ أَولَادَهن حولَينِ كَامِلَينِ لِمَن أَرَادَ أَن يُتِم الرضَاعَةَ، وَعَلَى الْمَولُودِ لَه رزقهن وكسوتهن بالمعروف فإِن أَرضَعنَ لَكُم فَآتُوهن أُجُورَهُن”.
جدال عبر فيسبوك و تويتر
وقد أعرب عدد من الإعلاميين ورجال الدين في مصر عن رأيهم حول الجدال الدائر عن حقوق الزوجة وواجبات الأم، وجاءت ردود أفعالهم متباينة أيضا.
إذ استنكر الإعلامي ولاعب كرة القدم السابق أحمد شوبير الجدال الدائر حول الموضوع برمته.
كما شنت الإعلامية ياسمين عز هجوما كبيرا على جميع التصريحات التي أثارت جدلا، وطالبت بالتوقف عن “إصدار مثل تلك التصريحات التي من شأنها تهديد العديد من الأسر المصرية”.
ورفض الشيخ مظهر شاهين، إمام وخطيب مسجد عمر مكرم، التصريحات التي وصفها بـ”الخاطئة”، وأكد أن “الأم الحقيقية لا تنتظر أجراً على أمومتها”.
في المقابل أيدت د. سعاد صالح، أستاذة ورئيس قسم الفقه المقارن بكلية الدراسات الإسلامية والعربية للبنات في جامعة الأزهر، الرأي الذي يرى أن “الزوجة ليست مجبرة على خدمة الزوج ولا الطبخ وإذا فعلت فذلك يكون من باب الفضل والمروءة”.
كما برز رأي ثالث أشار إلى أهمية “الموازنة بين الجانبين”، منهم الشاعر المصري أمير طعيمة، الذي أشار إلى “ضرورة حرص كل طرف على الآخر في العلاقة بين الجانبين”.
مدونون ومغردون منتقدون
محمد إبراهيم أحمد، وهو قانوني يقول إنه حاصل الدكتوراه في الشريعة الإسلامية، فند تصريحات أبو القمصان لافتاً إلى أنها “ليست صحيحة بالمرة”.
فيما أشارت مغردة إلى أن “المذهب الحنفي ينص على وجوب خدمة الزوجة لزوجها ووجوب الرضاعة”.
واستنكر فريق من المغردين تصريحات قطب وأبو القمصان، بدعوى أنه “من غير المعقول عند عودة الزوج من العمل بعد يوم شاق ألا يجد طعاما”.
متضامنون مع قطب وأبو القمصان
وظهرت تغريدات متوازنة تدعو إلى مشاركة الزوجين في أعمال المنزل.
بينما تضامن مغردون وناشطون مع كلام قطب وأبو القمصان، وقالوا “إن هذا رأي فقهي مختلف عليه، وهو بأمر ليس بجديد”.
وأشارت مغردات إلى أن “تصريحات قطب لا تعني إهمال السيدات لمهامهن، بل إنها توضح فقط أنها غير مجبرة على ذلك”، و”أن يساعد الزوج زوجته كما كان يفعل النبي محمد مع زوجاته”.
د. نسرين البغدادي
ومع حرارة الجدال والاستقطاب الحاد في الشارع المصري ودوائر الإعلام تواصلت مدونة “بي بي سي ترند” مع د. نسرين البغدادي، أستاذة علم الاجتماع وعضو المجلس القومي للمرأة.
– ما سبب حالة الاستقطاب الحاد في المجتمع المصري فيما يخص واجبات وحقوق المرأة؟
“دعيني أقول بداية إن هناك حالة من الاستقطاب في المجتمع نظراً لما يحدث عالميا وتأثيره داخليا على المجتمع المصري”.
“هذا الاستقطاب قد بدأ منذ عام 2013 أثناء حكم جماعة الإخوان المسلمين لمصر وأصبح الحديث عن المرأة حساسا جدا، فهذا التيار الذي حكم مصر وتتوافق معه تيارات مماثلة، الأهم لهم أن تنطفئ المرأة بل وتختفي من الإطار العام، وبالتالي كلما صرح أي شخص بأية تصريحات يبدأ كل جانب في شحن مناصريه لتتحول إلى معركة في النهاية”.
“المجتمعات تكون بخير كلما كانت السيدة لها وضعها وكامل حقوقها دون بخس لحقوق الآخرين. هذا لا يحدث في مصر فقط ولكنها حالة عالمية”.
–ولماذا تتواصل الاستقطاب في الشارع المصري؟
“لأنه في الأعوام الأخيرة حصلت المرأة على حقوقها وصلت إلى مناصب قيادية بإرادة سياسية، ووجود تشريعات منصفة للمرأة في بعض القضايا”.
“كان الناس يعتقدون أن وضع السيدات بهذا الشكل له مرجعية دينية، مثل الختان أو عدم توريث السيدات في بعض المجتمعات. وبالتالي، عندما توضع تشريعات تنصف المرأة وتعضدها وتزيد إلى مكتسباتها، فقد حرك ذلك المياه الراكدة في بعض القضايا”.
“ولكن دعيني أؤكد أن هذه القوانين هدفها الحفاظ على الأسرة وتماسكها، والتمكين الاقتصادي للمرأة لا يعني انفصالها عن الأسرة أو واجبتها داخل هذه الأسرة، ولكن من أجل تنمية مدخول هذه الأسرة، ومساعدتها على القيام بواجباتها الأسرية، وليس كما يزعم البعض أنها لتفكيك الأسرة. فمن المعروف جيدا أن العديد من السيدات في مصر تعين أسرها دون تعب أو كلل”.
–ذكرت أن حصول المرأة على حقوقها في الفترة الأخيرة كان السبب في حالة الجدال في مصر، فهل هو مخالف للدين ليغضب البعض؟
“أولاً جميع رجال القانون درسوا الشريعة الإسلامية، ولا يوجد تشريع يخالف الدين الإسلامي، وليس هناك تشريع اعترض عليه الأزهر”.
–إذا لماذا يوجد هذا الجدل الدائم، إذا كانت حقوق المرأة وواجباتها واضحة وثابتة بموجب قوانين لا تخالف الدين؟
“يثار بسبب البعض الذي لا يزال رافضا لحصول المرأة على أية حقوق لها، بل يريدون حصر المرأة في أدوار بعينها. فلا يزال العديد من الرجال مثلا يرفضون عمل المرأة”.
–وما رأيك في التصريحات المثارة حول عدم وجوب إرضاع السيدة لأطفالها؟ وكذلك العمل داخل بيتها؟
“سأقول لك شيئاً، بحسب رأي الأطباء، الأفضل للطفل عند ولادته أن تضمه الأم وتقوم بإرضاعه حتى يشعر بالأمان، فهذه علاقة خاصة بين الأم وطفلها، حتى بعيدا عن المرجعية الدينية، فالرضاعة تحافظ على صحة المرأة وعلى جسمها وعلى حمايتها من الأمراض الخبيثة. فإن حدث الطلاق المقصود بالأجر حتى تتمكن من أن تطعم نفسها لكي تطعم طفلها وحتى تتمكن بالعناية بصحة الصغير”.
“ولكن في صلب الحياة الأسرية، عندما نتحدث عن مشروع الأسرة، هو بناء منزل في مشاركة واحترام وعدم استعلاء من طرف على الآخر. هناك دفء ومودة ورحمة، وهناك أطفال يجب أن يعيشوا في حياة هادئة، والزواج ليس صراعا بل هو تعاون وحب ورحمة. يجب على كل الأزواج أن يعلموا جيدا أنهم طرف في علاقة ليس فيها تمييز بين الرجال والسيدات وهذه هي الأسرة المصرية الأصيلة”.
–وماذا عن تصريحات أخرى قالت إنه ليس هناك سند شرعي يجبر المرأة على دخول المطبخ؟
“هذا كلام غير علمي ولا منطقي، والهدف منه إثارة الجدل في المجال العام. وإذا كان الهدف من التصريحات دعوة الأزواج إلى مساعدة زوجاتهم، فالتصريحات لم تقل بالطريقة الملائمة ولا في إطارها الصحيح، ما قد يثير الجدل والبلبلة في المجتمعات أو في المجال العام، وهذا آخر ما نحتاج إليه الآن”.
علماء الأزهر يجيبون: هل الأم ملزمة بإرضاع طفلها؟ وماذا عن خدمة زوجها؟
قال الدكتور أحمد كريمة، أستاذ الفقه والشريعة الإسلامية بالأزهر، لوسائل إعلام محلية مصرية: “قال الله تعالى في كتابه الكريم، في سورة البقرة، “وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ”، لذلك فالمرأة مطالبة بإرضاع أولادها سنتين كاملتين، ويسن الرضاع الكامل”.
وأوضح أنه “إذا عجزت الأم عن إرضاع طفلها لظروف طبية، ففي هذه الحالة يجب توفير مرضعة أو اعتماد الأم على اللبن الصناعي، وليس عليها ذنب، وعلى الزوج في حالة إرضاع الزوجة لطفلها، أن يوفر لزوجته ما يعينها من أكل وشرب ونفقة وكسوة لإرضاعها لابنه، فهذا الأمر مكلف به الزوج ولا يتوانى عنه القرآن والسنة”.
وحول موضوع خدمة الزوج أكد كريمة أن “جمهور الفقهاء قالوا إن خدمة الزوجة للزوج لا تجب عليها، ولكن الأولى لها أن تفعل ما جرت عليه العادة”.
ولكنه أوضح أيضا أن “الحنفية أكدوا أنه على الزوجة أن تخدم زوجها ديانة لا قضاء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حين قسم الأعمال بين علي وفاطمة رضي الله عنهما جعل لها الأعمال المنزلية ولعلي الأعمال خارج المنزل”، وأشار إلى أن “الرأي الراجح ما ذهب إليه بعض المالكية وطائفة من أهل العلم وهو أن تخدم الزوجة زوجها فيما جرت به العادة”.
وأضاف كريمة أن “الفقهاء استدلوا بذلك بما صح عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بأنهن كن يخدمن النبي صلى الله عليه وسلم وكانت الصحابيات الجليلات تفعلن ذلك مع أزواجهن، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا عائشة أطعمينا، ويطلب منها أن تسن السكين”.
وأكد أنه يميل للرأي القائل إن للزوجة تخدم زوجها فيما تطيق وحسب طاقتها وتؤجر وتثاب على ذلك: “أنا اختار أن الزوجة تؤجر وتثاب حين تعين زوجها بالخدمة ولكن دون تعسف من الزوج”.
وأشار كريمة إلى أن “جمهور العلماء أجازوا كذلك خدمة الزوج لزوجته، ولها أن تقبل ذلك منه، وقال الحنفية كذلك إن الزوج يخدم زوجته تطوعًا”، لكنه نبه إلى أنه “يتعين على العلماء والدعاة ألا ينحازوا لطرف على حساب طرف”.
من جهته أكد الدكتور عباس شومان، وكيل الأزهر، أن “الأسرة هي صمام أمان المجتمع، وتتعرض إلى حملة شرسة من الدعوة للتفكيك عبر آلية تأليب وتحريض النساء على أزواجهن وأطفالهن”.
وأضاف أن “هناك افتراءات تجعل المرأة تتصور أنها خالية من أية مسئولية، فهي في بيتها غير ملزمة بشيء، وبدأ الأمر بعدم إلزامها بخدمة بيتها، إلى عدم إلزامها بإرضاع أطفالها، وعللوا ما تقوم به المرأة من خدمة في بيتها، بأن المرأة بدأت هذه الأعباء على سبيل التطوع ثم تحول الأمر عند الأزواج إلى حق مكتسب، وأنها إن تركت بيتها يعمه الفوضى لا إثم عليها”.
[ad_2]
Source link