فيديوهات قتل نيرة وسلمى: تحريض على الجريمة أم ردع لها؟
[ad_1]
في أقل من شهرين اهتزت مصر على وقع جريمتي قتل بشعتين لطالبتين في مقتبل العمر. وأصبح استنساخ الأسلوب الذي ارتكبت به الجريمة الأولى لتنفيذ الثانية ظاهرة مثيرة للقلق في المجتمع المصري. فالقتل كان عمدا وفي واضحة النهار وعلى يد شابين فشلا في الارتباط بضحيتيهما.
فقبل أسابيع معدودة سقطت طالبة المنصورة نيرة أشرف صريعة هجوم غادر بالسلاح الأبيض نفذه بدم بارد زميلها في الجامعة عادل محمد. وقبل ثلاثة أيام تكرر المشهد المأساوي لطالبة أخرى تدعى سلمى بهجت في محافظة الشرقية على يد زميل لها يدعى إسلام محمد أرداها جثة هامدة بعد أن وجه لها سبع عشرة طعنة.
ثمة أوجه تشابه كبيرة بين الحالتين تستدعي الوقوف عندها. فقد كان منفذا الجريمتين شابين على علاقة وثيقة بالضحيتين. واستخدم المهاجمان السلاح الأبيض في تنفيذ جرمهما ووجه كل منهما طعنات متعددة لجسد الضحية حتى يتأكد من أنها فارقت الحياة.
وحيث أن الجريمتين وقعتا على مرأى ومسمع من الناس وفي الطريق العام اعترف القاتلان بفعلتهما وأقرا بقتل المجني عليهما عمدا مع سبق الإصرار والترصد. وفي الحالتين ايضا كان الدافع وراء الجريمة، حسب أقوال القاتلين، رفض الضحية أو عائلتها الارتباط بأي منهما لأسباب إما شخصية، أو اجتماعية، أو اقتصادية.
ومن الطبيعي أن تصدم فظاعة الجريمتين رواد وسائل التواصل الاجتماعي في مصر وخارجها. ومن البديهي أن تثير بشاعة الجريمة وظروفها ردود فعل قوية ومتشددة حتى أن أصواتا دعت الشابات والطالبات المصريات إلى توخي الحيطة والحذر من الارتباط عاطفيا بشباب بينهم من لا يقبل كلمة “لا” جوابا على طلب التزام بمشروع زواج.
ومما يثير الغضب، بل الحنق هو أن قاتل سلمى لجأ الى وسائل التواصل الاجتماعي للكشف عن نيته في وضع حد لحياتها ساعات قبل ارتكاب جريمته. وتداولت مواقع التواصل الاجتماعي صورا لتدوينات كتبها إسلام محمد عبر خاصية “استوري” على حسابه الشخصي على موقع “إنستجرام”. وكتب على إحداها: “الحياة قست عليا وحبيبتي غابت عني واستقوى عليا الكلاب، عايزني أطلع إيه؟”.
وتابع القاتل في حديثه عن سلمى “اضحكي دلوقتي وافرحي إنك طلعتي الثانية على الدفعة وامتياز مع مرتبة الشرف وبالرغم إني كنت مسؤول عن كل درجات العملي على مدار سنة ثالثة ورابعة بس تمام أتي أمر الله فلا تستعجلوه… أقسم بالسبع سماوات هزلزل عرش الله نفسه من بشاعة نهايتك ويومها وبكل قوة هقول للعالم الآن فلتقوموا بالإعدام”.
ومع ذلك لم يتفطن كل من طالع هذه التغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي إلى أن الشاب كان يتحول في تلك اللحظة الى مجرم آثر أن يلقى المصير نفسه بعد أن ينهى حياة زميلته لأنها وعائلتها رفضتا أن يرتبط بهما.
وفيما تتواصل التحقيقات مع هذا الجاني، تستمر النيابة العامة المصرية في حبس ثلاث ممرضات يعملن بمستشفى المنصورة على ذمة التحقيق بتهمة تصوير جثمان المجني عليها الطالبة نيرة أشرف بعد نقله الى مشرحة المستشفى، ونشر المقطع على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبالرغم من اعتراف الممرضة الأولى بالتصوير وإقرار الثانية والثالثة باستلام نسخة من المقطع على هاتفيهما، لم تتوصل الشرطة بعد إلى اعتراف أي منهن بمسؤولية تسريب شريط الجثة ونشره على مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم فظاعة مشهد جثة الضحية لحظات بعد مقتلها، تم تداول الفيديو بكثافة. وأظهر الشريط جثمان نيرة وقد غطت الجروح كامل جسدها، خصوصا رقبتها وأسفل أذنيها.
وأثار تداول المقطع استنكارا واستهجانا واسعين من قبل رواد مواقع التواصل الاجتماعي. كما تسبب في صدمة نفسية عنيفة عمقت من الجرح الغائر الذي تشعر به أسرة فقدت ابنتها. وطالب خالد عبد الرحمن محامي العائلة النيابة العامة بتوجيه الاتهام في تسريب المقطع لكل مسؤولي مستشفى المنصورة وإقالة مديره العام وايقاع أقسى العقوبة بكل من يثبت ضلوعه في تصوير وتسريب الفيديو.
وفيما يمضي التحقيق القضائي في طريقه لتحديد هوية الممرضة المسؤولة عن تسريب المقطع وإنزال العقوبة اللازمة بها، ثمة تساؤلات عديدة حول الهدف الذي كانت الممرضة تنشده من ذلك. فهل كانت فعلا تدرك فظاعة المشهد؟ هل قدرت مدى وقعه على نفوس أهل الضحية وأصدقائها وحتى عامة الناس من ذوي الإحساس المرهف؟ هل كانت تنوي صدم المشاهد بفظاعة المقطع. هل فعلتها لاستدرار عطف الرأي العام مع الضحية؟ ولماذا لا تتحرك الحكومات العربية لسن قوانين تمنع نشر الفيديوهات التي تنتهك حقوق الناس أحياء كانوا أم أمواتا؟
تقول ماريز يونس أستاذة علم الاجتماع بالجامعة اللبنانية في بيروت، في مقابلة مع برنامج نقطة حوار، إن تحولا واضحا طرأ على المنظومة القيمية للمجتمعات العربية بعد انفتاحها على قيم غربية مستوردة. ولاحظت أن هناك فئة من الشباب والمراهقين تتعاطى بسهولة وبطبيعية مع فيديوهات تنتهك خصوصية الآخرين وهي الأكثر إقبالا على تداول ما يسمى فيديوهات الفضائح والإثارة لفنانين أو لأناس عاديين.
وتمضي أستاذة علم الاجتماع بالقول إن الذين يقبلون على تداول ونشر مثل تلك الفيديوهات ربما يفتقرون للوعي والتنشئة الاجتماعية على قيم تحترم خصوصيات الآخرين وحرماتهم. وترى أن من اللازم اتخاذ إجراءات، إن على مستوى الدولة أو المؤسسات أو منظمات المجتمع المدني والرقابة الرقمية لضبط كل محتوى ينتهك خصوصيات وحرمات الناس لأن هذه السلوكيات تهدد المجتمعات العربية وأخلاقياتها.
اتسمت معظم ردود فعل الحكومات والأنظمة السياسية في العالم العربي بالسرعة والفعالية في منع المواقع الإخبارية الإلكترونية المشاغبة والتضييق على المؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي، ووظفت بعض الحكومات أجهزتها الأمنية الإلكترونية للتنصت على المجالس الخاصة لمواطنيها ومعاقبة كل من زل لسانه بانتقاد مسؤول نافذ. لكنها هل ستتحرك لحماية المجتمع وتأخذ العبرة مما جرى لكل من نيرة وسلمى سواء في حياتهما أو بعد مماتهما؟
ما سر اللجوء الى النشر على وسائل التواصل الاجتماعي في حالتي قتل نيرة وسلمى: هل هو تحريض على الجريمة أم ردع لها؟
ما الغرض من لجوء مجرمين الى وسائل التواصل الاجتماعي للكشف عن نوايا جرائمهم؟
لماذا لا يتردد البعض في نشر مقاطع صادمة تنتهك حرمة الآخرين على مواقع التواصل الاجتماعي؟
هل ثمة اختلال ما في نفسية الذين ينشرون فظائع مريعة على وسائل التواصل الاجتماعي؟
متى تتدخل الحكومات العربية لحماية حرمة الأحياء والأموات والضرب على من ينشر مقاطع فيديو صادمة؟
بعد حادث تسريب فيديو جثة فتاة المنصورة، هل يمكن تقنين استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي؟
سنناقش معكم هذه المحاور وغيرها في حلقة الجمعة 12 آب/ أغسطس.
خطوط الاتصال تفتح قبل نصف ساعة من البرنامج على الرقم 00442038752989.
إن كنتم تريدون المشاركة عن طريق الهاتف يمكنكم إرسال رقم الهاتف عبر الإيميل على nuqtat.hewar@bbc.co.uk
يمكنكم أيضا إرسال أرقام الهواتف إلى صفحتنا على الفيسبوك من خلال رسالة خاصة Message
كما يمكنكم مشاهدة حلقات البرنامج من خلال هذا الرابط على موقع يوتيوب .
[ad_2]
Source link