استفتاء تونس 2022: مخاوف من العودة إلى مربع الديكتاتورية مع توقعات بتمرير مشروع الدستور الجديد
[ad_1]
- بسام بونني
- مراسل بي بي سي لشؤون شمال أفريقيا
عشيّة استفتاء التونسيين على دستور جديد البلاد، تبدو هناك قناعة بأنّ المشروع المثير للجدل سيمرّ، لكن بثمن باهظ قد يكلّف البلاد العودة إلى ما قبل انتفاضة عام 2011 أو “ثورة الياسمين”.
وبينما يسعى الرئيس، قيس سعيّد، إلى طمأنة مواطنيه بأنّه لا مساس بالديمقراطية، ثمّة مخاوف لدى خصومه بأنّ الدستور الجديد لا يمكن أن يؤسّس سوى لـ “ديكتاتورية جديدة”.
في شارع الحبيب بورقيبة، وسط العاصمة التونسية، تُفرّق قوّات الأمن العشرات الذين كانوا يتظاهرون ضدّ المشاركة في الاستفتاء الذي سيجري يوم غد الاثنين على الدستور الجديد.
محمد ياسين الجلاصي، نقيب الصحفيين، تعرّض للاعتداء بالغاز المسيل للدموع، ممّا استدعى تدخّل مسعفين.
وبعد أن استعاد الصحفي الثلاثيني أنفاسه، كتب على صفحته الرسمية على شبكة فيسبوك محمّلا مسؤولية الاعتداء عليه وبقية المتظاهرين لـ “رئيس الجمهورية ووزير الداخلية”.
الجلاصي كان قد قال، قُبيل التظاهرة، لبي بي سي نيوز عربي إنّه يخشى إغلاق قوس الحريات في تونس، مع مشروع دستور “يشمل مصطلحات عامّة مُبهمة مثل الآداب العامّة والأمن القومي والمصالح الاقتصادية وهي المصطلحات ذاتها التي استخدمتها ديكتاتورية زين العابدين بن علي لإسكات المعارضة”.
“تدهور الوضع الحقوقي”
مساعدة مديرة منظمة العفو الدولية بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، آمنة القلالي، أشارت إلى تراجع الضمانات الأساسية لحقوق الإنسان، بالنظر إلى تفكيك سعيّد لمعظم مؤسّسات الدولة التونسية.
وشدّدت القلالي، في لقاء مع بي بي سي نيوز عربي، على أنّها وثّقت 29 محاكمة لمنتقدين لسعيّد، مضيفة أنّ هناك تلويحا بالتضييق على إنشاء الجمعيّات والمنظّمات.
لكنّ أنصارا لسعيّد دافعوا عن السنة المنصرمة منذ فرضه “إجراءات استثنائية” في البلاد بدأها بتعليق البرلمان وإقالة الحكومة، قبل أن يعين غيرها ويمضي باتجاه حل مجلس القضاء، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية مرورا بتنظيم الاستفتاء على الدستور لتنتهي خارطة الطريق التي أعلن عنها سعيد قبل بضعة اشهر بإجراء انتخابات برلمانية مبكرة اختار الرئيس لها تاريخ 17 ديسمبر/ كانون الأول القادم.
وقال عضو الحملة التفسيرية لدعم الرئيس التونسي، أحمد شفتر، إنّ “الدستور الجديد يضمن الحقوق والحريّات بشكل غير مسبوق”، واصفا خصوم سعيّد بالـ”عصابات التي ستخرج منهزمة من الاستفتاء”.
ويذكر شفتر أنّ السلطات ستصبح وظائف في الدستور الجديد. لكنّ خبراء في القانون يدقّون ناقوس الخطر، إذ يرون أنّ المشروع يمنح رئيس الدولة صلاحيات شبه مطلقة، تجعل من النظام السياسي أقرب للرئاسوي من الرئاسي، مقابل تقزيم بقيّة مؤسسات الدولة، بما فيها البرلمان والقضاء.
وجه جديد للإسلام السياسي؟
واستحوذ الرئيس التونسي، قيس سعيّد، قبل عام، على كافّة السلطات، قبل أن يطرح مشروع دستور جديد، لم يحظ بقبول واسع، حتّى من داخل الدائرة الضيّقة التي رافقته طيلة المسار الذي أطلقه.
من بين هؤلاء، أستاذ القانون الدستوري، الصادق بلعيد، الذي حذر من مشروع سعيد، وهو الذي رأس هيئة استشارية قدّمت للرئيس التونسية نُسخة أولى، لم يحتفظ منها سيّد قرطاج سوى بالنزر القليل.
وذهب أستاذ القانون، أمين محفوظ، الذي شارك أيضا في رسم معالم ما بعد الخامس والعشرين من تموّز يوليو الماضي، إلى حدّ التحذير من “الوجه الجديد للإسلام السياسي والذي سيكون الأخطر على الإطلاق”، في إشارة إلى نصّ الدستور الجديد على أنّ الدولة هي التي تسهر على تطبيق مقاصد الإسلام.
ويبدو سعيّد معزولا في الوسط النخبوي، باستثناء حصوله على دعم عدد من الأحزاب الهامشية، التي لم يكن معظمها ممثّلا في البرلمان المنحلّ.
عين على المصاعب الاقتصادية والاجتماعية
وفي مدينة تونس العتيقة، بدا معظم من تحدّثنا إليهم غير مكترثين بالجدل الطاغي في وسائل الإعلام بشأن الاستفتاء. فبصرف النظر عن الموقف من المشاركة في موعد الاثنين من عدمه، يغلب على كلام محدّثينا التطرّق إلى غلاء المعيشة وحالة عدم اليقين الاقتصادية.
ويرى أحمد، وهو متقاعد يبلغ من العمر خمسة وسبعين عاما، أنّ “الديمقراطية التي جاءت بها ثورة2011 استهدفته شخصيّا”، إذ أصبح على حدّ قوله، عاجزا عن توفير أبسط متطلّبات الحياة. وهو رأي يشاطره إياه إبراهيم، الأربعيني، الذي يرى أنّ “البلاد غير مستعدّة للديمقراطية”.
ويرى أستاذ القانون العامّ بكليّة الحقوق بتونس، شاكر الحوكي، أنّ “المشكل الرئيسي يكمن في شخصيّة التونسي في حدّ ذاتها فهو عجول غير صبور لا يقبل بالاختلاف”.
ويضيف أنه بصرف النظر عن الأخطاء التي ارتكبتها الحكومات المتعاقبة، منذ 2011، فإنّ “ما يقوم به سعيّد الآن هو نسف كلّ ما تحقّق، لصالح تكريس حكم الرجل الواحد”.
يجري كل هذا بينما لا تزال حكومة نجلاء بودن تكابد من أجل الحصول على خطّ تمويل جديد من صندوق النقد الدولي، تربطه المؤسسة الدولية بضرورة اتخاذ إجراءات تقشّف مؤلمة، إلى جانب توفير الحدّ الأدنى من الاستقرار السياسي.
اليوم التالي
وخلت الجدران المخصّصة من هيئة الانتخابات للدعاية من الملصقات. ومرّت الحملة فاترة، دون زخم المراحل الانتخابية التي شهدتها البلاد، طيلة السنوات العشر الماضية.
وحذّر سعيّد، في أكثر من مناسبة، من المساس بالمسار الانتخابي، في رسائل متواترة تقول المعارضة إنّها قد تكون تمهيدا لتبرير ضعف الإقبال المحتمل في الاستفتاء.
ورغم الانقسامات الحادّة التي تشهدها البلاد، تبدو الأمور شبه محسومة لصالح تمرير مشروع الدستور الجديد، إذ لا ينصّ القانون على سقف أدنى للمشاركة.
لكن ما سيجري الاثنين يبقى الاختبار الأكبر لسعيّد، ويقول الحوكي إنّ “العمر الافتراضي للدستور قد يوازي عمر سعيّد في الحكم”.
أما عضو الحملة التفسيرية لدعم الرئيس التونسي، أحمد شفتر فيعتبر أنّ مشروع سعيّد هو “فتح آفاق تنمويّة جديدة ستعبر بالبلاد إلى برّ الأمان”.
ولم يُعرف للرئيس التونسي رؤى أو توجّهات اقتصاديّة واضحة، باستثناء خطابات قال فيها إنّ للبلاد مقدّرات ضخمة “نهبها المسؤولون السابقون”، في واحدة من مظاهر ما يصفه خصومه بـ”توجّهه الشعبوي”.
وسعى سعيّد، طيلة العام المنقضي، إلى تحجيم دور الأحزاب السياسية والنقابات والمنظمات، وذهب وحيدا إلى المسار الذي خطّه، دون أن يتجاوب مع معظم الدعوات إلى الحوار. وهو ما يعتبره خصومه تكريسا لحالة الغموض، التي قد تتعاظم بشكل أكبر، بعد استفتاء الاثنين.
[ad_2]
Source link