حقوق المرأة: هل تغيرت تونس بعد تولي سيدة رئاسة حكومتها؟
[ad_1]
شهدت تونس تحولاً ملحوظاً في المواقف تجاه تولي النساء مناصب سياسية رفيعة منذ أن أصبحت نجلاء بودن أول سيدة تتولى رئاسة الوزراء في البلاد والعالم العربي بأسره. بيد أن ذلك لا يعني أن حياة النساء التونسيات تحسنت بشكل دراماتيكي، كما تكتب جيسي جيمز من بي بي سي نيوز عربي.
قضت بشرى بلحاج حميدة حياتها في الكفاح من أجل مساواة المرأة بالرجل والديمقراطية في تونس، وتقول إن “إحداهما لا يمكن أن تتحقق بدون الأخرى”.
في أعقاب الثورة التي شهدتها تونس عام 2011 – والتي شاركت خلالها بشرى في المظاهرات الحاشدة التي انتهت بالإطاحة برئيس البلاد وحاكمها المطلق زين العابدين بن علي – أصدرت البلاد قانوناً ينص على تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة. يشترط القانون أن تضع الأحزاب السياسية عدداً متساوياً من الرجال والنساء على قوائم مرشحيها لعضوية البرلمان.
في ذلك الوقت تقريباً انضمت بشرى إلى أحد الأحزاب السياسية، حزب نداء تونس.
لكن كونها امرأة في مجال السياسة في تونس – وامرأة تحارب من أجل المساواة في الحقوق – ليس بالأمر السهل.
تقول بشرى: “تعرضت لمضايقات، وحملات تشويه، وتشهير، وتهديدات بالقتل ودعوات إلى اغتيالي”. وتضيف أن الدولة تخصص لها الحماية الأمنية منذ عام 2012.
لكن تونس تمر الآن بتحول كبير في المواقف إزاء شَغل النساء مواقع في السلطة، أكثر من أي بلد آخر في العالم العربي.
فقد أظهر استطلاع جديد أجرته شبكة البارومتر العربي لصالح بي بي سي نيوز عربي أن تونس شهدت الانخفاض الأكبر في عدد الأشخاص الذين يقولون إن الرجال أفضل من النساء كقادة سياسيين.
فمنذ عام 2018، كان هناك انخفاض قدره 16 في المئة – من 56 إلى 40 في المئة – في نسبة هؤلاء الذين يتفقون مع مقولة: “بوجه عام، الرجال أفضل في الزعامة السياسية من النساء”.
أُجري الاستطلاع في وقت تولت فيه رئاسة الوزراء سيدة للمرة الأولى في تاريخ تونس، هي المهندسة المتخصصة في الجيولوجيا نجلاء بودن التي عينها الرئيس قيس سعيّد في المنصب في أكتوبر/تشرين الأول عام 2021.
تقول أماني جمال المؤسسة المشاركة للبارومتر العربي وعميدة كلية برينستون للشؤون العامة والدولية بالولايات المتحدة إن ذلك يدلّل على التأثير الكبير للشخصيات التي تمثل قدوة للآخرين.
وتوضح: “لم نشهد أي تغيير كبير في الرأي العام تجاه حقوق المرأة قبل تعيينها”، وتضيف أن تعيين بودن “جعل الناس يقولون: انظروا، بإمكان النساء إثبات كفاءتهن كزعيمات سياسيات مثلهن مثل نظرائهن الرجال”.
لكن بلحاج حميدة تصف تعيين بودن بأنه “سيف ذو حدين”.
تقول إنه كان من المهم من الناحية الرمزية إنهاء ذلك “الامتياز الخاص الذي يتمتع به الذكور”، ولكن “الغياب التام لالتزامها بحقوق النساء ومساواتهن مع الرجال قد يعتَبر فشلاً للنساء في الشؤون العامة”.
تقول كِنزة بن عزوز الباحثة بجماعة هيومان رايتس ووتش المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان إن ناشطات حقوق المرأة التونسيات اللاتي تحدثت إليهن لا يعتقدن أن تعيين بودن أفضى إلى أي “إنجاز ملموس”.
وتمضي في القول: “لم تكن هناك أي إضافة على الإطلاق فيما يتعلق بالحقوق التي اكتسبتها المرأة”.
لم تستجب الحكومة التونسية لطلب بي بي سي التعليق على ذلك.
يشار إلى أن سعيّد عين عدداً غير مسبوق من النساء هو 10 – بمن فيهن نجلاء بودن – في مجلس وزرائه المكون من 24 عضواً.
تخشى ناشطات حقوق المرأة أن الرئيس يستغل تمكين المرأة كمجرد واجهة بغية التخفيف من وطأة تصرفاته الاستبدادية التي شملت حل البرلمان والحكم بمرسوم.
المعروف أن سعيّد له آراء محافظة بشأن حقوق النساء، إذ لا يزال يعارض المساواة بين الرجل والمرأة في الميراث، كما أن القانون التونسي ما فتئ يعتبر أن الرجل هو رب الأسرة. قوانين الميراث في تونس ترتكز إلى الشريعة الإسلامية، التي تنص على أن الابن يرث ضعف ما ترثه الابنة.
وأثار سعيّد حالة من الغضب والاستياء الشهر الماضي عندما أقال 57 قاضياً بعد أن وجه إليهم لائحة طويلة من الاتهامات التي شملت “الفساد المالي والأخلاقي”.
من بين هؤلاء قاضية سُربت تفاصيل عن حياتها الشخصية على شبكة الإنترنت – بما في ذلك مزاعم بارتكاب الزنا الذي يجرمه القانون التونسي، وأخضعتها الشرطة التونسية لفحص عذرية.
وقد أدانت روضة القرافي الرئيسة الشرفية لجمعية القضاة التونيسيين حملة التشويه التي تعرضت لها القاضية، ونُسب إليها تساؤلها: “من عساه أن يرد اعتبار هذه السيدة إذا كان أعلى مستوى في الدولة قد أهان كرامتها؟”
الاستطلاع توصل أيضاً إلى أن تونس بها أعلى نسبة من الأشخاص – 61 في المئة – الذين يرون أن العنف ضد النساء ازداد خلال العام الماضي رغم التشريع الذي أقر في عام 2017 بغرض مكافحته.
وفي إشارة إلى مدى الخطورة التي قد تواجهها النساء التونسيات، تعرضت زعيمة الحزب الدستوري الحر عبير موسي للصفع والركل خلال جلسة للبرلمان على يد اثنين من النواب. كلاهما مُنع من الحديث في ثلاث جلسات برلمانية متتالية.
تعتبر بن عزوز نتائج الاستطلاع “إشارة إيجابية جداً” على انتشار الوعي بالعنف ضد النساء، والذي ترى أنه يعود جزئياً لحركة “أنا زادة” (أنا أيضا) #EnaZeda – وهي المقابل التونسي لحركة #MeToo التي تكافح الاعتداء والتحرش الجنسي ضد النساء.
ظهرت الحركة كرد فعل على التقاط صور لعضو البرلمان زهير مخلوف المسجون حالياً وهو يستمني داخل سيارته أمام طالبة في المرحلة الثانوية.
شاركت ناشطة حقوق المرأة ومناهضة العنصرية خولة كسيكسي في المظاهرات، وأصبحت إحدى المشرفات على صفحة حركة #EnaZeda على فيسبوك، والتي تقول إنها تتلقى في اليوم الواحد أكثر من 20 شهادة تتحدّث عن أعمال عنف جنسي.
وكان برلمان تونس المنحل حالياً قد تبنى تشريعاً في عام 2017 حول محاربة العنف ضد المرأة. وإثر صدوره، أُشيد بهذا التشريع، المعروف باسم القانون عدد 58، بوصفه تاريخياً سبقت به تونس الكثير من جاراتها في هذا المجال.
وعلى الرغم من تحقيق بعض النجاحات – بما في ذلك تشكيل وحدات شرطة خاصة للتعامل مع العنف ضد النساء – فإن هناك من يرى أن ثمة نقاط ضعف رئيسية فيما يتعلق بتطبيق القانون.
يعطي هؤلاء مثالاً على ذلك بقضية الشابة البالغة من العمر 26 عاماً رفقة الشارني التي يُزعم أن زوجها الضابط في الحرس الوطني قتلها في مايو/أيار عام 2021، بعد يومين فقط من ذهابها إلى الشرطة للإبلاغ عن ارتكابهأعمال عنف ضدها. اعتُقل الزوج ولكنه لم يحاكَم بعد ولم يصدر عنه أي تعليق.
قضيتها حظيت باهتمام كبير، إذ إنها تعكس “إخفاق النظام بأسره”: من الشرطة التي قامت بالتوسط بين الشارني وزوجها رغم كون ذلك محظوراً – ويُزعم أنه استغل هذه الفرصة لتهديد زوجته، ما دفعها إلى سحب شكايتها ضده في اليوم التالي – إلى الادعاء الذي لم يأمر باتخاذ أي إجراءات لحمايتها، إلى المستشفى الذي أصدر شهادة طبية تثبت أنها تعرضت للاعتداء.
تقول بن عزوز: “لو كانت حصلت على الشهادة الطبية في وقت أبكر، لربما كانت قد مضت قدماً في شكايتها ولم تمت”.
أظهر الاستطلاع انخفاضاً قدره 11 في المئة – من 54 إلى 43 في المئة – منذ عام 2018 في عدد المواطنين الذين يقولون إن الرجل ينبغي أن تكون له الكلمة العليا في القرارات الأسرية.
ولكن نظراً لأن الرجل يظل هو رب الأسرة بموجب القانون التونسي، فإن المساعدات الاجتماعية تذهب إلى الرجال، في حين لا تحصل النساء الناجيات من العنف المنزلي على إعانات مالية.
تقول بن عزوز: “تبقى السلطة الاقتصادية في يد الزوج”.
وصمة العار المرتبطة بالذهاب إلى ملاجئ ضحايا العنف المنزلي، إضافة إلى عدم وجود عدد كاف من تلك الملاجئ – هناك فقط خمسة في تونس، أربعة منها في العاصمة – يعنيان أن أي ناجيات من اعتداءات الأزواج عليهن، ولا سيما الفقيرات منهن، يضطررن إلى البقاء مع المعتدين.
ورغم هذه الصورة المقلقة، تقول بن عزوز إن لديها “أملاً كبيراً”،نظراً للعمل الذي تقوم به جماعات حقوق النساء، والابتكار المتزايد لتلك الجماعات.
أما بشرى بلحاج حميدة فتقول إن الحملة التي تهدف إلى جعل تونس “أكثر ملائمة للعيش، وأكثر حرية وتحرراً” يجب أن تستمر، ويجب ألا يشنها “فرد واحد فقط، بل كل هؤلاء الذين يؤمنون بأن هذا البلد يستحق ما هو أفضل”.
[ad_2]
Source link