السياحة للأشخاص ذوي الإعاقة … بقلم الدكتورة هلا السعيد
إيسايكو: السياحة للأشخاص ذوي الإعاقة … بقلم الدكتورة هلا السعيد
حقيقة نسمع كثيرا في الاواني الاخيرة عبارة (السياحة البيئية) جعلت سؤال هام يجول بخاطري … هل السياحة البيئية تقتصر على فئة بعينها وتتغاضى عن فئة اخرى؟ فالإجابة السياحة البيئية هي سياحة للجميع بجميع فئاتها الكبير والصغير – الرجل والمرأة – الطفل والشاب والمسن – الشخص العادي والشخص ذوي الاعاقة .
وهنا وصلت لما اريد التركيز عليه بحديثي فئة الاشخاص ذوي الاعاقة الذين هم جزء من المجتمع واذا ما نظرنا الى نسبتهم بالعالم نجدها نسبة كبيرة اكثر من مليار شخص بما تعادل ١٥٪ من عدد سكان العالم ، وبذلك هم فئه لا يستهان بها ، وهذه الشريحة الواسعة من الأشخاص ذوي الإعاقة يعانون من التهميش والتميز بسبب اعاقتهم فهم غير قادرين على الحصول على حقوقهم في المجال السياحي والتمتع بالحياة بصورة طبيعية وزيارة الأماكن السياحية في أي وقت وأي مكان دون عوائق، وعند رغبتهم بالسفر والسياحة يقابلها العديد من التحديات والصعوبات
سياحة الاشخاص ذوي الإعاقة :
يطلق عليها مسمي ( السياحة الميسرة ، او السياحة الإنسانية)
وعند تعريفها :
فهو نمط سياحي يجعل الاماكن والخدمات السياحية في متناول الجميع، بغض النظر عن ( القيود المادية أو الإعاقة أو السن او الجنس)
فالسياحة الإنسانية…… هي مجموعة الخدمات والتسهيلات التي بمقدورها أن تمكّن الشخص ذوي الإعاقة من التمتع بعطلته أو الوقت الذي يخصصه للترفيه عن نفسه، من دون مشاكل.
تشمل السياحة الميسرة :
اولا: وجهات خالية من العوائق: البنية التحتية والمرافق المعمارية (فنادق – مطاعم حدائق متنزهات)
ثانيا: النقل: عن طريق الجو والبر والبحر، مناسبة لجميع المستخدمين
خدمات ذات جودة عالية: مقدمه من موظفين مدربين
ثالثا: أنشطة ومعارض ومناطق جذب: مسموح المشاركة من قبل الجميع
رابعا: تسويق ونظم الحجز ومواقع إنترنت وخدمات: معلومات في متناول للجميع
لماذا ينبغي التركيز على سياحة ذوي الإعاقة أكثر من غيرهم ؟
اولا: لانها مسؤولية مجتمعية تقع على الجميع من حكومات وشركات والمجتمع المدني وافراد.
ثانيا : لحاجتهم الماسة للترفيه
ثالثا: تعتبر نوع من أنواع العلاج النفسي ، فكلما تهيأت الظروف للتمتع بمستوى أفضل من الحالة النفسية، كلما أدى ذلك إلى تحسن حالته الصحية ، لذلك ينبغي مساعدتهم ودعمهم للتغلّب على التحديات التي تواجههم
رابعا: تعتبر جانب اجتماعي بالتواصل مع المجتمعات والتعرف علي الثقافات المختلفه
خامسا: تساهم بالجانب التسويقي
فان سبب اعداهم الكبيرة والمتزايدة فهم يعتبرون شريحة تسويقية ضخمة في صناعة السياحة والسفر، تعتمد على إمكانية تفعيل واستثمار القوانين والمواصفات التي تراعي الاستدامة والتي تعتمد على مواد الاتفاقية الدولية للأشخاص ذوي الاعاقة والتي ينبغي أن تعتمدها الدولة، بالإضافة إلى قطاع السياحة ككل والخطط والاستراتيجيات التي ينهجها لاستقطاب هذه الشريحة الكبيرة من السيّاح وتشجيع العاملين في هذا القطاع (كالمطاعم والنوادي والفنادق ووسائل النقل) على اتخاذ السبل التي تكفل تحقيق ذلك.
سادسا: لتحقيق مواد اتفاقيه الاشخاص ذوي الاعاقه :
لتحقيق مفهوم إدماج وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع. وسهوله الوصول ، المساواة وعدم التمييز، وحقهم بالترفيه وحقهم بالحياة الكريمة. وتكافؤ الفرص
منظمة السياحة العالمية:
في اجتماعها ٥٦ كان مطلبها بتسهيل الخدمات السياحية للأشخاص ذوي الإعاقة مطلبا حيث يعد مطلب ملحا في القرن الواحد والعشرين، وقد كلّفت المسؤولين بالاهتمام بكافة المسائل التي من شأنها خدمة ذوي الإعاقة، وتقديم الدعم الفني لتشجيع هذا المفهوم في السياحة العالمية.
يجب علي الحكومات اتباع الامور التاليه :
– على الحكومات تذليل العوائق والتحديات وفتح آفاق واسعة أمام الشخص ذي الإعاقة لممارسة حياته كإنسان تتساوى حقوقه مع الشخص غير ذوي الاعاقة والقيام بأنشطته بشكل مرن دون عقبات، وذلك حسب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وهي احدى اتفاقيات حقوق الإنسان الأساسية الملزمة التي تبنتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2006 ، وصادقت عليها اغلبية الدول وبدأ نفاذ العمل بها
– توفير المواصفات البيئة العمرانية والبنية التحتية والخدماتية المرافقة والشوارع والارصفة التي تتناسب مع السياحة الميسرة او الإنسانية، التي أخذت تفرض نفسها وتتبلور مؤخرا في بعض الدول، لتشكل واقعا إنسانيا جديدا لما ينبغي أن تكون عليه البيئة العمرانية والخدماتية، لتكون مُيسّرة انسانيه للسيّاح من ذوي الإعاقة.
– يجب وضع منهج يتم تعليمه في كليات السياحة، حتى يتسنى لخريجي الكليات التعامل مع الأشخاص ذوي الإعاقة بمختلف أنواع إعاقاتهم سواء شخص أصم أو شخص ضعيف السمع أو شخص ذو إعاقة جسدية أو شخص ذو إعاقة حركية أو شخص ذو إعاقة جسدية وحركية، حيث لكل حالة من الإعاقة أسلوب خاص في التعامل، مما يخرج مرشدًا سياحيًا على دراية وخبرة يدخل سوق العمل المتعطش إلى هذه الكفاءات والتخصصات.
انواع السياحة الخاصة لذوي الاعاقة:
هناك انواع متعددة نجملها: (سياحة المدن، والسياحة الريفية، والسياحة التعليمية، وسياحة المؤتمرات ، والسياحة الترفيهية ، والسياحة الرياضية- والسياحة العلاجية)
الخطوات التي يجب ان تتبعها الدول لتحقيق السياحه للاشخاص ذوي الاعاقه:
١- تطبيق اتفاقيه الاشخاص ذوي الاعاقه بالحد من التمييز أو الإساءة على أساس الاعاقة، بالشكل الذي يتناسب مع ثقافة وخصوصية وتاريخ البلد، وبما يتناغم مع القوانين والمفاهيم التي تبنتها مؤسسات الأمم المتحدة في هذا الشأن، مع أخذ تجارب الدول الرائدة بنظر الاعتبار.
٢- تتولى وزارة أو هيئة السياحة في البلد المعني تشكيل لجنة تتألف من مجموعة من الكفاءات ذات تخصصات هندسية مختلفة: كهندسة وتخطيط المدن، هندسة العمارة، الهندسة المدنية، البيئة، الديكور، الإضاءة، الصوت، بالإضافة إلى تخصصات في العلوم الإنسانية مثل علم الاجتماع و علم النفس، وفي العلوم الطبية. تتولى هذه اللجنة تبني المعايير والمواصفات التي ستعتمد كدليل في إنشاء وتقييم مستوى الخدمات المقدّمة في مختلف المرافق السياحية، كالمنتجعات السياحية والحدائق العامة ومراكز التسوّق والفنادق والمطاعم وغيرها. وينبغي أن تكون هذه المواصفات متناغمة مع المواصفات الدولية في هذا المجال، ولكن أيضا متوافقة مع خصوصية البلد الثقافية والحضارية، بالإضافة إلى مناخه وطبيعته الجغرافية. وتمثل هذه المواصفات برموز بسيطة، معتمدة عالميا، تعبّر عن مستوى الخدمات الموفرة لذوي الإعاقة، منها ما يتعلق بالتسهيلات الحركية، أو بالتسهيلات البصرية، أو التسهيلات السمعية في ذلك المرفق السياحي.
٣- أن يكون هناك تعاون وتنسيق بين وزارة أو هيئة السياحة في البلد ووزارة أو هيئة النقل والمواصلات فيه من أجل ضمان توفير مقاعد للمسافرين من ذوي الاعاقة في مختلف وسائل النقل البرية والجوية والبحرية، وبما يتناسب مع حجم السيّاح المتوقع، مع اعتماد التصاميم التي تضمن سهولة الحركة والتنقّل لذوي الاعاقة في المطارات ومحطات القطار وغيرها. علما أن توفير هذه التسهيلات سيكون محل ترحاب بقية المسافرين ممن لديهم أطفال ويستعملون العربات في تنقّلهم. كما ينبغي إتباع سياسة تشجيع ودعم شركات النقل الخاصة لتوفير نسبة من المقاعد لنقل هذه الشريحة.
٤- يتم تبني مراحل متتالية لعملية اعتماد المواصفات والمعايير المختارة. على سبيل المثال يتم تخفيض أو إلغاء الضرائب لعدد من السنين على الفنادق الجديدة التي تبنى وفق معايير السياحة الإنسانية في الإنشاء والتصميم الداخلي والإضاءة والتأثيث، وتوفير غرفة معدة لاستضافة ذوي الإعاقة بنسبة واحد إلى 20 من غرف الفندق. وهكذا الأمر مع المطاعم والمقاهي التي تعد دوارات مياه مخصصة لذوي الإعاقة، بالإضافة لتسهيلات الدخول والحركة إليها وفيها. وأن يتم مراعة الديمومة باتباع هذه السياسة لعشر سنين كمرحلة أولى، بعدها تفرض هذه المعايير ولا تمنح رخص البناء مالم يتم اعتمادها.
٥- بالنسبة للمرافق السياحية الموجودة أصلا وترغب في الانضمام إلى ركب السياحة الإنسانية، فالأمر متاح لها أيضا، ولا يحتاج إلى كثير من النفقات مثلما قد يتصور البعض، إذ أن تهيئة المرفق السياحي ليكون مؤهلا لاستقبال ذوي الإعاقة لا يقتضي بالضرورة الكثير من التغيرات الإنشائية المكلفة، حيث أن نسبة ذوي الإعاقة الحركية التي تقتضي الكرسي المتحرك تقارب 5% من ذوي الاعاقة فقط، لذلك و باستعمال وسائل وأدوات بسيطة وتدريب الكادر يمكن تقديم الخدمة لما نسبته 95% من ذوي الإعاقة. وبعد إجراء اللازم واعتماد المواصفات والمعايير المعتمدة، يتم تسجيله ويكون ذلك بزيارة ميدانية من قبل مختص بمواصفات السياحة الإنسانية ، ليتم إدراج المرفق السياحي ضمن الدليل والكراسات المعتمدة ويمنح الشهادة المطلوبة، كما تتم المراقبة الدورية الميدانية للمرفق سنويا للتأكد من مطابقته للمواصفات وممكن الترخيص يكون سنوي لتأكد من الالتزام بالمعاير.
٦-تتولى مجالس السياحة ودوائرها تنظيم وإعداد دورات تدريب الكوادر العاملة في تقديم الخدمات السياحية، في فن التعامل ومساعدة السيّاح من ذوي الإعاقة. ويمكن لهذه الدورات أن تتم في يوم واحد أو أكثر، وأن تتضمن نصائح عملية وإرشادات تمنح الكادر الثقة بالنفس والشهادة المعترف بها.
٧- تتولى الدوائر السياحية المعنية ايجاد الشركاء المناسبين، المتخصصين لذوي الاعاقة والهلال الاحمر ودوائر الرعاية الاجتماعية، المنتشرة في ربوع البلد، ويتفق معها على توفير خدمة تأجير المساعدات الحركية والسمعية والبصرية لمن يطلبها من السيّاح.
٨- تتولى وزارة أو هيئة السياحة إعداد دليل شامل، مع توفيره على الإنترنت، يتضمن كل المرافق السياحية المناسبة والهيئة لاستقبال ذوي الإعاقة ، واعتماد العلامات الدولية المتعارفة في هذا الشأن، مع شرح واف عن هذه المرافق وكادرها، على سبيل المثال هل أن الكادر متدرب أم لا؟ وهل تتوفر مواقف سيارات ومواصلات لذوي الإعاقة في المنطقة؟ وهل توجد مراكز تأجير مختلف أنواع المساعدات؟ كل هذه التفاصيل وغيرها تمنح المسافر من ذوي الإعاقة القدرة على اختيار العطلة المناسبة أو الفندق المناسب، وكل ما له صلة بحركته وتنقّله أثناء السفر لتكون تجربة السياحة ممتعة وآمنة في نفس الوقت.
٩-تقوم الدولة بدعم المبرات (المؤسسات والجمعيات الخيرية) المتخصصة بذوي الإعاقة ، وتقديم الرعاية والتمويل، لأجل توفير العطل لهذه الشريحة، بالتعاون مع الشركات السياحية المؤهلة لذلك.
النفع العائد من السياحه الانسانية:
إن تبني السياحة الإنسانية من قبل أي دولة يعود بالنفع لها من نواحي كثيرة :
– المردودات الاجتماعية والسمعة الحسنة التي تجنيها دوليا
-المردوات الاقتصادية لهذا النوع من السياحة كبيرة جدا.
وقد أدركت الشركات والمؤسسات التي دخلت هذا المضمار هذه الحقيقة، فهناك تنافس كبير فيما بينها لاستقطاب هذه الشريحة التسويقية الضخمة. وتشير الدراسات إلى أن السائح من ذوي الإعاقة ينفق في إجازته مضاعف عن السائح العادي، وعادة يحتاج إلى السفر في مجموعات من أسرته وأصدقائه ، مما يعمل على رفع النشاط السياحي وتنمية الاقتصاد، وهو ما يحقق سياحة مزدوجة في نفس الوقت. علما أن الكثير من السيّاح ذوي الإعاقة يفضّلون السفر في غير مواسم الذروة، لرغبتهم في الهدوء، مما يمنح المرافق السياحية زوار على مدار العام. وكما يخلق هذا النوع من السياحة سوقا وعمالة تسهم بدعم الاقتصاد.
اخيرا اقول……. إن الأشخاص ذوي الإعاقة لهم من الحقوق ما لغيرهم تماماً وتحقيق المساواة في ممارسة هذه الحقوق هو أمر واجب، تفرضه مواثيق حقوق الإنسان والدستور، ولا بد من التعاطي مع الإعاقة بوصفها تنوعاً بشرياً ولا بد من تحقيق المساواة وتكافؤ الفرص والقضاء على التمييز على أساس الإعاقة
ان الاشخاص ذوي الإعاقة هم جزء من المجتمع ويحق لهم ما يحق لغيرهم من الاستمتاع بالسفر والسياحة. وعلى المسؤولين عن قطاع السياحة اتخاذ خطوات لتغيير الممارسات والسياسات والإجراءات لجعل مختلف المرافق والخدمات متاحة للجميع وان يكون تفكيرهم دائما بنظرة مستقبلية واسعه جدا وان يكون بها استدامة بما يحقق المساوة والنفع العام .