انتخابات لبنان 2022: لماذا يريد الناخبون الشباب التغيير و”الانتقام”؟
[ad_1]
يتوجه الناخبون اللبنانيون إلى صناديق الاقتراع، غدا الأحد، لاختيار أعضاء مجلس النواب البالغ عددهم 128 نائبا.
وهذه هي أول انتخابات تُجرى منذ الاحتجاجات الجماهيرية ضد النخبة الحاكمة في البلاد في عام 2019 والانفجار الدامي الذي شهده ميناء بيروت في عام 2020، وهما حدثان عززا الدعوات للتغيير السياسي.
وقد دفع ذلك بعض النشطاء الشباب إلى مطالبة الناخبين “بالانتقام” في صناديق الاقتراع من جيل السياسيين الذين يرون أنهم مسؤولون عن إقحام البلاد في أزمتها الحالية.
لكن ما هي القضايا الرئيسية في البلاد قُبيل تصويت الأحد؟
اقتصاد منهار
يقول البنك الدولي إن الأزمة الاقتصادية في لبنان واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في العالم التي مرت بها أي دولة منذ خمسينيات القرن التاسع عشر.
وتقول ناتالي أبو حرب، البالغة من العمر 23 عاما، وهي ناشطة في بيروت تصوت لأول مرة: “يعمل كثير من الناس في 3 أو 4 أو 5 وظائف لمجرد تحمل تكاليف الحياة الأساسية”.
وتضيف قائلة:”إن الحد الأدنى للأجور اليوم يبلغ حوالي 800 ألف ليرة لبنانية بينما يبلغ سعر ملء خزان السيارة لمرة واحدة 500 ألف، لذلك إذا كنت تكسب الحد الأدنى للأجور فلا يمكنك أن تملأ سيارتك مرتين”.
وحتى قبل الوباء، كان الاقتصاد اللبناني يتجه نحو الانهيار.
فقد كان ما يقرب من ثلث السكان يعيشون تحت خط الفقر، وكانت البطالة عند 25 في المئة بينما تكافح البلاد مع انخفاض النمو وارتفاع التضخم، وذلك بحسب تقييم صادر عن صندوق النقد الدولي في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019.
وكانت الحكومة تعاني من مستويات عالية من الديون مع قليل من الموارد للاستثمار في الخدمات العامة. وكان كثير من الناس يشعرون بالغضب والإحباط بشكل متزايد من فشل الحكومة في توفير حتى الخدمات الأساسية.
وكان على الناس التعامل مع انقطاع التيار الكهربائي اليومي، ونقص مياه الشرب، ومحدودية الرعاية الصحية العامة، وضعف الاتصال بالإنترنت.
احتجاجات 2019
أدت خطة لزيادة الضرائب على الوقود والخدمات الصوتية المستندة إلى الإنترنت مثل واتساب في أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019 إلى احتجاجات جماهيرية ضد سوء الإدارة الاقتصادية والفساد والنخبة السياسية التقليدية.
وقد أدى ذلك إلى استقالة الحكومة.
ولكن كما أشارت صحيفة لوريان لوجور، إحدى الصحف اللبنانية الرائدة، فإن الاحتجاجات لم تكن ببساطة بسبب “ضريبة واتساب”.
وقالت إن الناس غاضبون بسبب “عقود من إدارة الديون غير المستدامة والافتقار إلى حلول اقتصادية عملية “للمشاكل اليومية.
وأضافت الصحيفة قائلة:”طالب الناس في جميع أنحاء لبنان بالعدالة الاجتماعية عبر مجموعة من حقوق الإنسان بما في ذلك حقوقهم في التعليم والصحة والعمل”.
أنحى كثيرون باللائمة على النخبة الحاكمة التي هيمنت على السياسة لسنوات، والتي يعتقد كثير من الناس أنها جمعت ثرواتها الخاصة بينما فشلت في تنفيذ الإصلاحات الشاملة اللازمة لحل مشاكل البلاد.
وقد زاد الوباء الأمور سوءا من خلال إجبار الاقتصاد على الإغلاق وتسبب في انخفاض السياحة بنسبة 70 في المئة، وذلك وفقا لاتحاد شركات السفر والسياحة في البلاد.
وبحلول الوقت الذي أُعيد فيه فتح الاقتصاد في عام 2021، أدى ضعف العملة إلى ارتفاع تكاليف استيراد الغذاء والوقود والأدوية ما تسبب في حدوث تضخم ونقص حاد في السلع.
وتشكلت طوابير طويلة في محطات الوقود ولدى موزعي غاز الطهي وحتى المخابز لأن نقص الكهرباء وارتفاع تكاليف الإنتاج أثرت على قدرتهم على صنع الخبز.
وتقول ناتالي إن هذه المشاكل لا تزال قائمة حتى يومنا هذا وبعض المُنتجات الأساسية “إما تعاني من نقص في المعروض أو غالية الثمن”.
وتضيف قائلة: “لا يزال الفقراء يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية التي فقدت معظم قيمتها بينما يتقاضى الأغنياء أموالهم بالدولار، لم تعد هناك طبقة وسطى”.
انفجار ميناء بيروت
انفجرت شحنة تحتوي على كمية كبيرة من نترات الأمونيوم في مرفأ بيروت في 4 أغسطس/آب من عام 2020 ما أسفر عن مقتل 218 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 7 آلاف آخرين.
وكان كثير من الناس غاضبين عندما تم الكشف عن تخزين أكثر من ألفي طن من المادة الخطرة في مستودع بالميناء لمدة 6 سنوات بعد الاستيلاء عليها من سفينة.
وشعر الناس بالانفجار على بعد أكثر من 240 كيلومترا في البلدان المجاورة، وفقد أكثر من 300 ألف شخص منازلهم.
وقد اتهمت منظمات حقوق الإنسان مثل منظمة العفو الدولية السلطات بـ “عرقلة بحث الضحايا عن الحقيقة والعدالة بلا خجل”.
وكانت نتيجة هذه الأزمات المتداخلة اقتصادا مدمرا.
وتشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للبنان قد انخفض من حوالي 52 مليار دولار في عام 2019 إلى 21.8 مليار دولار في عام 2021 ، وهو انخفاض بنسبة 60 في المئة.
ووصف اقتصاديون بالبنك الدولي هذا الوضع في تقرير اقتصادي نُشر في عام 2021 بالقول: “مثل هذا الانكماش الوحشي يرتبط عادة بالصراعات أو الحروب”.
ويُقدر أن أكثر من نصف سكان البلاد البالغ عددهم 6.8 مليون شخص، بما في ذلك مليون لاجئ سوري، يعيشون تحت خط الفقر.
الجمود السياسي
وزادت هذه الأحداث الدعوات للتغيير السياسي في داخل وخارج البلاد.
ومنذ احتجاجات أكتوبر/تشرين الأول من عام 2019، ظهرت مجموعات وأحزاب سياسية مختلفة واعدة بـ “حمل روح ثورة 17 أكتوبر 2019” إلى البرلمان اللبناني.
وتعتقد ناتالي أن “نفس الأحزاب السياسية كانت في الحكومة ومسؤولة عن إدارة البلاد منذ أكثر من 50 عاما، وكانت لديهم فرص لإثبات أنفسهم وعليهم الاعتراف بفشلهم”.
ويقول الخبراء إن إحدى المشاكل التي تواجه السياسة اللبنانية هي نظامها السياسي القائم على الطائفية السياسية، وذلك يعني أنه يتم تخصيص نسبة من المقاعد للطوائف الدينية المختلفة وفقا لتمثيلها الديموغرافي.
وقد أدى هذا النظام المصمم لتخفيف الخلافات الطائفية إلى شبكة من المحسوبية والفساد، وذلك بحسب منظمة الشفافية الدولية.
وقالت غيا الأسعد، من جماعة “لقاء تشرين” المعارضة، إن الأحزاب الجديدة “تريد ولأول مرة دخول حركة غير طائفية إلى البرلمان”.
كما تقول ناتالي: “إن وصول أحزاب سياسية وجماعات معارضة جديدة يظهر أن الناس لم يعودوا يريدون هذا الانقسام، فهذا النظام عفا عليه الزمن وحان وقت التغيير”.
تصويت الشباب
ووجهت الأحزاب الجديدة نداء إلى الشباب للحصول على أصواتهم، وخاصة آلاف الشباب الذين غادروا البلاد إثر الأزمة الاقتصادية الأخيرة.
وقد تم تسجيل أكثر من 225 ألف شخص للتصويت في الخارج في هذه الانتخابات أي ثلاثة أضعاف ما كان عليه الوضع في عام 2018.
وقد قام أكثر من 130 ألف مغترب لبناني في 50 دولة بالإدلاء بأصواتهم، وفقا للأرقام الرسمية، مع ارتفاع نسبة المشاركة إلى أكثر من 70 في المئة في الإمارات العربية المتحدة.
وتقول نتالي:”لقد أدرك الشباب أن آباءهم وأجدادهم لم يتخذوا خيارات سياسية صحيحة، ومن ثم فإنهم يتحملون مسؤولية التصويت وإحداث التغيير”.
وأضافت قائلة: “إنهم يريدون الانتقام: الانتقام من المسؤولين عن انفجار بيروت الذين تركوا البلاد تغرق اقتصاديا وجعلونا نقف في طوابير طويلة أمام محطات الوقود والمتاجر والمخابز”.
ويمثل تصويت الشتات 6 في المئة فقط من الناخبين المسجلين في لبنان (3.7 مليون) لكن ناتالي تعتقد أن ذلك قد يكون كافيا للفوز بمقاعد، وتمكين دماء جديدة في البرلمان.
وتابعت قائلة: “نحن نعلم أننا لا نستطيع ولن نغير جميع ممثلينا في هذه الانتخابات، وربما لن نكون قادرين على تغيير أكثر من 10 أشخاص في البرلمان. لكن العملية لا تتعلق فقط بتغيير الأشياء الآن حيث يبحث الناس عن الصورة الأكبر والتفكير في مستقبلهم وأطفالهم”.
كيف يعمل النظام الانتخابي في لبنان؟
يعترف لبنان رسميا بـ 18 طائفة دينية، وهي 4 طوائف مسلمة و 12 طائفة مسيحية والدروز واليهود.
وتُقسم مقاعد البرلمان الـ 128 بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين (بما في ذلك الدروز).
وتوزع المكاتب السياسية الرئيسية الثلاثة، وهي مكاتب الرئيس ورئيس البرلمان ورئيس الوزراء، بين أكبر 3 طوائف (مسيحي ماروني ومسلم شيعي ومسلم سني على التوالي) بموجب اتفاق يعود تاريخه إلى عام 1943.
وهذا التنوع الديني هو الذي يجعل البلاد هدفا سهلا لتدخل القوى الخارجية كما يتضح من دعم إيران لحركة حزب الله الشيعية والتي يُنظر إليها تاريخيا على أنها واحدة من أقوى الجماعات العسكرية والسياسية في لبنان.
وغالبا ما يُنظر إلى السعودية، القوة السنية الرئيسية في الشرق الأوسط، على أنها تمتلك تأثيرا قويا على السياسة اللبنانية.
ومنذ نهاية الحرب الأهلية، حافظ القادة السياسيون من كل طائفة على سلطتهم ونفوذهم من خلال شبكات لحماية مصالح الطوائف الدينية التي يمثلونها.
وسينتخب المجلس التشريعي الجديد رئيسا جديدا بعد أن ينهي ميشال عون من حزب التيار الوطني الحر المسيحي فترة ولايته في أكتوبر/ تشرين الأول.
وكان رئيس الوزراء السني السابق سعد الحريري قد أعلن في يناير / كانون الثاني الماضي أن حزبه تيار المستقبل لن يتقدم بأي مرشح في الانتخابات البرلمانية الأحد.
ويخشى الخبراء، بعد قرار الحريري، من “فراغ” سني في السياسة اللبنانية أو ربما زيادة في نفوذ حزب الله الشيعي المدعوم من إيران.
[ad_2]
Source link